صورة أخرى من صور العنف الجسدي والمعنوي، تطل برأسها من مدرسة إبتدائية بالعلمة ولاية سطيف، ضحيتها طفل صغير في السادسة من عمره، مايزال لايفرق بين حضن البيت وحضن المدرسة، ولكن الصفعة القوية التي تلقاها، والإهانة التي تعرض لها أمام زملائه، جعلتاه ينظر إلى المدرسة التي رسمها له أهله بألوان زاهية مشرقة، تبدو بلون أسود قاتم.
السيد نبيه بورغدة، والد الطفل إياد عبد الصمد، إتصل بنا ليروي ما حدث لإبنه داخل القسم، وفي نيته، ليس الإقتصاص لإبنه فحسب، وإنما أن يضع حدا لمثل هذه التصرفات التي تصدر من معلمين ليس لهم علاقة بالتربية، ومسؤولين ضاعت منهم بوصلة المسؤولية في خضم المصالح المتبادلة، وحول هذا الموضوع، يقول السيد بورغدة:
كما العادة، ذهبت لأنتظر إبني إياد أمام مدرسة عقبة بن نافع بالعلمة بعد الزوال، ففوجئت بوجهه الشاحب الذي يكشف عن صدمة شديدة، وأثار صفعة قوية على خده الأيسر، ولاحظت أن سرواله قد تبلل، وكانت عيناه تذرف الدموع، سألته مابك؟ فأخبرني أنه طلب من المعلمة أن تسمح له بالذهاب إلى الحمّام فرفضت، وصرخت في وجهه، ووجهّت له صفعة قوية ليكف عن طلبه، فلمّا أردت أن أتحدث معها لأتبين ما حدث، ردت عليّ بطريقة لاتليق بمعلمة في الصف الأول، ورفضت أن تتحدث معي قائلة إنها تعرف عملها، وليس له الحق في توجيه الكلام لها، فطلبت مقابلة المديرة، وما إن دخلت مكتبها، حتى دخلت المعلمة ورائي وهي تتحدث بصوت مرتفع دون مراعاة لواجب الإحترام مع ولي التلميد والمديرة، حينها بادرت هذه الأخيرة بتغيير إبني من قسم هذه المعلمة، فقبلت التغيير بدون تردد، مع الإحتفاظ بحقي في تقديم شكوى ضد المعلمة وهو الأمر الذي رفضته المديرة، وبعد أقل من أسبوع، أي في 28 أكتوبر المنصرم، أودعت شكوى ضد المعلمة والمديرة لدى مفتش التربية بالعلمة، حيث قام باستدعائهما واستجوابهما حول الحادثة، وهو ما حدى بالمديرة إلى إخراج ابني من قسمه الجديد بالقوة وإعادته إلى قسمه الأول، وهي تقول: "يكره حياتو هنا وما يبدلش"، فما ذنب هذا الطفل الصغير حتى يتعرض للإنتقام؟! ، هل أذنب حين أراد أن يذهب إلى الحمّام؟ أم أنه ذنب أهله حين قرروا أن ينزعوا له الحفّاظات لأنه أصبح كبيرا عليها؟!.
والغريب في الأمر أن المعلمة لم ترتدع، بل هدّدته بخالها المفتش في التعليم الذي قالت إنه قادر على حمايتها من أي شكوى.
السيد نبيه، وهو يشتكي لنا مما جرى لطفله الصغير، لم ينس أن يزودنا بشهادة طبية تثبت تعرض إياد لكدمة على الخد الأيسر مامنحته 6 أيام عجزا، وذكرت الأخصائية النفسية التي عاينت الطفل في تقريرها، أنه تعرض لصدمة نفسية داخل المدرسة بسبب تعرضه لموقف سيئ، يتمثل في الإهانة والتوبيخ أمام زملائه، ماجعل الطفل يعرب لأهله عن عدم رغبته في الذهاب إلى المدرسة نهائيا، ودعت النفسانية إلى ضرورة التكفل به حتى لاتتدهور حالته النفسية أكثر.
هذه حالة من مئات الحالات، لأطفال صغار تعرضوا لمواقف مشابهة، ما يجعلهم عرضة للأمراض الجسدية الناتجة عن احتباس البول، واضطربات نفسية بسبب التبول في القسم لعدم قدرة الطفل على احتمال رغبته في الذهاب إلى الحمّام، وما ينجم عن ذلك من شعور بالنقص واحتقار لنفسه ما يسبب له مشكلة كبيرة لاحقا على مستوى تقدير الذات، كل ذلك لأن المعلمة أو المعلم مزاجه سيء، ولديه رغبة في "فش بالون" قلقه في هذا المخلوق الضعيف، ولأن هذا الأمر بحاجة إلى الردع حتى لا تتكرر هذه المواقف مرة أخرى، نطالب الوزارة الوصية بمنع المعلمين من الذهاب إلى الحمّام عند الحاجة وذلك حتى لايضيعوا الوقت على التلاميذ!.