الأحنف بن قيس
هو الذي قال : لَسْتُ بِحَلِيمٍ وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ
..
.
كَانَ الْأَحْنَفُ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ وَسَّعَ لَهُ ; فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةً أَرَاهُ كَأَنَّهُ يُوَسِعُ لَهُ
الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ ابْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُصَيْنٍ ، الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ ، الْعَالِمُ النَّبِيلُ أَبُو بَحْرٍ التَّمِيمِيُّ ، أَحَدُ مَنْ يُضْرَبُ بِحِلْمِهِ وَسُؤْدُدِهِ الْمَثَلُ .
اسْمُهُ ضَحَّاكٌ ، وَقِيلَ : صَخْرٌ ، وَشُهِرَ بِالْأَحْنَفِ لِحَنَفِ رِجْلَيْهِ ، وَهُوَ الْعَوَجُ وَالْمَيْلُ ، كَانَ سَيِّدَ تَمِيمٍ ،
أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ .
حَدَّثَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَأَبِي ذَرٍّ ، وَالْعَبَّاسِ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعِدَّةٍ .
وَعَنْهُ : عَمْرُو بْنُ جَاوَانَ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَطَلْقُ بْنُ حَبِيبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمِيرَةَ ،
وَيَزِيدُ بْنُ الشِّخِّيرِ ، وَخُلَيْدٌ الْعَصَرِيُّ ، وَآخَرُونَ . وَهُوَ قَلِيلُ الرِّوَايَةِ .
كَانَ مِنْ قُوَّادِ جَيْشِ عَلِيٍّ يَوْمَ صِفِّينَ .
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا ، قَلِيلَ الْحَدِيثِ وَكَانَ صَدِيقًا لِمُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، فَوَفَدَ عَلَيْهِ إِلَى الْكُوفَةِ ، فَمَاتَ عِنْدَهُ بِالْكُوفَةِ .
قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ : كَانَ أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ جَمِيعًا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا بَيْضَةً وَاحِدَةً ، وَاسْمُهُ صَخْرُ بْنُ قَيْسٍ أَحَدُ بَنِي سَعْدٍ .
وَأُمُّهُ بَاهِلِيَّةٌ ، فَكَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ :
وَاللَّهِ لَوْلَا حَنَفٌ بِرِجْلِهِ وَقِلَّةٌ أَخَافُهَا مِنْ نَسْلِهِ
مَا كَانَ فِي فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ
قَالَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ : هُوَ افْتَتَحَ مَرْوَ الرُّوذِ . وَكَانَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ فِي جَيْشِهِ ذَاكَ .
قُلْتُ : هَذَا فِيهِ نَظَرٌ ; هُمَا يَصْغُرَانِ عَنْ ذَلِكَ .
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ : عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ بِالْبَيْتِ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ إِذْ لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ ، فَأَخَذَ بِيَدِي ، فَقَالَ : أَلَا أُبَشِّرُكَ؟ قُلْتُ : بَلَى .
قَالَ : أَمَا تَذْكُرُ إِذْ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قَوْمِكَ بَنِي سَعْدٍ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَجَعَلْتُ أُخْبِرُهُمْ ، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ ، فَقُلْتُ : إِنَّهُ يَدْعُو إِلَى خَيْرٍ وَمَا أَسْمَعُ إِلَّا حَسَنًا؟
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْأَحْنَفِ فَكَانَ الْأَحْنَفُ يَقُولُ : فَمَا شَيْءٌ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ . رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي " مُسْنَدِهِ " .
الْعَلَاءُ بْنُ الْفَضْلِ الْمِنْقَرِيُّ : حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ جَرِيرٍ ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمِّهِ عُرْوَةَ ، حَدَّثَنِي الْأَحْنَفُ ،
أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِفَتْحِ تُسْتَرُ فَقَالَ : قَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ تُسْتَرَ وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْبَصْرَةِ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ،
إِنَّ هَذَا -يَعْنِي الْأَحْنَفَ - الَّذِي كَفَّ عَنَّا بَنِي مُرَّةَ حِينَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ فِي صَدَقَاتِهِمْ ، وَقَدْ كَانُوا هَمُّوا بِنَا .
قَالَ الْأَحْنَفُ : فَحَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ سَنَةً يَأْتِينِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، فَلَا يَأْتِيهِ عَنِّي إِلَّا مَا يُحِبُّ ،
ثُمَّ دَعَانِي فَقَالَ : يَا أَحْنَفُ هَلْ تَدْرِي لِمَ حَبَسْتُكَ عِنْدِي؟ قُلْتُ : لَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
حَذَّرَنَا كُلَّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ ، فَاحْمَدِ اللَّهَ يَا أَحْنَفُ .
حَمَّادٌ : عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الْأَحْنَفِ ، قَالَ : احْتَبَسَنِي عُمَرُ عِنْدَهُ حَوْلًا ، وَقَالَ بَلَوْتُكَ وَخَبَرْتُكَ فَرَأَيْتُ عَلَانِيَتَكَ حَسَنَةً ،
وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَرِيرَتُكَ مِثْلَ عَلَانِيَتِكَ ، وَإِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ ، إِنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الْأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمٍ .
قَالَ الْعِجْلِيُّ : الْأَحْنَفُ بَصْرِيٌّ ثِقَةٌ ، كَانَ سَيِّدَ قَوْمِهِ ، وَكَانَ أَعْوَرَ أَحْنَفَ ، دَمِيمًا قَصِيرًا كَوْسَجًا لَهُ بَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ ،
حَبَسَهُ عُمَرُ سَنَةً يَخْتَبِرُهُ فَقَالَ : هَذَا وَاللَّهِ السَّيِّدُ .
مَعْمَرٌ : عَنْ قَتَادَةَ ، قَالَ : قَدِمَ الْأَحْنَفُ فَخَطَبَ فَأَعْجَبَ عُمَرَ مَنْطِقُهُ ، قَالَ : كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مُنَافِقًا عَالِمًا ،
فَانْحَدِرْ إِلَى مِصْرِكَ ; فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنًا .
وَعَنِ الْأَحْنَفِ قَالَ : كَذَبْتُ مَرَّةً وَاحِدَةً ، سَأَلَنِي عُمَرُ عَنْ ثَوْبٍ : بِكُمْ أَخَذْتَهُ ، فَأَسْقَطْتُ ثُلْثَيِ الثَّمَنِ .
يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ : حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ : وَفَدَ أَبُو مُوسَى وَفْدًا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى عُمَرَ ، مِنْهُمْ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ ،
فَتَكَلَّمَ كُلُّ رَجُلٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ ، وَكَانَ الْأَحْنَفُ فِي آخِرِ الْقَوْمِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ،
فَإِنَّ أَهْلَ مِصْرَ نَزَلُوا مَنَازِلَ فِرْعَوْنَ وَأَصْحَابِهِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ نَزَلُوا مَنَازِلَ قَيْصَرَ وَأَصْحَابِهِ ،
وَإِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ نَزَلُوا مَنَازِلَ كِسْرَى وَمَصَانِعَهُ فِي الْأَنْهَارِ وَالْجِنَانِ ، وَفِي مِثْلِ عَيْنِ الْبَعِيرِ وَكَالْحِوَارِ فِي السَّلَى تَأْتِيهِمْ ثِمَارُهُمْ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ ،
وَإِنَّ أَهْلَ الْبَصْرَةِ نَزَلُوا فِي أَرْضٍ سَبَخَةٍ ، زَعِقَةٍ ، نَشَّاشَةً لَا يَجِفُّ تُرَابُهَا ، وَلَا يَنْبُتُ مَرْعَاهَا ، طَرَفُهَا فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ ، وَطَرَفٌ فِي فَلَاةٍ ،
لَا يَأْتِينَا شَيْءٌ إِلَّا فِي مِثْلِ مَرِّيءِ النَّعَامَةِ ، فَارْفَعْ خَسِيسَتَنَا وَانَعَشْ وَكِيسَتَنَا ، وَزِدْ فِي عِيَالِنَا عِيَالًا , وَفِي رِجَالِنَا رِجَالًا ، وَصَغِّرْ دِرْهَمَنَا ،
وَكَبِّرْ قَفِيزَنَا ، وَمُرْ لَنَا بِنَهَرٍ نَسْتَعْذِبُ مِنْهُ . فَقَالَ عُمَرُ : عَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ هَذَا ، هَذَا وَاللَّهِ السَّيِّدُ .
قَالَ فَمَا زِلْتُ أَسْمَعُهَا بَعْدُ . وَفِي رِوَايَةٍ : فِي مِثْلِ حُلْقُومِ النَّعَامَةِ .
قَالَ خَلِيفَةُ : تَوَجَّهَ ابْنُ عَامِرٍ إِلَى خُرَاسَانَ ، وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ الْأَحْنَفُ ، فَلَقِيَ أَهْلَ هَرَاةٍ فَهَزَمَهُمْ ، فَافْتَتَحَ ابْنُ عَامِرٍ أبْرَشَهْرَ صُلْحًا -وَيُقَالُ عَنْوَةً-
وَبَعَثَ الْأَحْنَفُ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ ، فَتَجَمَّعُوا لَهُ مَعَ طُوقَانِ شَاهْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا ، فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ .
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : كَانَ الْأَحْنَفُ يَحْمِلُ ، وَيَقُولُ :
إِنَّ عَلَى كُلِّ رَئِيسٍ حَقَّا أَنْ يَخْضِبَ الْقَنَاةَ أَوْ تَنْدَقَّا
[ ص: 91 ] وَقِيلَ : سَارَ الْأَحْنَفُ إِلَى بِلْخٍ ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَرْبَعِ مِائَةِ أَلْفٍ ، ثُمَّ أَتَى خُوَارِزْمَ ، فَلَمْ يُطِقْهَا ، فَرَجَعَ .
وَعَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، أَنَّ ابْنَ عَامِرٍ خَرَجَ مِنْ خُرَاسَانَ مُعْتَمِرًا قَدْ أَحْرَمَ مِنْهَا ، وَخَلَّفَ عَلَى خُرَاسَانَ الْأَحْنَفَ ، وَجَمَعَ أَهْلَ خُرَاسَانَ جَمْعًا كَبِيرًا ،
وَتَجَمَّعُوا بِمَرْوٍ ، فَالْتَقَاهُمُ الْأَحْنَفُ فَهَزَمَهُمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْجَمْعُ لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ .
ابْنُ عُلَيَّةَ : عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ : نُبِّئْتُ أَنَّ عُمَرَ ذَكَرَ بَنِي تَمِيمٍ فَذَمَّهُمْ ، فَقَامَ الْأَحْنَفُ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لِي ،
قَالَ : تَكَلَّمْ . قَالَ : إِنَّكَ ذَكَرْتَ بَنِي تَمِيمٍ ، فَعَمَمْتَهُمْ بِالذَّمِّ ; وَإِنَّمَا هُمْ مِنَ النَّاسِ ، فِيهِمُ الصَّالِحُ وَالطَّالِحُ . فَقَالَ : صَدَقْتَ .
فَقَامَ الْحُتَاتُ -وَكَانَ يُنَاوِئُهُ- فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ائْذَنْ لِي فَلْأَتَكَلَّمْ ، قَالَ : اجْلِسْ ، فَقَدْ كَفَاكُمْ سَيِّدُكُمْ الْأَحْنَفُ .
رَوَى ابْنُ جُدْعَانَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى : ائْذَنْ لِلْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ وَشَاوِرْهُ وَاسْمَعْ مِنْهُ .
قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : مَا رَأَيْتُ شَرِيفَ قَوْمٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْأَحْنَفِ .
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ : قِيلَ لِلْأَحْنَفِ : بِمَ سَوَّدُوكَ؟ قَالَ : لَوْ عَابَ النَّاسُ الْمَاءَ لَمْ أَشْرَبْهُ .
وَقِيلَ : عَاشَتْ بَنُو تَمِيمٍ بِحِلْمِ الْأَحْنَفِ أَرْبَعِينَ سَنَةً . وَفِيهِ قَالَ الشَّاعِرُ :
إِذَا الْأَبْصَارُ أَبْصَرَتِ ابْنَ قَيِسٍ ظَلَلْنَ مَهَابَةً مِنْهُ خُشُوعَا
وَقَالَ خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ : كَانَ الْأَحْنَفُ يَفِرُّ مِنَ الشَّرَفِ ، وَالشَّرَفُ يَتْبَعُهُ .
وَقِيلَ لِلْأَحْنَفِ : إِنَّكَ كَبِيرٌ ، وَالصَّوْمُ يُضْعِفُكَ . قَالَ : إِنِّي أُعِدُّهُ لِسَفَرٍ طَوِيلٍ . وَقِيلَ : كَانَتْ عَامَّةُ صَلَاةِ الْأَحْنَفِ بِاللَّيْلِ ،
وَكَانَ يَضَعُ أُصْبُعَهُ عَلَى [ ص: 92 ] الْمِصْبَاحِ ، ثُمَّ يَقُولُ : حَسِّ وَيَقُولُ : مَا حَمَلَكَ يَا أَحْنَفُ عَلَى أَنْ صَنَعْتَ كَذَا يَوْمَ كَذَا .
مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : حَدَّثَنَا أَبُو كَعْبٍ صَاحِبُ الْحَرِيرِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَصْفَرِ أَنَّ الْأَحْنَفَ اسْتُعْمِلَ عَلَى خُرَاسَانَ ، فَأَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ ،
فَلَمْ يُوقِظْ غِلْمَانَهُ وَكَسَرَ ثَلْجَا وَاغْتَسَلَ .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ مَرْوَانَ الْأَصْفَرِ ، سَمِعَ الْأَحْنَفَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنْ تَغْفِرْ لِي ، فَأَنْتَ أَهْلُ ذَاكَ ، وَإِنْ تُعَذِّبْنِي فَأَنَا أَهْلُ ذَاكَ .
قَالَ مُغِيرَةُ : ذَهَبَتْ عَيْنُ الْأَحْنَفِ فَقَالَ : ذَهَبَتْ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَا شَكَوْتُهَا إِلَى أَحَدٍ .
ابْنُ عَوْنٍ : عَنِ الْحَسَنِ قَالَ : ذَكَرُوا عِنْدَ مُعَاوِيَةَ شَيْئًا ، فَتَكَلَّمُوا وَالْأَحْنَفُ سَاكِتٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَحْرٍ ، مَا لَكَ لَا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ : أَخْشَى اللَّهَ إِنْ كَذَبْتُ ،
وَأَخْشَاكُمْ إِنْ صَدَقْتُ .
وَعَنِ الْأَحْنَفِ : عَجِبْتُ لِمَنْ يَجْرِي فِي مَجْرَى الْبَوْلِ مَرَّتَيْنِ كَيْفَ يَتَكَبَّرُ ! قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ ، قَالَ الْأَحْنَفُ : ثَلَاثٌ فِيَّ مَا أَذْكُرُهُنَّ إِلَّا لِمُعْتَبِرٍ :
مَا أَتَيْتُ بَابَ السُّلْطَانِ إِلَّا أَنْ أُدْعَى ، وَلَا دَخَلْتُ بَيْنَ اثْنَيْنِ حَتَّى يُدْخِلَانِي بَيْنَهُمَا ، وَمَا أَذْكُرُ أَحَدًا بَعْدَ أَنْ يَقُومَ مِنْ عِنْدِي إِلَّا بِخَيْرٍ .
وَعَنْهُ : مَا نَازَعَنِي أَحَدٌ إِلَّا أَخَذْتُ أَمْرِي بِأُمُورٍ ، إِنْ كَانَ فَوْقِي ، عَرَفْتُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ دُونِي رَفَعْتُ قَدْرِي عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِي ، تَفَضَّلْتُ عَلَيْهِ .
وَعَنْهُ ، قَالَ : لَسْتُ بِحَلِيمٍ وَلَكِنِّي أَتَحَالَمُ .
[ ص: 93 ] وَقِيلَ : إِنَّ رَجُلًا خَاصَمَ الْأَحْنَفَ ، وَقَالَ : لَئِنْ قُلْتَ وَاحِدَةً لَتَسْمَعَنَّ عَشْرًا . فَقَالَ : لَكِنَّكَ إِنْ قُلْتَ عَشْرًا لَمْ تَسْمَعْ وَاحِدَةً .
وَقِيلَ : إِنَّ رَجُلًا قَالَ لِلْأَحْنَفِ : بِمَ سُدْتَ؟ وَأَرَادَ أَنْ يَعِيبَهُ- قَالَ الْأَحْنَفُ : بِتَرْكِي مِنْ مَا لَا يَعْنِينِي كَمَا عَنَاكَ مِنْ أَمْرِي مَا لَا يَعْنِيكَ .
الْأَصْمَعِيُّ : عَنْ مُعْتَمِرِ بْنِ حَيَّانَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُقْبَةَ أَخِي ذِي الرُّمَّةِ ، قَالَ : شَهِدْتُ الْأَحْنَفَ بْنَ قَيْسٍ وَقَدْ جَاءَ إِلَى قَوْمٍ فِي دَمٍ ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ ،
وَقَالَ : احْتَكِمُوا . قَالُوا : نَحْتَكِمُ دِيَتَيْنِ قَالَ : ذَاكَ لَكُمْ . فَلَمَّا سَكَتُوا قَالَ : أَنَا أُعْطِيكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ، فَاسْمَعُوا : إِنَّ اللَّهَ قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ ،
وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى بِدِيَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنَّ الْعَرَبَ تَعَاطَى بَيْنَهَا دِيَةً وَاحِدَةً ، وَأَنْتُمُ الْيَوْمُ تُطَالِبُونَ ، وَأَخْشَى أَنْ تَكُونُوا غَدًا مَطْلُوبِينَ ،
فَلَا تَرْضَى النَّاسُ مِنْكُمْ إِلَّا بِمِثْلِ مَا سَنَنْتُمْ ، قَالُوا : رُدَّهَا إِلَى دِيَةٍ .
عَنِ الْأَحْنَفِ : ثَلَاثَةٌ لَا يَنْتِصُفُونَ مِنْ ثَلَاثَةٍ : شَرِيفٌ مِنْ دَنِيءٍ ، وَبَرٌّ مِنْ فَاجِرٍ ، وَحَلِيمٌ مِنْ أَحْمَقَ .
وَقَالَ : مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ ، قَالُوا فِيهِ مَا لَا يَعْلَمُونَ .
وَعَنْهُ وَسُئِلَ : مَا الْمُرُوءَةُ؟ قَالَ : كِتْمَانُ السِّرِّ ، وَالْبُعْدُ مِنَ الشَّرِّ .
وَعَنْهُ : الْكَامِلُ مَنْ عُدَّتْ سَقَطَاتُهُ .
وَعَنْهُ قَالَ : رَأْسُ الْأَدَبِ آلَةُ الْمَنْطِقِ ، لَا خَيْرَ فِي قَوْلٍ بِلَا فِعْلٍ ، وَلَا فِي مَنْظَرٍ بِلَا مَخْبَرٍ ، وَلَا فِي مَالٍ بِلَا جُودٍ ، وَلَا فِي صَدِيقٍ بِلَا وَفَاءٍ ،
وَلَا فِي فِقْهٍ بِلَا وَرَعٍ ، وَلَا فِي صَدَقَةٍ إِلَّا بِنْيَّةٍ ، وَلَا فِي حَيَاةٍ إِلَّا بِصِحَّةٍ وَأَمْنٍ .
وَعَنْهُ : الْعِتَابُ مِفْتَاحُ الثُّقَالَى ، وَالْعِتَابُ خَيْرٌ مِنَ الْحِقْدِ .
هِشَامٌ : عَنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : رَأَى الْأَحْنَفُ فِي يَدِ رَجُلٍ دِرْهَمًا ، فَقَالَ : لِمَنْ هَذَا؟ قَالَ : لِي : قَالَ :
لَيْسَ هُوَ لَكَ حَتَّى تُخْرِجَهُ فِي أَجْرٍ أَوِ اكْتِسَابِ شُكْرٍ , وَتَمَثَّلَ :
أَنْتَ لِلْمَالِ إِذَا أَمْسَكْتَهُ وَإِذَا أَنْفَقْتَهُ فَالْمَالُ لَكْ
وَقِيلَ : كَانَ الْأَحْنَفُ إِذَا أَتَاهُ رَجُلٌ وَسَّعَ لَهُ ; فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَعَةً أَرَاهُ كَأَنَّهُ يُوَسِعُ لَهُ .
وَعَنْهُ قَالَ : جَنِّبُوا مَجَالِسَنَا ذِكْرَ النِّسَاءِ وَالطَّعَامِ ; إِنِّي أُبْغِضُ الرَّجُلَ يَكُونُ وَصَّافًا لِفَرْجِهِ وَبَطْنِهِ .
وَقِيلَ : إِنَّهُ كَلَّمَ مُصْعَبًا فِي مَحْبُوسِينَ وَقَالَ : أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ ، إِنْ كَانُوا حُبِسُوا فِي بَاطِلٍ ، فَالْعَدْلُ يَسَعُهُمْ ، وَإِنْ كَانُوا حُبِسُوا فِي حَقٍّ ، فَالْعَفْوُ يَسَعُهُمْ .
وَعَنْهُ ، قَالَ : لَا يَنْبَغِي لِلْأَمِيرِ الْغَضَبُ ; لِأَنَّ الْغَضَبَ فِي الْقُدْرَةِ لَقَاحُ السَّيْفِ وَالنَّدَامَةِ .
الْأَصْمَعِيُّ ، قَالَ : عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا الْأَحْنَفُ الْكُوفَةَ مَعَ مُصْعَبٍ ، فَمَا رَأَيْتُ صِفَةً تُذَمُّ إِلَّا رَأَيْتُهَا فِيهِ ، كَانَ ضَئِيلًا ،
صَعْلَ الرَّأْسِ ، مُتَرَاكِبَ الْأَسْنَانِ ، مَائِلَ الذَّقْنِ ، نَاتِئَ الْوَجْنَةِ ، بَاخِقَ الْعَيْنِ ، خَفِيفَ الْعَارِضَيْنَ ، أَحْنَفَ الرِّجْلَيْنِ ، فَكَانَ إِذَا تَكَلَّمَ ، جَلَا عَنْ نَفْسِهِ .
الصَّعَلُ : صِغَرُ الرَّأْسِ ، وَالْبَخْقُ : انْخِسَافُ الْعَيْنِ ، وَالْحَنَفُ : أَنْ تُفْتَلَ كُلُّ رِجُلٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا .
[ ص: 95 ] وَقِيلَ : كَانَ مُلْتَصِقَ الْأَلْيَةِ ، فَشُقَّ لَهُ . وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الْأَحْنَفُ الَّذِي يَمْشِي عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ .
عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ : عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ ، عَنِ الْأَحْنَفِ ، قَالَ : سَمِعْتُ خُطْبَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْخُلَفَاءِ ،
فَمَا سَمِعْتُ الْكَلَامَ مِنْ مَخْلُوقٍ أَفْخَمَ وَلَا أَحْسَنَ مِنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ .
وَعَنْهُ : لَا يَتِمُّ أَمْرُ السُّلْطَانِ إِلَّا بِالْوُزَرَاءِ وَالْأَعْوَانِ ، وَلَا يَنْفَعُ الْوُزَرَاءُ وَالْأَعْوَانُ إِلَّا بِالْمَوَدَّةِ وَالنَّصِيحَةِ ، وَلَا تَنْفَعُ الْمَوَدَّةُ وَالنَّصِيحَةُ إِلَّا بِالرَّأْيِ وَالْعِفَّةِ .
قِيلَ : كَانَ زِيَادٌ مُعَظِّمًا لِلْأَحْنَفِ ، فَلَمَّا وُلِّيَ بَعْدَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ تَغَيَّرَ أَمْرُ الْأَحْنَفِ ، وَقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ دُونَهُ ، ثُمَّ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي الْأَشْرَافِ
فَقَالَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ : أَدْخِلْهُمْ عَلَيَّ عَلَى قَدْرِ مَرَاتِبِهِمْ . فَأَخَّرَ الْأَحْنَفَ ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ أَكْرَمَهُ لِمَكَانِ سِيَادَتِهِ ، وَقَالَ : إِلَيَّ يَا أَبَا بَحْرٍ ،
وَأَجْلَسَهُ مَعَهُ وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ ، فَأَخَذُوا فِي شُكْرِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ، وَسَكَتَ الْأَحْنَفُ . فَقَالَ لَهُ : لِمَ لَا تَتَكَلَّمُ؟ قَالَ : إِنْ تَكَلَّمْتُ خَالَفْتُهُمْ .
قَالَ : اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ عَزَلْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ . فَلَمَّا خَرَجُوا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَرُومُ الْإِمَارَةَ . ثُمَّ أَتَوْا مُعَاوِيَةَ بَعْدَ ثَلَاثٍ ، وَذَكَرَ كُلُّ وَاحِدٍ شَخْصًا ، وَتَنَازَعُوا ،
فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : مَا تَقُولُ يَا أَبَا بَحْرٍ ؟ قَالَ : إِنْ وَلَّيْتَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ لَمْ تَجِدْ مِثْلَ عُبَيْدِ اللَّهِ . فَقَالَ : قَدْ أَعَدْتُهُ . قَالَ : فَخَلَا مُعَاوِيَةُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ
وَقَالَ : كَيْفَ ضَيَّعْتَ مِثْلَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي عَزَلَكَ وَأَعَادَكَ وَهُوَ سَاكِتٌ !؟ فَلَمَّا رَجَعَ عُبَيْدُ اللَّهِ جَعَلَ الْأَحْنَفَ صَاحِبَ سِرِّهِ .
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْمِصْرِيُّ الْفَقِيهُ ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْمُعَافِرِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ عُقْبَةَ ، قَالَ : حَضَرْتُ جَنَازَةَ الْأَحْنَفِ بِالْكُوفَةِ ،
فَكُنْتُ فِيمَنْ نَزَلَ قَبْرَهُ ، فَلَمَّا سَوَّيْتُهُ ، رَأَيْتُهُ قَدْ فُسِحَ لَهُ مَدَّ بَصَرِي ، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَصْحَابِي ، فَلَمْ يَرَوْا مَا رَأَيْتُ .
قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ : تُوُفِّيَ الْأَحْنَفُ فِي دَارِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي غَضَنْفَرٍ ، فَلَمَّا دُلِّيٍ فِي حُفْرَتِهِ ، أَقْبَلَتْ بِنْتٌ لِأَوْسٍ السَّعْدِيِّ وَهِيَ عَلَى رَاحِلَتِهَا عَجُوزٌ ،
فَوَقَفَتْ عَلَيْهِ وَقَالَتْ : مَنِ الْمُوَافَى بِهِ حُفْرَتَهُ لِوَقْتِ حِمَامِهِ؟ قِيلَ لَهَا : الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ . قَالَتْ : وَاللَّهِ لَئِنْ كُنْتُمْ سَبَقْتُمُونَا إِلَى الِاسْتِمْتَاعِ بِهِ فِي حَيَاتِهِ
لَا تَسْبِقُونَا إِلَى الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ . ثُمَّ قَالَتْ : لِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ مِجَنٍّ فِي جَنَنٍ , وَمُدْرَجٍ فِي كَفَنٍ ، وَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ : نَسْأَلُ مَنِ ابْتَلَانَا بِمَوْتِكَ ،
وَفَجَعَنَا بِفَقْدِكَ أَنْ يُوَسِّعَ لَكَ فِي قَبْرِكَ ، وَأَنْ يَغْفِرَ لَكَ يَوْمَ حَشْرِكَ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فِي بِلَادِهِ هُمْ شُهُودُهُ عَلَى عِبَادِهِ ، وَإِنَّا لَقَائِلُونَ حَقًّا ،
وَمُثْنُونَ صِدْقًا ، وَهُوَ أَهْلٌ لِحُسْنِ الثَّنَاءِ ، أَمَا وَالَّذِي كُنْتُ مِنْ أَجْلِهِ فِي عِدَّةٍ ، وَمِنَ الْحَيَاةِ فِي مُدَّةٍ ، وَمِنَ الْمِضْمَارِ إِلَى غَايَةٍ ، وَمِنَ الْآثَارِ إِلَى نِهَايَةٍ ،
الَّذِي رَفَعَ عَمَلَكَ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَجْلِكَ ، لَقَدْ عِشْتَ مَوْدُودًا حَمِيدًا ، وَمِتَّ سَعِيدًا فَقِيدًا ، وَلَقَدْ كُنْتَ عَظِيمَ الْحِلْمِ ، فَاضِلَ السِّلْمِ ، رَفِيعَ الْعِمَادِ ، وَارِيَ الزِّنَادِ ،
مَنِيعَ الْحَرِيمِ ، سَلِيمَ الْأَدِيمِ ، عَظِيمَ الرَّمَادِ ، قَرِيبَ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ .
قَالَ قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ : حَدَّثَنَا أَبُو الضَّحَّاكِ أَنَّهُ أَبْصَرَ مُصْعَبًا يَمْشِي فِي جَنَازَةِ الْأَحْنَفِ بِغَيْرِ رِدَاءٍ .
قَالَ الْفَسَوِيُّ : مَاتَ الْأَحْنَفُ سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ . وَقَالَ غَيْرُهُ : تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ . وَقَالَ جَمَاعَةٌ :
مَاتَ فِي إِمْرَةِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الْعِرَاقِ رَحِمَهُ اللَّهُ .
قُلْتُ : قَدِ اسْتَقْصَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ تَرْجَمَةَ الْأَحْنَفِ فِي كَرَارِيسَ .
وَطَوَّلْتُهَا -أَنَا- فِي تَارِيخِ الْإِسْلَامِ . رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .