|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-05-13, 21:26 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
القيم الاسرية والاجتماعية
القيم الاجتماعية والأسرية إنما أولادنا بيننا *** أكباد تمشي على الأرض العلاقة الأسرية في الإسلام: إذا كانت معظم الحضارات السالفة قد عزفت ألواناً متعدّدة من الأُسَر طبعت حياتها بطابع يعكس فلسفة كل أمّة من تلك الأمم فإن الأمّة الإسلامية قد انفردت عن غيرها من الأمم بنظام أسري وتربوي متميّز قادر على تكوين أجيال مسلمة متوازنة قادرة على تحمّل المسؤولية الكاملة في تحقيق سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، ويأتي في طليعة المسألة هنا تكريم الإسلام للأم باعتبارها الركيزة الأولى للبيت والأسرة. فقد أوجب لها الإسلام كامل الاهتمام والعناية ما لم نجده عند الأمم السالفة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ( جاء رجل إلى رسول الله rفقال يا رسول الله مَن أحقّ الناس بحسن صحبتي ؟ قال أمّك. قال ثّم مَن ؟ قال: أمّك. قال ثّم مَن ؟ قال: أمّك. قال ثمّ مَن ؟ قال أبوك ) متفق عليه. بناء الأسرة والمحافظة عليها: الأسرة في الإسلام يبدأ بناؤها بالزواج الشرعي الذي تستقرّ وتستمرّ به الحياة الزوجية، فالأسرة السعيدة هي حصن للرجل وستر للمرأة، قال الله تعالى: ( هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ) البقرة الآية 187. والأسرة السعيدة هي السكن الروحي والنفسي، وفيها المودّة والرحمة، قال الله تعالى: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم الآية 21. الأسرة الشريفة التي يؤدّي فيها كل أفرادها واجباتهم سوف يتخرّج منها الرجال الذين يستطيعون مواجه الحياة بحكمة وصبر، ويتخرّج منها النساء القانتات اللاتي يتحصنّ بالعفّة الكرامة. والحفاظ على الأسرة يحتاج إلى تعاون بين جميع أفرادها على تحمّل أعباء الحياة وواجباتها. ويحتاج إلى آداب واستعدادات وتقوى وإيمان. وقد جعل الإسلام مناهجاً مشتركة بين جميع أعضاء الأسرة، ودعاهم إلى تطبيقها على واقع حياتهم حتى تخيّم عليهم السعادة، ويعيشون جميعاً في نعيم وارف وهي: 1) الحبّ والمودّة: دعا الإسلام إلى سيادة الحبّ والمودّة والتآلف بين أفراد الأسرة وأن يجتنبوا عن كل ما يعكّر صفْوَ الحياة والعيش، وتقع المسؤولية بالدرجة الأولى على المرأة فإنها باستطاعتها أن تحوّل البيت إلى روضة أو جحيم، فإذا قامت بواجبها، وراعت ما عليها من الآداب كانت الفذّة المؤمنة. وإذا التزمت المرأة برعاية زوجها، وأدّت حقوقه وواجباته شاعت المودّة بينهما وتكوّن رباط من الحبّ العميق بين أفراد الأسرة، الأمر الذي يؤدي إلى التكوين السليم للتربية الناجحة. 2) التعاون: وحثّ الإسلام على التعاون فيما بينهما على شؤون الحياة، وتدبير أمور البيت وأن يعيشوا جميعاً في جوّ متبادل من الودّ والتعاون، والمسؤولية تقع في ذلك على زعيم الأسرة وهو الزوج، فقد طلب الإسلام منه أن يقوم برعاية زوجته ويشترك معها في شؤون منزله، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى خدمة البيت مع نسائه، ومن الطبيعي أن ذلك يخلق في نفوس الأبناء روحاً من العواطف النبيلة التي هي من أهمّ العناصر الذاتية في التربية السليمة. 3) الاحترام المتبادل: وحث الإسلام على تبادل الاحترام، ومراعاة الآداب بين أعضاء الأسرة فعلى الكبير أن يعطف على الصغير، وعلى الصغير أن يقوم بإجلال الكبير وتوقيره، إن مراعاة هذه الآداب تخلق في داخل البيت جوًّا من الفضيلة والقيم الكريمة، وهي توجب تنمية السلوك الكامل في نفس الطفل، وتبعثه إلى الانطلاق في ميادين التعاون مع أسرته ومجتمعه. الدرس الثاني: المسلم لا يعمل لخير نفسه فقط، بل لخيرها وخير غيرها، والعمل التطوّعي يعوّد به نفسه البذل، ويثبّت فيها خُلق الكرم، وينفع بها المجتمع. ذلك ما ينبغي للمسلم نحو الناس: أن يكون نفّاعاً لهم بقدر ما يستطيع، لا يدّخر وسعاً لجلب الخير لهم، ودفع الشر عنهم، فلو أمكنه أن يقوم بكل ذلك فيتصدّق ويعمل، ويعين وينفع، ويأمر بالخير، ويمسك عن الشر كلّ من يقوم به. معنى العمل التطوّعي: التطوّع في اللغة: هو التبرّع لعمل شيء من دون مقابل، أو الانخراط في جمعية خيرية بالرضا. العمل التطوّعي في الشرع:مساهمة الأفراد في أعمال الرعاية والتنمية الاجتماعية سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل أو بغير ذلك من دون مقابل. والتطوّع هو الجهد الذي يقوم به الفرد باختياره لتقديم خدمة للمجتمع دون توقع لأجر مادي مقابل هذا الجهد. معنى الواجب الكفائي: الواجب الكفائي هو ما طلب المشرّع فعله على سبيل الإلزام من مجموع المكلّفين لا من جميعهم ( أيْ ليس من كل فرد منهم ). والقصد من ذلك هو وقوع هذا الواجب بنفسه ولو من طرف فرد واحد، لأن المصلحة تتحقّق من بعض المكلّفين. أمّا إذا لم يأته أحد فهم آثمون جميعاً. مثال الواجب الكفائي: الجهاد في سبيل الله. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. القضاء والإفتاء. ردّ السلام. صلاة الجنازة... مجالات العمل التطوّعي في المجتمع: لكلّ مسلم حق المشاركة في بناء المجتمع بما له من طاقة زائدة تطوّعاً في شتّى الميادين التربوية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها: المجال التربوي: التطوّع لخدمة المعرفة وتنمية القدرات العقلية والحرفية، وتنمية الملكات الروحية والفنّيّة والجمالية، كي تُشاع هذه المعرفة لكل الناس أطفالاً ورجالاً ونساءً، وذلك بإنشاء الأندية والرابطات والجمعيات في كل مكان. المجال الاجتماعي: التصدّي للرذيلة وأسباب الفساد بجميع الوسائل المتاحة، وذلك بإعانة ذا الحاجة من مظلوم يستغيث، ومكروب يستجير، وعاجز يستعين. مساعدة المكروب بتفريج كربته، وتخفيف بليّته. وإعانة العاجز على قضاء مآربه، وتحقيق أمانيه. ويكون ذلك بالتعاون وغرس الوعي الاجتماعي الذي يقوم على الأخوّة والتكافل، وتعليم الفضيلة. المجال الاقتصادي: العمل على إقامة صندوق مشترك يكون محور التعاون المالي بين أفراد المجتمع، هدفه تنظيم المساعدات المالية لإعانة الفقراء بالتصدّق عليهم والإقراض لهم، وتحمّل الديْن عنهم... فضل العمل: للعمل الفضل العظيم في حياة الفرد والمجتمع، فبالعمل تزكو النفس، وتقوّم الأخلاق، وتقوى العلاقات الإنسانية، وتنتظم الحياة، وتصان ضرورات الإنسان. وبالعمل يزيد الإنتاج، وتنمو الثروة فتكون للأمّة السيادة، ويكون لها المجد. ـ إن الله تعالى أعدّ للعاملين الأجر الوافر ولا يضيع عمل الإنسان وجهده، قال الله تعالى: ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِيًّا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُم اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) التوبة الآية 120/121 ـ إن منزلة الإنسان عند الله بقدر ما يقدّم من عمل، قال الله تعالى: ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُواْ وَلِنُوَفِّيَهُم أَعْمَالَهُمْ وَهُم لَا يُظْلَمُونَ ) الأحقاف 19. ـ وليس للجنّة سبيل سوى العمل، قال الله تعالى: ( وَنُودُواْ أَنْ تِلْكُمُ الجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ ) الأعراف الآية 43. بالعمل تكون للإنسان العزّة والخلافة في الأرض، قال الله تعالى: ( وَعَدَ اللهُ الْذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمِا اسْتَخْلَفَ الْذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُم الْذِي إِرْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِلَنَّهُم مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِم أَمْناً )النور الآية 55. ـ والذي لا يعمل فهو في خسر ونقص، يعرّضه للضلال والشقاء، قال الله تعالى: (وَالعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الْذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالحَقِّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ ) سورة العصر. دور العمل التطوّعي في خدمة الفرد والمجتمع: إن العمل التطوّعي بمثابة المتنفّس للفرد الذي يمتلك الطاقة الزائدة، فيفجّرها في الخير وفي خدمة الصالح العام، بما لديه من خبرات ومعارف. ويعدّ السوار المنيع والحاجز الحصين للمجتمع الذي يقيه من مصائب الحياة ومتاعبها التي يبتلى بها بعض أفراده. أهميّة العمل التطوّعي للشباب: 1. تعزيز انتماء ومشاركة الشباب في مجتمعهم. 2. تنمية قدرات الشباب ومهاراتهم الشخصية والعلمية والعملية. 3. يتيح للشباب التعرّف على الثغرات التي تشوب نظام الخدمات في المجتمع. 4. يتيح للشباب الفرصة للتعبير عن آرائهم وأفكارهم في القضايا العامّة التي تهمّ المجتمع. 5. يوفّر للشباب فرصة تأدية الخدمات بأنفسهم وحلّ المشاكل بجهدهم الشخصي. 6. يوفّر للشباب فرصة المشاركة في تحديد الأولويات التي يحتاجها المجتمع، والمشاركة في اتخاذ القرارات. الدرس الثالث: نظرة الإسلام إلى المجتمع: المجتمع هو المحيط الذي يعيش فيه الإنسان. الذي يتكوّن من مجموع أسر، التي تربطها الحقوق والواجبات، ويعيش الفرد فيه بروح الجماعة ومصلحتها وآمالها، فلا يرى لنفسه وجوداً بغيرها ولا امتداداً إلا فيها. المجتمع المسلم: هو المجتمع الربّاني، الناس فيه أسرة واحدة لا فضل فيه لعربيّ على عجميّ، ولا لعجميّ على عربيّ إلا بالتقوى. ولا يوزن الناس فيه بالأحساب والأنساب، مجتمع عالمي لا عنصريّ ولا قومي، ولا يعرف التعصّب. مجتمع مفتوح لجميع بني الإنسان. مجتمع مفتاح شخصيته: الدين والإيمان وعقيدة الإسلام. مجتمع ينفر من الترف، ويعمل بالأسباب ويتوكّل على الله. من خصائصه العدالة والقسط. مجتمع يؤمن باستخدام المواهب والتخطيط للمستقبل، ويضع الرجل المناسب في مكانه. الآفات والمفاسد الاجتماعية وأخطارها: الآفات والمفاسد الاجتماعية هي كل ما نهى الله عنه، وما نص القرآن والسنة النبوية الصحيحة على تحريمه، قال الله تعالى: ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَ الإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ ) الأعراف 33. والآفات الاجتماعية إذا أردنا عدّها فكثيرة ، نذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر: الظلم. قطع الطريق. قتل الأبرياء. الخمر وما شابهها كالمخدرات. الزنا وما شابهه كمحرمات الزواج والاغتصاب. الإجهاض. القذف ( الاتهام بالباطل ). شهادة الزور. السرقة. الغش. الربا. الرشوة. أكل مال اليتيم. الاحتكار... ولا شك أن لهذه الآفات والمفاسد أخطار كثيرة: ـ فهي تؤدّي إلى ظلمة القلب وقسوته، وابتعاد صاحبه عن الله، فيصير مصدر شرّ في المجتمع، فلا يلقى المجتمع منه إلا الإفساد والتخريب، ويكون مصيره الخسران في الدنيا والآخرة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يزيد في العمر إلا البّر ولا يردّ القدر إلا الدعاء وأنّ الرجل ليُحرَم الرزق بخطيئة يعملها ) رواه ابن ماجه. وإذا كانت الآفات سبب الفقر فإنّ الطاعات سبب إدرار الرزق على الفرد والمجتمع، قال الله تعالى: ( وَلَوَ أَنَّ أَهْلَ القُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الأعراف الآية 96. ـ تؤدّي إلى غضب الله وعقابه للإنسان، وهذا العقاب إمّا أن يكون بالظواهر الطبيعية كالفيضانات أو الزلازل أو القحط والجفاف، وإما أن يكون بالثورات والحروب المدمّرة، قال الله تعالى: ( فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِم وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِم قَرْناً آخَرِينَ ) الأنعام الآية 6. وقال عزّ وجلّ: ( مِمَّا خَطِيئَاتِهِم أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُم مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصَاراً ) نوح الآية 25. ـ وهي من أهمّ العوامل في شقاء الإنسان لما لها من أضرار بالفرد والمجتمع على حدّ سواء، تضرّ بالفرد في صحّته وعقله وماله وعمله، وتضرّ بالمجتمع بجعله منقسماً على نفسه، وضعيفاً في تماسكه، قال الله تعالى: ( قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُم عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُم أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُم أَوْ يَلْبِسَكُم شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ) الأنعام الآية 65. محاربة الإسلام للآفات والمفاسد الاجتماعية: الدّين هو العنصر الهام في معالجة الآفات والمفاسد الفردية والاجتماعية، لأنّ الدّين هو الطريق إلى العقل كما هو الطريق إلى القلب، فالدّين يعالج الآفات من أصلها ولا يترك لها مكاناً في قلب الإنسان، وذلك بالمساعدة للتغلّب على التوترات التي يتعرّض لها الإنسان والتي تحرّضه على الوقوع في الآفات والمفاسد بأنواعها. ومن عظمة الإسلام أنّه قبل أن حارب الآفات الاجتماعية عالجها بشتّى الوسائل التربوية منها: ـ الشعور بالإثم: الإسلام يدعو الإنسان إلى الاعتراف بذنبه أمام الله، وطلب الغفران منه وحده، لأنّ الله هو الذي يساعد المذنب على تجاوز الخطأ، وتجديد الحياة نحو الأفضل، قال الله تعالى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَه ُثُمَّ يَسْتَغْفِر ِاللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً ) النساء الآية 110 . ـ التوبة: فالتوبة أسلوب من أساليب تكفير الذنب، وهي المدخل إلى المغفرة، وهي المتنفّس للمشاعر الثائرة والشفاء للنفس التي عذبها الإحساس بالخطيئة، قال الله تعالى: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الْذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَى أَنْفُسِهِم لَا تَقْنَطُواْ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوِ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر 53. ـ تربية النفس على خشية الله: لقد لفت القرآن أنظار الناس إلى أهوال القيامة وما فيها من عذاب أليم وشديد أعدّه الله للذين يقترفون الآفات ويتعدّون على الحرمات بأسلوب رهيب يصل إلى أعماق النفس ويثير فيها أحاسيس الخوف من الوقوع في الآفات، ويكون الدّافع إلى القيام بالطاعات والقربات من الله. ـ سدّ جميع الذرائع التي تدفع إلى الوقوع في الآفات الاجتماعية، وذلك بتقديم الإعانات الفعلية كالمساعدات المالية قصد تجاوز الأزمات النفسية والأخلاقية والاقتصادية، فشرّع لذلك الإسلام كفالة اليتيم للتحصين من التشرّد المؤدي إلى الآفات الاجتماعية الخانقة، وشرّع الزواج وتسهيل سبله لتفادي الوقوع في الزنا وما شاكله، وشرّع الزكاة للتّحصين من السرقة وأشكالها... ـ فمن أبى بعد كل هذا العلاج إلا الاعتداء والوقوع في الآفات والمفاسد استحق العقوبة، وهي نوعان: 1) الكفارة: وهي ما يكفّر الإنسان به ذنبه، المحدّد شرعاً. ككفّارة اليمين المنعقدة وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم ومن لم يستطع يصوم ثلاثة أيام. وكفّارة القتل الخطأ وهي الديّة يسلّمها إلى أهل المقتول، وغيرها. 2) الحدّ: وهو العقوبة المقدّرة شرعاً. كالقصاص من القاتل العمد، وقطع يد السارق الذي توفرت فيه شروط الحد، والجلد لشارب الخمر والزاني، وغيرها من الحدود. الدرس الرابع: الطفـولة: الأطفال زينة الحياة الدنيا تسرّ الفؤاد بمشاهدتهم، وتقرّ العين برؤيتهم، وتبتهج النفس بمحادثتهم ، هُم شباب الغد الذي تنعقد عليهم آمال المستقبل، قال الله تعالى: ( المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا ) الكهف الآية 46. يقول الله عز وجل: ( يَأَيُّهَا الْذِينَ آمَنُواْ قُواْ أَنْفُسَكُم وَأَهْلِيكُم نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُم وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم الآية 6. التربية في عصر النبوّة: كان النبي صلى الله عليه وسلم المربّي الأول الذي قام بهذه المهمّة التربوية فرسم نماذج تربوية للطفولة لم يسبق لها مثيل في عالم الرعاية بالأطفال حيث يشرف بنفسه وبأسلوبه الخاص الفريد في تنشئة تلك البراعم التي لم تنفتح والأغصان التي لم يشتدّ عودها بعد. ولم تكن هذه التربية قاصرة على من يعيش في كنف النبي صلى الله عليه وسلم أو من يعيش تحت سقف بيته بل كان ذلك مبدأ تربويًّا ينتهجه لأمّته عامّة ويرسّخه لكلّ الأجيال من بعده ليقتفوا أثره ويسيروا على منهجه التربوي عملاً بقوله تعال: ( لَقَدْ كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرِ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً ) الأحزاب الآية 21. ولو تتبعنا مراحل المنهج التربوي النبوي في عالم الطفولة لرأينا أن مرحلة التربية تبدأ منذ أن يكون الطفل سِرًّا في عالم الغيب وذلك ليضمن له الأصل والمنبت الطيّب والحضن الأمين، فدعا الزوج لاختيار الزوجة الصالحة التي ستكون مصدر عزّة الطفل ومربيته على الفضائل، كما دعا أهل الزوجة على القبول بالزوج الصالح فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من زوّج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها ) رواه ابن حبّان. وهكذا تتدرّج العناية بالطفل والاهتمام به من خلال توجيهات نبويّة كريمة في كل مرحلة من مراحل نموِّ الطفل عقلياً ونفسياً وجسدياً بدءً من التربية العقدية السليمة ومروراً بالتربية الاجتماعية والخلقية والعاطفية، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نموذجاً فريداً للأبوّة الكريمة في حياة البشرية، يفرح بقدوم الأطفال ويشارك في اختيار أسمائهم ويحنّ عليهم فيمازحهم ويلاعبهم ويضمهم إلى صدره الكريم ويُقبّلهم بفمه، فإنّ هذا يعطيهم الجوّ النفسي للحياة الإنسانية، وبذلك كان من ثمار هذه التربية الفذّة أن أنشأت أسرة متماسكة مثالية حقاً في إيمانها وعبادتها وأخلاقها ومعاملتها وإذا كانت الأسرة كذلك فلا شك أنّ المجتمع بدوره كان مثاليًّا وخاصّة المجتمع في عهده صلى الله عليه وسلم. حقوق الطفل: لقد اهتم الإسلام بالطفل في كل مراحل حياته: جنيناً، ورضيعاً، وصبياً، ويافعاً، ثم شابًّا إلى أن يصل إلى مرحلة الرجولة. ـ ولقد أوجب الإسلام على الأم رعاية جنينها، والمحافظة عليه، وأباح لها أن تفطر إذا شعرت أنّ صيامها خطراً على جنينها أو رضيعها، كما ينبّهها إلى عدم تناول ما يضرّ بالجنين من مأكل ومشرب، وحرّم على الأم الإجهاض إلا إذا كان خطراً على حياتها، قال تعالى: ( وَلَا تَقْتُلُواْ أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُم وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُم كَانَ خِطْئاً كَبِيراً ) الإسراء الآية 31. ـ وحفظ للطفل حقّه في النسب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( وأيّما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احجب الله تعالى منه وفضحه على رؤوس الأوّلين والآخرين يوم القيامة ) رواه أبو داود والنسائي. ـ كما حفظ للطفل حقوقه المالية من النفقة عليه وعلى والديه أثناء الحمل وبعده، وحفظ له حقّ الوصيّة، والوقف. وغيرها من الحقوق التي تتصل بالمولود حين ولادته مثل: ـ استحباب البشارة والتهنئة عند الولادة. ـ استحباب الأذان في أذنه اليمني والإقامة في أذنه اليسرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من وُلد له ولد فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم يضرّه أم الصبيان ) رواه ابن السني. ـ حلق شعر المولود والتصدّق بوزن شعره ذهباً على الفقراء، قال صلى الله عليه وسلم: (كلّ مولود مرهون بعقيقته تُذبح عنه يوم سابعه ويُحلّق ويسمّى ) رواه أبوداد والترمذي. ـ عقيقة المولود، قال عليه الصلاة والسلام: ( مع الغلام عقيقته فأهرقوا عليه دماً وأميطوا عنه الأذى ) متفق عليه. ـ ختان المولود، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الفطرة خمس: الختان والاستحداد وقصّ الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط ) متفق عليه. ـ رعاية الطفل ( جسدياً ووجدانياً وسلوكياً واجتماعياً ) وحضانته ورضاعه، وهنا يقرر القرآن الكريم حقيقة فائدة الرضاع من حليب الأم المعقّم، والذي هو أصح غذاء من كل أنواع الحليب الصناعي، وفائدته الغذائية والنفسية المهمّة للطفل والأم معاً. مجالات تربية الطفل: لقد اهتّم الإسلام بمرحلة الطفولة، لأنها اللبنة الأساسية في بناء شخصية الفرد إيجاباً أو سلباً، وفقاً لما يلاقيه من اهتمام، وهذا الاعتناء من أبلغ الأثر في بنائه النفسي الإيجابي الذي بدوره ينعكس على تكوين المجتمع المسلم. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ( يا رسول الله ما حقّ ابني هذا ؟ قال: تحسّن اسمه وأدبه وضعه موضعاً حسناً ) رواه الطوسي. هناك العديد من جوانب العناية التي أولاها الإسلام للطفل: أولاً: التربية الجسمية: تلخّص السنة النبوية رعاية الطفل جسمياً فيما يلي: ـ النفقة عليه: عن ثوبان بن مجدد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله ). ـ وقايته من الأمراض: من مقاصد الشريعة الإسلامية، حفظ النفس في ثلاثة معان هي: إقامة أصله بشرعية التناسل، وحفظ بقائه من جهة المأكل والمشرب، وذلك يحفظه من الداخل، والملبس والمسكن، وذلك يحفظه من الخارج، وحفظ ما يتغذى به أن يكون ممّا لا يضرّ أو يقتل.. ـ إبعاد الطفل عن تناول الحرام، فإن للتغذية أثراً فعالاً في سلوك الطفل. فالتغذية الملوّثة بالحرام تؤثر أثراً ذاتياً في دخائل النفس، وتوقف فعالياتها السلوكية، فتغرس فيها النزعات الشريرة كالقسوة، والاعتداء والهجوم المتطرف على الغير... ـ تعويدهم بعض السلوكات الصحيّة كالنظافة والطهارة والرياضة، قال عليه الصلاة والسلام: ( علّموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل ) أخرجه البيهقي. ثانياً: التربية العقلية: وهذه التربية تتعلّق بتعليم الطفل القراءة والكتابة، وحفظ آيات القرآن الكريم وأحاديث النبيّ عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. وتعليمه العقيدة الإسلامية الصحيحة. وتعويده على التأمّل في ملكوت السماوات والأرض. وتعليمه العلوم الدنيوية التي تنفعه في مستقبله. ثالثاً: التربية النفسية: ذلك بالإحسان إليهم ورحمتهم وملاعبتهم وإدخال السرور عليهم، والتسوية بينهم، ومصاحبتهم في سنّهم المبكّر ومراقبة سلوكهم، وتعليمهم الإيمان، والعبادات، وأعمال البرّ ومكارم الأخلاق وآداب السُنّة. وهذه التربية هي أسباب الحياة الحقيقية: حياة القلب والروح والسعادة الأبدية. فإذا التزم الآباء بهذه المحدّدات التربوية المستمدة من الكتاب والسُنّة النبوية المطهّرة، لأدّى هذا إلى وضع الركائز الأساسية لمقوّمات البناء النفسي السليم للطفل حتى يكون قادراً على مواجهة التحدّي الحضاري عبر الأزمنة المختلفة. الدرس الخامس: هدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيته: قدوة المسلمين في هذا المجال هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كان أكرم الناس وألطفهم لأسرته وذلك بما تشهد به سيرته حيث لم يثبت عنه أهان واحدة من زوجاته بشتم أو سبّ أو ضرب أو غير ذلك من وجوه الإيذاء بل كان صلى الله عليه وسلم أعظم البشرية برًّا بزوجاته وإحساناً لهنّ وأوصى بهن كثيراً وحضّ على تكريمهنّ وحذّر من الإساءة إليهنّ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ( إنّ من أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً وألطفهم بأهله ) رواه الترمذي. وكان صلى الله عليه وسلم يستشيرهنّ وينزل على رأيهنّ في أمور سياسته كما صنع يوم الحديبية، وكان صلى الله عليه وسلم إذا خلا مع أهله ألين الناس، ضحّاكًا بسّامًا، وكان يقول: ( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي..). وكان صلى الله عليه وسلم في خدمة أهله ما دام في البيت، يخصف نعله، ويخيط ثوبه، ويحلب شاته، ويعمل بيده، ويخدم نفسه. وكان صلى الله عليه وسلم أرحم الناس بالأطفال، رآه عمر بن الخطاب حاملاً الحسن والحسين على عاتقه، فقال: نِعم الفرس تحتكما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ونِعم الفارسان هما، وكان أحدهما أو كلاهما يعتلي ظهره إن سجد، فلا ينهرهما، وصلّى وأمامة على عاتقه، وهى ابنة ابنته زينب، فكان إذا ركع وضعها، وإذا رفع وضعها، أما إذا جاءته ابنته فاطمة، فإنه يبادرها باللُّقيا، ويقبّلها ثم يأخذ بيدها ويجيء بها حتى يجلسها في مكانه. ثم هو لا يترفع على عبيده في مأكل ولا ملبس، ويخدم من خدمه، ولم يقل لخادمه أفٍ قط، ولا عاتبه على فعل شيء أو تركه. أسباب استقرار البيت واستمراره: لاستقرار واستمرار البيت لابد أن تسوده الأمور التالية بشكل نبيل: 1 ـتوفير الاستقرار والأمن والحماية وتبادل الحُبّ والعطف بين الزوجين من ناحية، وبينهما وبين الأولاد من ناحية أخرى، فإنّ الأسرة إذا غادرها الحبّ، وهجرها العطف لابد أن تتفاعل فيها عوامل الانهيار والهدم. إن الحبّ المتبادل هو العامل الفعال الذي يدفع كل واحد من أفراد الأسرة إلى أن يتحمّل مسؤولياته برحابة صدر. 2 ـ يجب أن يسود التعاون المشترك في المجالات المختلفة بين أفراد العائلة. لكي لا تشلّ الأسرة عن حيويتها، ونشاطها بصورة مستمرّة، فإن التعاون يزيل الإرهاق، ويذيب التذمّر مِن تحمّل المسؤوليات. وكذلك يوطّد علاقات أفراد الأسرة بعضهم مع بعض. ولا يدع مجالاً لأن يتسرّب التفكّك إلى ربوع العائلة المسلمة التي تلتزم بمبدأ التعاون، والتكافل الاجتماعيين. 3 ـ تبادل الاحترام والتوقير والإحسان، سواءً من جانب الصغير للكبير، أو من جانب الكبير للصغير، فإن الاحترام والإحسان يزرعان بذور الشعور بالشخصية، ويغرسان أوتاداً توطّد العلاقات الأسرية بين الأفراد. 4 ـ إطـاعة الأب من قِبل جميع أفراد العائلة لأنّه يمثّل النقطة المركزية في الأسرة، ولأنّه أعرف بالمصالح الفردية والاجتماعية لكل واحد منهم، وطبيعي أنّ الإسلام يقرّر الطاعة للأب في حدود طاعة الخالق. 5 ـ قيام الوالد بواجب النفقة، وتجهيز الملبس، والمسكن للزوجة والأولاد في مقابل قوامته عليهم. 6 ـ أن تمدّ الأسرة الأطفـال بالبيئة الصالحة لتحقق حاجـاتهم البيولوجية والاجتماعية، وليست وظيفة الأسرة مقتصرة على إنجاب الأطفال فإنّ الاقتصار عليها يمحو الفوارق الطبيعية بين الإنسان والحيوان. 7 ـ أن تمدّهم بالوسائل التي تهيّئ لهم تكوين ذواتهم داخل المجتمع.
|
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الاسرية, القيم, والاجتماعية |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc