تحرير الانبار القشة التي ستقصم ظهر بشار الاسد!
الأربعاء, 26 كانون1/ديسمبر 2012 08:53 | | |
عبد الله الفقير
هنالك في كل نظام نقطة تسمى بـ"نقطة الانهيار",وهي النقطة التي تنهار فيها المنظومة بكاملها اما بسبب قوة خارجية تسلط على المنظومة او بسبب عدم تحمل المنظومة لضغوطها الداخلية(اي كان هذا النظام ميكانيكيا او اجتماعيا او سياسيا او حتى عائليا).
تلاحظ مثلا جهازا كهربائيا او محركا (في السيارة او في اي جهاز) يستمر في العمل احيانا رغم وجود خلل ظاهر عليه ,لكن فجاة بمجرد ان تضربة ضربة خفيفة بمطرقة صغيرة او حتى بمجرد ان تضغط عليه باصبعك فسوف يتعطل فجاة وينهار وربما ينفجر الجهاز.فهل كان السبب هو هذه الضغطة البسيطة ام لانك ضغطت على منطقة حساسة جدا فيه؟.
ياتي الزوج من العمل وتاتيه الزوجة بالطعام, فيطلب منها بعض الملح فتتاخر عليه فيشتد غضب الزوج عليها ويتطور الخلاف الى ان ينتهي بالطلاق,فهل كان "الملح" سبب انهيار هذا النظام العائلي ام ان هنالك مجموعة كوامن ومشاكل ضامرة وجدت "الزناد" الكفيل باشعالها؟.
كان صدام حسين يتجول في بغداد في صبيحة يوم تسعة اربعة ,وكان اعلامه ما زال يدعي الصمود والقتال و"دحر" الامريكان ,لكن بمجرد ان اسقط الامريكان تمثال صدام في وسط بغداد انهار "نظام" صدام كليا,فهل كان التمثال هو الذي يمسك وحدة النظام وصلابته ام انها "القشة التي قصمت ظهر البعير"؟؟!.
نفس الامر ينطبق على نظام بشار الاسد,فمنظومة البعث النصيري في سوريا ما زال يتعرض لضربات شديدة,لكنه الى الان ما زال صامدا بل وما زال يمسك زمام المبادرة,فما زال هو من "يهجم",وما زال رسله وسفراءه وسفاراته تعمل بشكل طبيعي في اغلب دول العالم,ولا زالت وسائل اعلامه وفضائياته تعمل وبشكل طبيعي (تذكرنا بفضائية نظام صدام التي كانت تعرض برامج عن الزراعة والصناعة بينما كانت طائرات الامريكان تمطرنا بملايين الاطنان من المتفجرات!).
لقد ظننا وظن الكثير من الناس ان الانشقاقات الكبيرة في نظام الاسد كانت كفيلة بانهيار نظامه,لكن,ورغم حجم واهمية وعدد الشخصيات التي انهارت ان ان نظامه لم ينهار.
وكان البعض يراهن على ان سقوط حلب(باعتبارها العصب الاقتصادي لنظامه) بيد المجاهدين سوف ينهار النظام,لكن ها هو النظام قد فقد حلب منذ اشهر والى الان هو ما زال صامدا (ولو ظاهريا).
وكان البعض يراهن على ان ازدياد قوة المجاهدين وتسليحهم باسلحة نوعية سوف يعجل بانهيار النظام,لكن ورغم ما غنمه المجاهدون في سوريا من اسلحة "مرعبة",ورغم ذلك ما زال النظام صامدا؟!.
نعم ,ان حجم الانشقاقات النوعية والكمية قد اضعفت نفسيا وماديا منظومة الاسد لكنها لم تصل الى حد الانهيار ,لان نوع الشخصيات التي انشقت عنه لم تكن من الشخصيات المحورية التي يقوم عليها هيكل النظام,علما ان نظام الاسد يقاد من الخارج لذلك فان الانشقاق الكفيل بانهيار منظومته هو انشقاق قيادة الخارج عليه (اي انفصال روسيا وايران عنه او انهيار روسيا وايران والتي سيكون انهيار نظام الاسد تحصيل حاصل فقط).
نعم ,ان تطهير مدينة حلب من نظام الاسد,قد اضعف منظومة الاسد لكنه لم ينهار ,وهو يحتاج الى زمن اطول حتى يظهر تاثيرها عليه خصوصا مع وجود التمويل الشيعي من ايران والعراق ولبنان.ولذلك فان الضرب على العصب الاقتصادي للاسد لن يكون مؤثرا الا اذا قطع بالكامل عن بشار الاسد شخصيا وعن آلته العسكرية تحديدا,وليس من خلال فرض حصار اقتصادي عليه لانه لن يهتم لشان المواطنين السوريين خصوصا وهو يقتلهم بلا رحمة!.
ونعم فان ازدياد قوة المجاهدين عددا وعدة قد مكنهم من اضعاف قوة منظومة الاسد وبعثر حركتها وخلخل تماسكها,وربما سوف يؤدي بالنهاية الى انهياره,الا ان ذلك "الانهيار" سوف يكون بعيدا زمنيا بسبب قوة جيش الاسد ونوع الاسلحة المتطورة و"الخطيرة" التي يمتلكها.لذلك فان الثمن الذي سوف يدفعه الشعب السوري والمجاهدين سوف يكون كبيرا بانتظار الوصول الى نقطة الانهيار المنتظرة.
بشكل عام فان هنالك نقطة انهيار "طبيعية" يمكن الوصول اليها من خلال كثرة الطرق ,فيمكن للانشقاقات في نظام الاسد ان تؤدي الى انهياره "طبيعيا" بعد ان يفقد كل من حوله من الجنود والقادة,ويمكن للحصار الاقتصادي ان يؤدي الى انهيار النظام "طبيعيا" بعد ان يعجز عن توفير الة القتل والدفاع عن نفسه,ويمكن ان يؤدي التراكم العسكري وتزايد القوة عند المجاهدين الى غلبة قوة الجاهدين في سوريا على قوة الاسد فينهار نظامه "طبيعيا".
لكن,ماذا لو عرفنا بان هنالك نقاط انهيار "غير طبيعية" يمكن استغلالها للتعجيل في انهيار نظام الاسد؟, ماذا لو اتعبنا انفسنا قليلا في البحث عن "النقطة الحساسة" التي يمكن ان نضغط عليها باصابعنا العارية ضغطة خفيفة فتتعطل منظومة الاسد برمتها؟؟,ماذا لو بذلنا بعض الوقت في التفكير لمعرفة المكان الحساس الذي يمكن ان نضع عليه "القشة" فلا يتحمل الاسد حملها وينهار فجاة؟؟؟.
في الحقيقة –شخصيا- اعتقد ان هنالك مجموعة نقاط "حساسة " لانهيار الاسد "الغير طبيعي",النقطة الاولى ذكرناها في مقال نشرناه قبل عام تقريبا بعنوان " لن تتحقق المفاجاة الثانية الا حين يُحاصر الاسد .. كان لكم في البوسنة عبرة يا ثوار سوريا*" قلنا فيه بان الغرب لن يتدخل في سوريا الا حين يقصف القصر الرئاسي لبشار الاسد,حيث سيتدخل حينها الغرب ليس لنصرة الشعب السوري وانما لمنع الجهاديين من الاحتفال بالنصر مثلما حدث في البوسنة سابقا.حيث نعتقد بان نقطة انهيار بشار الاسد سوف تكون من خلال شن هجوم كاسح على القصر الرئاسي لبشار الاسد,وبمجرد ان يتم تدمير او احتلال القصر الرئاسي لبشار سوف ينهار نظام الاسد حتى لو لم يقتل,لان القصر الرئاسي يمثل الواجهة والقيمة المعنوية لمنظومته,وبتدميرها او احتلالها سوف يفقد الاسد السيطرة على باقي عتلات وعجلات منظومته.(وهذا امر يمكن تحقيقه على المدى القريب المنظور اما بالهجوم العسكري باستخدام الصواريخ النوعية التي غنمها المجاهدون او ببث الاشاعات داخل افراد القصر وبث الرعب في صدورهم,او من خلال قنص العاملين في القصر هم وعائلاتهم ,او من خلال اغرائهم للانضمام الى الثورة ).
نقطة الانهيار الثانية هي حدوث انشقاق في عائلة بشار الاسد على وزن عالي الخصوصية, كانشقاق زوجته وعائلتها ,او انشقاق امه.وبامكان هذا الانشقاق ان يحطم بشار ذاتيا(وهو امل بعيد المنال حاليا,ويدخل ضمن هذه النقطة عملية خطف ا واسراحد افراد عائلته المقربين جدا كاختطاف احد اولاده او احد اشقاء زوجته او اختطاف زوجته شخصيا!!).
النقطة الثالثة هو تخلي ايران وحزب الله عنه ,وذلك سوف يؤدي الى انهياره المفاجيء بعد ان يدب الشك في نفسه حيال وفاء حراسه والخوف من ان يغتال على ايديهم,وبعد ان يتخلى اغلب العلويين عنه بد ان يجدوا ان مرجعهم (ايران وحزب الله) قد تخلوا عنه(وهذا امر غير وارد بالمرة حاليا الا اذا ما قامت حركة حماس في فلسطين بالطلب من ايران وحزب الله اما ان يتخلوا عن بشار باعتباره نظاما مجرما او ان تتخلى هي عنهم وتفضح تآمرهم على الاسلام باسم فلسطين,وهذا امر ممكن الحدوث لو استخدم السوريين علاقاتهم مع حماس لتفعيل هذا الامر).
النقطة الرابعة,تدخل القوات الغربية في الحرب من خلال فرض حضر الطيران او قصف مقراته وقواته ,حيث ان الفرق الكبير بين قوة بشار وقوة الغرب سوف تؤدي الى انهياره بسرعة غير طبيعية(وهذ غير وارد على مدى الشهر او الشهرين القادمين اذا ما استمر ميزان القوة على هذه الوتيرة).
النقطة الخامسة هي ان يتمكن المجاهدون من الحصول او صناعة اسلحة نوعية,كانتاج اسلحة كيمياوية او نووية ,حيث سؤدي ذلك الى اختلال كبير في توازن القوة لا تتحمل منظومة بشار الصمود امامه(لا اعرف ميدانيا مدى امكانية تحقق مثل هذا الامر).
النقطة السادسة ان يتم استهداف الخطوط الخلفية "العائلية" لبشار ومن حوله, كان يتم اسر واختطاف العشرات من عوائل العلويين الذين يقاتلون مع بشار,او محاصر قرى كاملة من قرى العلويين ,ويتم التفاوض بشانهم(امكانية تحقيق مثل هذا الامر يمكن حاليا لكن يجب دراسة ردود الفعل العالمية عليه اولا,وثانيا دراسة مدى اهمية تلك القرى بالنسبة لبشار ولمن يخدمه ).
اما النقطة السابعة وهي الاكثر قدرة على التحقق حاليا والاكثر فعالية في انهيار نظام بشار فهو تحرير محافظة الانبار العراقية (او اي محافظة سنية كالموصل او صلاح الدين او اعلان اهل السنة اقليم خاص بهم في العراق ),حيث ان انفصال الانبار حاليا عن نظام الحكومة الشيعية في العراق او تشكيل اهل السنة لاقليم خاص بهم في المحافظات السنية –وكلها محاذية لسوريا- سوف يؤدي الى عوامل غاية الاهمية في تعجيل انهيار بشار الاسد يمكن تلخيصها بما يلي:
1- انها سوف تؤدي الى ان ينتقل المجاهدون بين الاراضي العراقية والاراضي السورية بيسر وسهولة مما يوفر قدرة كبيرة في المناورة والتخفي خصوصا وان حجم مساحة الانبار يقارب من حجم نصف سوريا,اما حجم الاقليم السني فهو اكبر من سوريا تقريبا!.
2- يوفر للعوائل السورية ملاذا امنا للهرب من بطش بشار ونظامه ويسمح لهم بان يكون العراق قاعدة خلفية لهم توفر لهم وطنا بديلا مؤقتا يطمئن فيه المجاهدون في سوريا على اهليهم ولا يخافون عليهم كما هو حاصل الان.
3- يوفر دعما ماليا وبشريا كبيرا للمجاهدين ويوفر سهولة في نقل السلاح الى المجاهدين بدون عوائق كالتي تضعها تركيا او الاردن او لبنان (ما زالت تركيا ترفض دخول السلاح الى المجاهدين وخصوصا الصواريخ المضادة للطائرات خوفا من عقوبات الاتحاد الوربي!!).
4- تشتيت قوة نظام الاسد بحيث يعجز عن شن الهجوم على الاراضي العراقية وهو الذي يعجز عن الهجوم على الاراضي السورية,خصوصا وان عدد جواسيسه في الاقليم السني سوف يكون قليل جدا.
5- سوف يمكن قيادة المجاهدين في سوريا من تكوين حكومة مؤقتة يكون مقر ادارتها فوق الاراضي العراقية القريبة جدا من الاراضي السورية ,وتكون اكثر حرية في التنقل والادارة والتحكم مما هي عليه في تركيا او الاردن .
6- قرب الاقليم السني من الاراضي السعودية سوف يمكن الدعم بالسلاح او المعونات من الوصول الى الشعب السوري اسرع واكثر فعالية مما هي عليه الان.
لكل ما سبق,فان فارق القوة المفاجيء والكبير بين القوة المضافة الى الثورة السورية والقوة المضمحلة لنظام الاسد سوف يؤدي -ذلك الاختلال المفاجيء بالتوازن- الى الانهيار المفاجيء في نظام الاسد ومنظومته العسكرية والامنية والاقتصادية والمعنوية, مما سوف يعجل بصورة كبيرة في انهاء الحرب الطاحنة في سوريا ويقلل من خسارة الشعب السوري,كما ان من شان هذا الامر ان ينفي الحاجة لاي تدخل غربي,وبالتالي فسوف يعطي للحكومة السورية القادمة باذن الله حرية اكبر في التعامل مع دول العالم واستقلالية اكبر في اتخاذ القرارات بعيدة عن اي ضغوط او أملاءات او شروط مسبقة.
اما اهم نقطة يمكن ان تتحقق من تشكل الاقليم السني (او على الاقل تحرير الانبار من هيمنة الحكومة المجوسية) فهو انها سوف تكون بداية الوحدة الشاملة بين سوريا والعراق السني,والذي سوف يكون البذرة او البداية الحقيقية لتكوين الدولة الاسلامية الكبرى التي ستشمل كل الدول الاسلامية لاحقا باذن الله.
وامام هذا "الحلم" الكبير والاهداف العريضة يبرز التساؤول الاخطر الا وهو:
هل يمكن للدول الغربية ان تسمح لاهل السنة في العراق تشكيل مثل هذا الاقليم حتى لو كان هدف الغرب تقسيم العراق كما يقول البعض ؟؟.
وهل يمكن للدول العربية (الخليج والاردن) ان تسمح لمثل هذا الاقليم بالتشكل حتى لو كان يحقق لهم اكبر هدف الا وهو ازالة نظام الاسد وتكوين سد مانع بينهم وبين الخطر المجوسي الايرني؟؟.
وهل يمكن لبعض الديناصورات من عباد "الوثن الوطني" كهيئة علماء المسلمين واشباهها ان تسمح لمثل هذا المشروع بالنمو حتى وهي ترى انه يخدم العراق والاسلام اكثر مما يمكن ان يخدمه العراق المجوسي الذي يحكمه المالكي اليوم وخامنئي غدا؟؟؟.
انه مجرد حلم,اثاره فينا مشهد اهل الانبار وهم ينتفضون بعد ان ماتوا لسنوات –الا ما رحم ربي- ,نسال الله ان يجعل انتفاضتهم لوجه الله وليس من اجل العيساوي وحاشيته او ابو ريشة وكلابه .وان يلهمهم الصبر على هذه الانتفاضة ,وليعلموا انهم لو صبروا في انتفاضتهم حتى يوم الجمعة القادمة ولم يستطع المالكي ان يضعفهم او يشتتهم فقد عبروا مرحلة الخطر وسوف يحققون نصرهم باذن الله.رغم اني نصيحتي الاكبر لهم حاليا هو المطالبة بتحرير "الوقف السني" اولا باعتباره اكبر مصدر مالي حاليا يمكن ان يستخدمه اهل السنة بعيدا عن سطوة المالكي وحكومته,ولنا مقال بهذا الشان لاحقا باذن الله.
والسلام عليكم