ولذلك فقد اعتزل عامة الصحابة القتال، وعلى رأسهم سعد بن أبي وقاص (وهو من العشرة المبشرين)، وأسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة.
وصح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قيل له: ألا تقاتل! فإنك من أهل الشورى، وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك؟ فقال: لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان، يعرف المؤمن من الكافر، فقد جاهدت وأنا أعرف الجهاد.
(رواه أبونعيم في معرفة الصحابة 1/135 ويخرج) وانظر تاريخ بغداد 6/44 وابن عساكر 59/141
وقد صح عن عالم التابعين ابن شهاب الزهري أن الأمر كان فتنة مشتبهة، وأن الصحابة وفيهم من شهد بدرا رأوا أن يَهدروا أمر الفتنة، ولا يقام حدٌ ولا قصاصٌ ولا مالٌ استُحلَّ بتأويلٍ فيها. (سنن سعيد بن منصور 2/368 ومصنف عبد الرزاق)
وقال ابن تيمية في المنهاج (4/409-410): "إن الفتن إنما يُعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت، فأما إذا أقبلت فإنها تزين، ويظن أن فيها خيرا.."، إلى أن قال: "والذين دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال من الشر، ولا عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت، وصارت عبرة لهم ولغيرهم".
.................................
قال الشافعي: "أفقهُهم وأعلمُهم في زمانه؛ وأعلمُهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ابنُ شهاب الزهري". (الأم 7/321)