قلت: وهذا تحقيق نادر ونفيس من الحافظ ابن حجر رحمه الله، وكذلك رجَّح في الإصابة (9/231-232) أن معاوية رضي الله عنه أسلم سنة سبع من الهجرة، وجَزَم في تقريب التقريب (6758) أيضا أنه أسلم قبل الفتح.
وقد قال مؤرخ الإسلام الحافظ الذهبي في التاريخ (4/308): "أسلم قبل أبيه في عُمرة القَضاء، وبقيَ يخاف من الخروج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أبيه"، ثم قال: "وأظهر إسلامه يوم الفتح".
ذِكرُ تثبّت معاوية رضي الله عنه وتوقّيه في السنة النبوية:
- روى الإمام مُسلم في صحيحه (2/718 رقم 1037) عن معاوية رضي الله عنه قال: "إيّاكم وأحاديثَ؛ إلا حديثاً كان في عَهد عمر، فإنَّ عمرَ كان يُخيفُ الناسَ في الله عزَّ وجلَّ، سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "مَن يُرد الله به خَيرا يُفَقِّهْهُ في الدِّين".
وسمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما أنا خازنٌ، فمَنْ أعطيتُه عَنْ طِيبِ نفسٍ؛ فَيُبارَكُ له فيه، ومَن أعطيتُه عنْ مَسْألةٍ وَشَرَهٍ كانَ كالذي يَأكلُ ولا يَشبَعُ".
وبذلك يُردُّ على من تمسّك أن معاوية رضي الله عنه من الطلقاء، واتكأ على ذلك -مدفوعا بالجهل والهوى- ليُشكّك في إسلام معاوية رضي الله عنه، ويَلمِزَه بالنفاق -عياذا بالله- صراحة أو كناية، مع أن معاوية ومئات الصحابة مثلَه؛ حتى لو كانوا من الطلقاء، فلا يطعن ذلك في دينهم لمجرد كونهم كذلك، ولا يؤثر في شرف صُحبتهم، إلا عند الضُلال أعداء السُنّة، انظر بحر الفوائد للكلاباذي (باب فضل قريش 1/301 رسالة جامعية) وفتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (4/454)