الحركة في الصلاة الأصل فيها الكراهة إلا لحاجة .
ومع ذلك فإنها تنقسم إلى خمسة أقسام
حركة واجبة .
حركة محرمة .
حركة مكروهة .
حركة مستحبة .
حركة مباحة .
فأما الحركة الواجبة فهي التي تتوقف عليها صحة الصلاة ، مثل أن يرى في غترته نجاسة ، فيجب عليه أن يتحرك لإزالتها ويخلع غترته ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يصلي بالناس فأخبره أن في نعليه أذىً فخلعها صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته واستمر فيها ، ومثل أن يخبره أحد بأنه اتجه إلى غير القبلة ؛ فيجب عليه أن يتحرك إلى القبلة .
وأما الحركة المحرمة فهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة ؛ لأن مثل هذه الحركة تبطل الصلاة ، وما يبطل الصلاة فإنه لا يحل فعله ؛ لأنه من باب اتخاذ آيات الله هزواً .
وأما الحركة المستحبة فهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة ، كما لو تحرك من أجل استواء الصف ، أو رأى فرجة أمامه في الصف المقدم فتقدم نحوها وهو في صلاته ، أو تقلص الصف فتحرك ليكمله ، أو ما شابه ذلك من الحركات التي يحصل بها فعل مستحب في الصلاة ؛ لأن ذلك من أجل إكمال الصلاة ، ولهذا لما صلى ابن عباس رضي الله عنهما مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام عن يساره أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه .
وأما الحركة المباحة فهي اليسيرة لحاجة ، أو الكثيرة للضرورة ، أما اليسيرة لحاجة فمثلها فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جدها من أمها ، فإذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها .
وأما الحركة الكثيرة للضرورة فمثالها الصلاة في حال القتال ؛ قال الله تعالى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ* فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ } . فإن من يصلي وهو يمشي لا شك أن عمله كثير ولكنه لما كان للضرورة كان مباحاً لا يبطل الصلاة .
وأما الحركة المكروهة فهي ما عدا ذلك وهو الأصل في الحركة في الصلاة ، وعلى هذا نقول لمن يتحركون في الصلاة إن عملكم مكروه ، منقص لصلاتكم ، وهذا مشاهد عند كل أحد فتجد الفرد يعبث بساعته ، أو بقلمه ، أو بغترته ، أو بأنفه ، أو بلحيته ، أو ما أشبه ذلك ، وكل ذلك من القسم المكروه إلا أن يكون كثيراً متوالياً فإنه محرم مبطل للصلاة . وأما تقديم إحدى القدمين على الأخرى فهذا أيضًا لا ينبغى ، بل السنة أن تكون القدمان متساويتين بل وجميع أقدام المصلين متساوية متحاذية ، بل إن تسوية الصفوف أمر واجب لابد منه . وإذا تركه الناس كانوا آثمين عاصين للرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان يسوي أصحابه فيمسح صدورهم ومناكبهم ، ويقول " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم " . وقد رأى يوماً بعدما عقلوا عنه رجلاً بادياً صدره فقال " عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم " . والمهم أن تسوية الصف أمر واجب وهو من مسئوليات الإمام والمأمومين أيضاً فعليه تفقد الصف وتسويته ، وعليهم تسوية صفوفهم وتراصهم .
الشيخ ابن عثيمن من كتاب فتاوى اسلامية لعبد العزيز المسند