هناك طريقتين رئيسيتين تقوم بها الدولة للسيطرة على الاقتصاد وهي السياسة النقدية والسياسة المالية. كلا هاتين السياستين هما طريقه لحل المشاكل الاقتصادية والدولة تقرر أيهما انسب.
أولا السياسة النقدية
مؤسسة النقد هي الجهة التي تنفذ هذه السياسة. والمحرك الرئيسي لهذه العملية هو معدل الفائدة الذي تفرضه مؤسسة النقد.
هذه السياسة في الواقع هي تهدف إلى التحكم بكمية النقود الموجودة البلد. فإذا رفعت مؤسسة النقد الفائدة هي في الواقع تهدف إلى تقليل كمية النقود الموجودة في البلد(جعل النقود أكثر تكلفة). وإذا خفضتها فهي تهدف إلى إنعاش البلد وزيادة المعروض النقدي(خفض تكلفة النقود).
في حالة التضخم يهدف البنك المركزي في هذه الحالة إلى تخفيف مقدار السيولة الموجودة في البلد لحل مشكلة التضخم.
الطريقة الأساسية لحل هذه المشكلة هي عن طريق رفع سعر الفائدة.
لماذا؟ هذا الرفع سوف يؤدي إلى أمرين أولا ارتفاع تكلفة الاقتراض وبالتالي يقل عدد المقترضين وبالتالي يقل حجم المعروض النقدي المتاح في البلد. ثانيا ازدياد حجم الودائع في البنوك بسبب توجه الناس لإيداع أموالهم في البنوك للحصول على الفائدة. وهذين الأمرين تؤدي إلى قلة السيولة النقدية المتاحة في أيدي الناس في البلد وبالتالي يخف الضغط على ازدياد الأسعار.
وهناك أيضا طريقة أخرى اتبعتها مؤسسة النقد مؤخرا وهي رفع نسبة الإحتياطي القانوني. وهذا يؤدي إلى اضطرار البنك لحجز نسبة أكبر من المال لدى مؤسسة النقد وبالتالي تقل مقدار السيولة الموجودة لدية وبالتالي يقل كمية إقراضه. اتبعت هذه السياسة مؤسسة النقد لعدم قدرتها على رفع الفائدة بسبب استمرار البنك الفدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة على الدولار فبالتالي لجأت إلى هذا الحل.
وأيضا هناك طريقة أخرى وهي أن تصدر الحكومة سندات وتبيعها على الناس. والهدف من هذه العملية هي سحب السيولة الموجودة في البلد.
في حالة الكساد وازدياد معدل البطالةفي هذه الحالة يهدف البنك المركزي إلى زيادة حجم السيولة وجعل الأموال أكثر وفره في البلد.
ويكون هذا الأمر عن طريق تخفيض سعر الفائدة.
في حال تقليل سعر الفائدة تكون تكلفة الاقتراض أقل وبالتالي تعطي دافع للمستثمرين على تنفيذ مشاريعهم, هذه المشاريع تتطلب وجود عمالة, فزيادة حجم هذه المشاريع هي طريقة لحل مشكلة البطالة وانتعاش النشاط الاقتصادي في البلد عن طريق تبادل المنافع.
هذه الحالة هي في الواقع ما تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية هذه الفترة وتم فعلا خفض معدل الفائدة من حدود 5% إلى 3% في الوقت الحاضر خلال أقل من سنة تقريبا , ومن المتوقع ان ينخفض أكثر من ذلك في الفترة المقبلة.
والطريقة الأخرى هي تقليل نسبة الاحتياطي القانوني لتتمكن البنوك من اقراض شريحة أكبر وبالتالي زيادة حجم السيولة.
وأيضا شراء الحكومة السندات الموجودة مع الناس لكي يكون لديهم سيولة نقدية.
هذه بعض الحالات التي تعالج عن طريق السياسة النقدية.
ثانيا السياسة المالية
تقوم السياسة المالية على الإنفاق المالي أو التنازل عن بعض مصادر الدخل للدولة لصالح اقتصادها.
هناك سياسة الإنفاق الحكومي الذي تبناها العالم الاقتصادي كنز في حل مشكلة الكساد التي مر عليها العالم الغربي بعد الحرب العالمية الثانية حينما كانت نسبة البطالة عالية جدا فأشار على الدولة ان سياسة الإنفاق هي الحل لهذه الأزمة. فمثلا , تقوم الدولة بعمل مشاريع(حتى لو كانت غير ضرورية) , هذه المشاريع تتطلب توظيف عمالة فبالتالي استطاعت الدولة توفير فرص وظيفية لمواطنيها , مما يعطيهم مصدر دخل , هذا الدخل سوف يتم إنفاقه داخل البلد , وبالتالي يدور المال بين الناس , وبالتالي تحل مشكلة الكساد. وفعلا تم إعادة رصف الشوارع وبناء مطارات لحل هذه المشكلة.
وهناك أيضا سياسة التحكم في الضرائب. فمثلا في حالة الكساد تقوم الدولة بتخفيض نسبة الضرائب على رواتب المواطنين وذلك ليزيد دخلهم وبالتالي يكون لهم فرصة اكبر للإنفاق وبالتالي يكون انتعاش اقتصادي. وفي حالة التضخم المستورد تقوم الدولة بتقليل نسبة الرسوم الجمركية كما فعلت بعض الدول بتخفيض رسوم موانئيها وذلك لتقل تكلفة السلع وبالتالي ينخفض سعرها.
أسعار الصرف للعملات
المقصود بسعر الصرف هو سعر تبادل عمله بعمله أخرى.
هناك ثلاثة أنواع لأسعار الصرف
الأول سعر الصرف المعوم
هو أن يكون سعر التبادل خاضع للعرض والطلب في السوق. مثلا الدولار و اليورو و الباوند ... .
الثاني سعر الصرف شبه المعوم
هو أن يكون سعر التبادل خاضع للعرض والطلب في السوق ولكن الدولة تضع سقف أعلى وسقف أدنى للسعر, ففي حين تجاوز السعر هذه الحدود تتدخل الدولة إما بالبيع أو الشراء لإعادة توازن عملتها في السوق. مثل الصين التي تواجه ضغوط كبيره من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لرفع قيمة "يوانها", وفعلت ذلك ولكن ذلك الرفع لم يرضي الولايات المتحدة وتطالب برفعه بنسبه أكبر.
الثالث سعر الصرف الثابت
وهو أن تقوم الدولة بتثبيت سعر صرف عملتها مع عمله أخرى ذات اقتصاد قوي. في الغالب يتم هذا النوع مع الدول النامية وذلك بحثا عن الاستقرار. وذلك مثل السعودية ثبتت عملتها بالدولار, لماذا الدولار؟ لأن الولايات المتحدة هي الشريك الاقتصادي الأول للسعودية فأغلب صادراتها ووارداتها هي بالدولار فبالتالي تم اختياره.
ويندرج تحت هذا النوع نظام ربط العملة بسله من العملات الأجنبية كما في الكويت.
ما مدى تأثير أسعار الصرف على اقتصاديات الدول؟
لنضرب مثال حالي على وضع اليورو مع الدولار لتتضح الصورة
سعر اليورو مقابل الدولار في الوقت الحاضر يساوي 1.5380
بمعنى آخر , لكي تتحصل على يورو واحد عليك بدفع 1.5380 دولار .
بينما كان السعر في عام 2002 في حدود 1.00 دولار
هذا يعني أن الدولار منخفض في الوقت الحالي وفي المقابل اليورو مرتفع.
في عام 2002 كان السائح الأمريكي يضع ميزانية 5000 دولار لقضاء إجازة الصيف في إيطاليا الخلابة. وكانت الخمسة آلاف دولار تساوي 5000 يورو في ذلك الوقت. هذا السائح اشتاق لزيارة إيطاليا مجددا فجلس مع زوجته الحبيبة وقال لها ما أجمل تلك الإجازة التي قضيناها في صيف 2002فلما لا نكررها؟ فبدأ الرجل بعمل حساباته واستقطع مبلغ 5000 دولار (التي كانت كافية جدا في زيارته الماضية) فلما حولها لليورو وجدها تساوي 3250 يورو فقط فبالتأكيد هذا التغير في سعر الصرف سوف يجعله يتابع مباراة ميلان على التلفاز عوضا عن حضورها في السان سيرو وحضور مباراة للبيس بول المملة في أحد مدن ميتشيقن العقيمة.
والعكس صحيح أيضا في أن تكلفة السفر للسائح الأوربي لأمريكا أصبحت أقل(لأنه سوف يتحصل على دولارات أكثر من قبل).
ونفس الحال مع أسعار السيارات والبضائع , حيث أن ارتفاع اليورو أدى إلى ارتفاع أسعار السيارات والبضائع الأوربية في المقابل انخفاض في أسعار السيارات والبضائع الأمريكية الصنع. مما يعطي المنتجات الأمريكية فرصه أكبر لمنافسة المنتجات الأوربية عالميا.
في هذه الحالة (ارتفاع اليورو وانخفاض الدولار)
الإيجابيات
- زيادة حجم الصادرات الأمريكية (بحكم ان سلعها أصبحت أقل تكلفه).
- قلة تكلفة الواردات للمنطقة الأوربية ( بسبب ارتفاع القوه الشرائية لليورو).
- ارتفاع القوه الشرائية لليورو.
السلبيات
- زيادة تكاليف السلع المستوردة من الخارج للمنطقة الأمريكية.
- ضعف القوه الشرائية للدولار.
- قلة حجم الصادرات الأوربية (بحكم أن سعر سلعها أصبحت مرتفعه)