يحط النهار رحاله
لينفض كل منا غبار النوم عن جسده
نزيل خمائل العناكب
ونتنهد لنستشق رائحة الصباح
فتفتح الاعين ابوابها
بعد ان حضنتها الجفون العاشقة وحمتها بسيوف رموشها المتشابكة
لتطل من جديد باسمة تبسم الام الحنون
يرتدي كل منا قناعا
ليلاقي الناس وينفعل مع الاثير الزخم
اليد البيضاء والسوداء مختلطة متزاحمة في الطرقات
هائمة ترعى باحثة عن رغيف خبز او لوحة غابرة تلهمها
تعكف تشق الطرق كاسراب نمل باحثة جائرة سائلة
تلتمس باناملها اهداب الطبيعة
فمنها من يجزى ويلقى ومنها من يكلح ويشقى فيخيب ثم يفرح ومنهم من يصفعه كبريائه فيلقيه عرض الحائط جنونه البارد
وهناك فوق الرؤوس تحوم الارزاق وتنوح الاحزان وتصيد العوادي والمنايا
تسعى كما نسعى لكنها لا تخبو
لا تكل من صيد الذباب والغزال والحمام
تركض كالجياد وتسابقنا بشباكها كطفل صغير متعجرف يجري وراء فراشات الربيع
وعندما تميل الشمس عن كبد السماء
ليطير ذلك الملاك الشقي ليغلبنا بسهولة او بعد عراك مع جياد العالم الوردي
نستسلم ونسقط جثثا هامدة على كلا ربيعي مخضر راغبين في نعي الراحة ورشف السكون
لكن وبينما نحن هائمين في ذلك القعر العميق حل علينا ضيف
ذلك هو مكاك الجواء دخل بدون استاذان
ماهذا الطائر وما بروحه الشاحبة
حل علينا طيف غريب
حل ينعى من هذا الوادي
ام ربما حل ليرتوي من اهاتي
اقبل دون خفق قلب او سؤال
فانتفضت مقلتايا بالبكاء تعابير وجهي بضراعة الاطفال
اخذت شفتاي في غزل موشات خوف
وحبك هذا الاخير خرائط مخملة على جسدي
وبرع يتفنن في تلطيخي بصبغات غريبة
فصورت في قمة الصبيانية
اه يا هائمة في مقة الظلام الصارخ والوادي البهيم
لاتفزعي فهذا هو منجيك
ترقرقت حينها دموع السماء حتى خضبت تراب الوادي
اغرقت الارض وافضت الكؤوس شوقا وحنينا واسى
نعم ذلك الطيف هو ليلي الشاحب
فضميه وتعلقي بملابسه
وتشبثي في عطره الملكي وفي انفاسه الدامسة
هذا هو الهائم في حبك فهومي بحبه
لانه لم يسرق النظر الى فتاة غيرك
هو شبحك وخيالك وفارس احلامك
ذلك العدم يجعلك تضحكين للدنيا بعد فراق وشكوى وتافف وتنهد واختناق
فخذي بضمه وصفي له ما في السماء الموشح من سحر وفن لا متناهي