لا تزال مواسم الخيرات تتوالى من الغني الكريم سبحانه وتعالى، وقد أظلنا موسم الحج العظيم؛ لنتوجه إلى الله بالإخلاص والتعظيم؛ فإن الحج أحد الأركان الخمسة العظام، وهو عبادة العمر على من استطاع من أهل الإسلام، وفيه أنزل الله عز وجل: )اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا( [المائدة:3].
وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت، فلم يرفث ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه» [رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
وفيه ترنو النواظر وتهفو الأفئدة والخواطر إلى بيت الله الحرام؛ لحط الأوزار والآثام، حيث تسير الركبان والوفود إلى البيت العتيق، بعد أن قطعت الفيافي والقفار، وجازت الأجواء والبحار، وتجشمت المشقة بطول المسافة وبعد الشقة؛ لحكم تبتغى وأسرار ترتجى؛ ليكملوا أركان الإسلام، ويهدموا معالم الشرك والأصنام.
ففي هذه الشعيرة الإيمانية والفريضة الربانية لا يقتصر الحاج على الإتيان بشعائر الحج الظاهرة، بل يراعي حكمها وأسرارها الباطنة؛ إذ سير القلوب أبلغ من سير الأبدان، فكم من واصل ببدنه إلى البيت وقلبه منقطع عن رب البيت!.