بسم الله الرحمن الرحيم
صلة الطب الروحي بالطب البشري
الكاتب: بهاء الدين شلبي.
تاريخ النشر: 18 أبريل 2007.
بدأ الأمريكان، والروس على وجه الخصوص، في الستينات البحث في مجال المعارف الغيبية، فيما أطلقوا عليه (علم ما وراء النفس Parapsychology)، وهو علم يبحث في مجال (E.S.P)، اختصار لما يسمى (الإدراك فوق الحواس (Extra Sensory Perception ، وإن كانوا قد سبقونا في الأبحاث والدراسات، إلا أنهم لم يصلوا بعد إلى حقائق وثوابت يستطيعون الإعلان عنها بثقة، لأسباب عديدة، فقد يؤثر الكشف عنها سلبًا في فضح نواياهم الخبيثة، فاليهود ويليهم الأمريكان أشد حرصًا وتكتمًا على هذه الأبحاث، وهذا شأن السحرة من الحفاظ على أسرار السحر والشياطين والتكتم عليها، وبالتأكيد فالثمن فادح لمجرد البوح بأحد هذه الأسرار، وهذا مما يؤكد أن معلوماتهم التي حصلوا عليها مصدرها الشياطين، وأنها تفتقد إلى المصداقية، ونحن إذ نخوض في هذا العلم، فهذا ينبع من مصداقية القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
فما زالت هذه الأبحاث والدراسات سرية، وفي طي الكتمان، نظرًا لأن التخفي والتستر منهج إبليس وقبيله، قال تعالى: (يَا بَنِى ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ)[الأعراف: 27]، فالسرية هي من سنن الشيطان في أتباعه، وخلاف ذلك من شأنه فضح إبليس وجنوده، وكشف نقاط ضعفهم، ومخططاتهم الخبيثة، وهذه استراتيجية إبليس، ومنهجه المتبع في الإفساد منذ بدأ الخليقة، لذلك فمثل هذه الأبحاث والدراسات لا تتم بسرية إلا أن يكون اليهود وراء هذا التكتم، وهذا يدلل على أن الأمر متعلق بمعتقداتهم أكثر مما هو مجرد علم فضولي يبحث في خبايا الأمور، لذلك أتوقع أن هذه الأبحاث والدراسات تتم حول التمهيد لخروج المسيخ الدجال، وهو أحد الشياطين، وإعداد الأرض لاستقباله كحاكم متوج على العالم، خيب الله رجاهم.
إلا أنه يجب أن نضع في اعتبارنا أن لدى اليهود النصاب الأكبر من علم (خصائص الجن jinn characteristics)، وخبرة مديدة في مجال السحر، يشهد عليهم بهذا كتاب الله، قال تعالى: (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة: 102]، وهذا يدلل على مدى عمق تجربتهم في السحر، والذي أرسل نبيهم موسى عليه السلام لضحده، ولبيان الفارق بين السحر والمعجزة، ثم جاء داود عليه السلام ليلين الله على يديه الحديد فطوع له المادة الصلبة، ليبين الفارق بين تطويع الله تعالى للمادة، وبين تطويعها بالسحر وخداع الشياطين، ثم جاء ابنه سليمان عليه السلام ليسخر الله تعالى له الشياطين، ويكشف على يديه جل أسرار عالم الجن وخصائصهم، مبينًا الفارق بين تسخير الله تعالى الشياطين لأحد عباده، وبين كذب تسخير السحرة للجن والشياطين، لذلك انقلبت الشياطين بعد موت سليمان عليه السلام على اليهود، فزعمت أن سليمان عليه السلام كان يسخرهم بالسحر، فمن أراد تسخير الجن والشياطين فعليه اتباع السحر، لينفوا بذلك ما جاء به سليمان عليه السلام، من أن الله تعالى هو المسخر لهم.
ولأن من خصائص اليهود ومن شايعهم سماع الكذب وأكل السحت فصدقوا الشياطين واتبعوا السحر، ليتجدد ظهوره على أيديهم، فالذي بين يدي اليهود وإن كان جزء كبير منه يوافق واقع الجن، إلا أن هذا الجزء مطوع لخدمة السحر وعبادة الشيطان، مما يهدم كل بناء هذا العلم من أصوله، فلا يمكن الاستفادة به على هذا النحو الذي يحمل بين جنباته كل الشر، وبخلطهم المتعمد بين دين الإسلام ودين السحر استطاعوا بذلك ترويج الخرافات وإفساد الأمم.
ونحن المسلمين بما لدينا من كنوز فياضة من نبعي القرآن والسنة، قد سبقنا الغرب في هذا المجال من العلوم والمعرفة، بل تجاوزنا حد البحث النظري إلى النطاق التجريبي والتطبيقي في الجانب الشرعي من هذه العلوم، لأننا نمتلك الثوابت اليقينية التي تفلت منها الغرب وعجزوا عن إدراكها، إلا في ضوء العقل بلا تسليم لما نزل من الحق، فبين أيدينا التفسير اليقيني لكل الظواهر الغيبية، وليس مجرد نظريات وفروض علمية كالتي بين أيديهم، قد تكون قاصرة أحيانًا، ومتضاربة في أحيان أخرى، وبذلك استطعنا في فترة وجيزة نحن المسلمين، بواسطة المتحمسين لدينهم من المعالجين الشرعيين، في التقاط طرف الخيط الموصل لهذه المعرفة، وإن كان ينقصنا البحث المتخصص لإخراج هذه الحقائق المستنبطة من الكتاب والسنة، فقد وصلنا إلى تشخيص بعض الأمراض ومعالجتها، في حين عجز الغرب حتى عن مجرد وضع نظرية صحيحة، أو تفسير منطقي لما قد يصيب الإنسان من بعض الأمراض، بل كل يوم يظهر تفسير جديد يبدد ما كان قبله من تفسيرات، وبالتالي لم يصلوا بعد إلى علاجها، ولأن الحماسة وحدها لا تكفي، كان لابد من البحث وتأصيل ما نحن بصدده من علوم غيبية، ولكن أهل الطب والصيدلة يتملصون من هذا القول، حيث يظنون أن المسألة علمية بحتة، وأن الغيبيات لا تدخل في نطاق الطب، وهذا شطط منهم، فكيف حصل الأطباء على المبادئ الأولية للطب؟
بعث الله تعالى المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام إلى اليهود بمعجزة الطب، لبين الفارق بين الطب الرحماني، الشفاء فيه قائم على عبادة الله تعالى، وبين الطب الشيطاني، الشفاء فيه قائم على السحر وعبادة الشيطان، وإن كان الشفاء في كلا الحالتين مصدره الله تعالى، إلا أن الوسيلة في حصول الشفاء مختلفة، ما بين مريض يطلب الشفاء بعبادة الله تعالى، وبين مريض يطلب الشفاء بعبادة الشيطان، (وفي بلاد الإغريق القدماء، ذكر المؤرخ الإغريقي الشهير هيرودوت؛ أن طريقة علاج الأمراض عند الفراعنة قد استرعت انتباههم، فقاموا بنقلها إلى بلادهم، وقاموا ببناء معابد خاصة لعلاج مرضاهم، وأسموها ((أسكليبيا)) (نسبة إلى إله الطب الإغريقي أسكليبيوس، والذي ساووه بإله الطب المصري أمنحوتب)، وكان المريض الإغريقي يسمح له أن ينام في المعبد، حيث يزوره في أحلامه الإله أسكليبيوس، ثم يصف له العلاج بعد تشخيص مرضه، وكان المريض الذي يتم شفاؤه يقوم بكتابة لوحة بعلاج مرضه، ثم يعلقها على جدران المعبد، وتحفظ نسخة منها في سجلاته، كما كان يحدث دائمًا في معبد إيبداروس الإغريقي (نقلاً عن طريقة قدماء المصريين في الاستفادة من طريقة شفاء المريض حيث يمكن تطبيق نفس العلاج لنفس المرض)، ولقد ظلت هذه الطريقة التقليدية سائدة لقرون طويلة في الكنائس الكاثوليكية الرومانية طوال العصور الوسطى في أوربا. وكان المريض أثناء علاجه في معابد العلاج الإغريقية يتبع نظامًا خاصًا في التغذية، حيث كان يمنع من تناول الطعام الدسم والنبيذ، ويقوم بالاستحمام الساخن اليومي، مع التدليك، والتبخير، وأداء الصلوات الخاصة، والغناء الترتيلي، كما كان يقدم الأضحية من الكباش، وينام ليلاً على فراء كبش أضحيته. وفي معبد كوس الإغريقي، تعلم الطبيب الإغريقي أبقراط (والمعروف بأبي الطب الإغريقي)، حيث جمع العديد من السجلات التي تركها المرضى بعد شفائهم، ثم قام بدراستها جيدًا، ووضع في النهاية قوانينه الشهيرة عن طرق علاج الأمراض بالوسائل الطبيعية).( )
وما كان هؤلاء يعبدون إلا شيطانًا مريدًا، قال تعالى: (إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَّرِيدًا * لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)[النساء: 117، 118]، يقدمون له الذبائح والقرابين، ويشخص لهم الداء، ويصف لهم الدواء في أحلامهم، فأسكليبيوس هذا الإله المزعوم ليس هو رب العالمين، وليس هو الله الشافي، بل هو شيطان مريد من شياطين الجن، كانوا يعبدونه من دون الله، وأمنحتب هذا الطبيب الفرعوني في مصر القديمة، لم يكن إلا ساحرًا في أعلى درجات السحرة، حيث ألهه المصريين، فصار بسحره في فرع (الطب السحري shamanism) معبودًا من دون الله تعالى، أي أنه كان متصلاً بالشياطين، وتلقى علوم الطب منهم، فإذا كان أبقراط هذا الطبيب الوثني عابد الشيطان، وأبو الطب ومنشئه في العصر القديم، قد جمع ما خلفه المرضى من معلومات في الألواح بعد شفائهم، ولإقرار اليهود بعبادة الإله (يهوه)، والذي آثروا عبادته على عبادة الله سبحانه وتعالى، وما هو إلا سفيه من شياطين الجن، هذا بخلاف تكتمهم على نصوص (التلمود) السحرية، ذلك الكتاب الوضعي الذي صاغوه بأيديهم، وفضلوا اتباع ما فيه من باطل على التوراة الحقة والمحرفة، إذًا فمصدر نشوء العلوم الطبية عند هؤلاء هم الجن، والشياطين على وجه التحديد.
فقد كانت الشياطين تستعبد الناس بما لديهم من علوم طبية فائقة، وبعلمهم بأدوائهم وطرق علاجاتها، في مقابل بعض العبادات والقرابين الوثنية، والتي لن تنتفع بها الشياطين، ولكن الهدف منها صرف العبادة إلى غير الله تعالى، فكانت الشياطين تأتي المرضى منامًا، فيشخصون لهم الداء، ثم يصفون لهم الدواء، فالجن قد تعلم بعض الأدوية الناجعة، مما لم يصل إليه علم الإنس بعد، وهذا يؤكد أن الأحلام التي كان يراها هؤلاء الوثنيين، ما كانت إلا إحدى وسائل الاتصال بالجن، وإلا فكيف للإنسان البدائي في العصور القديمة قد وصل إلى أدوية وعلاجات تعد بنسبة لعصرهم متطورة؟! في حين يفتقدون أدنى مبادئ علوم التشريح، ويجهلون بالوظائف العضوية لأجهزة الجسم، والخصائص الطبية والكيميائية للنباتات والأعشاب، ولا يمتلكون أجهزة تشخيصية وتحليلية كما لدينا اليوم.
إذًا فهؤلاء القوم كانوا يتلقون هذه العلوم من مصادر أعلى منهم قدرة وأوسع علمًا، وهم الجن والشياطين، فعن أبي سعيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، إلا السام، وهو الموت)،( ) فباب العلم مفتوح أمام الثقلين الإنس والجن، ولأن النص عام مطلق غير مقيد، فمعرفة الدواء غير قاصرة على أطباء الإنس فقط، إلا أن قضية تبادل المعلومات بين الإنس والجن كانت ولا تزال قائمة، والشاهد على هذا (سحر التنجيم) الذي تنتقل فيه المعلومات الغيبية المسترقة من الملائكة عن طريق شياطين الجن إلى شياطين الإنس، وهكذا كانت الشياطين تستغل البشر ولا زالت، العلم في مقابل العبادة، فتقنيات التخريب والتدمير والإفساد في العالم اليوم، ما هي إلا أحد نماذج الوحي الشيطاني لعباده، خاصة من اليهود، والذين يعود إليهم نسبة أكثر الاكتشافات العلمية في عصرنا الحالي، أو سرقتها من غيرهم ثم نسبتها إلي سفهائهم، فكيف إذا عرفنا أن الإله (يهوه) ما هو إلا أحد علماء الكيمياء من شياطين الجن، يتعبده اليهود تقربًا بعبادته من إبليس، هذا حسبما وصلت إليه من معلومات عن عالم الجن، فقد مكنني الله تعالى منه، وفضح سره، حتى إبليس لا يشرفه أن يتعبده اليهود مباشرة بلا وسيط.
في حقيقة الأمر نحن نقف على حافة العلم بالجسم البشري، خاصة بعد حقب مديدة من خلق آدم عليه السلام، إذا ما قارنا ما وصلنا إليه من معرفة إلى عصرنا الحالي، بما وصل إليه الجن من علم، فقد عرف إبليس وهو من الجن حقيقة تركيب جسم الإنسان منذ خلق آدم عليه السلام، فخبر عنه كل شيء مما نحن بصدد الكشف عنه اليوم، فعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه، فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو، فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقًا لا يتمالك)،( ) وعلى هذا فلك أن تتخيل مقدار ما وصل إليه الإنسان اليوم من علم عن جسده، إذا ما قورن هذا بالمعرفة المبكرة للجن عن الجسم البشري في مرحلة تصوير آدم عليه السلام، وقبل نفخ الروح فيه، وإذا كان الشيطان يستطيع أن يتناهى في الصغر حتى يصير كالذباب، فقدرته على تغيير حجمه تجعله قادرًا على أن يصل إلى حجم الميكروبات والفيروسات، وعلى وجه الدقة أكثر فالشيطان يستطيع أن يتناهى في الصغر حتى يبلغ أضيق مكان يمكن أن يبلغ إليه الدم، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم.. ).
إذًا فالشيطان يستطيع أن يقوم بنفس دور الكائنات المجهرية، مع الاحتفاظ بالفارق الكبير بين قيام كائنات غير عاقلة بدور تقليدي، وبين أن الشيطان كائن عاقل يمتلك قدرات تفوق قدرات الكائنات المجهرية، مما يتيح له القيام بدور أكثر اتساعًا وشمولاً، ولا يستطيع الشيطان القيام بذلك إلا من خلال السيطرة على الوسيط، وهو قرين مادة الجسم الجني، مستغلاً في سبيل ذلك قدرته على التلاعب بهذه الكائنات الغبية في تدمير الجسم البشري، فعن ابن عباس قال: جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة، فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها، فأحرقت منها مثل موضع الدرهم، فقال: (إذا نمتم فأطفئوا سرجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم)،( ) فإذا كان الشيطان قادرًا على التلاعب بالجرذان، وحجمها يتعدى حجم الكائنات الدقية بفارق كبير، فمن باب أولى يستطيع أن يتلاعب بالكائنات الدقيقة، ويوجهها حيث يشاء.
وإذا كان الشيطان قادرًا على التشكل والتصور في صور مختلفة، فهو يستطيع أن يتصور ويتشكل في صورة الكائنات الدقيقة، ثياسا على تصوره في أشكال البشر والحيوانات، وبالتالي يستطيع أن يغزو جسم الإنسان ويتسبب في حدو ث أمراض مختلفة به، فعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فناء أمتي بالطعن والطاعون)، فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: (وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهداء)،( ) وهذا الطاعون وهو داء من الأدواء التي يصيب الشيطان بها الإنسان، بل ولا حاجة للشيطان أن يتشكل في صورة هذه الكائنات الدقيقة، فهو يعرف طريق في الجسد أفضل منها، بل ويستطيع أن يدمر ويفسد في الجسد بحنكة أكثر من هذه الكائنات الغبية، فتعدد وسائل الشيطان ترد ما قد ترد في ذهن منكري صلة الشيطان ببعض الأمراض العضوية، وعلى هذا فعلاجها يبدأ من التخلص أولاً من الشيطان، ثم يأتي بعد ذلك دور الطبيب في إصلاح ما أفسده الشيطان، وعندها فقط يستطيع الطبيب أن ينجح في عمله، وإلا فالكبر لا مكان له في الحرب ضد الشيطان.
وبالقضاء على الشيطان، في هذه الحالة فقط، يمكن التعامل مع الكائنات الدقيقة بنجاح، فلا نسير في حلقة مفرغة، ولن نصل إلى نتيجة، وهذا هو بالتحديد ما يواجهه الأطباء من فشل، رغم ما وصلوا إليه فيما هو في اعتقادهم أنه أجهزة علمية متطورة، قد تكون متطورة من وجهة نظرهم، لكنها بدائية بالنسبة لما هم بحاجة إليه من أجهزة أشد دقة، وأكثر كفاءة مما بين أيديهم الآن، فالأجهزة الحديثة إما أنها أجهزة تشخيصية، أو علاجية، والتشخيصية منها على وجه الخصوص لاتعطينا إلا معلومات، سواء عن تقييم وتشخيص حالة المريض، وهذا في عالم الجن ليس بحاجة لكل هذه الأجهوة المعقدة، ولا يستغرق أقل جزء من الثانية، وهذا ليس فقط لأن الأجهزة الحديثة قاصرة، بدليل أنها في تطور دائم، فتجب ما قبلها من أجهزة، ولكن لأن العلوم الطبية لا زالت تتحرك في مهدها، هذا إذا ما قورنت بما لدى الجن من علوم ومعارف موغلة في القدم، ولم نصل إليها بعد، فما نعده اليوم نحن بني البشر إعجازًا طبيًا قرآنيًا، هو بالنسبة للجن والشياطين مسلمات.
وبكل تأكيد فإن مثل هذه المسلمات والحقائق الطبية يعلمها الشيطان جيدًا، ويدرك أهميتها بالنسبة للإنسان، وخطورتها على حياته، ويمتلك القدرة على التدخل فيها والتعامل معها، واستغلال وظائفها لتحقيق أهدافه بأسلوب أو آخر، يتوافق وقدرات عام الجن الفائقة على قدرات الإنس، بل ويعلم تفاصيل متناهية في الدقة، وأكثر أهمية مما لم نصل إليه نحن البشر بعد، والذي يستطيع على سبيل المثال تصغير حجمه والدخول إلى خلايا الدم، والسباحة داخلها ورؤية ولمس مكوناتها عن قرب، وهذا ما لا يملكه الإنسان، ولن يملكه في يوم من الأيام، فيتعامل الشيطان مع المعلومات بتكتم وسرية مطلقة، ولو دفع حياته ثمنًا لهذا التكتم، خاصة أنه ليس بمعزل عن سائر أفراد مجموعة العمل من الشياطين، والذين لن يتركوه على قيد الحياة لمجرد أن يفكر بالبوح بأحد هذه الأسرار، فلا يسرب منها إلا عديم الأهمية والتأثير، مما قد وصل إليه علم البشر واجتهادهم، ووفقًا لمصالح الشياطين وأهدافهم، وعلى هذا فالجن المسلم أوسع معرفة، وأكثر عطاءًا من الشياطين وأقرانهم من الملل الضالة والمحرفة، لذلك فتسريب مثل هذه المعلومات من عالم الجن إلى عالم الإنس لا يتم عن طريق المكاشفة السمعية والبصرية، ولكنها تتم بشكل طبيعي تمامًا عن طريق اللمات والوسوسات.
فلو أن طبيبًا من الجن صرح منذ ألف سنة بأحد ما وصلنا إليه اليوم من علوم ومعارف طبية حديثة، فلن يستطيع أحد حينها فهم ما يقول من مصطلحات طبية مستحدثة، فما يقوله من ألفاظ وكلمات مبهمة وغامضة، ستعتبر رغم صحتها وأهميتها مجرد ضلالات وأكاذيب، وسيكون مصير هذه المعلومات الخطيرة والهامة إلى الضياع، وإن عكفنا على دراستها وتحليلها، قد يستغرق الأمر قرونًا حتى نحكم على صحتها، وندرك أهميتها، تمامًا كما لو أنك اليوم طرحت هذه المعلومات على غير متخصص، فلن يعي ولن يدرك معنى ما تقول، لذلك فمن المحتمل أن يصف الجن دواءًا لمرض الإيدز على سبيل المثال، ولكن لا يشخص داءًا، ولا يذكر علة المرض، ولا تفصيل لكيفية تأثير الدواء، إلا في إطار ما قد وصل إليه علم البشر، وحسب قدرتهم على استيعاب ما يقوله الجن من معلومات.
فالحجة قائمة على الجن قبل أن تقام على الإنس، بدليل أن الجن منذ حقب مديدة وصلوا إلى ما يطلق عليه البشر اليوم بظاهرة (الأطباق الطائرة)، وهي أجهزة طائرة بالغة الدقة والتعقيد، وفائقة القدرة، إذا ما قورنت بأسرع الطائرات في عصرنا، ونحن اليوم نعدها من الغرائب التي بحاجة إلى تفسير علمي، بل ويعكف علماء الغرب على دراستها وتحليلها في سرية تامة، وفي اعتقادهم وظنهم الخاطئ أنهم على مشارف الاتصال بكائنات فضائية تعيش في الكواكب والمجرات! فأرسلوا سفن فضائية عملاقة خارج نطاق الكرة الأرضية، للاتصال بهذهالكائنات المغايرة، بينما ما يبحثون عنه معنا في داخل أجسادنا ويطوفون حولنا ليل نهار، ألا وهم الجن والشياطين، بينما نحن المعالجين وصلنا بالقرآن الكريم إلى ما زالوا يبحثون عنه، حيث نتعامل مع الأطباق الطائرة تعاملاً مباشرًا، ويراها المرضى في الجلسات عيانًا، حيث تستطيع هذه الأطباق أن تغير من حجمها، وأن تتحركة في سرعة خاطفة، ولا يزال طائفة تعد ما وصلنا إليه من اكتشافات خزعبلات وخرافه، ومجرد هلاوس سمعية وبصرية، رغم أنه مسرود فيما ينسب البعض أنفسهم إليه وهو كتاب الله تعالى، فانظر كيف أن التملص من ثوابت ومسلمات الكتاب والسنة جعلت الإنسان يشطح ويحلق بعيدًا عن أرض الواقع.
عن عبد الله بن أبي مليكة قال: حدثتني خالتي فاطمة بنت أبي حبيش قالت: أتيت عائشة فقلت لها: يا أم المؤمنين قد خشيت أن لا يكون لي حظ في الإسلام، وأن أكون من أهل النار، أمكث ما شاء الله من يوم أستحاض فلا أصلي لله عز وجل صلاة، قالت: اجلسي حتى يجيء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله هذه فاطمة بنت أبي حبيش تخشى أن لا يكون لها حظ في الإسلام وأن تكون من أهل النار تمكث ما شاء الله من يوم تستحاض فلا تصلي لله عز وجل صلاة فقال: (مري فاطمة بنت أبي حبيش فلتمسك كل شهر عدد أيام أقرائها، ثم تغتسل وتحتشي وتستثفر، وتنظف، ثم تطهر عند كل صلاة وتصلي، فإنما ذلك ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع، أو داء عرض لها)،( )
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقصر علة الاستحاضة في نطاق السبب العضوي فقط، وهو انقطاع عرق في الرحم، أو في سبب طبيعي كداء عرض لها، وهما علتان بحاجة إلى التطبيب، ولكن أشار إلى أول سبب هو ركضة من الشيطان، ليلفت انتباهنا إلى أهمية دور الشيطان في إحداث الأمراض، وأنه السبب الرئيسي الذي يجب أن ندركه قبل أن نهتم بغيره، فهو لم ينكر العلة العضوية فقال: (أو عرق انقطع)، ولم ينكر وجود الداء فقال: (أو داء عرض لها)، وكذلك لم يهمل عمل الشيطان من باب أولى، فذكر أول ما ذكر عمل الشيطان بل وأكد على ذلك بكلمة (فإنما) فقال: (فإنما ذلك ركضة من الشيطان)، ثم أردف بعد ذلك العلل الأخرى، وليس كما يتجاهل الأطباء دور الشيطان، ويستنكرون دوره في حدوث الأمراض العضوية طالما جهلوا به، فهم يجزرون ثوابت الدين بجهلهم بتفاصيلها، فعند التعامل مع أي مرض عضوي وبعد تشخيصه من قبل الطبيب المختص يجب أن نضع في اعتبارنا صلة هذا المرض بالجن، فالأمراض من حيث صلتها بالجن تنقسم إلى عدة حالات:
أمراض عضوية لا صلة للجن بها:
من الطبيعي أن يصاب الإنسان بأمراض عضوية كثيرة، نتيجة خلل في وظائف الأعضاء، أو العرض للإصابة بعدوى ميكروبية، ومثل هذه الأمراض لا صلة للعلاج الروحي بها، إلا بمجرد الرقية، وهي فرع أصيل في علاج الأمراض الروحانية والعضوية على حد سواء، فالتداوي والدعاء من الأسباب التي يكمل بعضها بعضًا، وإن نجاح التداوي هو من شواهد استجابة الدعاء والرقية، فالدعاء من أسباب تفعيل الدواء، وحصول الشفاء، فكم من دواء ناجع رغم قوة تأثيره، لكن تتعطل فاعليته فلا يأتي معه الشفاء، وكم من دواء زهيد لا نلقي له بالاً يأتي بالشفاء سريعًا، هذا لأن الشفاء يأتي من الله تعالى بأسباب قدرها الله تعالى، قال تعالى: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء: 80]، فالله تعالى كما أنزل الداء، أنزل معه الدواء، واحتفظ لنفسه بخاصية الشفاء، فعن أبي سعيد *قال رسول الله: (إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه و جهله من جهله إلا السام و هو الموت)،( ) وذلك حتى نتعبده تعالى بالدعاء، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى ويقول: (اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشفه وأنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا).( ) فالدواء يحمل التأثير والفاعلية، ولكنه لا يحمل معه الشفاء.
فهناك الرقية من داء النملة فعن الشفاء قالت: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال لي: (ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة)،( ) والحمى لها رقية وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه، في المرض الذي مات فيه، بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن، وأمسح بيده نفسه لبركتها.( ) والرقية من لدغة العقرب، فعن جابر قال: كان لي خال يرقي من العقرب، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، قال: فأتاه فقال: يا رسول الله، إنك نهيت عن الرقى، وأنا أرقي من العقرب، فقال: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل).( ) وكل ما ذكر في الروايات السابقة من رقى كان بخصوص أمراض عضوية، كداء النملة والحمى ولدغة العقرب، ولم يثبت في هذه النصوص أن أخذ بالرقية وحدها وترك التداوي، وإلا فالأخذ بالرقى، وترك التداوي يتعارض مع أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي، فعن أسامة بن شريك قال: قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: (نعم، يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء)، أو قال: (دواء إلا داء واحدا)، قالوا: يا رسول الله وما هو؟ قال: (الهرم)،( ) واستنزال القدر بالدعاء، فالرقية تنفع في تفعيل تأثير الدواء، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل).( ) ففاعلية الدواء وضعها الله تعالى في الدواء بقدر كوني، أما خاصية الشفاء فلا تتم إلا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، فربما هناك شيطان يحول دون وصول هذا التأصثير في الدم إلى العضو المصاب.
أمراض عضوية يؤثر فيها الجن:
وهناك أمراض كثيرة يتدخل الشيطان فيها ليعطل وصول الدواء إلى الأعضاء المصابة، أو ليزيد من حدة الآلام وزيادة المضاعفات، فيؤثر في فاعلية الدواء، وفي مقاومة المضادات التي يطلقها الجسم ضد أية أخطار يتعرض لها، وبالتالي يفقد المريض مناعته، فالشيطان له القدرة على العبث في كيمياء الجسم والدم ووظائف الأعضاء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل)،( ) فالعجوة تدخل في تأثير الجن داخل الدم، فالجن يصنع من مركبات الدم الرديئة مكونات سحرية داخل جسم الإنسان، وهي في النهاية تعد سميات تسري في الدم، فيوم الكبد بإفراز مواد مضادة للسموم، وهنا يحتاج الكبد إلى العجوة ليعوض ما فقده من مواد.
العجوة وأثرها في الصدر والدم على السحر:
قال تعالى: (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا) [مريم: 25]، قال تعالى: (وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ)[الأنعام: 99]، قال تعالى: (وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ * رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ)[ق: 10: 11]، قال تعالى: (وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ) [الواقعة: 29]، (الطلع: نور النخلة مادام في الكافور،( ) والواحدة طلعة .. وطلعه: كُفُرّاه قبل أن ينشق عن الغريض،( ) والغريض يسمى طلعًا أيضًا،. وحكى ابن الأعرابي عن المفضل الضبي أنه قال: ثلاثة تؤكل فلا تسمن: وذلك الجمار والطلع والكمأة؛ أراد بالطلع الغريض الذي ينشق عنه الكافور، وهو أول ما يرى من عزق النخلة).( ) فعن سعد* قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:* (من تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر)،( ) ويراعى أن تكون من عجوة المدينة، وهي الأفضل، فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن في عجوة العالية شفاء) أو (إنها ترياق أول البكرة).( ) فتناول العجوة يوميًا له تأثير مثبط لنشاط السحر وتعطيل فاعليته، خاصة قبل عقد جلسات الكشف للحصول على أفضل نتائج مرجوة، فيجب تناول المريض سبع تمرات عجوة صباحًا وسبعة مساءًا، فعن عامر بن سعد عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل)، وقال غيره: (سبع تمرات)،( ) خاصة يوم عقد جلسة العلاج، فذلك سيساعد على نجاح الجلسة إلى حد كبير جدًا، فسوف تحقق نتائجها المرجوة، وأنصح بتناوله يوميًا في الحالات الخطرة، خاصة المصابة بسحر المرض والموت والقتل، لأنك في سباق مع الشيطان لتقطع عليه الطريق قبل أن يصل إلى مراده.
فضرر السحر يتعطل بتناول العجوة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من اصطبح كل يوم تمرات عجوة لم يضره سم ولا سحر ذلك اليوم إلى الليل)،( ) فعصارة العجوة والتي تتميز بدرجة لزوجة عالية دون سائر أنواع التمر تمر أيضًا بالبلعوم قبل أن تصل إلى المعدة، مما يساعد على التصاق العصارة بالبلعوم لفترة من الصبح إلى الليل، ومن الليل إلى الصبح، لتكسو العصارة البلعوم فتسد على مصدر الطاقة السحرية داخل الصدر، فيمتنع وصول الشيطان إليها ليستمد منها خادم السحر قوته، فيتعطل عمله ويتوقف ضرر السحر، وطالما أن السحر هو دين إبليس ويمارسه الشياطين عامة، فهذا يشمل أي شيطان متلبس بالجسد، فتناول العجوة يعطل استمرارية فاعلية السحر ولا يبطله، ويجب إدراك هذا الفارق وعدم الغفلة عنه.
فمن فوائد عظيمة حيث أثبت الأبحاث تكامل السكريات في التمر الجديد والقديم. ففي مقال قيم من مقالات الدكتور فوزي عبد القادر قال: (توجد سكريات التمر في صورتين: سكر ثنائي (سكروز)، وسكريات أحادية (جلوكوزوفركتوز) وتدل الدراسات الباحثين على أن نسبة السكروز تكون منخفضة للغاية في أصناف التمور الرطبة الطرية، ثم ترتفع نوعًا في الأصناف الجافة. هذا في حين تكون نسبة السكريات الأحادية على خلاف ذلك، إذ تحتوي التمور الطرية على سكريات معظمها من النوع الأحادي، بينما يقل في الأصناف الجافة هذا النوع فعلى سبيل المثال: يحتوي صنف التمر الطري (أمهات) على 79.8٪ سكريات كلية، منها 75.7 سكريات أحادية، 4.1 سكروز. وفي الصنف النصف جاف (عجلاني): تبلغ نسبة السكريات الكلية 78.8٪، منها 35.4 سكريات أحادية، 43.4٪ سكروز. وفي الصنف الجاف (جنديلة): تبلغ نسبة السكريات الكلية 79.6٪، ومنها 15.7٪ سكريات أحادية، 63.9٪ سكروز… ومما يستطاب ذكره أن وجود سكر الفركتوز بتركيز مرتفع، لا سيما في الأصناف الطرية والنصف جافة يفيد كثيرًا في تحسين درجة حلاوة الثمار. وتلك حقيقة واقعة، لأن درجة حلاوة الفركتوز تفوق حلاوة الجلوكوز بمقدار 1.5 مرة، وتفوق حلاوة السكروز حلاوة السكروز بمقدار 1.7 مرة. ونضيف، أن لسكر الفركتوز تأثيرًا طبيًا مفيدًا، إذ دلت الأبحاث الحديثة على ان له تأثير منشطًا للحركة الدودية للأمعاء، مما يساهم في مكافحة الإمساك. ومعروف أيضًا أن الفركتوز يتحول في الجسم _ من خلال عدة تغيرات كيميائية حيوية _ إلى سكر الجلكوز، والجلكوز هو أهم السكريات في في تغذية الخلايا، لأن جميع السكريات تتحول بدورها إلى هذا السكر، الذي يحترق أو يتأكسد، منتجًا الطاقة اللازمة لإستمرار عمليات الجسم الحيوية واستبقائها على أوفق حال).( )
وبالملاجظة سيتبين لنا أن الهدف المشترك للشيطان من أنواع السحر المختلفة السابق ذكرها هو إصابة الإنسان بخباثة النفس والكسل، بهدف التقاعس عن ممارسة العبادات والطاعات، وقد ورد حديث موضوع يبين فائدة تناول التمر القديم بالجديد، فعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا البلح بالتمر، كلوا الخلق بالجديد، فإن الشيطان رآه غضب وقال: عاش ابن آدم حتى أكل الخلق بالجديد).( ) فرغم ثبوت هذه الفائدة علميًا إلا أن هذا لا يدعم متن الحديث، لما ينطوي عليه من فساد معنى، قال في شرح الألفية:* (معناه ركيك لا ينطبق على محاسن الشريعة، لأن الشيطان لا يغضب من حياة ابن آدم، بل من حياته مسلماً مطيعاً للّه، ومن ثم اتفقوا على نكارته).* وسنجد أن الشيطان يغضب عند تناول السكريات التي يحتوي عليها التمر والتي تتكامل نسبتها إذا أكل القديم مع الجديد، تمد الإنسان بمصدر متكامل من مصادر الطاقة والنشاط، وإلا صار كسلانًا.
عن جابر بن صبح قال: حدثني المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي وصحبته إلى واسط، وكان يسمي في أول طعامه، وفي آخر لقمة يقول: بسم الله في أوله وآخره، فقلت له: إنك تسمي في أول ما تأكل، أرأيت قولك في آخر ما تأكل بسم الله أوله وآخره؟ قال: أخبرك عن ذلك إن جدي أمية بن مخشي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: إن رجلا كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر فلم يسم حتى كان في آخر طعامه لقمة فقال: بسم الله أوله وآخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما زال الشيطان يأكل معه حتى سمى فلم يبق في بطنه شيء إلا قاءه). (18195)
عن أبي أيوب الأنصاري أنه كانت له سهوة فيها تمر، فكانت تجيء الغول فتأخذ منه، قال: فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلمقال: (فاذهب فإذا رأيتها فقل: بسم الله، أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قال: فأخذها، فحلفت أن لا تعود فأرسلها، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمفقال: (ما فعل أسيرك؟) قال: حلفت أن لا تعود فقال: (كذبت وهي معاودة للكذب)، قال: فأخذها مرة أخرى، فحلفت أن لا تعود، فأرسلها فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلمفقال: (ما فعل أسيرك؟) قال: حلفت أن لا تعود، فقال: (كذبت وهي معاودة للكذب) فأخذها فقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني ذاكرة لك شيئا آية الكرسي، اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره، قال فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما فعل أسيرك؟) قال: فأخبره بما قالت: قال: (صدقت وهي كذوب). ( )
التمر وإبطال مفعول السموم:
وقد أثبت الأبحاث الطبية أن التمر يساعد الكبد على القيام بوظيفته في مقاومة تأثير السموم في الجسد، وتعطيل فاعليتها، يقول الدكتور فوزي عبد القادر: (المعروف طبيًا أن للكبد أكثر من تسعين وظيفة معروفة غير وظائفه التي لم تكتشف بعد. وإن من أهم وظائف الكبد المبهرة، القدرة على إفراز مضادات للسموم بشتى الأنواع، ولولا ذلك لتسمم الجسد من جراء تسرب المواد الضارة إليه في كل حين وآن. ويصاحب عملية التخلص من السموم وإبطال مفعولها إفراز مجموعة من الإنزيمات. وهكذا يعرف الأطباء أن وجود إنزيم مثل (الجاماجيتي) في الكبد، بمعدل مرتفع (ثلاثة أضعاف المعدل الطبيعي) يشير إلى تعرض الإنسان لملوثات بيئية متنوعة ولأن استمرار ارتفاع الإنزيم _ على هذا النحو _ ينذر باستنفاذ الكبد وظيفته الخاصة بمضادات السموم، فقد درج الأطباء على إعطاء المريض (الكورتيزون)، الذي يتولى مهمةخفض معدل الإنزيم. على أن باحثين يتصفون بالمثابرة، استلفت نظرهم أن إعطاء المريض بضع تمرات صباحًا، ولمدة أسبوعين، يحقق النتيجة المرجوة، علىأوفق حال، إذ ينخفض الإنزيم إلى معدله الطبيعي. وقد استبان لهم أيضًا، أن إعطاء مريض الكبد، سواء كانوا من مرضى البلهارسيا أو الفيروسات، بضع تمرات يوميًا يحفظ أكبادهم، ويحميها من خطر التليف والتدمير). ( )
وكما هو معروف أن السحرة يستخدمون النجاسات في صناعة السحر، وبناء على أن الشياطين علموا الناس السحر، فإن الشياطين يزاولون السحر، وهم يستخدمون النجاسات والبول في طقوس السحر، والشاهد ما ورد عن عن عبد الله رضي الله عنه قال ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليله حتى أصبح قال: (ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه)، أو قال: (في أذنه)،( ) فهذا نوع من أحد أنواع السحر مارسه الشيطان على هذا النائم، وقد استخدم فيه البول وهو نجس، وكأنه سد به أذن النائم حتى غاب وعيه فما سمع الآذان، وبالتالي لم يستيقظ للصلاة، وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف يبطل مثل هذا النوع من السحر، فعن أبي هريرة قال: عرسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليأخذ كل رجل برأس راحلته، فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان) قال: ففعلنا قال: فدعا بالماء فتوضأ ثم صلى ركعتين قبل صلاة الغداة ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة.( )
فهذا الشيطان يتبول في الأذن، فكيف بنا الحال فيما يتم داخل الجسد؟ خاصة وأن الجن يقضي مددًا زمنية طويلة في جسد الملبوس تمتد في بعض الحالات إلى عشرات السنين، يأكل ويشرب وينام ويعبث في أعضاء الجسد يتلف أعصابه ويدمر خلاياه، وقد يموت عدد كثير منهم في الجسد تأثرًا بذكر الله وتلاوة القرآن قبل أن يخرجوا منه فيتحولوا إلى جثث ورمم،( ) ويتخلصون من مخلفاتهم داخل الجسد، وخاصة في مجرى الدم، لذلك فالمصاب بالمس والسحر ليست دمائه نقية وصافية كالشخص العادي، ناهيك عما هو مستقر في جوف المسحور له من مواد نجسة صنع بها أمر التكليف، حيث تحتوي على أصناف النجاسات والسموم المختلفة، دم حيض، ودماء آدمية وحيوانية، والبول والمني ومسحوق عظام آدمية وحيوانية متفحمة، وأحيانًا في سحر المرض يفرغون محتويات أنبولات بعض الأدوية في أمر التكليف ويسقونه للمسحور له، وبمرور الوقت تتسرب جزيئات من هذه السموم إلى دم المريض بين الحين والآخر، من خلال امتصاص المعدة لها، وعليه تصل هذه السميات إلى جميع أنحاء الجسد، وهنا يأتي أهمية تناول المسحور له أو الملبوس للتمر، مما ينشط الكبد ويساعده على تطهير الجسد من تلك السميات.
فمن المعروف أن الدواء قد لا يصل إلى العضو المرجو علاجه، وهذا بسبب وجود عوائق كثيرة جدا ومركبات رديئية، فتقوم الحجامة بإزالة هذه العوائق من الدم والليمف وتسمح بالتالي للدواء بالوصول إلى العضو علاجه، هذا كله يستطيع لجن عمله لتعطيل التداوي وبالتالي من الشفاء ما لم يصل الدواء إلى العضو المصاب.
هناك حالات مصابة بأمراض عضوية فشل اطباء في علاجها رغم صحة التشخيص وسلامة العلاج، ونجح علاجها بعد أن قمت كمعالج بتخليص الجسم من الجن الذين كانوا يعطلون نجاح عمل الأطباء.
أمراض عضوية يتسبب فيها الجن:
وهناك أمراض عضوية يتسبب فيها الجن، ولا صلة للأطباء في علاجها، ولن يستطيعوا أن يصلوا إلى علاجها مهما أوتوا من علم ومهما اعتمدوا على تقنيات رفيعة المستوى، وسيظلون يدورون في فلك الأبحاث والدراسات ولن يصلوا في النهاية إلا إلى اتساع هوة البحث عليهم، كمرض السرطان، وتصلب الشرايين، وبعض حالات العقم، فقد صح أن الجن قد تصيب الإنسان بالأمراض القاتلة ومنها الطاعون والاستحاضة (النزيف)، وهما نوعين من أنواع الأمراض منهما ما هو مرض عضوي مختص بعرق في الرحم، وهو عضو من أعضاء الجسد، والطاعون هو داء من الأدواء التي تصيب أحد وظائف الجسد الطبيعية، وليس مجرد عطب في أحد أعضائه، فهو له القدرة على إفساد الأعضاء البشرية ووظيفتها.
فعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فناء أمتي بالطعن والطاعون)، فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال: (وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهداء)،( ) وهذا الطاعون داء من الأدواء التي تصيب الإنسان وعن عائشة مرفوعًا: (الطاعون شهادة لأمتي، وخز أعدائكم من الجن، غدة كغدة الإبل، تخرج بالآباط والمراقِّ، من مات فيه مات شهيدًا، ومن أقام فيه [كان] كالمرابط في سبيل الله، ومن فر منه كان كالفار من زحف).( ) (المراقِّ): ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق الجلود. وعن عبد الله بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الطاعون فقال: (وخز من أعدائكم من الجن، وهي شهادة المسلم).( )
قال الشبلي: روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فناء أمتي بالطعن والطاعون)، فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال: (وخز إخوانكم من الجن، وفي كل شهادة) ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الطواعين، وقال فيه وخز أعدائكم من الجن، ولا تنافي بين اللفظين لأن الأخوة في الدين لا تنافي العداوة لأن عداوة الإنس والجن بالطبع، وإن كانوا مؤمنين فالعداوة موجودة. قال ابن الأثير: الوخز طعن ليس بنافذ، والشيطان له ركض وهمز ونفث ونفخ ووخز، قال الجوهري: الركض تحريك الرجل، ومنه قوله تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ)، وفي حديث المستحاضة (هي ركضة من الشيطان) يريد الدفعة والهمز شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل، وقد نفث الراقي ينفث وينفث والنفخ معروف، والوخز الطعن بالرمح وغيره لا يكون نافذًا قال الزمخشري يسمون الطاعون رماح الجن.( )
قال تعالى: (وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) [يوسف: 84].
قال تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [المجادلة: 10].
قال تعالى: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِى يَتَخَبَّطُهُ الشَيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) [البقرة: 275].
قال تعالى: (وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّى مَسَّنِىَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ) [ص: 41].
أمراض عضوية وهمية يسببها الجن:
وهناك أمراض عضوية وهمية يصطنع الجن أعراضها، الحمل الكاذب، وتقوم به النسوة بما يسمى (سحر الحمل الكاذب)، وهذا منتشر كثيرًا بين النساء اللاتي لم يصبهن الحمل بعد، فيتوكل شيطان بالدخول في رحم المرأة التي لا تلد فيخيل لها أنها حامل ثم يبدأ في الحركة وتنفخ بطنها وتنتابها نفس ما يصيب الحوامل من أعراض الحمل كالدوار والغثيان، فتظن أنها حامل بالفعل، ثم تكون الفاجعة على قدر أهمية حملها، فتكتشف أنه حمل كاذب فتصاب بصدمة نفسية، وهذا هو هدف هذا النوع من السحر، و(سحر العنة) يصيب الرجل بمرض وهمي، فالرجل سليم عضويًا ونفسيًا، ولكن الشيطان يصطنع أعراض العنة فيقعد الرجل عن إتيان أهله، وبكل تأكيد يجزم الأطباء بسلامة المريض عضويًا ونفسيًا، وأنه لا علاج للمريض عندهم، وأنهم لم يدرسوا مثل هذه الأعراض في كليات الطب.
ومنها سحر العقم، فقد يكون الزوجين سليمين تماما من جهة خصوبتهما، ولكن بالسحر يصابان بمرض وهمي وهو العقم، ودليل (سحر العقم) من السنة، أنه قيل أن اليهود سحرت للمسلمين فلا يولد لهم ولد، فخيب الله تعالى ظنهم فولدت أسماء بنت أبى بكر عبد الله بن الزبير فكان أول مولود في الإسلام ففرحوا به فرحًا شديدًا، فعن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة، فنزلت قباء، فولدت بقباء، ثم أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها، ثم تفل فى فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حنكه بالتمرة، ثم دعا له فبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإسلام، ففرحوا به فرحًا شديدًا، لأنهم قيل لهم إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم.( )
عن ابن أخت زينب امرأة عبد الله عن زينب قالت: كانت عجوز تدخل علينا ترقي من الحمرة، وكان لنا سرير طويل القوائم، وكان عبد الله إذا دخل تنحنح وصوت، فدخل يومًا، فلما سمعت صوته احتجبت منه، فجاء فجلس إلى جانبي فمسني فوجد مس خيط، فقال: ما هذا؟ فقلت: رقي لي فيه من الحمرة، فجذبه وقطعه فرمى به، وقال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، قلت: فإني خرجت يومًا فأبصرني فلان، فدمعت عيني التي تليه، فإذا رقيتها سكنت دمعتها، وإذا تركتها دمعت، قال: ذاك الشيطان إذا أطعته تركك، وإذا عصيته طعن بإصبعه في عينك، ولكن لو فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خيرًا لك وأجدر أن تشفين، تنضحين في عينك الماء وتقولين: (أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقمًا).( )
وفي طريق أخرى قالت: كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح، وبزق كراهية أن يهجم منا على شيء يكرهه، قالت: وإنه جاء ذات يوم فتنحنح، قالت: وعندي عجوز ترقيني من الحمرة، فأدخلتها تحت السرير، فدخل فجلس إلى جنبي، فرأى في عنقي خيطًا، قال: ما هذا الخيط؟ قالت: قلت: خيط أرقي لي فيه، قالت: فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، قالت: فقلت له: لم تقول هذا؟ وقد كانت عيني تقذف فكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيها، وكان إذا رقاها سكنت، قال: إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده، فإذا رقيتها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما).( )
فزينب اشتكت من عينها، وأتت بمن ترقيها ليذهب عنها ما تجده من آلم، وقد أخطأت الراقية فرقت على خيط وهذه تميمة، فالخيط وما عليه من عقد ما هو إلا أحد أنواع السحر، ويسمى (سحر التمائم) ولكنها على ما يبدو من ظاهر النص أنها كانت تجهل الفارق بين الرقية بالقرآن، وبين التعزيم بالقرآن على خيط، لأن التمائم ليست مجرد خيط معقود على العنق ولكن من شروطها النفث والعقد وتلاوة العزائم، وأن يكون الهدف منها جلب خير أو دفع شر، لتحمل معنى التميمة، وقد بين لها زوجها عبد الله كيف أن الشيطان يتسبب في إحداث ألم كاذب فيطعن بإصبعه في عينها فتدمع، وأنها في الحقيقة غير مصابة بداء، ولكنا مصابة بالنظرة، وهذا يبين كيف أن النظرة تتم بفعل الشيطان .