إمام مسجد لا يرى كفر اليهود والنصارى ! ويرد الحديث المخالف لعقله !
السؤال
بينما كنت أتكلم مع إمام مسجدنا في بعض الأمور : ذكرت له أن اليهود والنصارى مخلدون في نار جهنم , فكان يخالف ذلك الأمر ، ويقول : إنه أعلم بالقرآن مني ، فزوجة هذا الإمام نصرانية
وأفضل صديق عنده يهوديّ ، ويقول أيضاً : إن الحديث يجب أن يكون منطقيّاً حتى نتبعه ، أما إذا كان مخالفاً للمنطق : فلا يؤخذ به ، فما حكم هذا الرجل ؟
هل هو كافر ، أم منافق ، أم مبتدع ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً:
لا ندري كيف يجهل مثل الأمر إن كان يقرأ الفاتحة في صلاته
وكيف يجهل أن ( المغضوب عليهم ) هم اليهود
وأن ( الضالين ) هم النصارى؟!
وذكر ابن كثير أنه لا يعلم اختلافا في تفسيرهما بذلك
ومثله قال ابن أبي حاتم فيما نقل عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري
ونقل الحافظ عن السهيلي أنه قال
: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود : فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ {البقرة: 90}
وفي النصارى : قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا {المائدة: 77} .
وروى الإمام أحمد في مسنده عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى .
ولا ندري كيف يكون أعلم بالقرآن منك
وهو يقرأ فيه قوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة/ 17
وقوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) المائدة/ 72
وقوله تعالى : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) المائدة/ 73
وقوله تعالى : ( وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ
. اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/ 30 ، 31 .
فهل قرأ ذلك الإمام تلك الآيات ؟
وهل فيها غموض حتى يجهل معناها ؟
وهل علم هذا الإمام أن الإجماع قائم لا على كفر اليهود والنصارى فحسب ، بل على كفر من شكَّ في كفرهم !
ثم هب أن هذا الإمام لا يعلم ذلك ، أو يظن أن اليهود والنصارى الذين يتعامل معهم ، أو يصادقهم ولا يكفرهم ، لا يشركون بالله ، ولا يعتقدون أن المسيح ابن الله
أو غير ذلك من عقائدهم الشركية ؛ فماذا يعلم عن موقفهم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ هل هم مؤمنون به ، مصدقون له في دينه ، متبعون له في شرعه ؟ أو هم كفار به ، مكذبون له ولرسالته ؟
قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً ) النساء /150-151 .
وفي صحيح مسلم (153) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
( وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّار ) .
قال الإمام النووي رحمه الله :
" َأَمَّا الْحَدِيثُ فَفِيهِ نَسْخُ الْمِلَلِ كُلِّهَا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ )
: أَيْ مِمَّنْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي زَمَنِي وَبَعْدِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَكُلُّهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدُّخُولُ فِي طَاعَتِهِ
. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيَّ تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَهُمْ كِتَابٌ ؛ فَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنَهُمْ مَعَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا ، فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ أَوْلَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ ." انتهى .
فمثل هذا لا يخفى على موحِّد ، إلا أن يكون التوحيد والشرك عنده سواء
وإذا كان لا يرى كفر اليهود والنصارى : فما حكم المسلمين عنده ؟!
لأن المسلمين عند اليهود والنصارى كفار مخلدون في نار جهنم ! فهل يرى رأيهم ، ويعتقد اعتقادهم ؟! .