الأحاديث الصحيحة - الصفحة 8 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الأحاديث الصحيحة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-09, 03:53   رقم المشاركة : 106
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




قصة الغرانيق

السؤال

قصة الغرانيق المذكورة في تفسير سورة الحج هل ثبت منها شيء ؟

الجواب

الحمد لله

أولا :

أصل هذه القصة حادثة وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في مكة في بداية الدعوة ، أنه حين أوحيت إليه سورة النجم قرأها على جمعٍ من المسلمين والمشركين ، فلما بلغ آخرَها حيث يقول الله تعالى : ( أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ .

وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ . وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ . فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا ) النجم/59-62 سجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وسجد معه جميعُ مَن حضر من المسلمين والمشركين ، إلا رجلين اثنين : أمية بن خلف ، والمطلب بن وداعة .

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ بِالنَّجْمِ ، وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْجِنُّ وَالإِنْسُ ) رواه البخاري (1071)

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ ( وَالنَّجْمِ ) قَالَ : فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ ، إِلاَّ رَجُلاً رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا ، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَف ) رواه البخاري (3972) وأيضا برقم (4863) ورواه مسلم (576)

ثانيا :

جاءت بعض الروايات تفسِّرُ سبب سجود المشركين مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وسببَ استجابتهم لأمر الله تعالى ، حاصلُها أن الشيطان ألقى في أثناء قراءته كلماتٍ على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فيها الثناء على آلهتهم

وإثبات الشفاعة لها عند الله ، وهذه الكلمات هي: " تلك الغرانيق العُلى ، وإن شفاعتهن لَتُرتَجَى " وأن المشركين لما سمعوا ذلك فرحوا واطمأنوا وسجدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم .

والغرانيق : جمع غرنوق : وهو طير أبيض طويل العنق . قال ابن الأنباري : " الغرانيق : الذكور من الطير ، واحدها غِرْنَوْق وغِرْنَيْق ، سمي به لبياضه ، وقيل هو الكُرْكيّ ، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقرّبهم من الله عز وجل ، وتشفع لهم إليه ، فشبهت بالطيور التي تعلو وترتفع في السماء "

انتهى . لسان العرب (10/286)

قالوا : فكانت هذه القصة سبب نزول قوله سبحانه وتعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) الحج/52

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا القول في "منهاج السنة النبوية" (2/243) :

" على المشهور عند السلف والخلف مِن أن ذلك جرى على لسانه ثم نسخه الله وأبطله " انتهى

وبعد تتبع الآثار الواردة في هذه القصة ، تبين أن مجموع السلف الذين يُحكى عنهم هذا القول يبلغ نحو ثلاثة عشر ، وتبين أنه لم يثبت بالسند الصحيح إلا عن خمسةٍ منهم

وهم : سعيد بن جبير ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ، وأبو العالية ، وقتادة ، والزهري .

أما الباقون فلا تصح نسبته إليهم ، لما في الأسانيد إليهم من ضعف ونكارة ، وهم : ابن عباس ، وعروة بن الزبير ، ومحمد بن كعب القرظي ، ومحمد بن قيس ، وأبو صالح ، والضحاك ، ومحمد بن فضالة ، والمطلب بن حنطب .

انظر تخريج هذه الآثار والحكم عليها في رسالة الشيخ الألباني "نصب المجانيق" (10-34)

ثانيا :

إلا أن طائفة كبيرة من المحققين من أهل العلم ، نفوا وقوع هذه القصة ، ولم يأخذوا بإثبات مَن ذكرها من السلف ، واستدلوا على ذلك بأن قالوا :

مَن ذكرها مِن السلف لم يدركوا النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكروا مصادرهم للحادثة ، فدخل الشك فيها ، وساعد عليه ما في ظاهرها من طعن في النبوة ، إذ كيف يُدخل الشيطان في الوحي كلماتِه الباطلة

مع أن الله تعالى حفظ وحيَه من التحريف والتبديل والزيادة ، وعَصَمَه من الخطأ والزلل .

يقول القاضي عياض في "الشفا" (2/126) :

" فأما من جهة المعنى : فقد قامت الحجة وأجمعت الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم ، ونزاهته عن مثل هذه الرذيلة ، إمَّا مِن تمنيه أن ينزل عليه مثل هذا من مدح آلهة غير الله وهو كفر

أو أن يتسوَّرَ عليه الشيطان ويشبِّهَ عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه ، ويعتقد النبي صلى الله عليه وسلم أن من القرآن ما ليس منه حتى ينبهه جبريل عليه السلام ، وذلك كله ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم .

أو يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدا - وذلك كفر - ، أو سهوا وهو معصوم من هذا كله ، وقد قررنا بالبراهين والإجماع عصمته صلى الله عليه وسلم من جريان

الكفر على قلبه أو لسانه لا عمدا ولا سهوا ، أو أن يتشبه عليه ما يلقيه الملك مما يلقى الشيطان ، أو يكون للشيطان عليه سبيل ، أو أن يتقول على الله لا عمدا ولا سهوا ما لم ينزل عليه

وقد قال الله تعالى : ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل ) الآية ، وقال تعالى ( إذًا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ) الآية " انتهى باختصار .

وقد عد الشيخ الألباني في رسالته "نصب المجانيق" (46-48)

أسماء عشرة من العلماء المتقدمين والمتأخرين في نفي صحة هذه الحادثة

أكثرها يؤكد نفي وجود السند المتصل المرفوع بها ، ومنافاتها لعصمة النبي صلى الله عليه وسلم
.
ثالثا :

والمسألة فيها نوع اشتباه ، يصعب الجزم فيها بأمر ، ولكن يمكننا القول بأن الجزم بنفي هذه الحادثة فيه نظر ، وأن اعتبارها منافية لأصول العقيدة ومهمات الدين فيه نظر

أيضا ، فقد صحت القصة من طريق جماعة من السلف مِن قولهم ، وهي وإن كانت مرسلة ، فكثرتها تبعث على الاطمئنان بوقوعها ، ولو كان فيها شيء مناقض لعصمة الوحي لَما نطق بها كبار أئمة التابعين كسعيد بن جبير وقتادة وغيرهم .
يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/439) في تخريجه لهذه القصة :

" كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا ..

. - ثم نقل تضعيف ابن العربي والقاضي عياض القصة ثم قال -

: وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد ، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا ، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح ، وهي مراسيل يَحتجُّ بمثلها مَن يحتجُّ بالمرسل ، وكذا من لا يحتج به ، لاعتضاد بعضها ببعض " انتهى .

وليس في القصة أي طعن في عصمة التبليغ والرسالة ، لأن النسخ والتصحيح جاء بوحي من الله ، وسواء كان الخطأ من النبي صلى الله عليه وسلم أو بإيهام الشيطان على أسماع المشركين ، فإن المآل واحد

هو وقوع الحق وزهوق الباطل ، والإخلال بمقتضى الرسالة لا يكون إلا باستمرار الباطل واختلاطه بكلام الله تعالى ، وذلك ما لم يكن ولن يكون .

يقول شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (10/290) :

" وهذه العصمة الثابته للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة... فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين .
ولكن هل يصدر ما يستدركه الله فينسخ ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته ؟ هذا فيه قولان : والمأثور عن السلف يوافق القرآن بذلك .

والذين منعوا ذلك من المتأخرين طعنوا فيما ينقل من الزيادة في سورة النجم بقوله : " تلك الغرانيق العلى ، وإن شفاعتهن لترتجى " وقالوا : إن هذا لم يثبت .

ومن علم أنه ثبت قال : هذا ألقاه الشيطان في مسامعهم ولم يلفظ به الرسول .

ولكن السؤال وارد على هذا التقدير أيضا ، وقالوا في قوله : ( إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ) هو حديث النفس .
وأما الذين قرروا ما نقل عن السلف فقالوا : هذا منقول نقلا ثابتا لا يمكن القدح فيه ، والقرآن يدل عليه بقوله : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي

أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ . لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ . وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) الحج/52-54

فقالوا : الآثار في تفسير هذه الآية معروفة ثابتة في كتب التفسير والحديث ، والقرآن يوافق ذلك ، فإن نسخ الله لما يُلقي الشيطان ، وإحكامه آياته ، إنما يكون لرفع ما وقع في آياته

وتمييز الحق من الباطل حتى لا تختلط آياته بغيرها ، وجعل ما ألقى الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم ، إنما يكون إذا كان ذلك ظاهرا يسمعه الناس لا باطنا في النفس

والفتنة التي تحصل بهذا النوع من النسخ ، من جنس الفتنة التي تحصل بالنوع الآخر من النسخ ، وهذا النوع أدل على صدق الرسول وبعده عن الهوى من ذلك النوع ، فإنه إذا كان يأمر بأمر ثم يأمر بخلافه -

وكلاهما من عند الله وهو مصدق في ذلك - فإذا قال عن نفسه إن الثاني هو الذي من عند الله وهو الناسخ ، وإن ذلك المرفوع الذي نسخه الله ليس كذلك ، كان أدل على اعتماده للصدق ، وقوله الحق

وهذا كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( لو كان محمد كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية : ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ) .

ألا ترى أن الذي يُعَظِّمُ نفسَه بالباطل يريد أن ينصر كل ما قاله ولو كان خطأ ، فبيان الرسول أن الله أحكم آياته ونسخ ما ألقاه الشيطان ، هو أدل على تحريه للصدق وبراءته من الكذب

وهذا هو المقصود بالرسالة ، فإنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كان تكذيبه كفرا محضا بلا ريب " انتهى .

والخلاصة أن إثبات أصل القصة قول متجه ، وهو أقرب إلى التحقيق العلمي إن شاء الله .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:00   رقم المشاركة : 107
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أحاديث نبوية في ذم الإسراف في الطعام

السؤال

ما صحة هذين الحديثين لو سمحتم : روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ( أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد نبيها الشبع ؛ فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ، وضعفت قلوبهم ، وجمحت شهواتهم ) رواه البخاري

. ولقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نأكل كل ما تشتهيه الأنفس ؛ فقد روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من الإسراف أن تأكل ما اشتهيت ) رواه ابن ماجه .

وهل هناك في الشرع شيء ينهى أن يسرف المسلم في أكله ، أو أن لا يستطيع التحكم في أكله ويأكل في كل وقت وحين ؟

حديث أو آية أو كتاب ممكن أن تنصحون به ينهى المسلم عن هذه الأمور

أو يكلمنا عن هدي الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، عن أكله ومطعمه . جزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله

أولا :

شهوة البطن من أعظم المهلكات ، وسببُ كثيرٍ من الآفات والأمراض القلبية والبدنية ، إذ تتبعها شهوة الفرج ، ثم الرغبة في الجاه والمال لتحقيق هاتين الشهوتين

ويتولد من ذلك من أمراض القلوب الرياء والحسد والتفاخر والكبر بسبب الانشغال بالدنيا ، وغالبا ما يدفعه ذلك إلى المنكر والفحشاء

كله بسبب هذه الشهوة ، وقد قالت العرب قديما : المعدة بيت الداء ، والحمية رأس الدواء .

يقول الله عز وجل : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31

وفي السنة النبوية من الحث على الاعتدال في الطعام ، وذم الإسراف الشيء الكثير :

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ )

رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2265)

وعَنْ نَافِعٍ قَالَ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ ، فَأَكَلَ كَثِيرًا ، فَقَالَ : يَا نَافِعُ ! لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

( الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ )

رواه البخاري (5393) ومسلم (2060)

يقول النووي في شرح هذا الحديث (14/25) :

" قال العلماء : ومقصود الحديث التقليل من الدنيا ، والحث على الزهد فيها والقناعة ، مع أن قلة الأكل من محاسن أخلاق الرجل ، وكثرة الأكل بضده

وأما قول ابن عمر فى المسكين الذى أكل عنده كثيرا : " لا يدخلن هذا علي " ، فإنما قال هذا لأنه أشبه الكفار ، ومن أشبه الكفار كرهت مخالطته لغير حاجة أو ضرورة ؛ ولأن القدر الذى يأكله هذا يمكن أن يسد به خلة جماعة " انتهى .

ثانيا :

يلخص لنا ابن القيم رحمه الله تعالى هدي النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الطعام والشراب ، ويستخلصه من الأحاديث الصحيحة ، فيقول –

كما في "زاد المعاد" (1/147) -:

" وكذلك كان هديُه صلى الله عليه وسلم وسيرتُه في الطعام ، لا يردُّ موجوداً ، ولا يتكلف مفقوداً ، فما قُرِّبَ إليه شيءٌ من الطيبات إلا أكله ، إلا أن تعافَه نفسُه

فيتركَه من غير تحريم ، وما عاب طعاماً قطُّ ، إن اشتهاه أكله ، وإلا تركه ، كما ترك أكل الضَّبِّ لمَّا لَمْ يَعْتَدْهُ ، ولم يحرمه على الأمة ، وأكل الحلوى والعسل ، وكان يُحبهما

وأكل لحم الجزور ، والضأن ، والدجاج ، ولحم الحُبارى ، ولحم حِمار الوحش ، والأرنب ، وطعام البحر ، وأكل الشواء ، وأكل الرُّطبَ والتمرَ... ولم يكن يردُّ طَيِّباً

ولا يتكلفه ، بل كان هديه أكلَ ما تيسر ، فإن أعوزه صَبَرَ حتى إنه ليربِطُ على بطنه الحجر من الجوع ، ويُرى الهلالُ والهلالُ والهلالُ ولا يُوقد في بيته نارٌ " انتهى باختصار .

ثالثا :

ذكر العلماء فوائد الاعتدال في الطعام وعدم الإسراف ، ومنها :

1- صفاءُ القلبِ وإيقادُ القريحة وإنفاذ البصيرة ، فإنّ الشبعَ يورثُ البلادةَ ويُعمي القلب ، ولهذا جاءَ في الحكمة ( مَن أجاعَ بطنَه عظُمت فكرتُه وفَطُن قلبُه ) .

2- الانكسارُ والذلُ وزوالُ البَطَرِ والفرحِ والأشرِ ، الذي هو مبدأُ الطغيانِ والغفلةِ عن الله تعالى .

3- أن لا ينسى بلاءَ الله وعذابه ، ولا ينسى أهلَ البلاء ، فإن الشبعانَ ينسى الجائعَ وينسى الجوع ، والعبدُ الفطنُ لا يجدُ بلاءَ غيرِه إلا ويتذكرُ بلاءَ الآخرة .

4- من أكبر الفوائد : كسرُ شهواتِ المعاصي كلّها ، والاستيلاءُ على النفسِ الأمّارةِ بالسوء ، فإنَّ منشأَ المعاصي كلِّها الشهواتُ والقوى ، ومادةُ القوى والشهواتِ لا محالة الأطعمة . قال ذو النون : ما شبعتُ قطُّ إلا عصيتُ أو هممتُ بمعصية .
5- دفعُ النومِ ودوامُ السَّهر ، فإنَّ مَن شَبِع كثيرًا شرب كثيرًا

ومن كثر شربُه كثرَ نومه ، وفي كثرةِ النومِ ضياعُ العمر وفوتُ التهجدِ وبلادةُ الطبعِ وقسوةُ القلب ، والعمرُ أنفسُ الجواهرِ ، وهو رأسُ مالِ العبدِ ، فيه يتجر ، والنومُ موت ، فتكثيره يُنقِصُ العمر .

6- صحةُ البدن ودفعُ الأمراض ، فإن سببَها كثرةُ الأكل وحصولُ الأخلاط في المعدة ، وقد قالَ الأطباء : البِطْنةُ أصلُ الداء ، والحِميةُ أصلُ الدواء .

" ملخصة من إحياء علوم الدين (3/104-109) "

رابعا :

أما الأحاديث المذكورة في السؤال فلم يصح منها شيء :

الحديث الأول :

قالت عائشة رضي الله عنها : ( إن أول بلاء حدث في هذه الأمة بعد قضاء نبيها صلى الله عليه وسلم : الشبع ، فإن القوم لما شبعت بطونهم سمنت أبدانهم ، فتصعبت قلوبهم ، وجمحت شهواتهم ) رواه البخاري في "الضعفاء"

– كما عزاه إليه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3/335) - ورواه ابن أبي الدنيا في "الجوع" (رقم/22)

من طريق غسان بن عبيد الأزدي الموصلي ، قال : حدثنا حمزة البصري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة به .
قلت : وهذا السند ضعيف جدا بسبب غسان بن عبيد ، جاء في ترجمته في "لسان الميزان" (4/418)

: " قال أحمد بن حنبل : كتبنا عنه ، قدم علينا ههنا ثم حرقت حديثه . قال ابن عدي : الضعف على حديثه بين . – وفي رواية عن يحيى بن معين - ضعيف ...- ثم عد حديث عائشة الذي معنا من مناكيره – " انتهى بتصرف .

ولذلك قال الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب" (1239)

: " منكر موقوف " انتهى .

تنبيه : جاء في السؤال نسبة هذا الحديث إلى البخاري ، وهذا خطأ كبير ؛ لأن إطلاق القول بـ : " رواه البخاري " ، ينصرف عادة إلى الصحيح ، والبخاري له كتب أخرى كثيرة

يروي فيها الأحاديث بأسانيده ، ولا يشترط فيها الصحة ، منها كتاب "الضعفاء الصغير" وهو مطبوع ، وله كتاب "الضعفاء الكبير" :

ذكره ابن النديم وبروكلمان في "تاريخ الأدب" (ص/65)

وأنه ما زال مخطوطا في مكتبة "بتنة" في الهند ؛ فإذا قدر أن البخاري روى حديثا في شيء من كتبه ، سوى الصحيح الذي هو أعظم دواوين الإسلام ، فينبغي أن يبين عند نسبة الحديث : رواه البخاري في التاريخ

أو : في الضفعاء ، أو في الأدب المفرد .. ، مثلا ، ثم يبحث في سند الحديث : هل هو صحيح أو لا ، كما هو الحال في الكتب الأخرى .

وحديث عائشة هذا لعله في "الضعفاء الكبير" ، فقد بحثنا عنه في "الصغير" فلم أجده ، كما أن الضعفاء الصغير نادرا ما يذكر فيه الأحاديث والأسانيد . والله أعلم .

الحديث الثاني :

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ مِنْ السَّرَفِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ )

رواه ابن ماجه (3352) وأبو يعلى في "المسند" (5/154) وأبو نعيم في "الحلية" (10/213) والبيهقي في "شعب الإيمان" (5/46) وغيرهم من طرق عن بقية بن الوليد حدثنا يوسف بن أبي كثير عن نوح بن ذكوان عن الحسن عن أنس مرفوعا .

وهذا السند ضعيف جدا ، فيه عدة علل ، منها :

1- يوسف بن أبي كثير : قال عنه ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (11/421)

: " أحد شيوخ بقية الذين لا يعرفون " انتهى .

2- نوح بن ذكوان : منكر الحديث :

جاء في ترجمته في "تهذيب التهذيب" (10/484) :

" قال ابن عدي : أحاديثه غير محفوظة . وقال ابن حبان : منكر الحديث جدا ، يجب التنكب عن حديثه ... وقال أبو نعيم : روى عن الحسن المعضلات ، وله صحيفة عن الحسن عن أنس : لا شىء " انتهى باختصار.

ولذلك ضعف الحديث غير واحد من أهل العلم : ابن حبان في "المجروحين" (3/47) ، وابن عدي في "الكامل" (8/299) ، وابن الجوزي في "الموضوعات" (3/182) ، والبوصيري في "مصباح الزجاجة" (2/188) والسخاوي في "المقاصد الحسنة" (515) ، وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (رقم/241) : موضوع .

وفيما سبق من الأحاديث الصحيحة غنى عن هذين الحديثين الضعيفين

ومن أراد التوسع في هذا الموضوع فليرجع إلى كتاب : " الجوع " لابن أبي الدنيا

و "مختصر منهاج القاصدين " لابن قدامة

"زاد المعاد" لابن القيم

و "شرح رياض الصالحين" للشيخ ابن عثيمين .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:03   رقم المشاركة : 108
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هديه صلى الله عليه وسلم في الطّعام والحمية

السؤال


كيف كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأكل والحمية ؟


الجواب

الحمد لله


1. أما هديه صلى الله عليه وسلم في الأكل فأكمل هدي ، وقد بيَّنه الإمام ابن القيم ، فقال :

أ. كان إذا وضع يده في الطعام قال : "بسم الله" ، ويأمر الآكل بالتسمية ، ويقول : "إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره" حديث صحيح . -

رواه الترمذي (1859) و أبو داود (3767)- .

والصحيح : وجوب التسمية عند الأكل ، .. وأحاديث الأمر بها صحيحة صريحة ولا معارض لها .

ب. وكان إذا رفع الطعام من بين يديه يقول : "الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مودَّع ولا مستغنى عنه ربَّنا عز وجل ذكره البخاري .

- البخاري ( 5142 ) - .

ج. وما عاب طعاماً قط ، بل كان إذا اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه ، وسكت .

- رواه البخاري ( 3370 ) ومسلم ( 2064 ) - .

وربما قال : "أجدني أعافه إني لا أشتهيه" .

- رواه البخاري ( 5076 ) ومسلم ( 1946) - .

د. وكان يمدح الطعام أحياناً ، كقوله لما سأل أهلَه الإدام ، فقالوا : ما عندنا إلا خلّ ، فدعا به فجعل يأكل منه ، ويقول : "نِعْم الأُدْم الخل" .

- رواه مسلم (2052) - .

هـ. وكان يتحدث على طعامه كما تقدم في حديث الخل .

وكما قال لربيبه عمر بن أبي سلمة وهو يؤاكله : "سمِّ الله وكُلْ مما يليك" .

- رواه البخاري ( 5061 ) ومسلم ( 2022) - .

و. وربما كان يكرر على أضيافه عرض الأكل عليهم مراراً ، كما يفعله أهل الكرم ، كما في حديث أبي هريرة عند البخاري في قصة شرب اللبن وقوله له مراراً : "اشرب"

فما زال يقول : "اشرب" حتى قال : والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً . -

رواه البخاري ( 6087 ) - .

ز. وكان إذا أكل عند قوم لم يخرج حتى يدعو لهم ، فدعا في منـزل عبد الله بن بسر ، فقال : "اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم ، وارحمهم" ذكره مسلم . -

رواه مسلم (2042) - .

ح. وكان يأمر بالأكل باليمين وينهى عن الأكل بالشمال ، ويقول : "إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله"

- رواه مسلم (2020) - ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ؛ فإن الآكل بها إما شيطان ، وإما مشبه به .

وصح عنه أنه قال لرجل أكل عنده فأكل بشماله : "كل بيمينك" ، فقال لا أستطيع فقال : "لا استطعت" ، فما رفع يده إلى فيه بعدها . - رواه مسلم (2021) - فلو كان ذلك جائزاً لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبره حمله على ترك امتثال الأمر : فذلك أبلغ في العصيان ، واستحقاق الدعاء عليه.

ط. وأمر من شكوا إليه أنهم لا يشبعون "أن يجتمعوا على طعامهم ، ولا يتفرقوا وأن يذكروا اسم الله عليه يبارك لهم فيه" . - رواه أبو داود (3764) وابن ماجه (3286) - .

انظر لما سبق : " زاد المعاد " ( 2/ 397 - 406 ) .

ك. وصح عنه أنه قال : "لا آكل متكئاً" .

- رواه البخاري ( 5083 ) .

ل. وكان يأكل بأصابعه الثلاث وهذا أنفع ما يكون من الأكلات .

انظر : " زاد المعاد " ( 220 - 222) ، والله أعلم .

2. وأما هديه صلى الله عليه وسلم في الحمية :

أ. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يأكل .

ب. ويأكل ما ينفع .

ج. ويجعل من قوته قياماً لصلبه لا تكثيراً لشحمه ، لذلك روى لنا ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء" .

رواه البخاري ( 5081 ) ومسلم ( 2060 ) .

د. وعلَّم أمته أمراً يحتمون به مِن أمراض الطعام والشراب فقال : "ما ملأ آدمي وعاء شرّاً من بطنٍ بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كان لا بد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنَفَسه"

. رواه الترمذي (1381) وابن ماجه (3349)

وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2265 ) .

والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:07   رقم المشاركة : 109
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ولدٌ يجادلُ والدتَه في أمورِ طعامِهِ وصلاتِهِ

السؤال

أخي سمين جدًا ، ويأكل كثيرًا ، وكلما نَصَحَتْه والدتي في التقليل من الأكل ، وتهدده بأنها سوف لن ترضى عنه إذا لم يسمع كلامها ، فيقول : إن الأكل ليس محرمًا ، وليس للوالدة أن تمنعه من أمر حلال ؟

وأيضًا، هو لا يصلي في المسجد ، وكلما قالت له الوالدة : لماذا لا تذهب ؟

يقول : إن صلاة الجماعة سنة مؤكدة كما قال الإمام أبو حنيفة .

وأيضًا يؤخر الصلاة بعد الأذان بفترة طويلة ، وكلما قلنا له : لماذا لا تصلي في الوقت ؟

فيقول : أنا لم أتجاوز الوقت المحدد ، فالصلاة لها أوقاتٌ معروفةٌ ليست مقترنةً بالأذان والإقامة . فكيف نجيب عليه ؟
.

الجواب

الحمد لله

أولاً :

إنّ مِن أعظمِ ما امتنّ الله سبحانه وتعالى به على عبادِهِ أنْ سخَّر لهم ما في الأرضِ جميعا منه ، وأنزل عليهم النعم ، وأباح لهم الطيباتِ من المأكلِ والمشربِ والملبس وغيرها .

ولكنه سبحانه وتعالى أيضًا ذم كلَّ من يسرفُ في استعمالِ هذه المباحات ، أو يترخصُ فيها ترخصًا يؤذيه ، أو يشغله عن ما هو أنفعُ له في دينِه ودنياه .

قال سبحانه وتعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 .

ثانياً :

من أخطرِ المهلكاتِ لابنِ آدمَ شهوةُ البطن ، والبطنُ ينبوع الشهواتِ ومَنِبتُ الأدواء والآفات .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاتٍ يُقِمْنِ صُلْبَهُ ، فَإِنْ كَانَ لاْ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعامِهِ ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ )

رواه الترمذي (2380) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

أي : يكفي ابن آدم من الطعام ما يقيم صلبه فقط , ولا يزيد على ذلك , فإن أبى وأصَرَّ على الزيادة , فيأكل ما يملأ ثلث بطنه , ويكون ثلث آخر للشراب , ويبقى الثلث للتنفس , ولا يزيد على هذا القدر .

انظر : "تحفة الأحوذي" .

وقد كان العقلاءُ في الجاهليةِ والإسلامِ يتمدحونَ بقلةِ الأكل .

قال حاتمُ الطائيُّ :

فإنَّكَ إِنْ أَعْطَيْتَ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ وَفَرْجَكَ نالا مُنْتَهى الذَّمِّ أَجْمَعَا

"فتح الباري" (9/669) .

وإذا أكثر الإنسان من الطعام حتى ضره ذلك ، كان هذا حراما .

سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : هل كثرةُ الأكلِ حرام ؟

فأجابوا :

" نعم ، يَحرُمُ على المسلمِ أن يُكثرَ من الأكلِ على وجهٍ يضرُّه ؛ لأنّ ذلك من الإسراف ، والإسرافُ حرام ، لقول الله سبحانه وتعالى : ( يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين ) الأعراف/31 " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (22/329) .

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الترهيب من الإكثار من الشبع , وأن ذلك سبب للتألم بالجوع يوم القيامة ، فعن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ : ( كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا ، أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) . رواه الترمذي (2015) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي.

والْجُشَاء هُوَ صَوْتٌ مَعَ رِيحٍ يَخْرُجُ مِنْ الإنسان عِنْدَ الشِّبَعِ .

وَرَوَاهُ اِبْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ وَزَادُوا : فَمَا أَكَلَ أَبُو جُحَيْفَةَ مِلْءَ بَطْنِهِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا , كَانَ إِذَا تَغَدَّى لا يَتَعَشَّى وَإِذَا تَعَشَّى لا يَتَغَدَّى , وَفِي رِوَايَةٍ لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا : قَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ : فَمَا مَلأَتْ بَطْنِي مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً .

انظر : "تحفة الأحوذي" .

وسبيلُ ترك الأكلِ الكثير إنما هو بالتدريج ، فمن اعتادَ الأكلَ الكثيرَ وانتقلَ دفعةً واحدةً إلى القليل ضعفَ وعظُمت مشقته

فينبغي أن يتدرجَ إليه قليلًا قليلًا ، وذلك بأن ينقص قليلا قليلا من طعامِه المعتاد ، حتى يصلَ إلى الحدّ المعتدلِ من الطعام .

ثالثاً :

إن كانت صلاةُ الجماعة سنةً مؤكدة ، أو كانت الصلاة في أول الوقت فضيلة ، فذلك يعني أن نَعَضَّ عليها بالنواجذ ونحرصَ عليها ، لا أن نُهمِلَها ونتهاونَ بأدائِها

ولْنحمدِ اللهَ تعالى أن شرعَ لنا سُننَ الهدى ومناسكَ العبادةِ والخير ، ولْنأخذِ العبرةَ من حالِ سلفنا من الجيل الأول .

يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ( من سرّه أن يلقَى اللهَ غدًا مسلمًا فليحافِظ على هؤلاء الصلواتِ حيثُ ينادَى بهن ، فإنّ اللهَ شرعَ لنبيكم سننَ الهُدى ، وإنّهنَّ مِن سننِ الهُدى

ولو أنّكم صلّيتُم في بيوتِكم كما يُصَلّي هذا المتخلِّفُ في بيتِهِ لتركتُم سنةَ نبيِّكم ، ولو تركتم سنةَ نبيِّكم لضلَلَتم ، وما مِن رجلٍ يتطهرُ فيُحسِنُ الطهور ، ثم يَعمِد إلى مسجدٍ مِن هذه المساجد ، إلا كتبَ اللهُ له بكلِّ خُطوةٍ يخطوها حسنة

ويرفعُه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ معلومُ النفاق ، ولقد كان الرجلُ يؤتى به يهادَى بين الرجلين حتى يقام في الصف ) رواه مسلم (654) .

نسألُ اللهَ تعالى أن يوفقَنا وإياك لما يحب ويرضى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:14   رقم المشاركة : 110
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

حكم صلاة الجماعة في المسجد

السؤال


ما حكم صلاة الجماعة في المسجد وما هو الدليل على ذلك ؟.

الجواب

الحمد لله


صلاة الجماعة في المسجد واجبة على الرجال القادرين ، على الصحيح من أقوال العلماء ؛ لأدلة كثيرة منها :

الدليل الأول :

قال الله تعالى : ( و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك و ليأخذوا أسلحتهم… ) سورة النساء أية 102

وجه الاستدلال :

أحدها : أمره سبحانه و تعالى لهم بالصلاة في الجماعة ، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله : ( و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك … )

و في هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان ، إذا لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى ، و لو كانت الجماعة سنة ، لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف ، ولو كانت فرض كفاية لسقطت بفعل الطائفة الأولى .
ففي الآية دليل على و جوبها على الأعيان .

فهذه ثلاثة أوجه

· أمره بها أولاً .

· ثم أمره بها ثانياً .

· و أنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف .

الدليل الرابع :

1- ما ثبت في الصحيحين و هذا لفظ البخاري : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " و الذي نفسي بيده ، لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجالاً فأحرق عليهم بيوتهم ، و الذي نفسي بيده لو يعلم أنه يجد عَرْقاً سميناً أو مِرْماتَيْن حسنتين لشهد العشاء "

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء و صلاة الفجر ، و لو يعلمون ما فيهما لأتوهما و لو حبواً ، و لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام

ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ، ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم " متفق عليه .

3- و للإمام أحمد عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لولا ما في البيوت من النساء و الذرية ، أقمت صلاة العشاء ، و أمرت فتياني يُحرقون ما في البيوت بالنار "

4- و لم يفعل النبي صلى الله عليه و سلم ما هم به للمانع الذي أخبر أنه منعه منه ، وهو اشتمال البيوت على ما لا تجب عليه الجماعة من النساء و الذرية ، فلو أحرقها عليهم لتعدت العقوبة إلى من لا يجب عليه .
الدليل الخامس :

· روى مسلم في صحيحه أن رجلاً أعمى قال : يا رسول الله عليه و سلم : ليس قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أنْ يُرَخِص له ، فرخص له ، فلما ولى دعاه

فقال : " هل تسمع النداء ؟ قال : نعم قال : " فأجب " . وهذا الرجل هو ابن أم مكتوم · و في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود عن عمرو ابن أم مكتوم قال : قلت : يا رسول الله ( أنا ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني

فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال " تسمع النداء " قال : نعم . قال :" لا أجد لك رخصة " .

· الأمر المطلق للوجوب ، فكيف إذا صرَّح صاحب الشرع بأنه لا رخصة للعبد في التخلف عنه الضرير شاسع الدار لا يلائمه قائده ، فلو كان العبد مخيراً بين أن يصلي و حده أو جماعة ، لكان أولى الناس بهذا التخيير مثل هذا الأعمى .
الدليل السادس :

روى أبو داود و أبو حاتم ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر " قالوا : و ما العذر ؟ قال : " خوف أو مرض ، لم تقبل منه الصلاة التي صلاها " .
الدليل السابع :

ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود قال : من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف

في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة

ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف " و في لفظ " و قال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى ، و إن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه .

وجه الدلالة :

أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم النفاق .

نسأل الله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته والله تعالى أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-10, 18:23   رقم المشاركة : 111
معلومات العضو
sat_mohamed
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-12, 05:45   رقم المشاركة : 112
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sat_mohamed مشاهدة المشاركة
جزاك الله كل الخير وجعله في ميزان حسناتك

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك المميز مثلك
في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عني كل خير









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-12, 05:52   رقم المشاركة : 113
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الأدلة على وجوب صلاة الجماعة في المسجد


السؤال

أنا مسلم جديد وأريد أن أعرف هل الأفضل للمسلم أن يصلي صلاة الفريضة في المسجد وما الدليل على ذلك ؟.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

نحمد الله سبحانه وتعالى الذي كتب لك الهداية للدخول في دين الإسلام فهذه نعمة عظيمة تستوجب حمد الله وشكره .

ثانياً :

لا بد أن يعلم المسلم أن الصلاة أعظم أركان الإسلام العملية ، وهي الفاصل بين المسلم والكافر كما جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " .

رواه مسلم ( 82 ) .

ثالثاً :

اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم صلاة الجماعة على أقوال عدة :

أصحها : أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة ، وعليه تدل الأدلة الشرعية .

وهو قول عطاء بن أبي رباح والحسن البصري والأوزاعي وأبي ثور ، والإمام أحمد في ظاهر مذهبه ، ونص عليه الشافعي في " مختصر المزني " فقال : " وأما الجماعة فلا أرخص في تركها إلا من عذر " ، واختاره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله .

وأما الأدلة على الوجوب فكما يلي :

1. قال الله تعالى : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } النساء / 102 .

قال ابن المنذر :

ففي أمر الله بإقامة الجماعة في حال الخوف : دليل على أن ذلك في حال الأمن أوجب .

" الأوسط " ( 4 / 135 ) .

وقال ابن القيم :

ووجه الاستدلال بالآية من وجوه :

أحدها : أمره سبحانه لهم بالصلاة في الجماعة ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية بقوله : { ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك }

وفي هذا دليل على أن الجماعة فرض على الأعيان إذ لم يسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى ، ولو كانت الجماعة سنَّة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف ، ولو كانت فرض كفاية : لسقطت بفعل الطائفة الأولى ،

ففي الآية دليل على وجوبها على الأعيان ، فهذه ثلاثة أوجه : أمره بها أولاً ، ثم أمره بها ثانياً ، وأنه لم يرخص لهم في تركها حال الخوف .

" الصلاة وحكم تاركها " ( ص 137 ، 138 ) .

2. قوله تعالى : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين } البقرة / 43

ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه أمرهم بالركوع وهو الصلاة

وعبر عنها بالركوع لأنه من أركانها ، والصلاة يعبر عنها بأركانها وواجباتها كما سماها الله سجوداً وقرآناً وتسبيحاً ، فلا بد لقوله { مع الراكعين } من فائدة أخرى وليست إلا فعلها مع جماعة المصلين والمعية تفيد ذلك

إذا ثبت هذا فالأمر المقيد بصفة أو حال لا يكون المأمور مُمتثلا إلا بالإتيان به على تلك الصفة والحال ؛ فإن قيل فهذا ينتقض بقوله تعالى :{ يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين } آل عمران / 43 ،

والمرأة لا يجب عليها حضور الجماعة ، قيل : الآية لم تدل على تناول الأمر بذلك لكل امرأة بل مريم بخصوصها أمرت بذلك بخلاف قوله : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين }

ومريم كانت لها خاصية لم تكن لغيرها من النساء ؛ فإن أمها نذرتها أن تكون محررة لله ولعبادته ولزوم المسجد وكانت لا تفارقه

فأمرت أن تركع مع أهله ولمَّا اصطفاها الله وطهَّرها على نساء العالمين أمرها من طاعته بأمر اختصها به على سائر النساء قال تعالى : { وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين } آل عمران / 42 و 43 .

فإن قيل : كونهم مأمورين أن يركعوا مع الراكعين لا يدل على وجوب الركوع معهم حال ركوعهم بل يدل على الإتيان بمثل ما فعلو

ا كقوله تعالى :{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } التوبة / 119 فالمعية تقتضي المشاركة في الفعل ولا تستلزم المقارنة فيه ، قيل : حقيقة المعية مصاحبة ما بعدها لما قبلها

وهذه المصاحبة تفيد أمراً زائداً على المشاركة ولا سيما في الصلاة ، فإنه إذا قيل : صلِّ مع الجماعة أو صليتُ مع الجماعة ، لا يفهم منه إلا اجتماعهم على الصلاة .

" الصلاة وحكم تاركها " ( 139 – 141 ) .

3. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : " والذي نفسي بيده لقد هممتُ أن آمر بحطبٍ فيحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلاً فيؤم الناس

ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم ، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً ، أو مِرْمَاتين حسنتين لشهد العشاء " .

رواه البخاري ( 618 ) ، ومسلم ( 651 ) .

عرْق : العظم .

مرماتين : ما بين ظلفي الشاة من اللحم .

والظّلف : الظفر

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" إن اثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً يصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ".

رواه البخاري ( 626 ) ، ومسلم ( 651 ) .

قال ابن المنذر :

وفي اهتمامه بأن يحرق على قوم تخلفوا عن الصلاة بيوتهم : أبين البيان على وجوب فرض الجماعة ، إذ غير جائز أن يحرِّق الرسول صلى الله عليه وسلم مَن تخلف عن ندب ، وعما ليس بفرض .

" الأوسط " ( 4 / 134 ) .

وقال الصنعاني :

والحديث دليل على وجوب الجماعة عيناً لا كفايةً ، إذ قد قام بها غيرهم فلا يستحقون العقوبة ، ولا عقوبة إلا على ترك واجب أو فعل محرم .

" سبل السلام " ( 2 / 18 ، 19 ) .

4. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى [وهو ابن أم مكتوم] فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ

فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَأَجِبْ . ولفظ أبي داود (552) وابن ماجه (792) : ( لا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً )

والحديث : قال عنه النووي : إسناده صحيح أو حسن .

" المجموع " ( 4 / 164 ) .

قال ابن المنذر :

فإذا كان الأعمى لا رخصة له : فالبصير أولى أن لا تكون له رخصة .

" الأوسط " ( 4 / 134 ) .

وقال ابن قدامة :

وإذا لم يرخص للأعمى الذي لم يجد قائدا فغيره أولى .

" المغني " ( 2 / 3 ) .

5. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : من سرَّه أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى

وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو أنكم تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور

ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة

ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف .

وفي لفظ ، قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علَّمَنا سنن الهدى ، وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه .

رواه مسلم ( 654 ) .

قال ابن القيم :

فوجه الدلالة : أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم ؛ وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب ولا بفعل مكروه

ومن استقرأ علامات النفاق في السنَّة : وجدها إما ترك فريضة ، أو فعل محرم ، وقد أكد هذا المعنى بقوله : " من سرَه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن "

وسمَّى تاركَها المصلي في بيته متخلفاً تاركاً للسنَّة التي هي طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان عليها وشريعته التي شرعها لأمته

وليس المراد بها السنَّة التي مَن شاء فعلها ومَن شاء تركها ؛ فإن تركها لا يكون ضلالاً ، ولا من علامات النفاق كترك الضحى وقيام الليل وصوم الإثنين والخميس .

" الصلاة وحكم تاركها " ( ص 146 ، 147 ) .

6. إجماع الصحابة :

قال ابن القيم :

إجماع الصحابة رضي الله عنهم ونحن نذكر نصوصهم :

قد تقدم قول ابن مسعود رضي الله عنه : ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق .

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر فلا صلاة له .

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : من سمع المنادي فلم يجب بغير عذر فلا صلاة له .

وعن علي رضي الله عنه قال : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ، قيل : ومَن جار المسجد ؟ قال : مَن سمع المنادي " .
وعن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر .

وعن علي رضي الله عنه قال : من سمع النداء من جيران المسجد وهو صحيح من غير عذر فلا صلاة له .

" الصلاة وحكم تاركها " ( ص 153 ) .

والأدلة كثيرة اكتفينا بما سبق ، ويمكن الرجوع إلى كتاب ابن القيم " الصلاة وحكم تاركها " ففيها زوائد وفوائد . وللشيخ ابن باز رسالة مفيدة بعنوان وجوب أداء الصلاة في جماعة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-12, 05:58   رقم المشاركة : 114
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل ورد في فضل سورة "طه" حديث صحيح ؟

السؤال

أود الاستفسار عن فضل قراءة سورة طه ، وأيضا عن فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات متواصلة لفترة معينة ؟ ولكم جزيل الشكر .

الجواب

الحمد لِلَّه

أولا :

صح في فضائل سورة ( طه ) الأحاديث الآتية :

1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قال في بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالْكَهْفُ وَمَرْيَمُ وَطه وَالْأَنْبِيَاءُ : ( هُنَّ مِنْ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي )

رواه البخاري (4994)

قال البيهقي في "شعب الإيمان" (2/476) :

" ( العِتاق ) : جمع عتيق ، والعرب تجعل كل شيء بلغ الغاية في الجودة عتيقا ، يريد تفضيل هذه السور لما تضمنت من ذكر القصص وأخبار الأنبياء عليهم الصلاة السلام وأخبار الأمم ، و ( التِّلاد ) :

ما كان قديما من المال ، يريد أنها من أوائل السور المنزلة في أول الإسلام لأنها مكية ، وأنها من أول ما قرأه
وحفظه من القرآن " انتهى .

ويقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8/388) :

" ( مِنَ العِتَاقِ ) جمع عتيق وهو القديم ، أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة ، وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث ، وقوله ( هُنَّ مِن تِلَادِي ) أي : مما حفظ قديما ، والتلاد قديم الملك ، وهو بخلاف الطارف ، ومراد ابن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن ، وأن لهن فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الأنبياء والأمم " انتهى .

2- عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( اسْمُ اللَّهِ الأَعظَمُ فِي سُوَرٍ مِنَ القُرآنِ ثَلَاثٍ : فِي " البَقَرَةِ " وَ " آلِ عِمرَانَ " وَ " طَهَ " )

رواه ابن ماجه (3856) والحاكم (1/686) وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (746)

وقال رحمه الله :

" قول القاسم بن عبد الرحمن ( الراوي عن أبي أمامة ) أن الاسم الأعظم في آية ( وعنت الوجوه للحي القيوم ) من سورة ( طه ) لم أجد في المرفوع ما يؤيده ، فالأقرب عندي أنه في قوله في أول السورة ( إني أنا الله لا إله إلا أنا..) فإنه الموافق لبعض الأحاديث الصحيحة

فانظر "الفتح" (11/225) ، و "صحيح أبي داود" (1341) " انتهى .

ثانيا :

جاء في فضائل سورة طه أحاديث ضعيفة واهية ، أذكرها هنا للتنبيه عليها ، ولتحذير الناس منها :

1- عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( إن الله تبارك وتعالى قرأ " طه " و " يس " قبل أن يخلق السماوات والأرض بألف عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل هذا عليها ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ، وطوبى لألسنة تتكلم بهذا )

رواه الدارمي (2/547) وقال المحقق : إسناده ضعيف جدا ، عمر بن حفص بن ذكوان قال أحمد : تركنا حديثه وحرقناه . وفي "المعجم الأوسط" (5/133)

وقال ابن حبان في "المجروحين" (1/208) :

هذا متن موضوع .

وكذا قال ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/110)

وقال ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (5/271) :

فيه نكارة .

وقال الألباني في "السلسلة الضعيفة" (1248) : منكر .

وانظر "الكامل" (1/216)

و "لسان الميزان" (1/114)

2- عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( اعملوا بالقرآن ، أحِلُّوا حلاله ، وحرموا حرامه ، واقتدوا به ، ولا تكفروا بشيء منه ، وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي الأمر من بعدي كَيْمَا يخبروكم

وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور وما أوتي النبيون من ربهم ، ولْيَسَعكم القرآن وما فيه من البيان ؛ فإنه شافع مشفع وماحل مصدق ، ألا ولكل آية نور يوم القيامة

وإني أعطيت سورة البقرة من الذكر الأول ، وأعطيت " طه " و " طواسين " و " الحواميم " من ألواح موسى ، وأعطيت فاتحة الكتاب من تحت العرش )

رواه الحاكم في "المستدرك" (1/757)

وقال : هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه .

والطبراني في "المعجم الكبير" (20/225)

وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2826)

وابن حبان في "المجروحين" (2/65)

3- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه :

( يا رب " طه " و " يس " ويا رب القرآن العظيم )

قال ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (5/173-174) :

" لا خلاف بين أهل العلم بالحديث أن هذا الحديث كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى .

4- ( من قرأ " طه " أعطي يوم القيامة ثواب المهاجرين والأنصار )

ذكره الزمخشري والبيضاوي في فضائل سورة طه ، وهو من الأحاديث الموضوعة .

انظر "الكشف الإلهي" للطرابلسي (1/178)

وأما ما سألت عنه من فضل قراءتها كل ليلة ثلاث مرات فلم أجده في كتب السنة ، بل لم أجده حتى في كتب الموضوعات ، ولم يثبت في ذلك شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم

فينبغي التنبه والحذر ، والحرص على العمل بالصحيح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ونبذ الضعيف والموضوع .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-12, 06:02   رقم المشاركة : 115
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

تمثل العمل الصالح رجلا في القبر

السؤال

ما صحة هذا الحديث : ( عند موت الإنسان وأثناء انشغال أقربائه بمناسكِه الجنائزيةِ ، يقفُ رجلٌ وسيمُ جداً بجوار رأس الميت . وعند تكفين الجثّة ، يَدْخلُ ذلك الرجلِ بين الكفنِ وصدرِ الميّتِ . وبعد الدفنِ ، يَعُودَ الناس إلى بيوتهم

ويأتي القبرِ ملكان مُنكرٌ ونكير، ويُحاولانَ أَنْ يَفْصلاَ هذا الرجلِ الوسيم عن الميتِ لكي يَكُونا قادرين على سؤال الرجلِ الميتِ في خصوصية حول إيمانِه . لكن يَقُولُ الرجل الوسيم : "

هو رفيقُي ، هو صديقُي . أنا لَنْ أَتْركَه بدون تدخّل في أيّ حالٍ منَ الأحوالِ . إذا كنتم معنينَّن لسؤالهِ ، فاعمَلوا بما تؤمرونَ ، أما أنا فلا أَستطيعُ تَرْكه حتى أدخلهْ إلى الجنة ِ" . ويتحول الرجل الوسيم إلى رفيقه الميت ويَقُولُ له :

" أَنا القرآن الذيّ كُنْتَ تَقْرؤُه بصوتٍ عالٍ أحياناً وبصوت خفيض أحياناً أخرى . لا تقلق . فبعد سؤال مُنكرٍ ونكير لا حزن بعد اليوم . وعندما ينتهى السؤال ، يُرتّبُ الرجل الوسيم والملائكة فراش من الحرير مُلئ بالمسكِ للميت في الجنة )


الجواب

الحمد للّه


الذي جاء في السنة النبوية الصحيحة من تمثل العمل الصالح ، ومنه قيام العبد بالقرآن الكريم ، بالرجل الحسن في القبر ما يلي :

1- عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ :

( إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنْ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنْ الْآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مَلَائِكَةٌ مِنْ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ الشَّمْسُ ، مَعَهُمْ كَفَنٌ مِنْ أَكْفَانِ الْجَنَّةِ ، وَحَنُوطٌ مِنْ حَنُوطِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسُوا مِنْهُ مَدَّ الْبَصَرِ ...إلى أن قال – في وصف حال المؤمن في القبر - :

فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالَ : فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ .

قَالَ : وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ ، حَسَنُ الثِّيَابِ ، طَيِّبُ الرِّيحِ ، فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ . فَيَقُولُ لَهُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ . فَيَقُولُ : أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ . فَيَقُولُ : رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي )

رواه أحمد (4/362) وصححه الألباني في "أحكام الجنائز" (156)

2- عن بريدة رضي الله عنه قال : سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول :

( َإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ . فَيَقُولُ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُنِي ؟ فَيَقُولُ : مَا أَعْرِفُكَ . فَيَقُولُ لَهُ : أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ

وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا . فَيَقُولَانِ :

بِمَ كُسِينَا هَذِهِ ؟ فَيُقَالُ : بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا )

رواه أحمد في "المسند" (394)

وابن ماجه في "السنن" (3781)

وحسنه البوصيري في الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829)

يقول السيوطي في شرح الحديث (2/1242) :

" ( كالرجل الشاحب ) قال السيوطي : هو المتغير اللون ، وكأنه يجيء على هذه الهيئة ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا ، أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة ." انتهى .

ولم أقف على شيء من السنة الصحيحة في تمثل العمل الصالح رجلا في القبر إلا هذين الحديثين .

أما الحديث الذي ذكرته – أخي السائل الكريم – فلم يرد في كتب السنة المعتمدة ، ولم نقف له على إسناد صحيح ولا ضعيف ، بل هو مما ينتشر في بعض المنتديات والمواقع من غير تحرٍّ ولا تثبت

ولعل بعض الجهلة من الناس كتبه من قبل نفسه ثم عزاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحث الناس على الاهتمام بالقرآن والعناية به ، ولم يدر هؤلاء أن الكذب

على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذنوب التي توبق صاحبها في نار جهنم ، وأن النية الحسنة لا ترفع الإثم عن هؤلاء الذين يكذبون ويضعون الحديث على لسان النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (1291) ومسلم (4)

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-15, 16:49   رقم المشاركة : 116
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




تفصيل اختلاف العلماء في حديث التربة ومناقشة أدلتهم


السؤال :

جاء في صحيح مسلم تحت باب " ابتداء الخلق "

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: " أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال : ( خلق الله عز وجل التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء

وخلق النور يوم الأربعاء ، وبث فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق

في آخر ساعة من ساعات الجمعة ، فيما بين العصر إلى الليل ) . فما هو الرد الصحيح على من ينكر هذا الحديث ؛ لأنه لا يعقل أن يكون خلق الشجر قبل خلق الضوء ، بينما نحن نعلم أنّ الشجر لا ينمو دون ضوء ؟

بالنسبة لي أنا أعتقد أنه يجب أن نسلم بما جاء في الحديث إن كان الحديث صحيحاً ، وأنه يجب علينا أن لا ننكر ما جاء في السنة بناءً على أفهامنا ودراساتنا البشرية التي تحتوي على الكثير من الأخطاء .


الجواب :

الحمد لله

حديث التربة من أشهر الأحاديث التي وقع الخلاف في ثبوتها قديما وحديثا ، وخاض الناس في سنده ومتنه خوضا كثيرا .
وهو الحديث المروي عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : " أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ : ( خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ

وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ

وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ ) .

رواه مسلم في " صحيحه " (2789)

وأحمد في " مسنده " (2/ 327)

وأبو يعلى في " المسند " (10/ 513)

وابن خزيمة في " صحيحه " (3/ 117)

وابن حبان في " صحيحه " (14/ 30)

والطبراني في " الأوسط " (3/ 303)

والبيهقي في " السنن الكبرى " (9/ 3)

والطبري في " تفسيره " (21/ 433) وغيرهم :

جميعهم من طريق ابن جريج ، عن إسماعيل بن أمية ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة ، عن أبي هريرة مرفوعا .

وأخرجه النسائي في " الكبرى " (6/ 427) من طريق آخر قال : أنا إبراهيم بن يعقوب ، قال حدثني محمد بن الصباح ، قال : حدثنا أبو عبيدة الحداد

قال : نا الأخضر بن عجلان ، عن بن جريج المكي ، عن عطاء ، عن أبي هريرة .

ويمكننا تلخيص الخلاف في الحكم على الحديث بإيجاز في القولين الآتيين :

القول الأول :

تضعيف الحديث ، ورده لعلل في متنه وإسناده ، وإليه ذهب علي بن المديني ، والبخاري ، ويحيى بن معين ، وعبد الرحمن بن مهدي

كما نقله عن الأخيرين ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (1/256) ، (2/443)

ولم أقف عليه في مرجع آخر - ، وذهب إليه كثير من العلماء والمحدثين كالبيهقي ، وابن تيمية ، وغيرهم .

وكانت العلل التي أعلوه بها هي :

العلة الأولى :

روايته موقوفا من نقل أبي هريرة رضي الله عنه عن كعب الأحبار ، وترجيح رواية الوقف هذه .

قال الإمام البخاري رحمه الله :

" وقال بعضهم : عن أبي هريرة عن كعب ، وهو أصح "

انتهى من " التاريخ الكبير " (1/413) .

العلة الثانية :

وقوع خلل في الإسناد ، والصواب فيه أنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى المتهم بالكذب .

كما قال الإمام البيهقي رحمه الله :

" قال علي بن المديني : وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى ، قلت [ أي البيهقي ] : وقد تابعه على ذلك موسى بن عبيدة الربذي

عن أيوب بن خالد ، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف ،. وروي عن بكر بن الشرود ، عن إبراهيم بن يحيى ، عن صفوان بن سليم ، عن أيوب بن خالد . وإسناده ضعيف "

انتهى من " الأسماء والصفات " (2/ 250) .

العلة الثالثة :

مخالفة ظاهر القرآن الكريم ، الذي يصرح بأن خلق السماوات والأرض وما فيهما تم في ستة أيام : يومان للسماء ، وأربعة أيام للأرض وما فيها

كما قال تعالى : ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ . ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) فصلت/9-12.

وأما ظاهر حديث التربة أن خلق الأرض وقع في سبعة أيام كاملة دون ذكر السماوات .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وكذلك روى مسلم : ( خلق الله التربة يوم السبت ) ، ونازعه فيه من هو أعلم منه ، كيحيى بن معين ، والبخاري ، وغيرهما ، فبينوا أن هذا غلط

ليس هذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، والحجة مع هؤلاء ، فإنه قد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن الله تعالى خلق السموات والأرض في ستة أيام

وأن آخر ما خلقه هو آدم ، وكان خلقه يوم الجمعة ، وهذا الحديث المختلف فيه يقتضي أنه خلق ذلك في الأيام السبعة ، وقد رُوي إسناد أصح من هذا أن أول الخلق كان يوم الأحد "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (1/256)

وانظر: " مجموع الفتاوى " (18/ 73) .

وقد رجح هذا القول أيضا ابن القيم في " المنار المنيف " (84)

وابن الملقن في " تحفة المحتاج " (2/ 563) وغيرهم كثير .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-15, 16:50   رقم المشاركة : 117
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القول الثاني :

تصحيح الحديث ، والحكم بقبول إسناده ومتنه ، اعتمادا على تصحيح الإمام مسلم لإسناده وإخراجه له في الصحيح ، وكذلك ابن حبان في " صحيحه "

وحكم بثبوته ابن العربي في " أحكام القرآن " (4/83)

والمعلمي في " الأنوار الكاشفة "

والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (1833) .

وأجابوا عن العلل السابقة بما يأتي :









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-15, 16:51   رقم المشاركة : 118
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجواب عن العلة الأولى :

بأن البخاري لم يسم الرواة الذين جعلوا الحديث من كلام كعب الأحبار ، ولم يسند ذلك إليهم ، وحينئذ لا يمكننا الاعتماد على مجرد النقل في هذه الحالة

لأن ظاهر ما نقله الرواة كلهم ، وما أسنده الأئمة في كتبهم ، هو رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس من كلام كعب الأحبار

وقد أكد ذلك أبو هريرة رضي الله عنه بقوله : ( أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ) ، ما أشعر بالحفظ والإتقان من قبله ومن قبل الرواة عنه .

يقول العلامة المعلمي رحمه الله :

" يدل على ضعف [ هذه العلة ] أن المحفوظ عن كعب ، وعبد الله بن سلام ، ووهب بن منبه ، ومن يأخذ عنهم ، أن ابتداء الخلق كان يوم الأحد

وهو قول أهل الكتاب المذكور في كتبهم ... فهذا يدفع أن يكون ما في الحديث من قول كعب .

وأيوب لا بأس به ، وصنيع ابن المديني يدل على قوته عنده ، وقد أخرج له مسلم في صحيحه كما علمت ، وإن لم يكن حده أن يحتج به في الصحيح " .

انتهى من " الأنوار الكاشفة " (ص/189) .

ويدلك على ذلك أيضا إذا رجعت إلى سفر التكوين من العهد القديم ، الفقرات (1-31) فستجد الفارق الهائل بين التفاصيل الواردة هناك في خلق ما في الأرض وترتيب الأيام

وبين الحديث الشريف ، الأمر المشعر بمخالفة الحديث لما ورد عن أهل الكتاب .

والجواب عن العلة الثانية :

أن إسماعيل بن أمية ثقة غير مدلس ، فكيف يقال بأنه أخذ الحديث عن إبراهيم بن أبي يحيى ( المتهم بالكذب ) ، بدون تفسير ولا ذكر دليل ، فمثل هذه التهم المرسلة لا تقبل .

قال المعلمي رحمه الله :

" إسماعيل بن أمية ثقة عندهم غير مدلس ، فلهذا والله أعلم لم يرتض البخاري قول شيخه ابن المديني ، وأعل الخبر بأمر آخر "

انتهى من " الأنوار الكاشفة " (ص/189)

ويقول الشيخ الألباني رحمه الله :

" هذه دعوى عارية عن الدليل إلا مجرد الرأي ، وبمثله لا ترد رواية إسماعيل ابن أمية ، فإنه ثقة ثبت كما قال الحافظ في " التقريب "، لاسيما وقد توبع

فقد رواه أبو يعلى في " مسنده " (288 / 1) من طريق حجاج بن محمد ، عن أيوب بن خالد ، عن عبد الله بن رافع به ، لكن لعله سقط شيء من إسناده .

وقال البخاري :

" وقال بعضهم : عن أبي هريرة عن كعب ، وهو أصح "!

قلت : وهذا كسابقه ، فمن هذا البعض ؟

وما حاله في الضبط والحفظ حتى يرجح على رواية عبد الله بن رافع ؟!

وقد وثقه النسائي وابن حبان ، واحتج به مسلم " .

انتهى من " السلسلة الصحيحة " (1833) .

الجواب عن العلة الثالثة :

أن الحديث الشريف يتحدث عن تفاصيل ما جرى في الأربعة أيام التي خلقت فيها الأرض وقدرت فيها أقواتها ، وذلك يعني أن الله عز وجل خلق السماوات في يومين

ثم خلق الأرض في يومين ، ثم خلق تفاصيل ما في الأرض في يومين آخرين ، فجاء الحديث الشريف يبين ما جرى في هذين اليومين الأخيرين على وجه الدقة

فهما يومان طويلان ، يمكن تقسيمهما إلى مراحل زمنية سبعة ( تسمى أياما ) ، وليس ذلك بمستبعد ، فاليوم في أول نشأة السماوات والأرض لا يقصد به اليوم المعروف بطلوع الشمس إلى غروبها

حيث لم تكن الشمس قد خلقت أصلا ، وإنما هو مرحلة زمنية الله عز وجل أعلم بحقيقتها .

يقول الشيخ الألباني رحمه الله :

" خلاصة ذلك أن الأيام السبعة في الحديث هي غير الأيام الستة في القرآن ، وأن الحديث يتحدث عن شيء من التفصيل الذي أجراه الله على الأرض ، فهو يزيد على القرآن ، ولا يخالفه "

انتهى من " مختصر العلو للعلي العظيم " (ص: 112) .

وقال أيضا رحمه الله :

" لا بد لي من أن أقدم طريقًا أخرى للحديث هي نص فيما ذهبنا إليه

وهو ما أخرجه النسائي في " السنن الكبرى " (6/427/11392)

من طريق الأخضر بن عجلان عن ابن جريج المكي عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا : ( يا أبا هريرة ! إن الله خلق السماوات والأرضين وما بينهما في ستة أيام

ثم استوى على العرش يوم السابع ، وخلق التربة يوم السبت ..) الحديث، ورجاله ثقات.

فقد جمع هذا النص بين الأيام المذكورة في القرآن ، والأيام السبعة المذكورة في الحديث ، الذي بين فيه ما جرى على الأرض من تطوير في الخلق

وهو ما كنا حملنا عليه الحديث الصحيح في رد ما أعلوه به "

انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (2/ 726) .

وفي الجواب عن هذه العلة الثالثة توجيهات أخرى ، لكن ما ذكرناه هنا هو المتجه أكثر ، الأسلم من الاعتراضات ،

وقد فصل ذلك الدكتور شرف القضاة في بحث محكَّم بعنوان : " هل يتعارض الحديث مع القرآن والعلم ؛ حديث التربة نموذجا ".

وقد أيد الدكتور وفقه الله تصحيح الحديث بتوافقه مع علوم الأرض المعاصرة ، فيقول في بحثه هذا (ص25):

" إن المقارنة الدقيقة بين هذا الحديث النبوي ، وبين العلوم الطبيعية ، تبين بوضوح أنه لا يوجد أي تعارض بينهما

. كما أن المقارنة تبين أنه – باستثناء المكروه الذي لا يعرف معناه على وجه التحديد – فإن الحقائق العلمية تؤيد كل ما جاء في الحديث بالترتيب المذكور .

فإن من الثابت أن الأرض بعدما انفصلت عن الشمس بدأت تبرد بمرور الوقت ، حتى أصبح لها قشرة متجمدة ، ازدادت شيئا فشيئا ، ثم تكونت التضاريس من جبال ووديان . [ الإنسان في الكون بين القرآن والعلم، ص32]

كما أنه ما من شك في أن النباتات خلقت بعد القشرة الأرضية والجبال ، وقبل الأسماك والحيوانات والطيور ، وأن الكائنات البحرية خلقت قبل الكائنات البرية . [دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة، ص212.

والإنسان في الكون، ص137. والأرض، ص25. وقراءة في تاريخ الوجود من الانفطار الأول إلى النفخة الأخيرة، الدكتور أحمد محمد كنعان، ص120-121 دار السلام، القاهرة، 2008م]

وهكذا فإن الثابت علميا هو أن التطور على الأرض قد بدأ بظهور القشرة الأرضية ، ثم الجبال ، ثم النباتات البحرية ، ثم الأسماك ، ثم النباتات البرية ، ثم الحيوانات ، ثم الإنسان ، وهذا هو بالضبط الذي ورد في هذا الحديث .

1. التربة، والمقصود بها (القشرة الأرضية)، وهي مكونة من الصخور والرواسب الذين أثر فيهما المناخ عبر الزمن، [الأرض، ص155]

وقد كانت الصخور النارية هي أول الصخور المكونة للقشرة الأرضية. [الأرض، ص42]

2. الجبال

3. الشجر، والمقصود به النباتات، وقد ظهرت النباتات في البحر أولا على شكل طحالب، ثم ظهرت بعد ذلك على اليابسة.

4. النون (الأسماك) فالنون هو الحوت : وهو السمكة الكبيرة.

5. الدواب (الحيوانات البرية)

6. آدم عليه السلام.

فهل يمكن أن يكون هذا التوافق التام في عصر لم يكن يعلم أحد من ذلك شيئا بمحض الصدفة؟

إنه لمن المستحيل عادة أن يقول هذا إنسان من رأيه واجتهاده، ولا شك أن هذا الحديث إنما هو مما أوحى الله به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فالحديث فيه إعجاز علمي واضح" .

انتهى كلام الدكتور شرف القضاة ، وما بين المعقوفتين المراجع التي ذكرها في الحاشية .

وقد اعتمد في كلامه على ما قاله القاضي عياض

: " عند بعض رواة مسلم فيه في الكتاب ( النون ) بالنون مكان الراء ، يعني : الحوت "

انتهى من " إكمال المعلم " (8/321) .

وبهذا ينحل الإشكال الوارد في السؤال بأن النور ضروري للنبات ، فالأصل أن يخلق قبله .

كما يمكن أن يجاب عن هذا الإشكال أيضا بأن ( النور ) المقصود في الحديث ليس المقصود به ( ضياء الشمس )، فالشمس قد خلقت مع خلق السماء سابقا ، وإنما المقصود بالنور هنا النور المعنوي ، وهو الخير .

كما يقول ابن الأثير رحمه الله :

" ( خلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ) أراد بالمكروه هاهنا الشر ، لقوله ( وخلق النور يوم الأربعاء )، والنور خير ، وإنما سمي الشر مكروها ؛ لأنه ضد المحبوب " .

انتهى من " النهاية " (4/169) .

والخلاصة :

أن الحديث محل اختلاف بين أهل العلم ، فيه كلام في سنده ومتنه ، وعلى هذا الكلام إجابات قوية ومباشرة أيضا من محدثين كبار ، وما نميل إليه هو تصحيح الحديث

وأن ما يذكره العلماء في ترتيب المخلوقات في الكون يتوافق مع ما ورد فيه ، ( والنور ) الذي خلق بعد خلق النبات هو الخير ، أما ضياء الشمس فقد خلق قبل الأرض .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-15, 16:55   رقم المشاركة : 119
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

صحة حديث قتال اليهود

السؤال

: هل هذا الحديث صحيح " أنه سيأتي يوم ينتصر فيه المسلمون على اليهود ، حتى الحجر الذي يختفي فيه يهودي يتكلم وينادي بأنه تحتي يهودي فاقتله " ؟.


الجواب :

الحمد لله

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم ثم يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله " ( رواه البخاري برقم 3593) ، وعن ابن عمر أيضاً رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

" تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله " رواه أحمد والترمذي وقال : هذا حديث حسن صحيح .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ينزل الدجال بهذه السبخة بمر قناة فيكون أكثر من يخرج إليه النساء

حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته يوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه ثم يسلط الله المسلمين عليه فيقتلونه ويقتلون شيعته

حتى إن اليهودي ليختبئ تحت شجرة أو حجر فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم هذا يهودي تحتي فاقتله "

رواه أحمد في مسنده وكذا رواه ابن ماجه عن أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم في شأن المسيح الدجال .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

فتاوى اللجنة الدائمة 3/91









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-15, 16:58   رقم المشاركة : 120
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


مع جذء اخر من

سلسله الحديث

و من لاديه استفسار بهذا الجزء او لديه الحديث يريد التاكيد عليه يتقدم به

و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
امي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc