اخوة الاسلام
أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
حكم قول : " الله محبة " .
السؤال:
هل كلمة ( الله محبة ) تجوز شرعا ؟ ؛ لأني سمعت الشيخ ديدات رحمة الله عليه يقول عنها : لا تجوز ، لله الاسماء الحسنى فأدعوه بها ، وهي ليست من الاسماء الحسنى ، وكثير من الناس يقولون : الله محبة يرجى التوضيح .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لا يجوز إطلاق "الله محبة" على الله سبحانه وتعالى ، وذلك للأسباب الآتية :
1- أن هذه الكلمة "الله محبة" هي شعار للنصارى ، فهم الذين يطلقون هذه الكلمة على الله ، ولا يجوز لمسلم أن يتشبه بالمشركين وأهل الضلال فيما هو من خصائصهم وشعاراتهم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (3512)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"وهذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ، كما في قوله : (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)"
انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" (ص 83 ).
2- أن معنى هذه الكلمة معنى فاسد ، لا يجوز أن ينسب إلى الله تعالى ؛ فإنهم يزعمون أن معناها : "أن الله خلقنا لأنه يحبنا" ، ولذلك فإنه "بذل ابنه الوحيد من أجلنا" !!
اما الكلام على عقيدة الصلب والفداء عند النصارى وبيان بطلانها ، وبطلان القول ببنوة المسيح عليه السلام
أما رفض المسلمين لهذه الفكرة فليس فيه عجب ولا غرابة ، إذ كان القرآن الذي يؤمنون به ، ويصدقون بخبره قد نفى ذلك الأمر نفيا قاطعا ، كما قال الله تعالى : ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً ) النساء/157
لكن الشأن إنما هو في النصارى الذين صارت عقيدة الصلب والفداء عندهم من الأهمية بمكانٍ ، بحيث صار الصليب شعارا لدينهم !!
والعجيب أنهم يختلفون في شكل هذا الصليب اختلافا يُلمح إلى تخبطهم في أصل هذه الفرية !!
إن كل ما يتعلق بقصة الصلب هو محل اختلاف بين أناجيلهم ومؤرخيهم :
فقد اختلفوا في وقت العشاء الأخير بزعمهم ، الذي كان مقدمة من مقدمات الصلب ، واختلفوا في التلميذ الخائن الذي دل على السيد المسيح :
هل كان قبل العشاء الأخير بيوم على الأقل ، كما يروي لوقا ، أو أثناءه ، بعد أن أعطاه المسيح اللقمة ، كما يروي يوحنا ؟!
وهل المسيح هو الذي حمل صليبه كما يروي يوحنا ، على ما كان معتادا فيمن يصلب ، على حد قول نيتنهام ، أو هو سمعان القيرواني ، كما يروي الثلاثة الآخرون ؟!
وإذا كانوا قد ذكروا أن اثنين من اللصوص صلبا كما صلب المسيح ، أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فما كان موقف هذين المصلوبين من المسيح المصلوب ، بزعمهم :
هل عيره اللصان بصلبه ، وأن ربه أسلمه إلى أعدائه ، أو عيره أحدهما فقط ، والثاني انتهر هذا المُعَيِّر ؟!
ثم في أي ساعة كان هذا الصلب : الثالثة كما يروي مرقس ، أو السادسة كما يروي يوحنا ؟!
وماذا حدث بعد الصلب الذي زعموه :
إن مرقس يروي أن حجاب الهيكل قد انشق من فوق إلى أسفل ، ويزيد متى أن الأرض تزلزلت ، والصخور تشققت ، وقام كثير من القديسين من قبورهم ، ودخلوا المدينة المقدسة ، وظهروا لكثيرين ، بينما لوقا يروي أن الشمس أظلمت ، وانشق حجاب الهيكل من وسطه ، فلما رأى قائد المائة ما كان ، مجد الله قائلا : بالحقيقة كان هذا الإنسان بارا .
وأما يوحنا فلا يعلم عن ذلك شيئا !!
وليس هذا فقط هو كل ما تحويه قصة الصلب ، كما توردها الأناجيل ، من عناصر الضعف ، ودلائل البطلان ، وإنما يمكن للناظر في تفاصيل الروايات التي توردها الأناجيل لهذه القصة أن يلمس بأدنى نظر ما بينها من اختلاف شديد في تفاصيل تلك القصة ، وما دار حولها ، بحيث يتعذر الإيمان بذلك كله ، أو التصديق بأي ذلك كان !!
وكم هي شاقة تلك المحاولة اليائسة لسد تلك الثغرات ، وستر عورات الكتب المحرفة ، وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه المحفوظ : ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) النساء/82 إنها محاولة قروي ساذج لإقناع العلماء أن قنابل الذَّرَّة مصنوعة من كيزان الذٌّرَة ، على حد تعبير بعض الدعاة !!
وبعيدا عن سقوط الثقة بأخبار الأناجيل المحرفة ، والتي اعترف أهلها أنفسهم بأنها لم تنزل على المسيح هكذا ، بل ولا كتبت في حياته ، فإن شهود الإثبات جميعاً لم يحضروا الواقعة التي يشهدون فيها، كما قال مرقس: { فتركه الجميع وهربوا } ( مرقس 14/50 )
وإزاء ذلك الموقف الذي لم يشهده أحد ممن حكاه ، فلتذهب الظنون كل مذهب ، والخيال مثل الشِّعر : أعذبه أكذبه !!
ولنكمل صورة الحديث عن أسطورة صلب المسيح عليه السلام ، بما ذكرته الأناجيل من تنبؤات المسيح بنجاته من القتل :
ذات مرة أرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة الحرس ليمسكوا به ، فقال لهم :
{ سأبقى معكم وقتا قليلا ، ثم أمضي إلى الذي أرسلني ، ستطلبوني فلا تجدوني ، وحيث أكون أنا لا تقدرون أن تجيئوا } [ يوحنا : 7/32-34 }
وفي موقف آخر يقول :
{ أنا ذاهب ، وستطلبوني ، وفي خطيئتكم تموتون ، وحيث أنا ذاهب لا تقدرون أنتم أن تجيئوا .
فقال اليهود : لعله سيقتل نفسه ، لأنه قال : حيث أنا ذاهب لا تقدرون أن تجيئوا .
وقال لهم : أنتم من أسفل ، أما أنا فمن فوق ، أنتم من هذا العالم ، وما أنا من هذا العالم .....
متى رفعتم ابن الإنسان ، عرفتم أني أنا هو ، وأني لا أعمل شيئا من عندي ، ولا أقول إلا ما علمني الآب ، والآب الذي أرسلني هو معي ، وما تركني وحدي ، لأني في كل حين أعمل ما يرضيه } . [ يوحنا : 8/21-29 ]
ثم يعود ليقول لهم آخر الأمر :
{ لن تروني إلا يوم تهتفون : تبارك الآتي باسم الرب . وخرج يسوع من الهيكل ...} [ متى : 32/39 ، 24/1 ] وأيضا : [ لوقا 13/35 ] .
لقد كان المسيح ، كما تصوره هذه النصوص وغيرها أيضا ، على ثقة من أن الله ـ تعالى ـ لن يسلمه إلى أعدائه ، ولن يتخلى عنه :
{ تجيء ساعة ، بل جاءت الآن ، تتفرقون فيها ، كل واحد في سبيله ، وتتركوني وحدي ؛ ولكن لا أكون وحدي ، لأن الآب معي ... ستعانون الشدة في هذا العالم ، فتشجعوا ؛ أنا غلبت العالم !! } [ يوحنا : 16/32-33] .
ولأجل هذا كان المارة ، بل كل من حضر التمثيلية المزعومة لصلبه (!!) يسخرون من المسيح ، حاشاه من ذلك صلى الله عليه وسلم ، كما يقول كاتب هذا الإنجيل :
{ وكان المارة يهزون رؤوسهم ويشتمونه ، ويقولون : ... إن كنت ابن الله ، فخلص نفسك ، وانزل عن الصليب . وكان رؤساء الكهنة ، ومعلمو الشريعة والشيوخ يستهزئون به ، فيقولون : خلَّصَ غيره ، ولا يقدر أن يخلص نفسه ؟! هو ملك إسرائيل ، فلينزل الآن عن الصليب لنؤمن به ؛ توكَلَ على الله وقال : أنا ابن الله ، فلينقذه الله إن كان راضيا عنه . وعيره اللصان المصلوبان معه أيضا ، فقالا مثل هذا الكلام .}
لكن يبدو أن يقين عسى بمعية الله له قد بدأ يتزعزع ، على ما تصوره أناجيلهم المحرفة ، حاشاه عليه السلام من ذلك :
{ جاء معهم يسوع إلى موضع اسمه جَتْسِماني ، فقال لهم : اجلسوا ههنا حتى أذهب وأصلّي هناك، ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي ، وبدأ يشعر بالحزن والكآبة ، فقال لهم: نفسي حزينة حتى الموت ، امكثوا ههنا واسهروا معي . وابتعد عنهم قليلاً وارتمى على وجهه ، وصلّى فقال : إن أمكن يا أبي فلتعبر عني هذه الكأس ، ولكن ليس كما أريد أنا ، بل كما أنت تريد . ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياماً.. وابتعد ثانية ، وصلّى فقال : يا أبي إذا كان لا يمكن أن تعبر عني هذه الكأس، إلا إن أشربها ، فلتكن مشيئتك ، ثم جاء فوجدهم أيضاً نياماً ... وعاد إلى الصلاة مرة ثالثة ، فردد الكلام نفسه . ثم رجع إلى التلاميذ ، وقال لهم : أنيام بعدُ ومستريحون ؟! جاءت الساعة التي فيها يُسْلَم ابن الإنسان إلى أيدي الخاطئين } [ متى 26/36 -40] .
ويصف لوقا المشهد ، فيقول : { ... ووقع في ضيق ، فأجهد نفسه في الصلاة ، وكان عرقه مثل قطرات دم تتساقط على الأرض ، وقام عن الصلاة ، ورجع إلى التلاميذ فوجدهم نياما من الحزن ، فقال لهم ما بالكم نائمين ، قوموا وصلوا لئلا تقعوا في التجربة } [ لوقا 22/44 ] .
ولأجل هذا الاستهزاء بدعوى المسيح ، في زعمهم ، ولأجل ما كان يظنه المسيح من أن الله معه ولن يخذله ، كان منطقيا أن ينهي الكاتب الذي افترى هذا المشهد الدرامي ، بلقطة بائسة تمثل حسرة المسيح ، وخيبة ظنه في معية الله له ، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، يقول الكاتب المفتري :
{ وعند الظهر خيم على الأرض كلها ظلام حتى الساعة الثالثة , ونحو الساعة الثالثة صرخ يسوع بصوت عظيم : إلهي ، إلهي ، لماذا تركتني ؟!! } [ متى : 27/38-47 ] وأيضا :
[ مرقس : 15/29-35 ] .
وإذ قد عرفنا قيمة تلك القصة في ميزان النقد ، فإن ما بني عليها من عقيدة الفداء والتضحية تبع لها .