السؤال:
في حالة أن يكون الإمام مسافرا , وكان المصلون من خلفه مقيمين , فهل يجب على المقيم أن يتابع الإمام حتى لو قصر الصلاة ؟
لو فرضنا في صلاة العشاء , فان الإمام سوف يسلّم بعد الركعة الثانية , ففي هذه الحالة ماذا يجب على المصلي المقيم من خلفه , أيتم أم يقصر ؟
الجواب:
الحمد لله
دلت السنة النبوية على جواز صلاة المقيم خلف المسافر ، وعلى أن المقيم يتم صلاته ولا يقصرها إذا قصر إمامه المسافر ، ورد ذلك في حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه ضعف ولكنه متفق على فقهه عند المذاهب الأربعة وغيرهم .
عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال :
( غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَشَهِدْتُ مَعَهُ الْفَتْحَ ، فَأَقَامَ بِمَكَّةَ ثَمَانِي عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُصَلِّي إِلَّا رَكْعَتَيْنِ ، وَيَقُولُ : يَا أَهْلَ الْبَلَدِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ )
رواه أبو داود (رقم/1229)
وضعفه الألباني في " ضعيف أبي داود "
وروى مالك في " الموطأ " (2/206)
عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ : ( كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ! أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ )
قال ابن قدامة رحمه الله :
" أجمع أهل العلم على أن المقيم إذا ائتم بالمسافر , وسلم المسافر من ركعتين , أن على المقيم إتمام الصلاة ، وقد روي عن عمران بن حصين قال : ( شهدت الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام بمكة ثماني عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين , ثم يقول لأهل البلد : صلوا أربعا , فإنا سفر )
رواه أبو داود .
ولأن الصلاة واجبة عليه أربعا , فلم يكن له ترك شيء من ركعاتها كما لو لم يأتم بمسافر " انتهى.
" المغني " (2/64) .
وقال الكاساني الحنفي رحمه الله :
" اقتداء المقيم بالمسافر يصح ... ثم إذا سلم الإمام على رأس الركعتين لا يسلم المقيم ; لأنه قد بقي عليه شرط الصلاة ، فلو سلم لفسدت صلاته , ولكنه يقوم ويتمها أربعا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر )
وينبغي للإمام المسافر إذا سلم أن يقول للمقيمين خلفه : ( أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ) اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم " انتهى.
" بدائع الصنائع " (1/101)
ويقول الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا صلى المقيم خلف المسافر صلاة الفريضة كالظهر والعصر والعشاء فإنه يصلي أربعا ، وبذلك يلزمه أن يكمل صلاته بعد أن يسلم المسافر من الركعتين " انتهى.
" مجموع فتاوى ابن باز " (12/259)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" يجوز للمسافر أن يكون إماماً للمقيمين , وإذا سلم يقوم المقيمون فيتمون الصلاة بعده , ولكن ينبغي للمسافر الذي أمَّ المقيمين أن يخبرهم قبل أن يصلي فيقول لهم إنا مسافرون فإذا سلمنا فأتموا صلاتكم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بمكة عام الفتح وقال ( أتموا يأهل مكة فإنا قوم سفر )
فكان يصلي بهم ركعتين وهم يتمون بعده " انتهى.
" مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين " (15/153)
وانظر " نيل الأوطار " (3/199)
" الموسوعة الفقهية " (6/33)
والله أعلم .