رد الشبهات عن صحابه الرسول صلي الله عليه وسلم - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

رد الشبهات عن صحابه الرسول صلي الله عليه وسلم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-02-18, 04:28   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

كيف كانت عقيدة الشيعة المتقدمين ورأيهم في الصحابة ، وخصوصا
أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؟


الجواب:

الحمد لله

كان الشيعة الأولون يقرون لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما بالفضل والتقدم على سائر الصحابة رضي الله عنهم ، ولم يكن يعرف عنهم ما هو معروف عن متأخريهم من سب الصحابة والطعن فيهم ، فضلا عن تكفيرهم وتفسيقهم .

أولا من أقوال أئمة الشيعة في تفضيل الصحابة ، وعرفان مقامهم :
عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ ، قَالَ: " وَافَقْنَا مِنْ عَلِيٍّ ذَاتَ يَوْمٍ طِيبَ نَفْسٍ وَمِزَاجٍ ، فَقُلْنَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ خَاصَّةً ، قَالَ: كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابِي ، فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، قَالَ: " ذَاكَ امْرُؤٌ أَسْمَاهُ اللَّهُ صِدِّيقًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ وَلِسَانِ مُحَمَّدٍ ، كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى الصَّلَاةِ ، رَضِيَهُ لِدِينِنَا ، وَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا " انتهى من " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (7/ 1372) .

فإذا كان عليّ يقدم أبا بكر وعمر على نفسه ، فلا شك أن أتباعه الذين صحبوه كانوا على هذا الاعتقاد أيضا .
قَالَ ابْنُ شَوْذَبٍ ، عَنْ لَيْثٍ قَالَ : " أَدْرَكْتُ الشِّيْعَةَ الأُوْلَى بِالكُوْفَةِ وَمَا يُفَضِّلُوْنَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَحَداً " انتهى من " سير أعلام النبلاء " (6/ 314) .

ونحن نذكر جملة من هؤلاء الشيعة المتقدمين ممن يقدم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، ويذكرهما بالفضل :
- محمد بن علي بن أبي طالب ، والمعروف بابن الحنفية ، روى البخاري (3671) عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ ، قَالَ: " قُلْتُ لِأَبِي : أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ ، قُلْتُ : ثُمَّ مَنْ ؟ ، قَالَ: ثُمَّ عُمَرُ ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ ، قُلْتُ : ثُمَّ أَنْتَ ؟ ، قَالَ: " مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ " .

ولو لم يكن يقرّ بذلك لعارض أباه ، ولما رواه للناس من بعده .

- علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .

عَنِ ابْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ : كَيْفَ كَانَتْ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: " كَمَنْزِلَتِهِمَا الْيَوْمَ وَهُمَا ضَجِيعَاهُ "

انتهى من "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (7/ 1378) .

- عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي .

عن أبي خَالِدٍ الْأَحْمَرَ، قَالَ: " سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَقَالَ: " صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا، وَلَا صَلَّى عَلَى مَنْ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِمَا " .

انتهى من " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (7/ 1381) .

- أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قال ابن كثير رحمه الله : " هُوَ أَحَدُ مَنْ تَدَّعِي فِيهِ طَائِفَةُ الشِّيعَةِ أَنَّهُ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ، وَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ عَلَى طَرِيقِهِمْ وَلَا عَلَى مِنْوَالِهِمْ، وَلَا يَدَيْنُ بِمَا وَقَعَ فِي أَذْهَانِهِمْ وَأَوْهَامِهِمْ وَخَيَالِهِمْ ، بَلْ كَانَ مِمَّنْ يُقَدِّمُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَذَلِكَ عِنْدَهُ صَحِيحٌ فِي الْأَثَرِ، وَقَالَ أَيْضًا: " مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي إِلَّا وَهُوَ يَتَوَلَّاهُمَا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْهُ "

انتهى من " البداية والنهاية " (13/ 72) .

- ابنه جعفر بن محمد الصادق .

قال الحسن بن صالح بن حيي : سمعت جعفر بن محمد الصادق يقول : " أنا بريء
ممن ذكر أبا بكر وعمر إلا بخير "

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (2/ 412) .

- زَيْدُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، قال في أبي بكر وعمر : " غَفَرَ اللَّهُ لَهُمَا، مَا سَمِعْتُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَتَبَرَّأُ مِنْهُمَا ، وَأَنَا لَا أَقُولُ فِيهِمَا إِلَّا خَيْرًا

" انتهى من "البداية والنهاية" (13/ 106) .

- شريك بن عبد الله القاضي ، والأجلح بن عبد الله الكندي ، وهما من الشيعة .
روى شريك عن الأجلح قال: "سمعنا أنه ما يسب أبا بكر وعمر أحد إلا مات قتلا أو فقيرا "

انتهى من " تهذيب التهذيب " (1/ 190) .

- محمد بن فضيل ، وسالم بن أبي حفصة .

روى مُحَمَّدُ بن فضيل عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ قَالَ: " سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ وَابْنَهُ جَعْفَرًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالا : " يَا سَالِمُ : تولهما وابرأ من عدوهما فإنهما كانا إمامي هُدًى " ، وَقَالَ لِي جَعْفَرٌ: " يَا سَالِمُ أَيَسُبُّ الرَّجُلُ جَدَّهُ! أَبُو بَكْرٍ جَدِّي فَلا نَالَتْنِي شَفَاعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَتَوَلاهُمَا وَأَبْرَأُ مِنْ عَدُوِّهِمَا " قال الذهبي : " هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ ، وَسَالِمٌ وَابْنُ فُضَيْلٍ شِيعِيَّانِ "

انتهى من " تاريخ الإسلام" (9/ 90) .

- عبد الرحمن بن صالح الأزدي ، أبو محمد الكوفي.

قال البغوي : سمعته يقول : " أفضل هذه الأمة بعد نبيها : أبو بكر وعمر "

انتهى من "ميزان الاعتدال" (2/ 569) .

- أبو الصلت الهروي .

قال أحمد بن سيار : " كان يعرف بالتشيع ، فناظرته لأستخرج ما عنده ، فلم أره يفرط ، رأيته يقدم أبا بكر وعمر، ولا يذكر الصحابة إلا بالجميل " .

انتهى من " ميزان الاعتدال" (2/ 616) .

- مجالد بن سعيد ، قال مجالد : " أَشْهَدُ عَلَى أَبِي الْوَدَّاكِ ، أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَرَوْنَ أَهْلَ عِلِّيِّينَ كَمَا تَرَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمِنْهُمْ ، وَأَنْعمَا )انتهى من " فضائل الصحابة " للإمام أحمد (1/ 169) .
ومجالد من الشيعة ، وقد روى هذا الحديث في فضل الشيخين رضي الله عنهما .

ومثل ذلك كثير مشهور .

ثانيا :

أقوال العلماء في تقرير ذلك الأصل ، وحكاية مذهب الشيعة المتقدمين :

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَلِهَذَا كَانَتِ الشِّيعَةُ الْمُتَقَدِّمُونَ الَّذِينَ صَحِبُوا عَلِيًّا، أَوْ كَانُوا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ : لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَإِنَّمَا كَانَ نِزَاعُهُمْ فِي تَفْضِيلِ عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ، وَهَذَا مِمَّا يَعْتَرِفُ بِهِ عُلَمَاءُ الشِّيعَةِ الْأَكَابِرُ مِنَ الْأَوَائِلِ وَالْأَوَاخِرِ ، حَتَّى ذَكَرَ مِثْلَ ذَلِكَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَلْخِيُّ ، قَالَ: سَأَلَ سَائِلٌ شَرِيكَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَبُو بَكْرٍ، أَوْ عَلِيٌّ ؟ فَقَالَ لَهُ : أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : أَتَقُولُ هَذَا ، وَأَنْتَ مِنَ الشِّيعَةِ؟ ، فَقَالَ: نَعَمْ إِنَّمَا الشِّيعِيُّ مَنْ قَالَ مِثْلَ هَذَا ، وَاللَّهِ لَقَدْ رَقَى عَلِيٌّ هَذَه الْأَعْوَادَ ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، أَفَكُنَّا نَرُدُّ قَوْلَهُ؟ أَكُنَّا نُكَذِّبُهُ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ كَذَّابًا "

انتهى من "منهاج السنة النبوية" (1/ 13-14) .

وقال أيضا :

" الشِّيعَة الْأُولَى أَصْحَابَ عَلِيٍّ لَمْ يَكُونُوا يَرْتَابُونَ فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ عَلَيْهِ.
كَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وُجُوهٍ مُتَوَاتِرَةٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ؟ " .
انتهى من " منهاج السنة النبوية " (2/ 72) ، وانظر أيضا : "منهاج السنة النبوية" (4/ 132) .

قال الذهبي رحمه الله :

" الشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم : هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية ، وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه، وتعرض لسبهم.
والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضاً، فهذا ضال معثَّر "

انتهى من "ميزان الاعتدال" (1/ 6) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" التشيع في عرف المتقدمين : هو اعتقاد تفضيل عليّ على عثمان , وأن عليا كان مصيبا في حروبه وأن مخالفه مخطئ، مع تقديم الشيخين ، وتفضيلهما ...

وأما التشيع في عرف المتأخرين : فهو الرفض المحض ، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة " انتهى من " تهذيب التهذيب " (1/ 94) .

ثالثا :

من الأدلة المهمة في هذا المقام : أن نعلم كيف كانت المصاهرة بين آل البيت الكرام ، وبين الصحابة ، وحرص أئمة آل البيت على تسمية أبنائهم بأسماء كبار الصحابة ، كأبي بكر وعمر وعثمان ، وغيرهم ، رضوان الله عليهم جميعا .
ويكفي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : هو أول من سمى ثلاثة من أبنائه : أبا بكر ، وعمر ، وعثمان !!
وأما ابنه الحسين ، رضي الله عنه : فقد سمى ابنا له : أبا بكر ، وسمى الآخر : عمر!!

وأخو الحسين : علي ، زين العابدين : سمى أحد أبنائه : عمر ، وآخر سماه : عثمان ، وكنى نفسه : أبا بكر !!
وأما الكاظم ، فقد سمى أحدَ أبنائه بأبي بكر، وآخر بعمر، وكان ابنه الرضا يكنى بأبي بكر !!
وأما من سمى بناته : باسم أم المؤمنين عائشة ، رضي الله عنها ، أو بأسماء أمهات المؤمنين الأخريات ، فكثير في أهل البيت ، رضي الله عنهم :

فعلي زين العابدين : سمى بنتا له : عائشة ، ومثله : جعفر الصادق .
والأمر في هذا كثير ، يطول إحصاؤه .

وينظر في ذلك :

بحث : صِدْقُ المحَبَّة بين آلِ البَيْتِ والصَّحَابَة رضي الله عنهم ، لعبد الأَحَد بن عبدِ القُدُّوسِ النَّذِير :


https://www.almoslim.net/node/181884

والله أعلم .

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:31   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

السؤال :

هل هناك أحد من الصحابة لم يتزوج بسبب طلبه العلم؟

الجواب:

الحمد لله

رغب النبي صلى الله عليه وسلم في النكاح ، وأمر به ، وحث عليه

فروى البخاري (5063) ، ومسلم (1401) عَنْ أَنَسٍ : " أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا آكُلُ اللَّحْمَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاش ٍ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا ؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَام ُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).

وروى ابن ماجة (1846) عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي ، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي).
وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة".

ولا نعلم عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه ترك النكاح بسبب العلم ، لطلبه ، أو لنشره .

وعلماء الصحابة ، الذين رووا الحديث ، وأُخذ عنهم العلم والفقه ، وكان لهم أصحاب يأخذون عنهم ، كلهم تزوج ، ولا نعلم عن أحد منهم أنه ترك الزواج ، أو أمر بذلك أحدا من تلامذته ، ليتفرغ للعلم والدرس ، أو لغير ذلك .

ومنهم : الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم .

ومنهم: أمراء الأجناد ، كعمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد
وشرحبيل بن حسنة وغيرهم رضي الله عنهم .

وكذلك: أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي ، كأبي هريرة وأبي سعيد وأنس بن مالك وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وغيرهم رضي الله عنهم .

وروى الترمذي (3790) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ) .
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي. "

وكل هؤلاء تزوج ، ومنهم معاذ بن جبل رضي الله عنه ، أعلم الأمة بالحلال والحرام.

ومن طلب العلم وجد أن من العلم الذي يطلبه ما يرغّب في النكاح ويحث عليه .

ومن جمع بين طلب العلم والنكاح فقد جمع بين الحسنيين ، واقتدى بأئمة
الدين ، من الصحابة والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان .

والله تعالى أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:36   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

ورد حديث عن الرسول في أحد الكتب عن موقعة الجمل : أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب ، بهمدان ، ثنا عثمان بن خزرزاذ الأنطاكي ، ثنا ربيعة بن الحارث ، حدثني محمد بن سليمان العابد ، ثنا إسماعيل بن أبي حازم قال : " قال علي للزبير : أما تذكر يوم كنت أنا وأنت في سقيفة قوم من الأنصار ،

فقال لك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( أتحبه ؟ ) ، فقلت : وما يمنعني ؟

قال : ( أما إنك ستخرج عليه وتقاتله وأنت ظالم ) قال : فرجع الزبير " . زور الكثير من الحقائق في هذه الفترة من قبل أهل الفتنه فهل هذه الحادثة صحيحة ، وهل الحديث الوارد فيها صحيح ؟


الجواب :

الحمد لله


هذا الحديث المذكور قد روي من طرق متعددة ، لا يصح منها شيء :

فرواه الحاكم (5575) من طريق مِنْجَاب بْن الْحَارِثِ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَجْلَحِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ قَالَ مِنْجَابٌ: وَسَمِعْتُ فَضْلَ بْنَ فَضَالَةَ، يُحَدِّثُ بِهِ جَمِيعًا، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: " شَهِدْتُ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ، لَمَّا رَجَعَ الزُّبَيْرُ عَلَى دَابَّتِهِ يَشُقُّ الصُّفُوفَ، فَعَرَضَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ فَقَالَ: ذَكَرَ لِي عَلِيٌّ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَتُقَاتِلَنَّهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ) فَلَا أُقَاتِلُهُ، قَالَ: وَلِلْقِتَالِ جِئْتَ؟ إِنَّمَا جِئْتَ لِتُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ وَيُصْلِحُ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ بِكَ، قَالَ: قَدْ حَلَفْتُ أَنْ لَا أُقَاتِلَ، قَالَ: فَأَعْتِقْ غُلَامَكَ جِرْجِسَ وَقِفْ حَتَّى تُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ، قَالَ: فَأَعْتَقَ غُلَامَهُ جِرْجِسَ وَوَقَفَ فَاخْتَلَفَ أَمَرُ النَّاسِ، فَذَهَبَ عَلَى فَرَسِهِ ".

ولمنجاب بن الحارث فيه إسنادان، وهما ضعيفان ، ففي الأول منهما الأجلح الكندي والد عبد الله ، وهو ضعيف ، ضعفه أحمد ، وابن معين ، وأبو حاتم والنسائي ، وغيرهم .

انظر "التهذيب" (1/165-166) .

وقد رواه البيهقي في "الدلائل" (6/414) من هذا الطريق عن يزيد الفقير عن أبيه ، فزاد : عن أبيه ، وأبوه مجهول لا يعرف ، وهذه علة أخرى في هذا السند .

وفي الإسناد الثاني فضل بن فضالة ، قال الشيخ الألباني في "الصحيحة" (6/158): " لم أجد له ترجمة " .

ثم رواه الحاكم (5574) من طريق أبي قِلَابَةَ عَبْد الْمَلِكِ بْن مُحَمَّدِ الرَّقَاشِيّ، ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ به .

وأبو قلابة ضعيف ، قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، كان
يحدث من حفظه فكثرت الأوهام في روايته.

" تهذيب التهذيب " (6 /372) .

وقد خولف فيه ، فرواه أبو يعلى (666) : حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُسْلِمٍ الرَّقَاشِيِّ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي جِرْوٍ الْمَازِنِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ ... فذكره .
وهذا أصح ، لأن يعقوب بن إبراهيم ثقة حافظ ، أحفظ وأوثق من أبي قلابة ، فروايته أصح . وقد تابعه جعفر بن سليمان عند الحاكم (5576)، وجعفر ثقة .

وأبو جرو هذا قال الذهبي في " الميزان " (4/510) : " مجهول " .

ورواه الحاكم (5573) من طريق مُحَمَّد بْن سُلَيْمَانَ الْعَابِد، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ به .

وقال الذهبي في تلخيصه : " فيه نظر " .
وعلته محمد بن سليمان ، فهو مجهول .

وقد رواه ابن أبي شيبة (15/282) حدثنا يعلى بن عبيد ، عن إسماعيل
بن أبي خالد ، عن عبد السلام رجل من بني حية ، .. فذكره .

وعبد السلام هذا مجهول أيضا ، كما قال الذهبي في " الميزان " (2/619) ، ولم يسمع من الزبير ولا من عليّ ، كما قال البخاري : " لا يثبت سماعه منهما " .

"الضعفاء" للعقيلي (3 /65) .

ورواه ابن أبي شيبة (7/ 545) من طريق شَرِيك، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: " حَدَّثَنِي مَنْ رَأَى الزُّبَيْرَ يَقْعَصُ الْخَيْلَ بِالرُّمْحِ قَعْصًا , فَثَوَّبَ بِهِ عَلِيٌّ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ , قَالَ: فَأَقْبَلَ حَتَّى الْتَقَتْ أَعْنَاقُ دَوَابِّهِمَا , قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ , أَتَذْكُرُ يَوْمَ أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُنَاجِيكَ فَقَالَ: (أَتُنَاجِيهِ , فَوَاللَّهِ لَيُقَاتِلَنَّكَ يَوْمًا وَهُوَ لَكَ ظَالِمٌ) , قَالَ: فَضَرَبَ الزُّبَيْرُ وَجْهَ دَابَّتِهِ فَانْصَرَفَ " .

وهذا ضعيف أيضا ، شريك هو ابن عبد الله القاضي ، ضعيف سيء الحديث ، وفيه تشيع معروف .

انظر"الميزان" (2/270-272)

ثم هو يرويه عن الأسود بن قيس عن رجل مجهول .

ورواه معمر في "جامعه" (11/241) عن قتادة قال : " لَمَّا وَلَّى الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ ، بَلَغَ عَلِيًّا فَقَالَ : لَوْ كَانَ ابْنُ صَفِيَّةَ يَعْلَمُ أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ مَا وَلَّى ، قَالَ : وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَهُمَا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالَ: ( أَتُحِبُّهُ يَا زُبَيْرُ؟ ) ، فَقَالَ: وَمَا يَمْنَعُنِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَكَيْفَ أَنْتَ إِذَا قَاتَلْتَهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ؟) قَالَ: فَيَرَوْنَ أَنَّهُ إِنَّمَا وَلَّى لِذَلِكَ ".

وهذا ضعيف لإرساله .

فكل طرق هذا الحديث معلولة ، وقد قال العقيلي: " لَا يُرْوَى هَذَا الْمَتْنُ مِنْ وَجْهٍ يَثْبُتُ "
انتهى من "الضعفاء" (3 /65) .

ولم يخرج الزبير رضي الله عنه ، ولا غيره من الصحابة ، يوم الجمل لإرادة القتال ، وإنما للإصلاح بين الناس ، ولكن وقع القتال بغير اختيارهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" عَامَّةُ السَّابِقِينَ نَدِمُوا عَلَى مَا دَخَلُوا فِيهِ مِنَ الْقِتَالِ ، فَنَدِمَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، وَلَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْجَمَلِ لِهَؤُلَاءِ قَصْدٌ فِي الِاقْتِتَالِ ، وَلَكِنْ وَقَعَ الِاقْتِتَالُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، فَإِنَّهُ لَمَّا تَرَاسَلَ عَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ، وَقَصَدُوا الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ ، وَأَنَّهُمْ إِذَا تَمَكَّنُوا طَلَبُوا قَتَلَةَ عُثْمَانَ أَهْلَ الْفِتْنَةِ

وَكَانَ عَلِيٌّ غَيْرَ رَاضٍ بِقَتْلِ عُثْمَانَ وَلَا مُعِينًا عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ يَحْلِفُ فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ عُثْمَانَ وَلَا مَالَأْتُ عَلَى قَتْلِهِ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْبَارُّ فِي يَمِينِهِ، فَخَشِيَ الْقَتَلَةُ أَنْ يَتَّفِقَ عَلِيٌّ مَعَهُمْ عَلَى إِمْسَاكِ الْقَتَلَةِ، فَحَمَلُوا عَلَى عَسْكَرِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، فَظَنَّ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ أَنَّ عَلِيًّا حَمَلَ عَلَيْهِمْ، فَحَمَلُوا دَفْعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ، فَظَنَّ عَلِيٌّ أَنَّهُمْ حَمَلُوا عَلَيْهِ، فَحَمَلَ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ، فَوَقَعَتِ الْفِتْنَةُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ، وَعَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - رَاكِبَةٌ: لَا قَاتَلَتْ، وَلَا أَمَرَتْ بِالْقِتَالِ .

هَكَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْأَخْبَارِ " انتهى من"منهاج السنة النبوية" (4/ 316) .

والواجب الكف عما شجر بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من خلاف أو قتال ، وهم في ذلك بين مجتهد مصيب له أجران ، ومجتهد مخطئ له أجر ، وخطؤه مغفور له .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:41   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

سمعت من أحد الشيعة أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يقبل عنق الحسين ، ويقول له : ستموت مذبوحا ، وكان يقبل فم الحسن ، ويقول له : ستموت مسموما رضي الله عنهم ، فهل ورد هذا عندنا في الإسلام ، وهل ثبت أن الذين قتلوهم في النار أم لم يثبت ؟


الجواب:

الحمد لله

أولا :

الحسن والحسين رضي الله عنهما ، سيدا شباب أهل الجنة ، وحبهما من الإيمان ، وبغضهما من النفاق ، وقد كانا من أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والأحاديث الصحيحة في فضلهما وعلو منزلتهما ومكانتهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة مشهورة .

وكان صلى الله عليه وسلم يقربهما ويداعبهما ويقبلهما .

روى مسلم (2318) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : " أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ أَبْصَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ ، فَقَالَ : إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ وَاحِدًا مِنْهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّهُ مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ) " .

وروى أحمد (9673) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: " خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ هَذَا عَلَى عَاتِقِهِ ، وَهَذَا عَلَى عَاتِقِهِ ، وَهُوَ يَلْثِمُ هَذَا مَرَّةً ، وهَذَا مَرَّةً - يعني يقبّل - حَتَّى انْتَهَى إِلَيْنَا، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّكَ تُحِبُّهُمَا، فَقَالَ: ( مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ) " وحسنه محققو المسند .

ثانيا

اشتهر عند أهل التاريخ أن الحسن رضي الله عنه مات مسموما ، والراجح أنه مات كما يموت الناس بغير سم ولا غيره ،

ثالثا :

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقتل الحسين رضي الله عنه ، فروى أحمد (26524) عَنْ عَائِشَةَ ، أَوْ أُمِّ سَلَمَةَ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِإِحْدَاهُمَا : ( لَقَدْ دَخَلَ عَلَيَّ الْبَيْتَ مَلَكٌ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ قَبْلَهَا، فَقَالَ لِي: إِنَّ ابْنَكَ هَذَا حُسَيْنٌ مَقْتُولٌ ، وَإِنْ شِئْتَ أَرَيْتُكَ مِنْ تُرْبَةِ الْأَرْضِ الَّتِي يُقْتَلُ بِهَا ) قَالَ: ( فَأَخْرَجَ تُرْبَةً حَمْرَاءَ ) " وحسنه محققو المسند ، وله شواهد متعددة .

وانظر : "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألباني (821)، (822)، (1171) .

ولا يثبت في قتل الحسين إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عنه ، ولم نقف على شيء ورد في شأن قاتله ، إلا ما ذكره السخاوي رحمه الله في "المقاصد الحسنة" (ص 483) فقال :

" حديث : ( قَاتِلُ الْحُسَيْنِ فِي تَابُوتٍ مِنْ نَارٍ، عليه نصف عذاب أهل الدنيا ) .

قال شيخنا - يعني الحافظ ابن حجر -: " قد ورد عن علي رفعه من طريق واهٍ " انتهى .

والذين تولوا قتله رضي الله عنه أو أعانوا عليه أو رضوا به : هم من أهل الفساد والظلم والعدوان ، وأمرهم إلى الله تعالى ، يحكم فيهم يوم القيامة بما يشاء ، ونحن نبرأ إلى الله من ذلك ، ونشهد الله على محبة الحسن والحسين وأبيهما وأمهما رضي الله عنهم أجمعين .

وأما ما ذكره السائل من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل عنق الحسين ويقول له " ستموت مذبوحا " وكان يقبل فم الحسن ويقول له " ستموت مسموما " : فلم نجد له أصلا ، والظاهر أنه من افتراءات الرافضة وأكاذيبهم ، فإنهم من أكذب الناس وأشدهم افتراء .

وقد سبق أن ذكرنا أن الحسن رضي الله عنه مات كما يموت غيره
من الناس ، وما يروى في سمه لا يثبت منه شيء .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ ، وَالرِّوَايَةِ ، وَالْإِسْنَادِ عَلَى أَنَّ الرَّافِضَةَ أَكْذَبُ الطَّوَائِفِ ، وَالْكَذِبُ فِيهِمْ قَدِيمٌ ، وَلِهَذَا كَانَ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ يَعْلَمُونَ امْتِيَازَهُمْ بِكَثْرَةِ الْكَذِبِ " .

انتهى من "منهاج السنة النبوية" (1/ 59) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:47   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هل بالإمكان أن تشرحوا لي كيف مات الحسن والحسين رضي الله عنهما ؟

وهل كان ليزيد يد في قتلهما ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم ، وحفيدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أهل بيت النبوة ، ومن الصحابة الكرام الأطهار ، نتقرب إلى الله تعالى بمحبتهما وموالاتهما - دون مغالاة ، كما يفعل أهل البدع - ونبرأ إلى الله ممن يبغضهما ولا يحبهما .

روى الإمام أحمد (7876) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ) يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا .

وصححه الألباني في "الصحيحة" (2895) .

وروى الترمذي (3768) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .

ثانيا :

ولم يثبت أن يزيد بن معاوية أمر بقتله ولا رضي به ، ولكنه لم يظهر منه بعد قتله إنكار قتله ولا انتصر ممن قتله ، قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ : - أَحَدُهَا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الشَّامِ .

لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ ، وَلَوْ كَانَ بِقِتَالِهِ ؛ فَزَادَ النُّوَّابُ عَلَى أَمْرِهِ ؛ وَحَضَّ الشمرُ بن ذي الْجَوشَن عَلَى قَتْلِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ؛ فَاعْتَدَى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى يَزِيدَ ؛ أَوْ يَذْهَبَ إلَى الثَّغْرِ مُرَابِطًا ؛ أَوْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ ؟ فَمَنَعُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ ... فَقَتَلُوهُ مَظْلُومًا وطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

وَكَانَ قَتْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ الْمَصَائِبِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ، وَقَتْلَ عُثْمَانَ قَبْلَهُ : كَانَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْفِتَنِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَقَاتلُهُمَا مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ .

وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ : أَكْرَمَهُمْ ، وَسَيَّرَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ عَلَى قَتْلِهِ ، وَقَالَ : كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ !!

لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إنْكَارُ قَتْلِهِ ، وَالِانْتِصَارُ لَهُ ، وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِ : كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ ، فَصَارَ أَهْلُ الْحَقِّ يَلُومُونَهُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ ، مُضَافًا إلَى أُمُورٍ أُخْرَى .

وَأَمَّا خُصُومُهُ فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرْيَةِ أَشْيَاءَ " .

انتهى ، بتصرف واختصار يسير من "مجموع الفتاوى" (3/ 410-411) .

وحكى ابن كثير أن يزيد بن معاوية لما جاءه خبر مقتل الحسين وأصحابه دَمَعْتَ عَيْنَاه وَقَالَ : " قَدْ كُنْتُ أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ، لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ - يعني عبيد الله بن زياد - أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي صَاحِبُهُ لَعَفَوْتُ عَنْهُ ، وَرَحِمَ اللَّهُ الْحُسَيْنَ " .

وَلَمَّا وُضِعَ الْحُسَيْنُ بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ قَالَ: " أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي صَاحِبُكَ مَا قَتَلْتُكَ " .

انتهى من "البداية والنهاية" (11/ 557) .

ثالثا :

أما الحسن رضي الله عنه : فالمشهور أنه قتل مسموما .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" يقال إنه مات مسموما ، قال ابن سعد : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا ، فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك ؟ فأبى أن يخبره رحمه الله تعالى " .

انتهى من "الإصابة" (2 /73) .

وإسماعيل بن إبراهيم وابن عون ثقتان حافظان ، وعمير بن إسحاق : قال ابن معين في رواية : لا يساوي شيئا ولكن يكتب حديثه ، وقال عثمان الدارمي : قلت لابن معين : كيف حديثه ؟ قال : ثقة . وقال النسائي ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .

"تهذيب التهذيب" (8 /127) .

وقال قتادة : " قال الحسن للحسين: " قد سقيت السم غير مرة ، ولم أسق مثل هذه ، إني لأضع كبدي " فقال: من فعله ؟ فأبى أن يخبره ".

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (3 /274) .

ثم اختلف فيمن دس إليه السم ؟ فقيل : زوجته جعدة بنت الأشعث ، بإيعاز من يزيد بن معاوية ، وقيل : بإيعاز من معاوية نفسه ، وقيل : بإيعاز من نفسها ، وقيل من أبيها ، ولا يصح من هذا شيء ، بل كله منكر ، وأنكرُه قول من قال : بإيعاز من معاوية .

قال ابن الأثير في "أسد الغابة" (2/ 13):

" وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السم ، فمات منه ، ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين رضي الله عنهما : يا أخي سقيت السم ثلاث مرات ، لم أسق مثل هذه ، إني لأضع كبدي ، قال الحسين: من سقاك يا أخي؟ قال: ما سؤالك عن هذا ؟ أتريد أن تقاتلهم ؟ أكلهم إلى الله عز وجل " .

وقال ابن كثير في " البداية والنهاية " (11/ 208):

" وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بَعْثَ إِلَى جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ أَنْ سُمِّي الْحَسَنَ وَأَنَا أَتَزَوَّجُكِ بَعْدَهُ ، فَفَعَلَتْ ، فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بَعَثَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنَّا وَاللَّهِ لَمْ نَرْضَكِ لِلْحَسَنِ ، أَفَنَرْضَاكِ لِأَنْفُسِنَا ؟

وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَعَدَمُ صِحَّتِهِ عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ بِطَرِيقِ الْأُولَى وَالْأَحْرَى " .

وقال الذهبي رحمه الله :

" قال ابن عبد البر: قال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسنَ زوجته بنت الأشعث بن قيس ، وقالت طائفة: كان ذلك بتدسيس معاوية إليها ، وبذل لها على ذلك ، وكان لها ضرائر، قلت : هذا شيء لا يصح ؛ فمن الذي اطلع عليه ؟ "
.
انتهى من " تاريخ الإسلام " (4 /40) .

وقال ابن خلدون رحمه الله :

" وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث ، فهو من أحاديث الشيعة ، حاشا لمعاوية من ذلك " .
انتهى من " العبر وديوان المبتدأ والخبر" (2/187) .











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:50   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وقال الشيخ عثمان الخميس :

" المشهور أن الحسن مات مسموما ، لكن لا يعلم إلى اليوم من الذي وضع له السم ، الله أعلم " .

ولعل الراجح أنه مات كما يموت الناس موتا عاديا لم يسمّه أحد .

قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مِصْقَلَةَ قَالَ : " لَمَّا حُضِرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْرِجُونِي إِلَى الصَّحْنِ حَتَّى أَنْظُرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ ، فَأَخْرَجُوا فِرَاشَهُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَنَظَرَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ ، فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَيَّ. قَالَ: فَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عِنْدَهُ .

... وقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : لَمَّا اشْتَدَّ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَجَعُ : جَزِعَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا هَذَا الْجَزَعُ؟ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكَ جَسَدَكَ فَتَقْدَمَ عَلَى أَبَوَيْكَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، وَعَلَى جَدَّيْكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَدِيجَةَ، وَعَلَى أَعْمَامِكَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ، وَعَلَى أَخْوَالِكَ الْقَاسِمِ وَالطَّيِّبِ وَمُطَهِّرٍ وَإِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى خَالَاتِكَ رُقَيَّةَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ وَزَيْنَبَ. قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْهُ.

وقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُتِلَ عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، وَمَاتَ لَهَا حَسَنٌ ، وَقُتِلَ لَهَا الْحُسَيْنُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

انظر : "البداية والنهاية" (11/ 209-212) .

وهذا إسناد صحيح ، ومحمد هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو أعلم بهذا الشأن ، وقوله مات الحسن ، مع قوله قتل علي وقتل الحسين ، مشعر بأنه مات كما يموت الناس .

ولعل هذا القول أرجح وأسلم من اتهام بريء بهذا الذنب العظيم ، وأبعد
عن تسريب التهمة إلى من قد يكون أبعد الناس عنها .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وأما قوله: " إن معاوية سم الحسن " فهذا مما ذكره بعض الناس ، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية ، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به ، وهذا مما لا يمكن العلم به ، فالقول به قول بلا علم.

وقد رأينا في زماننا من يقال عنه : إنه سم ، ومات مسموما ، من الملوك وغيرهم ، ويختلف الناس في ذلك ، حتى في نفس الموضع الذي مات فيه ذلك الملك ، والقلعة التي مات فيها، فتجد كلا منهم يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر، ويقول: هذا سمه فلان ، وهذا يقول: بل سمه غيره لأنه جرى كذا، وهي واقعة في زمانك ، والذين كانوا في قلعته هم الذين يحدثونك "

انتهى من "منهاج السنة" (4/ 469) .

وقال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله :

" فإن قيل : قد دس - يعني معاوية - على الحسن من سمه ؟

قلنا : هذا محال من وجهين :

أحدهما : أنه ما كان ليتقي من الحسن بأسًا ، وقد سلم الأمر.

الثاني : أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله ، فكيف تحملونه - بغير بينة - على أحد من خلقه ، في زمان متباعد لم نثق فيه بنقل ناقل ، بين أيدي قوم ذوي أهواء ، وفي حال فتنة وعصبية ، ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي ، فلا يقبل منها إلا الصافي ، ولا يسمع فيها إلا من العدل المصمم " .

انتهى من " العواصم من القواصم " (ص 213-214) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:53   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال

هل يجوز لنا القول بأن الحسين مات شهيدا ؟

الجواب

الحمد لله

نعم ؛ قتل الحسين رضي الله عنه شهيداً .

وذلك أن أهل العراق (الكوفة) كتبوا إليه ليخرج إليهم ليبايعوه على الإمارة ، وذلك بعد موت معاوية رضي الله عنه ، وتولية ابنه يزيد .

ثم تغير أهل الكوفة على الحسين بعد ما تولاها عبيد الله بن زياد من قِبَل يزيد بن معاوية ، وقَتَلَ مسلمَ بنَ عقيل رسولَ الحسين إليهم ، فكانت قلوب أهل العراق مع الحسين ، غير أن سيوفهم مع عبيد الله بن زياد .

فخرج إليهم الحسين وهو لا يعلم بمقتل مسلم بن عقيل ، ولا بتغيرهم نحوه .

وقد أشار عليه ذوو الرأي والمحبة له بعدم الخروج إلى العراق ، ولكنه أصَرَّ على الخروج إليهم.

فممن أشار عليه بهذا : عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وأبو سعيد الخدري ، وجابر بن عبد الله ، والمسور بن مخرمة ، وعبد الله بن الزبير ، رضي الله عنهم أجمعين .

فسار الحسين إلى العراق ، ونزل بكربلاء ، وعلم أن أهل العراق تنكروا له ، فطلب الحسين من الجيش الذي جاء لمقاتلته إحدى ثلاث خصال : إما أن يتركوه يرجع إلى مكة ، وإما أن يسير إلى يزيد بن معاوية ، وإما أن يذهب للثغور للجهاد في سبيل الله .

فأبوا إلا أن يستسلم لهم ، فأبى الحسين ، فقاتلوه ، فقتل مظلوماً شهيداً رضي الله عنه .

"البداية والنهاية" (11/473-520) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"فإن يزيد بن معاوية ولد في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ولم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ; ولا كان من الصحابة باتفاق العلماء ; ولا كان من المشهورين بالدين والصلاح وكان من شبان المسلمين ; ولا كان كافرا ولا زنديقا ; وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين ورضا من بعضهم وكان فيه شجاعة وكرم ولم يكن مظهرا للفواحش كما يحكي عنه خصومه . وجرت في إمارته أمور عظيمة : - أحدها مقتل الحسين رضي الله عنه ; وهو لم يأمر بقتل الحسين ولا أظهر الفرح بقتله ; ولا نكت بالقضيب على ثناياه - رضي الله عنه - ولا حمل رأس الحسين - رضي الله عنه - إلى الشام لكن أمر بمنع الحسين رضي الله عنه وبدفعه عن الأمر . ولو كان بقتاله فزاد النواب على أمره ; ..

.... فطلب منهم الحسين رضي الله عنه أن يجيء إلى يزيد ; أو يذهب إلى الثغر مرابطا ; أو يعود إلى مكة . فمنعوه رضي الله عنه إلا أن يستأسر لهم وأمر عمر بن سعد بقتاله ، فقتلوه مظلوما ، له ولطائفة من أهل بيته . رضي الله عنهم وكان قتله رضي الله عنه من المصائب العظيمة فإن قتل الحسين , وقتل عثمان قبله : كانا من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة وقتلتهما من شرار الخلق عند الله" انتهى .

"مجموع الفتاوى" (3/410-413) .

وقال أيضا (25/302-305) :

"فلما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية ، وأكرم الله الحسين بالشهادة ، كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته . أكرم بها حمزة وجعفرا وأباه عليا وغيرهم وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته ، فإنه هو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة ، والمنازل العالية لا تنال إلا بالبلاء ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل : أي الناس أشد بلاء ؟

فقال : (الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل . يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقة خفف عنه ، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة) رواه الترمذي وغيره .

فكان الحسن والحسين قد سبق لهما من الله تعالى ما سبق من المنزلة العالية ، ولم يكن قد حصل لهما من البلاء ما حصل لسلفهما الطيب ، فإنهما ولدا في عز الإسلام ، وتربيا في عز وكرامة ، والمسلمون يعظمونهما ، ويكرمونهما ، ومات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستكملا سن التمييز ،

فكانت نعمة الله عليهما أن ابتلاهما بما يلحقهما بأهل بيتهما ، كما ابتلى من كان أفضل منهما ، فإن علي بن أبي طالب أفضل منهما ، وقد قتل شهيدا ، وكان مقتل الحسين مما ثارت به الفتن بين الناس ، كما كان مقتل عثمان رضي الله عنه من أعظم الأسباب التي أوجبت الفتن بين الناس ، وبسببه تفرقت الأمة إلى اليوم ....

فلما خرج الحسين رضي الله عنه ورأى أن الأمور قد تغيرت ، طلب منهم أن يدعوه يرجع أو يلحق ببعض الثغور ، أو يلحق بابن عمه يزيد فمنعوه هذا وهذا ، حتى يستأسر وقاتلوه فقاتلهم فقتلوه وطائفة ممن معه مظلوما شهيدا ، شهادة أكرمه الله بها وألحقه بأهل بيته الطيبين الطاهرين . وأهان بها من ظلمه واعتدى عليه " انتهى .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 02:58   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

أريد أن أعرف هل كان هناك صحابة أكراد ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

"الكُرد" أو "الأكراد" جيل معروف من الناس ، وهم قبائل شتى ، وشعوب متفرقة ، قال في "تاج العروس" (9/ 104):
" أَمَّا الأَكرادُ: فَقَالَ ابنُ دُرَيدٍ فِي الجمهرة : الكُرْدُ أَبو هذا الجِيلِ الَّذين يُسمَّوْنَ بِالأَكراد ، فزعمَ أَبو اليَقظانِ أَنَّه كُرْدُ بن عمرِو بن عَامر بن صَعْصَعَةَ ، وَقَالَ ابْن الكلبِيِّ : هُوَ كُرْد بن عَمْرو مزيقياءَ، وَقَعُوا فِي نَاحيَة الشَّمَال لَمَّا كَانَ سَيْلُ العَرِم ، وتَفَرَّقَ أَهلُ اليَمن أَيْدِي سَبَأ ، وَقَالَ المسعوديُّ: وَمن النَّاس مَن يَزعم أَن الأَكراد من ولَد رَبيعةَ بنِ نزارٍ، وَمِنْهُم مَن يزْعم أَنهم من وَلَدِ مُضَرَ بنِ نِزارٍ، وَمِنْهُم من زعم أَنهم من ولد كُرْدِ بن كَنْعَانَ بن كُوش بن حام .

وَالظَّاهِر أَن يَكُونُوا من نَسْلِ سامٍ [يعني : ابن نوح عليه السلام] ، كالفُرْسِ، وهم طوائف شَتَّى، وَالْمَعْرُوف مِنْهُم السورانية والكورانية والعمادية والحكارية والمحمودية والبختية والبشوية والجوبية والزرزائية والمهرانية والهارونية واللرية ، إِلى غير ذالك من الْقَبَائِل الَّتِي لَا تُحْصَى كَثْرَةً ، وبلادهم أَرضُ الفارِس وعراقُ العَجَم والأَذربيجان والإِربل والمَوْصِل " انتهى .

وهم اليوم شعوب تعيش في غرب قارة آسيا بمحاذاة جبال زاكروس وجبال طوروس في المنطقة التي يسميها الأكراد كردستان الكبرى، وهي اليوم عبارة عن أجزاء من شمال شرق العراق وشمال غرب إيران وشمال شرق سوريا وجنوب شرق تركيا.

ويتواجد الأكراد - بالإضافة إلى هذه المناطق - بأعداد قليلة في جنوب غرب
أرمينيا وبعض مناطق أذربيجان ولبنان.



ثانيا :

لا نعرف في الصحابة رضي الله عنهم أحد من الأكراد إلا أبا ميمون جابان الكردي رضي الله عنه ، ذكره غير واحد .
قال ابن الأثير رحمه الله في "أسد الغابة" : (6/ 304):

" أبو ميمون ، يقال اسمه جابان، سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مرة ، روى حديثه أبو خالد، عن ميمون بن جابان ، عن أبيه " انتهى .

وقال (6/ 345):

" ميمون الكردي عن أبيه ، قيل: اسمه جابان، أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ... " ثم ساق حديثا .
وقال أبو نعيم رحمه الله في "معرفة الصحابة" (6/ 3073):

" مَيْمُونٌ الْكُرْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ وَقِيلَ: اسْمُهُ جَابَانُ " انتهى .

وقد نقل الحافظ ابن حجر حديثه ، عن ابن منده ، وأشار إلى أن في ثبوته نظرا ، قال :

"روى ابن مندة من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم، عن أبي خالد: سمعت ميمون بن جابان الصردي عن أبيه أنه سمع النبيّ صلّى اللَّه عليه وسلم غير مرة حتى بلغ عشرا يقول : ( من تزوّج امرأة وهو ينوي ألّا يعطيها الصّداق لقي اللَّه وهو زان ) .

قلت: كذا قال عن أبيه إن كان محفوظا" انتهى من "الإصابة" (1/ 540)
وانظر : "إكمال الإكمال" لابن نقطة (2/6) .

ثالثا :

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/ 13 .

فأخبر تعالى أنه خلق الناس من نفس واحدة ، وجعل منها زوجها ، وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا ، ثم أخبر أن أكرم الناس على الله : هم أهل التقوى ، فلا ينظر الله إلى صور الناس ، ولا إلى أموالهم ، ولا إلى قبائلهم وشعوبهم ؛ ولكن ينظر إلى قلوبهم ، فمن كان أتقى لله كان أحق بولايته وقربه .

(لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى) كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه عنه الإمام أحمد في " المسند "(22536) وصححه شعيب الأرناؤوط .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:04   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هناك أحاديث كثيرة يستدل بها الشيعة لسب معاوية ، ومن ضمن هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاوية ذات يوم : ( انصرف عني، إني اشتم منك رائحة بأن ابنك يقتل الحسين) ، فما قولكم في هذا ؟

الجواب :

الحمد لله

أولا :

معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن كتبة الوحي ، وممن له قدم صدق في دين الله ، وكان من رجالات قريش المعدودين ، حلما وعقلا ودينا وشجاعة .

ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذمه ، أو تنقصه ، أو نحو ذلك ، وكل ما روي في ذلك فمن وضع الكذابين المفترين من الرافضة وغيرهم .

وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب أصحابه ، وتنقصهم أعظم النهي ، فقال صلى الله عليه وسلم: (من سب أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) رواه الطبراني من حديث ابن عباس ، وحسنه الألباني في " سلسلة الأحاديث الصحيحة "(2340).

وهذا الحديث الوارد في السؤال حديث باطل مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا وجود له في كتب السنة ، وإنما يذكره الروافض الذين وصفهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بقوله : "فإنك لا تجد في طوائف أهل القبلة أعظم جهلا من الرافضة . . فهم أكذب الناس بلا ريب . . . وهم أعظم الطوائف نفاقا "

انتهى من "منهاج السنة" (2/87) .

وإنما الذي ورد في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أمته تقتل الحسين رضي الله عنه ، دون أن يعين قاتله ، روى الحاكم (4818) عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنها عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ أُمَّتِي سَتَقْتُلُ ابْنِي هَذَا - يعني الحسين - وَأَتَانِي بِتُرْبَةٍ مِنْ تُرْبَتِهِ حَمْرَاءَ ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (61).

وينظر : "مختصر تلخيص الذهبي" لابن الملقن (4/1683) وحاشية المحقق .

ثانيا :

لم يثبت أن يزيد بن معاوية قتل الحسين رضي الله عنه ، ولا أمر بقتله ، ولا فرح بذلك ، إنما قتله الجيش الذي أرسله لمنعه من الذهاب إلى العراق .

قال ابن الصلاح رحمه الله :

" لم يَصح عندنَا أَنه - يعني يزيد - أَمر بقتْله رَضِي الله عَنهُ ، وَالْمَحْفُوظ أَن الْآمِر بقتاله المفضي إِلَى قَتله كرمه الله ، إِنَّمَا هُوَ عبيد الله بن زِيَاد ، وَالِي الْعرَاق إِذْ ذَاك " .

انتهى من "فتاوى ابن الصلاح" (1/ 216) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وُلدَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ بْنِ عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَمْ يُدْرِكْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا كَانَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ ؛ وَلَا كَانَ مِنْ الْمَشْهُورِينَ بِالدِّينِ وَالصَّلَاحِ ، وَكَانَ مِنْ شُبَّانِ الْمُسْلِمِينَ ؛ وَلَا كَانَ كَافِرًا وَلَا زِنْدِيقًا ؛ وَتَوَلَّى بَعْدَ أَبِيهِ عَلَى كَرَاهَةٍ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ ، وَرِضًا مِنْ بَعْضِهِمْ ، وَكَانَ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَكَرَمٌ ، وَلَمْ يَكُنْ مُظْهِرًا لِلْفَوَاحِشِ كَمَا يَحْكِي عَنْهُ خُصُومُهُ .

وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ ، أَحَدُهَا : مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَى الشَّامِ ، لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ ، وَلَوْ كَانَ بِقِتَالِهِ ، فَزَادَ النُّوَّابُ عَلَى أَمْرِهِ ، وَحَضَّ الشمرُ بن ذي الْجَوشَن عَلَى قَتْلِهِ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ؛ فَاعْتَدَى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى يَزِيدَ، أَوْ يَذْهَبَ إلَى الثَّغْرِ مُرَابِطًا، أَوْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ ، فَمَنَعُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ، وَأَمَرَ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ بِقِتَالِهِ ، فَقَتَلُوهُ مَظْلُومًا ، لَهُ وَلِطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، أَكْرَمَهُمْ وَسَيَّرَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ عَلَى قَتْلِهِ ، وَقَالَ : كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ، لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إنْكَارُ قَتْلِهِ ، وَالِانْتِصَارُ لَهُ ، وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِ: كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ، فَصَارَ أَهْلُ الْحَقِّ يَلُومُونَهُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ ، مُضَافًا إلَى أُمُورٍ أُخْرَى ، وَأَمَّا خُصُومُهُ: فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرْيَةِ أَشْيَاءَ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (3/ 410) .

ولو قدّر أن يزيد قتل الحسين رضي الله عنه ، فهو الذي يتحمل إثمه دون أبيه ، قال الله تعالى : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الأنعام/164، وروى أبو داود (4495) ، والنسائي (4832) عَنْ أَبِي رِمْثَةَ رضي الله عنه قَالَ : " انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي : ( ابْنُكَ هَذَا ؟ ) ، قَالَ إِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ ، فقَالَ : ( أَمَا إِنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) . صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال القاري رحمه الله :

" (لَا يَجْنِي عَلَيْكَ) أي : لَا تُؤَاخَذُ بِذَنْبِهِ ( وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ ) أَيْ: لَا يُؤَاخَذُ بِذَنْبِكَ " .
انتهى من "مرقاة المفاتيح" (6/ 2272) .

وقال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ - يعني الرافضي - : " وَقَتَلَ ابْنُهُ يَزِيدُ مَوْلَانَا الْحُسَيْنَ وَنَهَبَ نِسَاءَهُ ".

فَيُقَالُ : إِنَّ يَزِيدَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ ، وَلَكِنْ كَتَبَ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ أَنْ يَمْنَعَهُ عَنْ وِلَايَةِ الْعِرَاقِ .
وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَظُنُّ أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ يَنْصُرُونَهُ وَيَفُونَ لَهُ بِمَا كَتَبُوا إِلَيْهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَ عَمِّهِ مُسْلِمَ بْنَ عَقِيلٍ، فَلَمَّا قَتَلُوا مُسْلِمًا ، وَغَدَرُوا بِهِ وَبَايَعُوا ابْنَ زِيَادٍ ، أَرَادَ الرُّجُوعَ ، فَأَدْرَكَتْهُ السَّرِيَّةُ الظَّالِمَةُ ، فَطَلَبَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى يَزِيدَ ، أَوْ يَذْهَبَ إِلَى الثَّغْرِ ، أَوْ يَرْجِعَ إِلَى بَلَدِهِ ، فَلَمْ يُمَكِّنُوهُ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ ، فَامْتَنَعَ، فَقَاتَلُوهُ ، حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا مَظْلُومًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ أَظْهَرَ التَّوَجُّعَ عَلَى ذَلِكَ ، وَظَهَرَ الْبُكَاءَ فِي دَارِهِ، وَلَمْ يَسْبِ لَهُ حَرِيمًا أَصْلًا ، بَلْ أَكْرَمَ أَهْلَ بَيْتِهِ ، وَأَجَازَهُمْ حَتَّى رَدَّهُمْ إِلَى بَلَدِهِمْ .

وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ يَزِيدَ قَتَلَ الْحُسَيْنَ لَمْ يَكُنْ ذَنْبُ ابْنِهِ ذَنْبًا لَهُ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ، وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَّى يَزِيدَ بِرِعَايَةِ حَقِّ الْحُسَيْنِ ، وَتَعْظِيمِ قَدْرِهِ "

انتهى من "منهاج السنة" (4/ 472) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:10   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

هل صحيح بأن الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم دعا على معاوية ؟

لأني سمعت حديثاً فيه (يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي قال: و كنت تركت
أبي قد وضع له وضوء , فكنت كحابس البول مخافة ان يجئ قال : فطلع معاوية..)


الجواب :

الحمد لله

لم يبين السائل مراده بذلك واضحا ، وأظهر ما يقال في هذا حديثان : أحدهما باطل ، والآخر صحيح!!

أما الحديث الأول ، وقد ورد مقرونا بالحديث الذي سبق ذكره في بعض روايات الرافضة ، لكن منسوبا إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، لا عبد الله بن عمرو ، كما في الرواية السابقة .

وقد نقله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، من كتاب "ابن المطهر" الرافضي ، ورده عليه .

قال شيخ الإسلام :

" وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَقَدْ «رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " يَطْلُعُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ سُنَّتِي " فَطَلَعَ مُعَاوِيَةُ. وَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطِيبًا، فَأَخَذَ مُعَاوِيَةُ بِيَدِ ابْنِهِ يَزِيدَ وَخَرَجَ وَلَمْ يَسْمَعِ الْخُطْبَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَعَنَ اللَّهُ الْقَائِدَ وَالْمَقُودَ، أَيُّ يَوْمٍ يَكُونُ لِلْأُمَّةِ مَعَ مُعَاوِيَةَ ذِي الْإِسَاءَةِ» " .

فَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: نَحْنُ نُطَالِبُ بِصِحَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ ; فَإِنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْحَدِيثِ لَا يَجُوزُ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهِ. وَنَحْنُ نَقُولُ هَذَا فِي مَقَامِ الْمُنَاظَرَةِ، وَإِلَّا فَنَحْنُ نَعْلَمُ قَطْعًا أَنَّهُ كَذِبٌ.

وَيُقَالُ ثَانِيًا: هَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ دَوَاوِينِ الْحَدِيثِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ، وَلَا لَهُ إِسْنَادٌ مَعْرُوفٌ . وَهَذَا الْمُحْتَجُّ بِهِ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ إِسْنَادًا.

ثُمَّ مِنْ جَهْلِهِ أَنْ يَرْوِيَ مِثْلَ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ كَانَ مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ ثَلْبِ الصَّحَابَةِ، وَأَرْوَى النَّاسِ لِمَنَاقِبِهِمْ، وَقَوْلُهُ فِي مَدْحِ مُعَاوِيَةَ مَعْرُوفٌ ثَابِتٌ عَنْهُ، حَيْثُ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ. قِيلَ لَهُ: وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ فَقَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خَيْرًا مِنْهُ، وَمَا رَأَيْتُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْوَدَ مِنْ مُعَاوِيَةَ ..." اهـ من "منهاج السنة النبوية" (4/443) .

وقال أيضا :

" هَذَا الْحَدِيثُ يُمْكِنُ مُعَارَضَتُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ " الْمَوْضُوعَاتِ " : " قَدْ تَعَصَّبَ قَوْمٌ مِمَّنْ يَدَّعِي السُّنَّةَ، فَوَضَعُوا فِي فَضْلِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَحَادِيثَ لِيَغِيظُوا الرَّافِضَةَ، وَتَعَصَّبَ قَوْمٌ مِنَ الرَّافِضَةِ فَوَضَعُوا فِي ذَمِّهِ أَحَادِيثَ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ عَلَى الْخَطَأِ الْقَبِيحِ ". اهـ من "منهاج السنة النبوية" (4/446) ، وينظر : "الموضوعات لابن الجوزي" (2/15) .

وأما الحديث الآخر الصحيح ، فقد رواه الإمام مسلم في صحيحه (2604 ) بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ . فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَارَيْتُ خَلْفَ بَابٍ ، قَالَ فَجَاءَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً ، وَقَالَ: اذْهَبْ وَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ . قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ : هُوَ يَأْكُلُ . قَالَ ثُمَّ قَالَ لِيَ: اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ . قَالَ فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ . فَقَالَ: لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ ) .

فهذا الحديث يا أخي لا يشين معاوية رضي الله عنه بل هو معدود في فضائله :

أ- هذا الحديث يثبت مدى قرب مجلس معاوية من النبي صلى الله عليه وسلم بحيث كان يرسل في طلبه وقد كان من كُتَّابه .

ب- النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع على معاوية بشيء يمس دينه وآخرته ، بل كان دعاؤه عليه بشيء يمس دنياه ، والدنيا ليس هي مطلب المؤمن ومبتغاه بل الآخرة .

ج- قال الحافظ الذهبي : " لعلَّ أن يقال : هذه منقبة لمعاوية لقوله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم ! من لعنته أو سببته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة ) " انتهى من " سير أعلام النبلاء " ( 14/130).

وقال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم ( 16/156 ) :

" وأما دعاؤه على معاوية أن لا يشبع حين تأخر ؛ ففيه الجوابان السابقان : أحدهما أنه جرى على اللسان بلا قصد . والثاني : أنه عقوبة له لتأخره ، وقد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا للدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله غيره من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاء له "

وقال الشيخ الالباني رحمه الله تعالى : " وقد يستغل بعض الفرق هذا الحديث ؛ ليتخذوا منه مطعنا في معاوية رضي الله عنه ، وليس فيه ما يساعدهم على ذلك ؛ كيف وفيه أنه كان كاتب النبي صلى الله عليه وسلم ؟! ولذلك قال الحافظ ابن عساكر ( 16/349/2 ) : " إنه أصح ما ورد في فضل معاوية " .

فالظاهر أن هذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم غير مقصود ، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية..... ويمكن أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم بباعث البشرية التي أفصح عنها هو نفسه عليه السلام في أحاديث كثيرة متواترة ، منها حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان، فكلماه بشيء لا أدري ما هو ، فأغضباه، فلعنهما وسبهما، فلما خرجا ؛ قلت: يا رسول الله من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان؟ قال: وما ذاك؟ قالت: قلت: لعنتهما وسببتهما، قال: " أَوَمَا عَلِمْتِ ما شارَطْتُ عليهِ رَبِّي؟ قلتُ: اللهُمَّ ! إِنَّما أَنا بَشَرٌ، فأَيُّ المسلمينَ لَعَنْتُهُ أَو سَبَبْتُهُ ؛ فاجْعَلْهُ لهُ زكاةً وأَجْرًا "

رواه مسلم مع الحديث الذي قبله في باب واحد ؛ هو : " باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه ، وليس هو أهلا لذلك ؛ كان له زكاة وأجرا ورحمة "

ثم ساق فيه من حديث أنس بن مالك ؛ قال :

" كانت عند أم سُلَيْم يتيمة ، وهي أم أنس، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة، فقال: آنت هيه ؟ لقد كبرتِ ، لا كَبُرَ سنك !! فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي ، فقالت أم سليم: ما لك يا بنية؟ قالت الجارية: دعا عليَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم أن لا يكبر سنِّي أبدا، أو قالت: قرني، فخرجت أم سليم مستعجله تلوث خمارها

حتى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك يا أم سليم؟ فقالت يا نبي الله ! أَدَعَوْتَ على يتيمتي؟ قال: وما ذاك يا أم سليم؟ قالت: زعمتْ أنك دعوتَ أن لا يكبر سنها ، ولا يكبر قرنها ؟ قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ( يا أُمَّ سُلَيْمٍ! أَما تَعلَمينَ أَنَّ شَرْطي على رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ على رَبِّي فقلتُ: إِنَّما أَنا بَشرٌ أَرْضى كما يَرْضى البَشَرُ، وأَغْضَبُ كما يَغْضَبُ البشرُ، فأَيُّما أَحدٍ دَعَوْتُ عليهِ مِن أُمَّتي بدعوةٍ ليس لها بأَهْلٍ، أَنْ يجْعَلَها لهُ طَهورًا وزكاةً وقُربةً يُقَرِّبُهُ بها منهُ يومَ القيامةِ ؟(

ثم أتبع الإمام مسلم هذا الحديث بحديث معاوية ، وبه ختم الباب ، إشارة منه رحمه الله إلى أنها من باب واحد ، وفي معنى واحد، فكما لا يضرُّ اليتيمة دعاؤه صلى الله عليه وسلم عليها - بل هو لها زكاة وقربة-؛ فكذلك دعاؤه صلى الله عليه وسلم على معاوية " انتهى من " سلسلة الأحاديث الصحيحة " (1/ 165-166 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:14   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

" هل إسناد هذا الحديث في رواية البلاذري عن معاوية صحيح ؟

عن بكر بن الهيثم وإسحق بن أبى إسرائيل عن عبد الرزاق الصنعانى عن معمر بن راشد , عن عبد الله بن طاووس , عن طاووس بن كيسان عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: " كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فقال : ( يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتى ) ، قال: وكنت تركت أبي قد وضع له وضوء , فكنت كحابس البول مخافة أن يجىء ، قال : فطلع معاوية ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( هذا هو ) .


الجواب :

الحمد لله

هذا الحديث ذكره البلاذري في كتابه " جمل من أنساب الأشراف " ( 5 / 1978 ) قال :

" وحدثني إسحاق وبكر بن الهيثم قالا حدثنا عبد الرزاق بن همام أنبأنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : " كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي ) ، قال : وكنت تركت أبى قد وضع له وَضُوء , فكنت كحابس البول مخافة أن يجيء قال : فطلع معاوية فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هذا هو ) " .

نعم ، هكذا روى البلاذري هذا الحديث في كتابه السابق ؛ لكن ليس كل حديث يروى يكون صحيحا ، فإذا نظرنا في كتاب البلاذري هذا ، فسوف نرى قبل هذا الحديث وبعده عدة أحاديث تصرّح أن معاوية رضي الله عنه من أهل الجنة !!
قال ابن الجوزي في كتابه " العلل المتناهية في الأحاديث الواهية " ( 1/ 280 ) بعد أن ذكر عدة أحاديث تنص أن معاوية من أهل الجنة وضعّفها : " وقد روي عنه وأنه من أهل النار ، وذلك محال أيضا " انتهى .

فالعبرة إذا بصحة الإسناد .

وهذا الحديث في سنده عبد الرزاق الصنعاني ، وإن كان إماما من الأئمة ، إلا أن العلماء لم يوثقوه في كل ما حدث به ؛ بل استثنوا ماحدث به من حفظه وليس من كتابه ، وكذا ما حدث به بعد أن عمي ، وبعض ما حدث به في المناقب والمثالب ، كهذا الحديث ، فقد كان فيه تشيع .

قال ابن عدي في كتابه " الكامل " ( 6/ 545 ) :

" ولعبد الرزاق بن همام أصناف وحديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم ، وكتبوا عنه ولم يروا بحديثه بأسا ، إلا أنهم نسبوه إلى التشيع ، وقد روى أحاديث في الفضائل مما لا يوافقه عليها أحد من الثقات ، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث ، ولما رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا ، وأما في باب الصدق : فأرجو أنه لا بأس به ، إلا أنه قد سبق منه أحاديث في فضائل أهل البيت ، ومثالب آخرين مناكير " انتهى ـ
.
وهذا الحديث مما يدخل في هذا الباب .

وقال عنه الدراقطني : " ثقة ، يخطئ على معمر في أحاديث لم تكن في الكتاب "

انتهى من " سؤالات أبي عبد الله بن بكير وغيره لأبي الحسن الدارقطني " (ص 35 ) .

ولعل هذا منها ، خاصة أن عبد الرزاق لم يذكر هذا الحديث في مصنفه ، كما أشار إلى ذلك محقق كتاب البلاذري .
وقال ابن حبان في كتابه " الثقات " ( 8/ 412 ) :

" وكان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر ، وكان ممن يخطئ إذا حدث من حفظه ، على تشيع فيه " انتهى .

وقال الإمام أحمد: " عبد الرزاق لا يعبأ بحديث من سمع منه وقد ذهب بصره
كان يلقَّن أحاديث باطلة "

انتهى من " شرح علل الترمذي " لابن رجب ( 2/577-578 ).


وقال ابن رجب : " وقد ذكر غير واحد أن عبد الرزاق حدث بأحاديث مناكير في فضل علي وأهل البيت ، فلعل تلك الأحاديث مما لقنها بعد أن عمي ، كما قال الإمام أحمد .. وقال النسائي : عبد الرزاق ما حُدِّث عنه بآخرة ففيه نظر " انتهى من " شرح علل الترمذي " ( 2/580 ).

وقد وقع اضطراب في سند هذا الحديث كما في " المنتخب من علل الخلال " لابن قدامة (228):

" وسألت أحمد ، عن حديث شريك ، عن ليث ، عن طاوس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يطلع عليكم رجل من أهل النار " فطلع معاوية .

قال : إنما رواه ابن طاوس ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو أو غيره ، شك فيه .
قال الخلال : رواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس قال : سمعت فُرخاش يحدث هذا الحديث عن أبي عن عبد الله بن عمرو " انتهى.

ومع هذا الاضطراب في السند وقع اضطراب آخر في متنه ؛ ففي هذه الرواية عند البلاذري جاء فيها أنه يطلع رجل من أهل النار وفيها أن الطالع هو معاوية رضي الله عنه ، وفي مسند أحمد (11/71 ) " ليدخلن عليكم رجل لعين " ، وكان الداخل الحكم .

وفي رواية أخرى ذكرها الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/147 ) ونسبها للطبراني في الكبير وفيها " ليطلعن عليكم رجل يبعث يوم القيامة على غير سنتي ، أو على غير ملتي " ولم يعين فيها الطالع .

فمع هذا الاضطراب في سند ومتن هذا الحديث ؛ لا يمكن لمن كانت عنده مسكة من علم ، وعقل ، ودين : أن يعتمده في الطعن على واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فضلا عن الشهادة عليه بذلك البهتان البالغ .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:20   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

ما تفسير قوله تعالى : كتب عليكم القتال وهو كره لكم ... الآية ؟

، وما تفسير فرار الصحابة رضي الله عنهم إن صح التعبير في غزوة حنين ؟

وهل الشعور بالخوف أو الجبن من الجهاد في سبيل الله
يعد نفاقا أم هو مسألة قوة إيمان ؟

وما الحل إذا وجد هذا الشعور ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قال الله عز وجل :( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/ 216 .

قال السعدي رحمه الله :

" هذه الآية ، فيها فرض القتال في سبيل الله ، بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه ، لضعفهم، وعدم احتمالهم لذلك ، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، وكثر المسلمون وقووا ، أمرهم الله تعالى بالقتال ، وأخبر أنه مكروه للنفوس ، لما فيه من التعب والمشقة ، وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف ، ومع هذا، فهو خير محض ، لما فيه من الثواب العظيم ، والتحرز من العقاب الأليم ، والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم

وغير ذلك ، مما هو مُرْبٍ (أي : يزيد ) على ما فيه من الكراهة (وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة ، فإنه شر، لأنه يعقبه الخذلان ، وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله ، وحصول الذل والهوان ، وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب .

وهذه الآيات عامة مطردة ، في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة أنها خير بلا شك ، وأن أفعال الشر التي تحبها النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة فهي شر بلا شك

(وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره ، سواء سرتكم أو ساءتكم " .

انتهى من " تفسير السعدي" (ص 96) .

ثانيا :

قال الله تعالى :( لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ) التوبة/ 25، 26 .

قال ابن كثير رحمه الله

" يَذْكُرُ تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ وَإِحْسَانَهُ لَدَيْهِمْ فِي نَصْرِهِ إِيَّاهُمْ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ مِنْ غَزَوَاتِهِمْ مَعَ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى ، وَبِتَأْيِيدِهِ وَتَقْدِيرِهِ ، لَا بعَددهم وَلَا بعُددهم ، وَنَبَّهَهُمْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ ، سَوَاءٌ قَلَّ الْجَمْعُ أَوْ كَثُرَ، فَإِنَّ يَوْمَ حُنين أَعْجَبَتْهُمْ كَثْرَتُهُمْ ، وَمَعَ هَذَا مَا أَجْدَى ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ نَصْرَهُ وَتَأْيِيدَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَهُ ، لِيُعْلِمَهُمْ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِهِ تَعَالَى وَحْدَهُ وَبِإِمْدَادِهِ ، وَإِنَّ قَلَّ الْجَمْعُ ، فَكَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
.
وَقَدْ كَانَتْ وَقْعَةُ: "حُنين" بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَذَلِكَ لَمَّا فَرَغَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ ، وَتَمَهَّدَتْ أُمُورُهَا، وَأَسْلَمَ عَامَّةُ أَهْلِهَا ، وَأَطْلَقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فبلغه أن هَوَازِنَ جَمَعُوا لَهُ لِيُقَاتِلُوهُ ، وَأَنَّ أَمِيرَهُمْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ النَّضْري ، وَقَدْ أَقْبَلُوا مَعَهُمُ النِّسَاءَ وَالْوِلْدَانَ وَالشَّاءَ والنَّعم ، وَجَاءُوا بقَضِّهم وقَضِيضهم فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَيْشِهِ الَّذِي جَاءَ مَعَهُ لِلْفَتْحِ

وَهُوَ عَشَرَةُ آلَافٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ، وَمَعَهُ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ ، وَهُمُ الطُّلَقَاءُ فِي أَلْفَيْنِ أَيْضًا، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَالْتَقَوْا بِوَادٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالطَّائِفِ يُقَالُ لَهُ "حُنَيْنٌ" ، فَكَانَتْ فِيهِ الْوَقْعَةُ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فِي غَلَسِ الصُّبْحِ ، انْحَدَرُوا فِي الْوَادِي وَقَدْ كَمَنَتْ فِيهِ هَوَازِنُ ، فَلَمَّا تَوَاجَهُوا لَمْ يَشْعُرِ الْمُسْلِمُونَ إِلَّا بِهِمْ قَدْ ثَاوَرُوهُمْ وَرَشَقُوا بِالنِّبَالِ ، وَأَصْلَتُوا السُّيُوفَ ، وَحَمَلُوا حَمْلَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، كَمَا أَمَرَهُمْ مَلِكُهُمْ.

فَعِنْدَ ذَلِكَ وَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ، وَثَبَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ رَاكِبٌ يَوْمَئِذٍ بَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ يَسُوقُهَا إِلَى نَحْرِ الْعَدُوِّ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّهُ آخِذٌ بِرِكَابِهَا الْأَيْمَنِ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ آخِذٌ بِرِكَابِهَا الْأَيْسَرِ، يُثْقِلَانِهَا لِئَلَّا تُسْرِعَ السَّيْرَ، وَهُوَ يُنَوِّهُ بِاسْمِه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيَدْعُو الْمُسْلِمِينَ إِلَى الرَّجْعَةِ وَيَقُولُ :" أَيْنَ يَا عِبَادَ اللَّهِ؟ إليَّ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ"، وَيَقُولُ فِي تِلْكَ الْحَالِ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبدِ الْمُطَّلِبْ

وَثَبَتَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ قَرِيبٌ مِنْ مِائَةٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ثَمَانُونَ، فَمِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَالْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ، وَالْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ، وَغَيْرُهُمْ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ثُمَّ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّهُ الْعَبَّاسَ -وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ -أَنْ يُنَادِيَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَصْحَابَ الشَّجَرَةِ -يَعْنِي شَجَرَةَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ ، الَّتِي بَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ تَحْتَهَا، عَلَى أَلَّا يَفِرُّوا عَنْهُ

-فَجَعَلَ يُنَادِي بِهِمْ: يَا أَصْحَابَ السَّمُرَةِ . وَيَقُولُ تَارَةً: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: يَا لبيك، يا لبيك، وانعطف الناس فجعلوا يتراجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ إِذَا لَمْ يُطَاوِعُهُ بَعِيرُهُ عَلَى الرُّجُوعِ ، لَبِسَ دِرْعَهُ ، ثُمَّ انْحَدَرَ عَنْهُ ، وَأَرْسَلَهُ ، وَرَجَعَ بِنَفْسِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَجَعَتْ شِرْذِمَةٌ مِنْهُمْ، أَمَرَهُمْ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَصْدُقُوا الْحَمْلَةَ، وَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ بَعْدَمَا دَعَا رَبَّهُ وَاسْتَنْصَرَهُ

وَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي" ثُمَّ رَمَى الْقَوْمَ بِهَا، فَمَا بَقِيَ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَصَابَهُ مِنْهَا فِي عَيْنَيْهِ وَفَمِهِ مَا شَغَلَهُ عَنِ الْقِتَالِ ، ثُمَّ انْهَزَمُوا ، فَاتَّبَعَ الْمُسْلِمُونَ أَقْفَاءَهُمْ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ ، وَمَا تَرَاجَعَ بَقِيَّةُ النَّاسِ إِلَّا وَالْأُسَارَى مُجَدَّلَةٌ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 125-126) .

والحاصل : أن تولي من تولى من الصحابة رضي الله عنهم ، يوم حنين : لم يكن عن جبن ، حاشا وكلا ، ولكن هوازن كانوا رماة ، وقد كمنوا لهم في غلس الصبح ، ففاجئوهم ، فكان ما كان لأجل هول المفاجأة ، والبغتة التي بغتتهم .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن جابر، عَنْ أَبِيهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ

قَالَ: " لَمَّا اسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ ، انْحَدَرْنَا فِي وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ أَجْوَفَ حَطُوطٍ ، إِنَّمَا نَنْحَدِرُ فِيهِ انْحِدَارًا ، قَالَ: وَفِي عَمَايَةِ الصُّبْحِ ، وَكَانَ الْقَوْمُ سَبَقُونَا إِلَى الْوَادِي، فَكَمَنُوا لَنَا فِي شِعَابِهِ وَأَحْنَائِهِ وَمَضَايِقِهِ قَدْ أَجْمَعُوا وَتَهَيَّئُوا وَأَعَدُّوا ، فَوَاللَّهِ مَا رَاعَنَا - وَنَحْنُ مُنْحَطُّونَ - إِلَّا الْكَتَائِبُ ، قَدْ شَدُّوا عَلَيْنَا شَدَّةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَانْشَمَرَ النَّاسُ رَاجِعِينَ ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى أَحَدٍ".

انتهى من "زاد المعاد" (3/ 411) .

فلما نادى فيهم منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا من كل صوب
وتراجعوا إليه ، وقاتلوا العدو فأظفرهم الله بعدوهم .











رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:24   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ثالثا :

الشعور الطبيعي بالخوف ، أو الابتلاء بشيء من الجبن عن الجهاد ، أو كراهة الموت ، لا ليس من اللازم أن يكون من النفاق ، ولا نعلم في النصوص الشرعية ما يستلزم ذلك ؛ ما لم يحمل العبد على كراهة حكم الله الشرعي فيه ، وعدم التسليم لأمره ونهيه .

فإذا رضي المسلم بحكم الله ، وأذعن له ، ولم يرفضه ، ولم يعترض عليه ، فهذا هو الواجب ، ولا يضره ، إن شاء الله ، لو كانت نفسه تكره الفعل طبعا . كما قال الله تعالى في ذلك : ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" هذه الآية ، فيها فرض القتال في سبيل الل ه، بعد ما كان المؤمنون مأمورين بتركه، لضعفهم، وعدم احتمالهم لذلك، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكثر المسلمون، وقووا أمرهم الله تعالى بالقتال، وأخبر أنه مكروه للنفوس، لما فيه من التعب والمشقة، وحصول أنواع المخاوف والتعرض للمتالف، ومع هذا، فهو خير محض، لما فيه من الثواب العظيم، والتحرز من العقاب الأليم، والنصر على الأعداء والظفر بالغنائم، وغير ذلك، مما هو مُرْبٍ على ما فيه من الكراهة .

{وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} ، وذلك مثل القعود عن الجهاد لطلب الراحة، فإنه شر، لأنه يعقب الخذلان، وتسلط الأعداء على الإسلام وأهله، وحصول الذل والهوان، وفوات الأجر العظيم وحصول العقاب.

وهذه الآيات عامة مطردة، في أن أفعال الخير التي تكرهها النفوس لما فيها من المشقة ، أنها خير بلا شك، وأن أفعال الشر التي تحب النفوس لما تتوهمه فيها من الراحة واللذة ، فهي شر بلا شك.

وأما أحوال الدنيا، فليس الأمر مطردا، ولكن الغالب على العبد المؤمن، أنه إذا أحب أمرا من الأمور، فقيض الله له من الأسباب ما يصرفه عنه ، أنه خير له ، فالأوفق له في ذلك أن يشكر الله ، ويجعل الخير في الواقع ، لأنه يعلم أن الله تعالى أرحم بالعبد من نفسه ، وأقدر على مصلحة عبده منه ، وأعلم بمصلحته منه كما قال تعالى: ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فاللائق بكم أن تتمشوا مع أقداره ، سواء سرتكم أو ساءتكم "

انتهى، من "تفسير السعدي" (96) .

وليس من شرط الرضا والتسليم ألا يحس بالألم والمكاره ، بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه .

ولكن لا شك أن الذى يلقى العدو قوي الجنان ، غير هياب : أكمل إيمانا وتسليما ممن يجد في نفسه الخوف والقلق .

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يتعوذ بالله من الجبن ، كما روى البخاري في صحيحه (6369) : أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ ، وَالعَجْزِ وَالكَسَلِ ، وَالجُبْنِ وَالبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ) .

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بتعليم أصحابه التعوذ من ذلك :

وفي صحيح البخاري (6390) عن سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ ، كَمَا تُعَلَّمُ الكِتَابَةُ: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا، وَعَذَابِ القَبْرِ) .

وإذا وجد العبد من نفسه شيئا من ذلك فعليه أن يستعين بالله ويتوكل عليه.

قال الله تعالى : ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 173- 175 .

وعليه أن يتذكر ما وعد الله به عباده من النصر والفوز المبين أو الشهادة والمنزلة العالية الرفيعة .

وأيضا : فليتذكر سير السلف الصالحين ، وأهل الجهاد والنصرة ، الذين سخرهم الله تعالى لفتح البلاد ونشر دينه في الآفاق ، وقد كانوا المثل الأعلى في الشجاعة والإقدام .

فذلك كفيل أن يصرف الله به عنه ما يجده في نفسه .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:30   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

قرأت "من نواقض الإسلام العشرة : من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر ، لقوله تعالى : ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) محمد / 9 . .... ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف، إلا المكره، وكلها من أعظم ما يكون خطراً، وأكثر ما يكون وقوعاً . فينبغي للمسلم أن يحذرها ، ويخاف منها على نفسه

نعوذ بالله من موجبات غضبه ، وأليم عقابه ، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم....." والكثير من النساء يُبغضن التعدد ويصرّحن بهذا في المجالس هازلات أو جادات ، فهل يدخل هذا في الارتداد ؟

و يجب عليهن التوبة والاغتسال ؟


الجواب :

الحمد لله

إذا رضي المسلم بحكم الله ، وأذعن له ، ولم يرفضه ، ولم يعترض عليه ، فهذا هو الواجب ، ولا يضره لو كانت نفسه تكره الفعل طبعا ، ككراهة النفس للقتال مع قبولها وإذعانها لحكم الله . قال الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/216 .

ومثل ذلك : كراهة المرأة لوجود مزاحمة لها ، فإن هذا أمر طبعي ، لأنها ستنازعها زوجها ، لكن فرق بين كراهة فرض الله للقتال ، وكراهة النفس للقتال ، وبين كراهة تشريع الله للتعدد ، وكراهة النفس لوجود الضرة . فما فرضه الله وشرعه يحب دينا وقربة ، ولو كان الفعل المفروض مكروها للنفس شاقا عليها . على أنه كلما كمل إيمان العبد أصبحت هذه المكروهات محبوبة له طبعا ، كما هي محبوبة له شرعا .

والمذكور في نواقض الإسلام إنما هو كراهة ما أنزل الله ، وكراهة تشريعه .

قال ابن القيم رحمه الله : "وليس من شرط الرضى ألا يحس بالألم والمكاره بل ألا يعترض على الحكم ولا يتسخطه ولهذا أشكل على بعض الناس الرضى بالمكروه وطعنوا فيه وقالوا : هذا ممتنع على الطبيعة وإنما هو الصبر وإلا فكيف يجتمع الرضى والكراهية وهما ضدان

والصواب : أنه لا تناقض بينهما وأن وجود التألم وكراهة النفس له لا ينافي الرضى كرضى المريض بشرب الدواء الكريه ورضى الصائم في اليوم الشديد الحر بما يناله من ألم الجوع والظمأ ورضى المجاهد بما يحصل له في سبيل الله من ألم الجراح وغيرها" انتهى من "مدارج السالكين" (2/175) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

في توضيح هذا الأمر : "قوله تعالى: (وهو كره لكم) : (كره) مصدر بمعنى اسم المفعول ، يعني: وهو مكروه لكم ؛ والمصدر بمعنى اسم المفعول يأتي كثيراً، مثل: (وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ) [الطلاق: 6] يعني: محمول ؛ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد )، أي مردود .

وجملة ( وهو كره لكم ) في محل نصب على الحال؛ والضمير ( هو ) يعود على القتال؛ وليس يعود على الكتابة؛ فإن المسلمين لا يكرهون ما فرضه الله عليهم؛ وإنما يكرهون القتال بمقتضى الطبيعة البشرية؛ وفرق بين أن يقال: إننا نكره ما فرض الله من القتال؛ وبين أن يقال: إننا نكره القتال؛ فكراهة القتال أمر طبيعي؛ فإن الإنسان يكره أن يقاتل أحداً من الناس فيقتله؛ فيصبح مقتولاً؛ لكن إذا كان هذا القتال مفروضاً علينا صار محبوباً إلينا من وجهٍ، ومكروهاً لنا من وجهٍ آخر؛ فباعتبار أن الله فرضه علينا يكون محبوباً إلينا؛ ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يصرون أن يقاتلوا؛ وباعتبار أن النفس تنفر منه يكون مكروهاً إلينا ".

ثم قال في فوائد الآية : " ومنها: أنه لا حرج على الإنسان إذا كره ما كتب عليه؛ لا كراهته من حيث أمَر الشارع به؛ ولكن كراهته من حيث الطبيعة؛ أما من حيث أمر الشارع به فالواجب الرضا، وانشراح الصدر به " انتهى من "تفسير القرآن لابن عثيمين".

وقال رحمه الله في موضع آخر : " وقوله: (وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) يجب أن تعلم أن الضمير في قوله: (وَهُوَ) يعود على القتال وليس يعود على الكتابة، لأن الصحابة رضي الله عنهم لايمكن أن يكرهوا فريضة الله ، لكن يكرهون القتل ويقاتلون فيقتلون.

وفرق بين أن يكره الإنسان حكم الله، أو أن يكره المحكوم به " ا

نتهى من "مؤلفات الشيخ ابن عثيمين" (2/ 438).

والحاصل : أنه يلزم المؤمنة أن ترضى بتشريع الله للتعدد ، وتعتقد أن فيه الحكمة والصلاح ، وألا تكره هذا الحكم والتشريع وإن كانت نفسها تكره وجود الضرة المزاحمة لها ، ككراهة الإنسان للقتال ، وكراهة نفسه لما يخرجها عن الراحة والدعة كالوضوء بالماء البارد للفجر ، والصوم في شدة الحر ، ونحو ذلك مما فيه مشقة ، لكن يقهرها العبد بمحبته لله ، ورضاه واستسلامه لشرعه ، ولهذا جاء في الحديث الذي رواه البخاري (6487) ومسلم (2823) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (حُفَّتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُفَّتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ) .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " فَأَمَّا الْمَكَارِه فَيَدْخُل فِيهَا الِاجْتِهَاد فِي الْعِبَادَات , وَالْمُوَاظَبَة عَلَيْهَا , وَالصَّبْر عَلَى مَشَاقّهَا , وَكَظْم الْغَيْظ , وَالْعَفْو وَالْحِلْم وَالصَّدَقَة وَالْإِحْسَان إِلَى الْمُسِيء وَالصَّبْر عَنْ الشَّهَوَات , وَنَحْو ذَلِكَ " انتهى .

ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا : بَلَى ، يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ ، فَذَلِكُمْ الرِّبَاطُ) رواه مسلم (251) من حديث أبي هريرة .

قال النووي رحمه الله : " والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحو ذلك " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-02-19, 03:33   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال :

ما حكم كره المرأة للتعدد بحكم الغيرة مع أن الغيرة فطرية عند المرأة ونحن نقرأ عن غيرة عائشة رضي الله عنها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بنا نحن مع أنني قرأت في بعض الكتب أن الكراهية لحكم من أحكام الشريعة يعد كفراً ؟.

الجواب :

الحمد لله

غيرة المرأة على زوجها أمر جبلي فطري ولا يمكن أن يقال للمرأة لا تغاري على زوجك ، وكراهة الإنسان الشيء وإن كان مشروعاً لا يضره ما دام لم يكره مشروعيته ، قال الله تعالى : ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم )

والمرأة التي عندها غيرة لا تكره أن الله أباح لزوجها أن يتزوج أكثر من واحدة لكن تكره الزوجة معها ، وبين الأمرين فرق ظاهر ، ولهذا أرجو من الأخ السائل وغيره أن يتمعنوا في الأمور وألا يتسرعوا وأن يعرفوا الفروق الدقيقة التي تختلف بها الأحكام اختلافاً ظاهرياً .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال وجواب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:45

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc