لا تفش أسرار عائلتك
كانت هالة الصغيرة تحب الذهاب إلى بيت جدها وأعمامها، وكانت تحب أن يرحِّبوا بها، وأن يحبوا جلوسها بينهم،كانت تُكثر من الحديث معهم، وكانت تحكي طويلاً عن القَصص التي تحصل في بيتهم، وما يجري بين أفراد عائلتها، وكانت تشعر بأنهم يهتمون بأحاديثها، وخصوصًا عندما تتحدث عن شجار حصل بين والديها.
بعد مدة لاحظت هالة أن زوجة عمها بدأت تسألها عن أمور تخص عائلتها، وأنها تسأل عن علاقة والديها مع بعضهما، وعن علاقة إخوتها بوالديها كذلك، وكانت هالة تبدأ في الحديث مع أول قضمة من الحلوى التي تصنعها لها زوجة عمها تلك.
في إحدى المرات وبينما كانت تقترب من باب غرفة الطعام، سمِعت زوجة عمها تقول لابنتها: "هذه أمور تخص عائلتنا وحدها، ولا أريد أن تصبح أسرارنا ملكًا للجميع، فهل تريدين أن تكوني مثل هالة، وتؤذي أهلك ووالدتك عندما تُذيعين أمورًا حصَلت معهم أمام الجميع؟".
علمت هالة وقتها أن ما تفعله يجعل صورتها بشعة في عيون مَن يستمع إليها، وتخيَّلت كم آذَت نفسها وعائلتها عندما جعلت قَصص شجاراتهم وأحاديثهم معروضة للجميع! وقررت منذ تلك اللحظة أن تَلتزم الصمت خارج المنزل، وألا تؤذي عائلتها عندما تتحدث عن أسرارهم للغرباء، أو حتى لأقاربهم، وألا تظهر للجميع وكأنها ثرثارة، لا تعرف كيف تَضبط نفسها، أو أنها ما تزال صغيرة، ويمكنهم من خلالها كشْف الأسرار.
كانت هذه قصة هالة، وقد تعلمت مما حصل معها الكثير، وقررت أن تحفظ أسرار عائلتها جيدًا بعد ذلك الدرس، وفهِمت أن الشجارات العائلية وما يحصل بين الوالدين وبين الإخوة هو من الأسرار، وأنها يجب أن تلتزم الصمت في كل ما قد يجعل الآخرين يتسَلون بقَصصهم.
الكثير من الأولاد يفعلون مثل هالة أيضًا دون أن ينتبهوا للأمر، ويفعلونه ببراءة، ودون أن يعرفوا الفرق بين ما يجب أن يقولوه، وما لا يجب أن يقال، وقد تكون أنت أو أحدإخوتك أو أصحابك منهم، ولكنك عرَفت الآن أن هذا خطأ كبير، نُتعب به أهلنا وأنفسنا، وأننا لو بقينا نُذيع الأسرار، فسوف:
• يبتعد مَن حولنا بأسراره عنا.
• سيعاملوننا كصغار وغير مسؤولين.
• سنشعر بالوحدة، وأن أهلنا يتضايقون منا.
• سيغضب أهلنا منا، وهذا سيؤدي إلى غضب الله علينا بالتأكيد.
• سيُؤنبنا ضميرنا ونحن نرى أننا تسبَّبنا في الآلام لعائلتنا.
أتوقع أنك اتَّخذت مثلي قرارًا بعدم البوح للغرباء بأسرار عائلتك، وأنك ستعرف كيف تتصرف ككبير، وأن هذا القرار أيضًا سيكون من أسرارك.