مدخل الى علم الأرشيف
خطة البحث
الميحث الأول :ماهية الارشيف
المطلب الأول : مفهوم الأرشيف
المطلب الثاني :لمحة تاريخية عن الأرشيف
المطلب الثالث: مهام الأرشيف
الميحث الثاني : أنواع الأرشيف
المطلب الأول : الأرشيف من ناحية العمر
المطلب الثاني : الأرشيف من ناحية الملكية
المطلب الثالث : الأرشيف من ناحية الوعاء
خاتمة
قائمة المصادر والمراجع
مقدمة
إن كل ما ورثه الإنسان عن أصوله يعتبر ملك مشترك يستطيع أن يستعمله لكن مع المحافظة عليه من كل تأثير وهذا ما نسميه بالتراث هذا التراث الذي يشمل كل ما هو مادي مثل الأماكن والآثار والمعالم من إمكانيات خاصة بالإنسان وحده والمتمثل في التفكير العقلاني التسجيل وإيصال الأفكار والمعلومات مهما كان غني هذا التراث المادي الموروث من طرف أي مجتمع والذي يمثل جزءا مهما من هويته ثقافته وماضيه فإنه يحتاج من أجل معرفة تاريخ هذا الماضي إلى الكتابات والنصوص والأرشيف المكون الآخر لتراث الإنسانية
فالتراث الأرشيفي يمثل أرقى منتوج حضاري ومصدر ثقافي وأساس لكتابة التاريخ لأنه يكشف عن حلقات التطور الإنساني عبر العصور وبين لنا العلاقة الإنسانية وسير الأنظمة والأجهزة العامة والخاصة التي أنتجت الوثيقة من هذا المنطلق نطرح الأسئلة التالية :
- ما هو الأرشيف ؟
- كيف نشأ وكيف تطور ؟
- ما هي تقسيماته وأشكاله ؟
المبحث الأول : ماهية الأرشيف
المطلب الأول : مفهوم الأرشيف
تعريف الأرشيف :
التعريف اللغوي : الأرشيف كلمة يونانية الأصل أرخي وتعني السلطة ،ولقد شاع إستعمالها في لغات أخرى ففي اللغة اللاتينية يطلق عليها مصطلح أرخيون archion وتعني الورقة وفي الفرنسية والانجليزية archive وفي الألمانية archion ، وفي الإيطالية archivo وفي الهولندية archif .
التعريف الاصطلاحي : عرفه شيليرينج " الأرشيف هو مجموعة من الوثائق الناجمة عن نشاط مؤسسة عامة أو خاصة ،والتي اختارت لتحفظ داخل المؤسسة الأرشيفية بصورة دائمة بغرض الرجوع إليه "
ويعرفه شارل سمارت بأنه " كل الوثائق المكتوبة الناتجة عن نشاط جماعي أو فردي بشرط أن تكون قد نظمت ليسهل الرجوع إليها عند الحاجة بعد أن تم حفظها في منظومة واحدة بشكل جيد .
والأرشيف هو المكان الذي تحفظ فيه الوثائق العامة والمستندات التاريخية التي تحتوي على بيانات ومعلومات تحفظ للرجوع إليها مستقبلا وقد تكون ورقة تمثل الأوامر والمراسيم ،القرارات ،التعاميم والمراسلات والسجلات وغيرها كالخرائط والرسوم الهندسية أو التنظيمية والجغرافية .
كما وردت عدة تعاريف أخرى من قبل المتخصصين في مجال الأرشيف والتوثيق إلا أن هذه التعاريف تتباين بينها من حيث تحديد المفهوم الشامل العلمي والدقيق للأرشيف ومن بين هذه التعاريف نذكر :
تعريف la dolphe berniche يعرف هذا الأرشيفي الأرشيف " بأنه ممثل الأوراق الوثائقية التي تنمو نتيجة النشاطات القانونية ونشاطات الأعمال لشخص مادي أو معنوي والتي قصد بها الحفظ الدائم في مكان خاص كمصدر وبراهين للماضي
كما يعرف هيلاري جينكسون " المجموعات الأرشيفات على أنها الوثائق التي أنشأت لتأدية أي عمل من الأعمال وكانت جزء منه ،وحفظت من أجل الرجوع إليها وهي لا تقتصر على الأعمال الحكومية بل قد تكون وثائق لجمعيات أو لأشخاص أو لهيئات حكومية "
وفي الإطار نفسه فإن المشرع الجزائري أعطى عدة مفاهيم للأرشيف من خلال ما جاء في مختلف الأوامر والقوانين التالية :
" ورد في القانون الجزائري في المادة رقم 2 من القانون رقم 88-09 الصادر في 26 جانفي 1988 أن الوثائق الأرشيفية بمقتضى هذا القانون هي عبارة عن وثائق تتضمن أخبارا مهما يكن تاريخها أو شكلها أو سندها المادي أنتجها أو تسلمها أي شخص طبيعي كان أو معنوي أو أي مصلحة أو أي هيئة عمومية كانت أو خاصة أثناء ممارسة نشاطها "
المطلب الثاني : لمحة تاريخية عن الأرشيف
أ/ تطور الأرشيف عبر الزمن :
حفظ المعلومات المدونة أو المسجلة على أوعية أو ما يعرف اليوم بالأرشفة ،سلوك قديم عند الإنسان حيث أن هذا الأخير ومنذ العصور القديمة أبدى الحاجة والرغبة في تسجيل بعض المعلومات من أجل إيصالها إلى الأجيال اللاحقة ، وقد استعمل من اجل هذا " مساحة نوعا ما كبيرة وسهلة التصفح "
فتاريخ الأرشيف يرتبط إذا إرتباطا وثيقا بالحوامل التي استعملت عبر العصور بهدف حفظ وإصال بعض المعلومات ، الحوامل المستعملة في العصور القديمة والمتوسطة والتي غالبا ما كانت من مادة حيوانية أو نباتية تتصف بصلابتها وبتنوعها .
فالرسومات والكتابات المكتشفة في الكهوف في مختلف القارات ، تمثل مخازن أرشيف حقيقية كذلك المكتشفة في مصر ،أو
بفال مونيكا بإيطاليا والتي يرجع تاريخها إلى 8300 ق م والتي تمتد على 70 كلم طولا .
وباعتبار الطين مادة إقتصادية ومتوفرة فقد استعمل بكثافة على شكل صفائح في عصر ما قبل الكتابة حيث دونت وارشفت الأرقام فقط على هذه الصفائح وتتعلق هذه الأرقام عموما بجرد مبالغ الضرائب ، وعدد رؤوس الأغنام أو حسابات حول الإنتاج الفلاحي ، واستعملت هذه الصفائح 3000 سنة ق م وكانت تمثل مذكرات تساعد على تسجيل أرقام المحاصيل أو عدد رؤوس الأغنام ، يمثل قانون حمورابي إحدى أقدم وأشهر الأرشيفات المكتشفة سنة 1902 ، منقوشة على تمثال من البازيلت الأسود
كان الجلد أيضا من بين الأوعية القديمة التي بدأ استعمالها منذ الأمارة أو المملكة الرابعة المصرية بين 2750-2900 ق م سجلت الفترة الممتدة بين -100+100 سنة استعمال الصفائح النحاسية والتي كانت تسجل عليها العقود الدبلوماسية والمجموعات القضائية ، كما استعملت أيضا الألواح الشمعية ، القرون ، اللوائح ، قشور الفلين ، وقشور الأشجار التي استعملت من طرف كتاب العصور القديمة والتي عمم إستعمالها بالعصور الوسطى أو قشور الفلين التي استعملت بروسيا ، الأختام أو الألواح الشمعية أخذت مكان الألواح الخشبية أو العاج ثم جاء دور اللوحة في الاستعمال بالنقش للحفاظ على المعلومة أطول وقت .
بأوروبا استعمل الشمع لفترة طويلة بفرنسا إلى غاية اكتشاف الورق أما استعمال الوسائط الأكثر ليونة كالجلد المصقول أو البردي فقد بدا نحو القرن السابع لتسجيل مختلف العقود
كما أن البردي استعمل بكثرة من طرف العرب أثناء حكم الفاطميين في القرن العاشر واستعمل أيضا من طرف بلاط الحكم بروما بنفس الفترة
إن الثمن الباهظ للبردي وهشاشته أديا إلى استبداله بجلود الحيوانات المصقولة في بداية القرن 12
بدا طهور الورق عام 195 بالصين حيث موطنه الأصلي ، وصدر مبكرا إلى العالم العربي الذي نشره في الشرق الأوسط خاصة بسوريا ، العراق ومصر ثم في كل بلاد الإسلام مع نهاية القرن الثامن وأثناء القرن 12 فقط بدا استعمال الورق في ارويا وصلها عن طريق في بداية الحروب الصليبية الأولى وخاصة من طرف سيسيليا حيث عمرها العرب في بداية نفس القرن ، هذا الوعاء سوف يلاقى حذرا من هيئات العدل أو الهيئات الاستشارية التي تعتبره مادة سريعة الإتلاف لا يمكن استعمالها في العقود العامة ، وعليه فقد بقي الورق للإستعمالات الخاصة والفنية حتى أواسط القرن حيث تكاثفت استعمالاته وخاصة بعد إختراع الطباعة والتي أعطت بعدا آخر لإستعمال الورق الذي اتسع وتزايد
ب/ الأشكال الجديدة للأرشيف :
إذا كانت الوثائق المحفوظة لحد الساعة في أغلبيتها هي وثائق مكتوبة ،فإنه بوصول التكنولوجيات الحديثة لم تعد الكتابة أو الوثيقة المكتوبة هي الشكل الوحيد للوثائق ،وبرزت للوجود أشكال جديدة للأرشيف ، الفهرس الآلي ،الذاكرة المغناطيسية ، الفلم ، الصوت المسجل من السنما أو الفيديو هي أرشيفات تماما كالملف المكتوب أو المرقون بما معناه أن التكنولوجيا ألغت الحواجز بين ما هو مرقون أو مكتوب عن باقي أنواع تسجيل المعلومة ، مما جعل تميز الأرشيف ناتج عن وظيفته أثناء تكوينه بغض النظر عن شكله أو وعائه
إن ظهور هذه الأشكال الجديدة للأرشيف دفع ببعض البلدان إلى تغيير محتوى بعض النصوص التشريعية التي كانت تعرف الأرشيف ، حيث أدخلت إلى مفهومه هذه الأنواع الجديدة من الأرشيف ، وهكذا في فرنسا مثلا وبسبب تعدد قواعد المعطيات ومواقع الأنترنت والفهارس النصية جاء قانون 13 مارس 2000 لا ليلبي ولكن لتحسين وتكميل القوانين السابقة التي كانت تكمل مصطلح الأرشيف وهذا بالاعتراف بالقيمة القصوى للوثائق المحتواة في الأوعية الإلكترونية ، هذا ما أعطى تكفلا جادا بهذه الأنواع الجديدة للأرشيف وتأكيدا على ضرورة تقييمها ودفعها إلى مصالح الأرشيف لأجل أرشفة الكترونية على مدى طويل .
المطلب الثالث : مهام الأرشيف
يمكن القول أن مهام الأرشيف تؤول إلى ثلاث اتجاهات حيث تقوم بتوفير كل الوثائق والمعلومات اللازمة إلى السلطات الحكومية ، كما يجب عليها تقديم كل التسهيلات والمعلومات إلى المواطن فيما يخص حقوقه القانونية وان تصدر له نسخا عن الوثائق والشهادات التي يطلبها ، إضافة إلى هذا لديها أيضا واجبات تجاه معاهد البحث العلمي ، والباحثين الخواص خاصة في ميدان البحث التاريخي كما هناك مهام خاصة تندرج من طبيعة هذه الهيئات الأرشيفية ، كإقامة المعارض الثقافية ، توجيه الهيئات المنتجة بكيفية تحضير وثائقها إلى الدفع والحفظ ولاهتمام بذات القيمة منها
حاليا وفي أغلب الأحيان نصوص تشريعية أو قانونية تتناول وبدقة هذه المهام الخاصة بمصطلح الأرشيف ،حيث انه مهما كانت صفتها كمؤسسة وطنية ، جهوية أو حتى بلدية ، الهيئة المكلفة بالأرشيف يعهد لها خاصة ب:
- مهمة إدارية : إدارة حفظ الأرشيف هي أولا وقبل كل شيء في خدمة الإدارات الأخرى التي تستقبل أرشيفها ، تقوم بمعالجته وتقديمه إليها من أجل الإطلاع إذا تطلب الأمر ذلك
- مع مرور الزمن ، البعد التاريخي يصبح مهيمنا ،وتعامل وتعاون مصالح الأرشيف والأرشيفين مع الباحثين الجامعيين وكذلك الاكادميات ومعاهد البحث يصبح قائم
- بالإضافة إلى مهامهم التقليدية لخدمة الإدارة والبحث العلمي المتخصص ، أصبحت المصالح الأرشيفية وصل ترابط ثقافي حيث أنها أصبحت يرجع إليها عند كل مناسبة لإقامة المعارض التاريخية والثقافية ، أو لإستقبال الزيارات وأحيانا حتى القيام بنشر وثائق أو كتب .
المبحث الثاني : أنواع الأرشيف
المطلب الأول : الأرشيف من ناحية العمر (نظرية الأعمار الثلاثة للأرشيف )
جاءت نظرية الأعمار الثلاثة للأرشيف للتعريف بدورة حياة الوثيقة منذ نشأتها حتى تحديد مصيرها إما بالحذف وإما للحفظ المؤبد ، كما تساعد على تحديد مكان حفظ الوثيقة من مرحلة إلى أخرى وينقسم عمر الوثيقة إلى ثلاثة مراحل أساسية " كما يشير المنشور رقم 1 المؤرخ نوفمبر 1971 الصادر عن المديرية العامة للأرشيف الوطني الجزائري ، وذلك بغرض تسهيل التسيير الوثائقي إذ يميز بين ثلاثة أعمار للأرشيف " وهذه المراحل والأعمار هي :
• العمر الأول (الإداري ):
وهي الوثائق المنتجة يوميا من طرف الهيئات والمؤسسات والمستخدمة في التسيير اليومي لها " وتبدأ هذه المرحلة من ميلاد الوثيقة إلى إنتهاء الهدف الذي أنتجت من أجله ، وعلى سبيل المثال هناك شؤون في طور البحث أو ملفات لم يتم دراستها أو قضايا مفتوحة " ، ويتم حفظ هذه الوثائق على مستوى المكاتب المنتجة ، لأنها ما تزال عرضة للإستخدام المتكرر كما يمكن أن تحفظ هذه الوثائق في محلات لابد أن تكون قريبة من المصلحة المعنية ومدة حفظها في تلك المحلات أو المكاتب لا تتجاوز 5 سنوات ، وهذه المدة لايمكن أن تكون ثابتة لكل أنواع الملفات بل هناك حالات إستثنائية كما هو الحال مثلا : " بالنسبة لملفات الموظفين التي تبقى محفوظة حوالي أربعين سنة مايعادل مدة مسلك مهني ، كما تمت الإشارة إلى ذلك في المنشور قم 1 المؤرخ في 15 سبتمبر 1990 والتي نظمت تسيير الوثائق المشتركة المنتجة على مستوى الإدارات المركزية "
وتتميز هذه المرحلة بمجموعة من الخصائص أهمها :
1- القصر النسبي لمدة بقاء الوثائق على مستوى المصالح المنتجة .
2- بقاء هذه الوثائق في مكاتب الموظفين بالقرب منهم .
3- الوثائق تحمل قيمة إدارية قصوى
4- كثرة إستخدام الوثائق والتردد المستمر عليها
5- الملفات مفتوحة وقابلة لإضافة وثائق جديدة أو معلومات مكملة .
6- الوثائق خاضعة في هذه المرحلة لنمط ترتيب الإداريين تتأثر بنوع الترتيب العضوي والتسيير المطبق .
وتعد هذه المرحلة حاسمة بالنسبة لمستقبل الوثائق لأنه يتم خلالها تشكيل الملفات وتصنيفها وحفظها بالطريقة التي تحافظ عليها تلقائيا فيما بعد حين إنتقالها للمراحل الموالية .
• العمر الثاني (الأرشيف الوسيط ):
تبدأ هذه المرحلة منذ إنتهاء النشاط الذي أنتجت من اجله الوثيقة أو الملف ، ويتكون من " مجموعة الملفات التي تحولت لديها القيمة الأولية إلى قيمة ثانوية أي أن الوثائق في هذه المرحلة تناقصت لديها القيمة الإدارية " ،ويسمى أرشيفا وسيطا لأنه يقع بين المرحلتين الإدارية والتاريخية ،ويتم حفظ هذه الوثائق في مراكز الحفظ المؤقت وهي أكثر الوثائق حجما مما يجعلها على وجه الخصوص أكبر مصدر انشغال بالنسبة للمسيرين ، لأنها تطرح مشكل الصيانة ، علاوة على مشاكل التصنيف والحفظ " ،وهذا راجع لتراكمها بكثرة وبطرق مختلفة وبالتالي ينجم عن ذلك صعوبة الإسترجاع والحفظ في الشروط المناسبة .
وتتميز هذه المرحلة بما يلي :
1- الملفات مغلقة ، غير قابلة للإضافة من طرف الجهة المنتجة .
2- قلة التردد على هذه الملفات وعودة محدودة للإستعمال .
3- تحفظ الملفات في هذا العمر في مصلحة الحفظ المؤقت .
4- تتضاءل شيئا فشيئا بتقدم العمر الثاني الحاجة إلى هذه الوثائق والملفات من مصالحها المنتجة ، من إستعمال كبير نسبيا في بدايتها إلى أن يصبح معدل الإستعمال متوسطا وبانتهاء العمر الثاني تنعدم نسبة استعمالها بانعدام القيمة الإدارية .
5- تستمر مدة الحفظ في مصالح الحفظ المؤقت من 10 إلى 15 سنة
• العمر الثالث (الأرشيف التاريخي ):
بعد إنتهاء القيمة الإدارية للوثائق وبطريقة موازية تظهر لدى البعض منها قيمة تاريخية ،" وهذه الصفة لاتنطبق على كل الوثائق وإنما تلك التي تقرر حفظها حفظا أبديا ،بينما الباقي يتم حذفه ماديا بإحدى الطرق المتبعة ،ويقدر مايحتفظ به من 5 إلى 10 % من مجموع الرصيد ،وتدفع الوثائق ذات القيمة التاريخية إلى الأرشيف الوطني إلزاميا أين يجمد حوالي من 15 سنة إلى 20 سنة قبل المعالجة النهائية " ، ويشكل هذا العمر من أعمار الأرشيف المرحلة الثالثة في حياة الوثيقة حيث " يتكون من الوثائق التي تفوق مدة وجودها 156 سنة ،والتي أصبحت غير ضرورية لسير شؤون المصالح ، فإما أن تتلف أو تحول إلى دار الأرشيف التاريخي للحفظ الدائم إذا كانت لها قيمة دائمة ، أما مدة إستبقاء الوثائق في هذا العمر فليس لها مدة محددة هي أبدية غير محددة ".
ويتم حفظ الأرشيف التاريخي حفظا أبدي في ظروف ملائمة حتى يستخدم للبحث فيما بعد ،إذ تم معالجته ووصفه وإعداد وسائل للبحث من خلاله ، إذ يعد إرثا ثقافيا وحضاريا للأمة .
المطلب الثاني : الأرشيف من ناحية الملكية
1- الأرشيف العمومي: les archives publiques
هو الوثائق المنتجة والمحفوظة من طرف منظمة أو هيئة عمومية أي أن ينتمي إلي الدولة، المجلس الشعبي البلدي، الجماعات المحلية أو مؤسسة عمومية ...........الخ
"والأرشيف العمومي أو العام تسري عليه مبادئ القانون العام، بما في ذلك عدم قابلية تملكه حتى بالتقادم أو التصرف فيه بالبيع أو الشراء أو الهبة، غير قابل للحجز، وغير قابل للتقادم بإعتباره ملكية عمومية ".
ويعرفه القانون الجزائري :"يتكون الأرشيف العمومي من الوثائق التاريخية التي انتهجتها أو تسلمتها هيئات الحزب والدول والجمعات المحلية والهيئات العمومية"
إلا أن التعريف الوارد في القانون يشير إلا للوثائق التاريخية وهو بذلك يستثني الوثائق الأخرى ذات القيمة الإدارية والتي تعتبر أيضا أرشيفا عموميا . هذا بالإضافة إلى أن وثائق الأحزاب . لم تعد كلها أرشيفا عاما نظرا للتعددية الحزبية على خلاف ماكان سائدا في نظام الحزب الواحد. "ويعني هنا حزب جبهة التحرير الوطني الذي كان بموجب الدستور يعد الهيئة المسيرة للدولة ولذا تعتبر أرشيفاته ووثائقه التي يرجع تاريخها إلى ماقبل 1989 أرشيفا عموميا"
فالأرشيف العام هو كل الوثائق الناتجة عن نشاط أي مؤسسة أو إدارة أو هيئة عمومية ، وهو ملك للدولة لا يباع ولا ينقل للخواص أو الأجانب.
2- الأرشيف النصف عمومي :les archives semi publiques
وهي مجموعة الوثائق المنتجة من طرف جمعيات ومنظمات وهيئات ذات طابع دولي، بالإضافة إلى الجمعيات المختلطة، وعند إقتضاء المنظمات الوطنية ذات الإنتماء المزدوج (خاصة، تابعة للدولة) وبالتالي فإن الأرشيف الناتج عن نشاط تلك المؤسسات من جمعيات دولية ومختلطة(وطنية -دولية) وكذلك المؤسسات التي تنتمي للقطاع الخاص والعام في آن واحد فإن أرشيفها يأخذ صفة الأرشيف العام والخاص معا.
3- الأرشيف الشبه عمومي : les archives para publiques
"وهي مجموعة الوثائق المنتجة من طرف مؤسسة خاصة ولكن تحمل قيمة وفائدة عامة" أي أن المؤسسات الخاصة بالرغم من أنها تعمل لصالح مالكيها وتنتمي للقطاع الخاص، كما تخضع لقانون خاص ، فإنها مع ذلك لديها صلاحيات وفوائد وعلاقات مع المصلحة العامة، وبالتالي فإن الوثائق الناتجة عن نشاطها تحمل فائدة عمومية فضلا عن كونها تضم بعض المراسلات الواردة إليها من طرف مؤسسات وهيئات وإدارات عمومية، وهو ملك للمؤسسة المنتجة الا أن صفة الأرشيف العام تتناقص من الأرشيف النصف عمومي إلي الأرشيف العمومي الذي يميل إلى الأرشيف العام بنسبة اقل.
4- الارشيف الخاص: les archives prives
يشمل الأرشيف الخاص على وثائق الصادرة عن الأفراد والجماعات كالهيئات والمنظمات والاتحادات ويطلق عليها أحيانا (الوثائق شبه الرسمية) وصفة شبه الرسمية لوثائق هذه الجهات جاءت نتيجة لموافقة الجهات الحكومية بممارسة هذه الجهات لنشاطها.
المطلب الثالث : الارشيف من ناحية شكل الوعاء
بدا الإنسان بتدوين المعلومات الناتجة عن نشاطه فيما توفر لديه من الطبيعة من وسائط تقليدية، وبظهور الورق اعتمدت الوثيقة المكتوبة أو المطبوعة حتى ظهرت وتطورت تقنيات التصوير و وسائط تكنولوجيا المعلومات. إذ أن إنتاج الوثائق والمستندات كان يتلخص خاصة في الأوعية الورقية سواء كانت نصية، أو صور أو خرائط ثم ظهرت الأشرطة الفيلمية و الفيديو وها نحن اليوم نشاهد التطور المستمر والمتزايد للمنتجات الالكترونية.
وينقسم الأرشيف حسب معايير الشكل إلى مايلي :
1- أرشيف الوسائط التقليدية :
استخدم العراقيون القدامى منذ فجر التاريخ الطين كمادة للكتابة في شكل لوحات طينية، كما استخدم المصريون الحجر و أوراق البردي والأخشاب والمعادن، واستخدام العرب الحجارة والرق (الجلود) وعرفوا الخرائط كوثائق لكشف المناطق الجغرافيا والحدود وتبين النشاطات الحيوية الاقتصادية والسياسية للبلاد.
2- الأرشيف الورقي :
وبظهور الورق وتطور الطباعة ظهرت الوثيقة الورقية المكتوبة أو المطبوعة وتمثلت في المراسلات المختلفة ، السجلات، النصوص القانونية، وكذلك الصور التي تعتبر نوعا مكملا ومساعدا للوثائق الورقية.
3- الأرشيف المصور :
وتعبر السجلات الصوتية مادة أرشيفية لأنها تمثل وثائق ناطقة نابعة من الواقع الحي للسياسيين والعلماء ..... وكما أن الأفلام الوثائقية تصور حوادث حية ذات أهمية تاريخية علمية وخاصة ، وهي ذات مقاسات مختلفة ، كما تلعب المصغرات الفيلمية دورا فعالا وشاهدا للحفاظ على الثورة الأرشيفية وكذلك أفلام الفيديو.
4- الارشيف الالكتروني :
"وهو سلسلة من الرموز المسجلة على أوعية الكترونية . وهو الوحدة الأساسية للمعلومة في عالم المعلومات الالكترونية، ما يستلزم اللجوء إلى وسائل تكنولوجية لقراءتها والاستفادة منها، فهي تختلف عن الوثائق الورقية التي تحتوي معلومات قابلة الاستغلال فورا ودون تجهيزات خاصة" ويتميز هذا النوع من الوثائق بالعملية و سرعة الاستغلال والنسخ والتعديل والتبادل ، كما تقضي على مشكل الحيز المكاني نتيجة لطاقة الاستعاب الهائلة لها، الا أنها بحكم سهولة التعديل تفقد أصالتها الأولى وكذلك تتميز بالصعوبة والتعقيد بالنسبة للوصف الأرشيفي كما تتميز بعضها بالسرية في ظل عدم وجود نظام صارم للاطلاع عليها وهي انواع:
• الأقراص الضوئية والبريد الالكتروني أو ملفات معالجة النصوص وهي وثائق تتضمن معلومات عن نشاط أو تفكير.
• قواعد المعطيات وهي عبارة عن مخزن حيوي للمعلومات يستلزم التحديث والتجديد اليومي.
• منتجات المعلومات الرقمية والتي تدمج النموذجين السابقين وتتكون من معلومات وعناصر ثابتة أو حيوية ، تتضمن روابط مع مصادر خارجية كمواقع الويب.