صلة الفلسفة بالعلوم الاخرى
اولا : صلة الفلسفة بالعلوم الطبيعية : وهي صلة وثيقة . حيث ترتبط الفلسفة بالعلوم الطبيعية من خلال مبحث فلسفة العلوم التي تقوم الفلسفة من خلاله بتزويد تلك العلوم بالقوانين العلمية والفروض التي تتحقق منها بالتجربة ..و فلسفة العلوم مبحث نقدي في مبادئ العلوم وفي الاصول المنطقية لهذه المبادئ .
وهي تختلف عن (( الفلسفة العلمية )) التي تعني الاكتفاء بالعلم من حيث قدرته على الذهاب الى المسائل القصوى الدائرة على المعارف البشرية . ومن ثم فان صلة الفلسفة بالعلوم الطبيعية بينة وواضحة وذات علاقة صميمية بها .
ثانيا : صلة الفلسفة بالرياضيات : ان صلة الفلسفة بالعلوم الرياضية هي ايضا وثيقة جدا . لان الرياضيات والمنطق يكون مقياس الصدق والتثبت فيهما هو اتساق الفكر بين المقدمات والنتائج ، وتعتمد مناهج استدلالية صورية ، مقدماتها فروض وبديهيات ومسلمات ، ومبادئ اولية واضحة بذاتها . ومجال البحث هو صياغة قوانين الكم عددا ( الحساب ) وشكلا ( الهندسة ) ، وتتميز العلوم الرياضية بالضرورة والدقة واليقين ، ولهذا حاولت الفلسفة ان تزود العلوم الانسانية كافة بما تمتاز به العلوم الرياضية والمنطقية من دقة وضبط وبناء النظريات العلمية باسلوب رياضي رمزي محكم . وقد افادت العلوم الطبيعية من العلوم الرياضية فائدة كبيرة في بنائها النماذج المختبرية باسلوب رياضي منطقي متين .
ثالثا : صلة الفلسفة بالقانون والسياسة والتاريخ : للفلسفة دور مشهود في العلوم الانسانية كالسياسة والقانون والتاريخ والعقائد والاديان والادب والفن وغير ذلك .
1- صلة الفلسفة بالقانون : تتجلى علاقة الفلسفة بالقانون من خلال فلسفة القانون التي تهتم بدراسة المبادئ الاساسية للقوانين الوضعية ، وتعنى بالبحث في المفاهيم الكلية التي يستخدمها رجال القانون كمفهوم الفعل والنية والارادة والقصد والعلية والحرية وغير ذلك . فضلا عن انها تضطلع بوضع نظرية عامة في طبيعة القانون ولا تهمل البحث في المناهج التي يصطنعها رجال القانون .
وتعزى فلسفة القانون الى الفيلسوف الاجتماعي ( مونتسكيو ت 1755 م ) الذي عد القانون صدى لطبيعة الاجتماع البشري وليس وليد سلطة دينية او اخلاقية او غير ذلك ، وهذا ما اودعه كتابه ( روح القوانين ) .
2- صلة الفلسفة بالسياسة : فلسفة السياسة جزء من نظرة الفلسفة للسياسة . وتعني تدبر حكم المجتمع الذي ينتمي اليه الفرد . ولهذا عدت فلسفة الاخلاق جزءا من فلسفة السياسة ، وعالجها الفلاسفة القدامى بكونهما علما واحدا . فكانت الفلسفة السياسية عند افلاطون كما بدت في كتابه الجمهورية وكتابه القوانين . وكان ارسطو يدرس الاخلاق مقدمة لفلسفة السياسة . وجاء الفلاسفة المحدثون فنظروا الى السياسة نظرة اخرى . لكنهم اوكلوا جانبها النظري لدراسات الفلاسفة .
تدرس فلسفة السياسة ، بوجه عام ، طبيعة الحكومة وطرق قيامها ، والعلاقة بين الدولة والفرد ، واصل المجتمع ومبادئ تكونه ، ومصادر الحقوق الفردية ونحو ذلك من مجالات .
3- صلة الفلسفة بالتاريخ : تتمثل هذه الصلة في فلسفة التاريخ التي تعنى بتفسير مجرى التاريخ في ضوء نظرية فلسفية عامة . بحيث تصنع الفلسفة للتاريخ اساسا فلسفيا بتمحيص المنهج الذي يضعه المؤرخون . فمهمة فلسفة التاريخ : ان تكشف عن هذه القوانين التي تفسر تاريخ البشرية موحدا في كل ، وهو ما يتجلى في مبدأي العلية والكلية . كما توضح المشكلات العامة التي لا يعرض لمعالجتها التأريخ . ولا تعنى فلسفة التاريخ بمجرد سرد الوقائع وتفسيرها ، بل ترى ان الانسانية تسير بمقتضى قوانين ثابتة تتجاوز المكان والزمان ، ولا تجري على وفق الاهواء او المصادفات .
كتب الفلاسفة في فلسفة التاريخ مؤلفات عدة ، كل حسب منهجه الذي يفسر فيه التاريخ . منهم ابن خلدون في المقدمة ، واوغسطين ( ت 430 م ) في كتابه مدينة الله ، وفيكو ( ت 1744 م ) في كتابه العلم الجديد ، والفيلسوف هيجل في كتابه محاضرات في فلسفة التاريخ ، وغيرهم كثير .