ان بلاد المغرب العربي كانت محطا للقبائل العربية منذ الفتح الاسلامي في العهد الراشدي, و توالت جموع العرب بالزحف و امداد تلك الجهات بالعرب حتى بلغوا الاندلس , و من اميز تلك الهجرات و اكثرها توثيقا هي هجرة بني هلال و اخواتهما و احلافهما, و هو ما اشتهر بتغريبة بني هلال التي حدثت حوالي عام 440هـ. و رغم أنها وصفت بالتغريبة الهلالية, لكن دخلت ضمن جموع القبائل المهاجرة قبائل سليم و أخرى من قيس عيلان, بل و من سائر مضر كتميم و هذيل و قريش و ربيعة و قحطان. و قد رافقت جموع هلال التي اتت من الجزيرة العربية مجموعات هلالية كانت قد استوطنت مصر في وقت سابق, و نذكر حديثنا عن هلال في الصعيد و ما حصل منهم و من تميم في حركة العمري, و كانت كلتا القبيلتين –تميم و هلال- متجاورتين في الصعيد, فلا نستبعد اذن ان مجموعات تميمية رافقت جارتها الهلالية التي فضلت هي الاخرى الانضمام لاختها المهاجرة تجاه المغرب الواسع المجالات كما اغراهم بذلك الفاطميون حتى يتخلصوا من منافسيهم الصنهاجيين في افريقية. و قد اشتهر الامير ماضي بن مقرب الهلالي من بني قرة و زعيم بني هلال في مصر, و هو الذي خذّل بني هلال عن نصرة ابي ركوة الاموي الثائر بوجه الفاطميين سنة 397هـ, و من ثم قبض عليه ابو المكارم هبة الله الحنفي الربعي الذي سمي لاحقا بكنز الدولة. و تشير اخبار ماضي بن مقرب انه كان من وجوه قومه الهلاليين الذين هاجروا في تغريبتهم الشهيرة.
و عودة لما نحن بصدده من تتبع لتميم في المغرب العربي, فكما ذكرنا انفا ان من طلائعهم الامير الخراساني الاغلب بن سالم بن عقال السعدي التميمي و الذي توجه برفقة الامير المعين لشان افريقية محمد بن الاشعث الخزاعي, و بعد عزل الخزاعي ولى الخليفة ابو جعفر المنصور الاغلب التميمي ولاية افريقية و ذلك عام 148هـ. و لنا وقفات مع هذا التعيين و ما تلاه من نظرة الخلفاء العباسيين لبني الاغلب التميميين.
كانت بلاد المغرب التي تقطنها قبائل البربر محلا للاضطرابات منذ فتحها, و كانت مذاهب الخوارج –الصفرية و الاباضية - سائدة كثيرا فيهم, و قد حاولت الدولة الاموية كسر شوكة البربر فارسلت الجيوش تلو الجيوش و لكنها كانت تعجز في احيان كثيرة عن قهر البربر و وقف انتصاراتهم على جيوش الدولة الاموية, حتى ان الخليفة هشام بن عبد الملك الاموي قال مقولته الشهيرة التي عبرت عن واقع تلك المرحلة و محاولة الدولة السيطرة على المغرب فقال في سنة 123هـ و بعد ورود الانباء بهزيمة اخر جيش للامويين: والله لاغضبن لهم غضبة عربية و لابعثن لهم جيشا اوله عندهم و اخره عندي ثم لا تركت حصن بربري الا جعلت الى جانبه خيمة قيسي او تميمي.
نلاحظ هنا ان الخليفة هشام يشير الى تميم و انهم كانوا ضمن من ارسلهم في جيشه لمعاقبة البربر بالاضافة لجموع من قيس عيلان, فربما يشير هذا الى عظم الوجود التميمي انذاك, و ان تلك موجة من الموجات التميمية المتجهة نحو المغرب العربي.
ان حالة بلاد المغرب لم تستقر حتى قيام الدولة العباسية, و محاولتها احكام سيطرتها على تلك الانحاء البعيدة عنها . و بعثت برجالها الى هناك, و كان حكام ذلك العهد يدركون اهمية اولئك القادة و قبائلهم, فلم يرسلوا فقط رجالا على شكل موظفي دولة لاداء مهمات رسمية بل كانوا يرسلون معهم قبائلهم . فكانت القبائل تشكل قوام الجيوش في تلك الفترة.
يذكر محمد المناصير في بحثه عن الجيش العباسي في تلك الفترة: و استخدم العباسيون الاعراب و القبائل البدوية في حروبهم و غزواتهم فقد كان الجيش العباسي يضم بعض القادة من اصحاب النفوذ القبلي امثال خازم بن خزيمة التميمي, و معن بن زائدة الشيباني, و عقبة بن سلم الهنائي, و عبد الله بن شهاب المسمعي, و يزيد بن مزيد الشيباني, الذين كانوا يصطحبون جزءا من قبائلهم مع الجيش عند انتدابهم للغزو, او لقمع ثورة, فتكون الفائدة على الجيش من خدمتهم و لاشغالهم بالحرب عن الغزو, كما سينتفعون بالغنائم و الاسلاب.
و اما الاغلب السعدي التميمي فهو من بني سعد بن زيد مناة و نسبه: الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عباد بن عبد الله بن محمد بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم. فسيرته كما يقول الزركلي صاحب موسوعة الاعلام: الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة التميمي: أمير, من الشجعان القادة. وهو جدّ (الأغالبة) ملوك إفريقية, وأول من وليها منهم. كان مع أبي مسلم الخراساني حين قيامه بالدعوة العباسية. ورحل إلى إفريقية مع محمد بن الأشعث. ثم ولاه المنصور (العباسي) الإمارة بإفريقية سنة 148 هـ فأقام في القيروان, ووطد الأمور. وانصرف يريد قتال الصفرية, فبايع أهل تونس للحسن بن حرب الكندي ودخل بهم القيروان, فعاد إليه الأغلب فقاتله. واستمرت الحرب بينهما إلى أن أصاب الأغلب سهم قتله, بقرب تونس .
ونذكر بأن سالم بن سوادة التميمي قد رافق الاغلب في حروبه و هو الذي تولى ولاية مصر لاحقا في عصر الخليفة المهدي.
و لما بلغ المنصور مقتل الاغلب قال: إِن سَيفي بالمغرب قد أنقطع فَإِن دفع الله عَن الْمغرب برِيح دولتنا وَإِلا فَلا مغرب . ثم ذكر ابن خلدون ان أبـا جعفـر المنصور ولى على إفريقية مكانه عمر بن حفص هزار مـرد من ولد قبيصة بن أبي صفرة أخي المهلب –ابن أبي صفرة الازدي- فقدمها سنة إحدى وخمسين.
ولما بلغ المنصور انتقاض إفريقية على عمر بن حفص وحصاره بطبنة بالقيروان بعث إليه يزيد بن أبي حاتـم بـن قبيصـة بـن المهلـب بـن أبـي صفـرة فـي ستيـن ألـف مقاتـل.
و من ثم تولت اسرة المهلب بن ابي صفرة الازدي ادارة شؤون افريقية ردحاً من الزمن, و هم الذين كانوا امراء في المشرق في بلاد خراسان و فارس و السند, فكانوا محل ثقة من العباسيين لما اظهروه من كفاءة, لكن لم تدم حالة الاستقرار مع تلك الاسرة العتيدة ذات الامجاد و التاريخ الطويل.
استمر حال المغرب بين مد و جزر حتى تولى هارون الرشيد الخلافة, فتولى القائد العباسي الشهير هرثمة بن أعين ولاية افريقية عام 178هـ , ثم خرج عليـه عيـاض بـن وهـب الهواري وكليب بن جميع الكلبي وجمعا الجموع فسرح هرثمة إليهما يحيى بن موسى عن قواد الخراسانية ففرق جموعهما وقتل كثيرا من أصحابهما ورجع إلى القيروان.
ولما رأى هرثمة كثرة الثوار والخلاف بإفريقية استعفى الرشيد من ولايتها فأعفـاه ورجـع إلـى العراق لسنتين ونصف من ولايته, ثم ولى الرشيد محمد بن مقاتل بن حكيم العكي ولاية افريقية, يقول عنه ابن الابار صاحب الحلية السيراء: ولاه الرشيد إفريقية بعد هرثمة بن أعين. وَكَانَ أَبوهُ مقَاتل بن حَكِيم من كبار القائمين بالدعوة العباسية وَحضر مَعَ قَحْطَبَةَ بن شبيب حروب المروانية. وَلم يلبث مُحَمَّد بن مقَاتل أَن أَضْطَرِب أمره وأختلف عَلَيْهِ جنده وَخرج عَلَيْهِ بتونس تَمام بن تَمِيم التَّمِيمِي وَكَانَ عَامله عَلَيْهَا وَهُوَ جد أبي الْعَرَب مُحَمَّد بن أَحْمد بن تَمِيم بن تَمام صَاحب طَبَقَات إفريقية فزحف إِلَى القيروان فِي رَمَضَان سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ فَخرج إِلَيْهِ ابْن العكي فأنهزم وَدخل تَمام القيروان فِي آخر رَمَضَان الْمَذْكُور فَأَمنهُ على دَمه وَمَاله على أَن يخرج عَنْهُم.
نستفيد من هذه الجزئية ان العباسيين واصلوا اعتمادهم على القيادات العربية الخراسانية متمثلة في هرثمة بن اعين و محمد بن مقاتل العكي, و التي حولوا كثيراً منها من المشرق الى المغرب للوقوف بوجه التحديات و الاخطار في تلك الجهات, و كما نجد ظهور قائد تميمي اخر و هو تمام بن تميم الدارمي التميمي من بني دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.
ان ظهور تمام بن تميم الدارمي كان له اثر بالغ و غير محسوب في ظهور ابراهيم بن الاغلب مؤسس دولة الاغالبة في افريقية و المغرب و الذي كان قائما على ولاية الزاب و هو على تبعيته لمحمد بن مقاتل العكي, فكان ان انتصر ابراهيم لمحمد بن مقاتل على تمام الدارمي رغم انهما من ذات القبيلة –بني زيد مناة بن تميم-.
يلخص ابن خلدون ما حصل فيقول: قدم –اي العكي- القيروان في رمضان سنـة إحـدى وثمانيـن فكـان سيـئ السيـرة فاختلف عليه الجند وقدموا مخلد بن مرة الأزدي فبعث إليـه العساكـر فهزم وقتل. ثم خرج عليه بتونس تمام بن تميم التميمي سنة ثلاث وثمانين واجتمع إليـه النـاس وسار إلى القيروان فخرج إليه محمد بن مقاتل ولقيه فانهزم أمامه ورجع إلى القيروان وتمـام فـي أتباعـه إلـى أن دخـل عليـه القيـروان وأمنـه تمـام علي أن يخرج عن إفريقية فسار محمد إلى طرابلس وبلغ الخبر إلى إبراهيم بن الأغلب بمكانه من الزاب فانتقض لمحمد وسار بجموعه إلى القيـروان وهرب تمام بين يديه إلى تونس وملك القيروان. واستقدم محمد بن مقاتل من طرابلس وأعـاده إلـى إمارتـه بالقيـروان آخـر ثلـاث وثمانيـن وزحـف تمام لقتالهم فخرج إليه إبراهيم بن الأغلب بأصحابه فهزمه وسار في أتباعه إلى تونس. واستأمن له تمام فأمنه وجاء به إلى القيروان وبعث به إلى بغداد فاعتقله الرشيد. ولما استوثق الأمر لمحمد بن مقاتل كره أهل البلاد ولايته وداخلوا إبراهيم بن الأغلب في أن يطلب من الرشيد الولاية عليهم فكتب إبراهيم إلى الرشيد في ذلك على أن يترك المائة ألف دينـار التـي كانـت من مصر إلى إفريقية وعلى أن يحمل هو من إفريقية أربعين ألفا. وبلغ الرشيد غناءه في ذلك واستشار فيه أصحابه فأشار هرثمة –ابن اعين- بولايته فكتب له بالعهـد إلـى إفريقيـة منتصـف أربـع وثمانيـن فقـام إبراهيـم بالولايـة وضبـط الأمـور. وقفـل ابـن مقاتـل إلـى المشـرق وسكنت البلاد بولاية ابن الأغلب وابتنى مدينة العباسية قرب القيروان وانتقل إليها بجملته.
يذكر صاحب الحلية السيراء في شان تمام بن تميم ان تَمامًا هَذَا لما سمع بحركة إِبْرَاهِيم بن الْأَغْلَب إِلَيْهِ من الزاب فِي محاربته وَنصر ابْن العكي كتب إِلَيْهِ كتابا يستدعيه ويستعطفه وَكتب فِي أَسْفَله
(أقدم إِبْرَاهِيم علما بفضله ... وَحقّ لَهُ فِي الْأَمر أَن يتقدما)
(وَقلت لَهُ فأحكم فحكمك جَائِز ... علينا فقد أَصبَحت فِينَا مقدما)
(ورد فِي بِلَاد الزاب مَا شِئْت قَادِرًا ... وَإِن شِئْت ملك الغرب خُذْهُ مُسلما)
فجاوبه ابْن الْأَغْلَب بِخِلَاف ذَلِك وَكتب إِلَيْهِ فِي أَسْفَل كِتَابه
(دَعَوْت إِلَى مَا لَو رضيت بِمثلِهِ ... لما كنت يَا تَمام فِيهِ مقدما)
(سأجعل حكمي فِيك ضَرْبَة صارم ... إِذا مَا علا مِنْك المفارق صمما)
(ستعلم لَو قد صافحتك رماحنا ... بكف المنايا أَيّنَا كَانَ أظلما)
فَذكر عَن فلاح الكلَاعِي أَنه قَالَ كنت عِنْد تَمام يَوْم قَرَأَ كتاب إِبْرَاهِيم فَذهب لَونه ثمَّ أرتعد حَتَّى سقط الْكتاب من يَده وَكَانَ صَارِمًا شجاعاً ممدحاً وَفِيه يَقُول الْفضل بن النَّهْشَلِي يمدحه من قصيدة
(أضحت ومنزلها مصر ومنزلنا ... بالقيروان وَيَا تشواق مغترب)
(أَخا بني نهشل دعها فقد نزحت ... وأمدح قريع معد وَاحِد الْعَرَب)
(تَمام كَبْش بني عدنان قاطبة ... الدارمى الْكَرِيم الْبَيْت وَالنّسب)
(الْفَارِس البطل الحامي حَقِيقَته ... والناعش الرائش الفراج للكرب)
(تأوى إِلَيْهِ نزار حِين يدهمها ... ريب الزَّمَان وتخشى سطوة النوب)
(أعطف بَنو دارم فِي الْمجد رايتها ... بني المجاشع يَوْم الْفَخر والحسب)
و نلاحظ في الابيات الاخيرة ذكراً لبني نهشل و مجاشع و هما ابنا دارم من بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة, و قول الشاعر:
(أضحت ومنزلها مصر ومنزلنا ... بالقيروان وَيَا تشواق مغترب)
(أَخا بني نهشل دعها فقد نزحت ... وأمدح قريع معد وَاحِد الْعَرَب)
يحمل دلالة على هجرات تميمية لمصر و افريقية و كان من ضمنها بني نهشل الدارميين.
اما في شان ابراهيم بن الاغلب فجاء في الحلية السيراء ايضا : ولاه الرشيد إفريقية بعد مُحَمَّد بن مقَاتل العكى فأستقل بملكها وأورث سلطنها بنيه نيفاً على مائَة سنة وَكَانَ فَقِيها عَالما أديباً شَاعِرًا خَطِيبًا ذَا رأى وبأس وحزم وَمَعْرِفَة بِالْحَرْبِ ومكائدها جرىء الْجنان طَوِيل اللِّسَان حسن السِّيرَة لم يل إفريقية أحد قبله من الْأُمَرَاء أعدل فِي سيرة وَلَا أحسن لسياسة وَلَا أرْفق برعية وَلَا أضبط لأمر مِنْهُ
وَكَانَ فِي أول حَالَته كثير الطّلب للْعلم والأختلاف إِلَى اللَّيْث بن سعد الْفَقِيه وَاللَّيْث وهب لَهُ جلاجل أم ابْنه زِيَادَة الله فَخرج بهَا حَتَّى وصل الزاب وعَلى إفريقية يَوْمئِذٍ الْفضل بن روح بن حَاتِم فلقى من تعصبه وَسُوء مجاورته عَظِيما وَأقَام أَخُوهُ عبد الله بن الْأَغْلَب بِمصْر وَكَانَ ذَا نعْمَة عَظِيمَة فَلَمَّا توفّي أرتحل بنوه إِلَى إفريقية
وَولى الزاب من قبل هَارُون الرشيد وَابْن العكى على إفريقية وَقد تقدم ذكر نصرته لِابْنِ العكى إِلَى أَن صرف بإبراهيم سنة أَربع وَثَمَانِينَ وَمِائَة
وَقَالَ إِبْرَاهِيم وَهُوَ بالزاب فِي قتل ابْن الْجَارُود للفضل بن روح بن حَاتِم وَقد بلغه أَن نصر بن حبيب المهلبي أَشَارَ برد الْفضل من طَرِيقه لِأَنَّهُ خَافَ أَن يحدث حَدثا فيقتله ابْن الْجَارُود بِسَبَبِهِ
(يَا نصر قد أَصبَحت ألأم من مضى ... مِنْكُم وألام حَاضر مَعْلُوم)
(لما أَشرت برد فضل بَعْدَمَا ... قطع الْبِلَاد على أقب رسوم)
(لم ترض بالخذلان حَتَّى كدته ... لَا زلت مخذولا بِغَيْر حميم)
(مَا كنت حِين غَدَوْت تنشر لحية ... فِيهَا لقَوْمك غدرة بكريم)
(لَو كَانَ ناداني أجبْت دعاءه ... بِالْخَيْلِ أقحمها بِسَعْد تَمِيم)
(خيل بهَا أهْدى المنايا للعدى ... وَبهَا أفرج كربَة المكظوم)
ثمَّ نزل عَن الْمِنْبَر وَكتب إِلَى مُحَمَّد بن مقَاتل يستعيده إِلَى عمله وَقَالَ فِي ذَلِك
(أتشكر عَنَّا مَا صنعت بربها ... وردى عَلَيْهَا الثغر أم هِيَ تكفر)
(نفيت لَهَا التَّمام بِالسَّيْفِ عنْوَة ... وَلم يغنه فِي الله مَا يتمضر)
(فَأقبل إِلَيّ مَا كنت خلفت كَارِهًا ... فقد ذاد سَيفي عَنْك مَا كنت تحذر)
وَقَالَ أَيْضا فِي ذَلِك
(ألم ترني رددت طريد عك ... وَقد نزحت بِهِ أَيدي الركاب)
(أخذت الثغر فِي سبعين منا ... وَقد أوفى على شرف الذّهاب)
(هزمت لَهُم بِعدَّتِهِمْ ألوفاً ... كَأَن رعيلهم قزع السَّحَاب)
قَالَ إِبْرَاهِيم هَذَا لِأَنَّهُ قصد لنصرة ابْن العكى فِي سبعين فَارِسًا من أهل بَيته وخاصته إقداماً ونجدة فَقَالَ بعض شعراء إفريقية فِي ذَلِك
(مَا مر يَوْم لإِبْرَاهِيم نعلمهُ ... إِلَّا وشيمته للجود والباس)
و نجد في هذه الابيات اشارة الى الوجود التميمي و خاصة السعدي, اذ يقول ابن الاغلب (لَو كَانَ ناداني أجبْت دعاءه ... بِالْخَيْلِ أقحمها بِسَعْد تَمِيم), و في موضع اخر (أخذت الثغر فِي سبعين منا ... وَقد أوفى على شرف الذّهاب), فان تلك الابيات تشير الى قدر معتبر من رهط ابن الاغلب و هم بنو سعد بن زيد مناة بن تميم الذين ساندوه و وقفوا معه.
و هكذا بدا فصل جديد من تاريخ الشمال الافريقي بتولي الاغالبة لزمام الامور, و قد فصلت مصادر كثيرة في جوانب من التاريخ الاغلبي و حكامهم و سيرهم حتى مجيء الفاطميين و القضاء على الدولة الاغلبية.