كر العربي فاضل الربيعي
أمس الساعة 01:06 صباحاً ·
حرب اليمن : أمّ الحروب الفاشية
لم تعد غارات التحالف السعودي على اليمن مجرد عدوان خارجي. العدوان، غالباً ما يكون لأغراض محدودة( لأنه في الأصل مجرد عدوان). إنه ضربات ( تأديبيّة) او ( ثأرية) تهدف إلى إرغام الطرف الآخر على تفهمّ الرسالة المرسلة. كنْ لطيفاً، وتوقف عن اللعب معنا؟ لقد تخطّت الحرب التي تقودها السعودية هذا المفهوم، أي مفهوم وحدود الحرب العدوانية وتحولت لحرب خارجية. لقد انتقلت من ( العدوان) إلى ( الحرب). السعودية وتحالفها تخوض حرباً ضد اليمن ولا تقوم بمجرد عدوان. يجب أن يكون هذا مفهوماً
وفي الحروب الخارجية لا ينبغي أبداً توقع أو تخيّل، أن هناك إمكانية لوقف الحرب. إنها حرب ذات أهداف استراتيجية كبرى، ولذا سوف تستمر.
ما يجري في اليمن لا يجري بالصورة ذاتها في سائر بلدان المنطقة. في العراق وسورية مثلاً، يواجه العراقيون والسوريون نوعين من المخاطر : خطر ( داعش والقاعدة والجماعات التكفيريّة الاخرى) وخطر محاولات التقسيم او الفيدرالية بقوة الأمر الواقع. وفي مصر، هناك خطر شبه وحيد: الجماعات الإرهابية في سيناء. أما في ليبيا فهناك خطر وحيد أيضاً تقوده جماعات تكفيريّة، تعمل على تحويلها لإمارات إسلامية متناحرة.
وحده اليمن يواجه بسبب هذه الحرب وأهدافها ( الاستراتيجية) ثلاثة مخاطر مترابطة ترابطاً وثيقاً:
1: الحرب الفاشية التي يشنها التحالف السعودي.إنها حرب فاشية من نوع جديد وغير مألوف. لم يسمع العالم حتى اليوم بياناً مثل بيان الناطق العسكري باسمها وهو يدعو سكان محافظة صعدة لاخلاء المحافظة. هذه محافظة مؤلفة من مديريات، والمديريات مؤلفة من عزلات، والعزلات مؤلفة من قرى. هذا يعني أن قادة الحرب الفاشية يطلبون من عشرات الآلاف من البشر أن يتركوا محافظتهم. مثل هذا الحدث لم يقع في أيّ حرب عرفها التاريخ المعاصر؟ وفي بيان آخر - عندما تغيّر اسم الحملة العسكرية - قال الناطق العسكري نفسه باسم ( عاصفة عودة الأمل) إن كل المنازل في صعدة أصبحت هدفاً مشروعاً للقصف الوحشي؟
كل هذا تمّ تنفيذه، وجرى قصف المنازل والجامعات والمستشفيات وتدميرها فعلياً. هذا يعني أنها حرب فاشية. لا وصف أخر لها أبداً.
هذا الخطر الخارجي أصبح خطراً حقيقياً، وتخطى حتى أهدافه المعلنة ( ما يدعى زوراً إعادة الأمل). وفي حرب خارجية وحشية من هذا النوع، يلعب فيها الخارج دوراً مركزياً لتقطيع أوصال اليمن وتدميره وتحطيمه كدولة وكمجتمع، تصبح الحرب لا مجرد عدوان خارجي؛ بل حرباً فاشية. ما يواجه اليمن هو حرب خارجية فاشية. إن تغيّر طابع الصراع مع الخارج، و تحوّل العدوان إلى حرب كبرى ومتواصلة، يفرض على اليمنيين الاستعداد لحرب طويلة. إنها أمّ المعارك في المنطقة.
2:لقد أيقظ هذا العدوان المتحوّل إلى حرب كبرى، كل نزعات الإنفصال القديمة في عدن وحضرموت بشكل خاص. لقد اصبح الجنوب جنوبان. جنوب يضمّ الضالع والبيضاء وشبوة ولحج وأبين وعدن، وجنوب آخر يخص حضرموت وحدها.
وبهذا المعنى، أصبح الاشتراكيون والناصريون - من دعاة الانفصال- حلفاء للرجعيين من جماعة الإصلاح ( الأخوان المسلمين) او بقايا رابطة تحرير الجنوب اليمني. ومع هؤلاءـ سوف تتوزع ولاءات القبائل. كل قبيلة تميل حيث هواها. هؤلاء لا يجمعهم جامع، وهم سيجدون انفسهم وقد اضطرّوا عاجلا أم آجلاً إلى خوص حروب صغيرة ( محلية) في كل محافظة، ضد الحوثييين والجيش والقبائل المتحالفة معهم، وفي الآن ذاته ضد بعضهم البعض.إنهم إنفصاليون. هذا صحيح، ولكنهم من ولاءات مختلفة وعقائد متناقضة.
3: لكن أخطر ما يواجه الجميع ، تنامي نفوذ داعش والقاعدة في حضرموت وسوقطرة وعدن والضالع ومأرب ولحج والبيضاء. وفي مواجهة هؤلاء سوف يجد الأخوان المسلمون( حزب الإصلاح) انفسهم أنام خيارين: إما إعلان الولاء لخليفة داعش أو الإنخراط في صراع دموي ضده. هذا يعني أن الحرب الخارجية سوف تصبح حرباً داخلية في كل محافظة بين جماعات لديها برامج وسياسات متناقضة.
عودة الشرعية سوف تصبح - في ظل الحرب- مجرد حكاية خرافية عن رئيس هارب يريد العودة لممارسة مهامه كرئيس، ولكن دون أن يسأل نفسه: في أي مكان من اليمن، يمكنه بالضبط أن يمارس صلاحياته كرئيس؟ في حضرموت الداعشية أم في الضالع القاعدية أم في عدن التي تتوزع فيها السلطة بين الحوثييين والجيش الوطني وأنصار علي سالم البيض؟ أم تراه يفكر في صنعاء حيث الرئيس السابق ؟ صحيح ان علي عبد الله صالح رئيس سابق، لكنه برهن للعالم كله، انه رئيس حالي، تماماً كما برهن عبد ربه أنه رئيس هارب؟
وكما ولدّت الحرب الفاشية الأمريكية في العراق حروباً داخلية طويلة، يبدو اليمن اليوم أكثر شبهاً بإمرأة حامل يتوقع لها الأطباء أن تضع 3 مسوخ دفعة : داعش، وانصار الإنفصال، ومسلحي الأخوان المسلمين.
في الأساطير اليمينة والعربية القديمة ثمة لوياثان شبيه بلوثيان التوراة. إنه مخلوق مسخ بأطراف متعددّة.
الحل الوحيد أمام اليمنيين هو مواجهة الحرب الفاشية. لا تلتفتوا أبداً لذيول الأفعى عليكم برأسها.