السلام عليكم. يا اخى ان قانون الحياة يقول بان التعب تتبعه الراحة وهذا ينطبق على كل العامل والموظفين. ولكن فى قطاع التربية الوطنية الامر يختلف تماما على ما هو عليه فى الوظيف العمومى والقطاعات الاخرى بحيث المعلم او الاستاذ تظهر عليه الشيخوخة المبكرة بسبب التعب اليومى خاصة الدهنى والارهاق الجسدى بسبب الوقوف لساعات يوميا والصراخ اليومى مع التلاميذ وهذا يسبب موت الملايين من الخلايا فى الجسم ولا يتجدد منها سوى نسبة قليلة وهذا ما يجعله يفقد قدراته العقلية والعظلية ويصبح قابل لكل الامراض. فالعكس نجده فى القطاعات الاخرى التى يبقى فيها الموظف حتى الشيخوخة بعد 40 سنة من العمل اى اكثر من 60 سنة من العمر ولكن دائما فى لياقة بدنية ممتازة لان جسمه وعقله سليمين ولا يثعبان وهم فى راحة دائمة وهذا لا يؤثر سلبا على صحته. اتذكر جيدا عندما بدات التدريس فى 1980 كنت شابا صحيح البنية وبصحة جيدة وكنت لا اعرف المرض لا النفسى ولا العقلى. ولكن بمرور الزمان مع التدريس اكتشفت ان قواى تتلاشى يوما بعد يوم حتى اصبحت كثير النرفزة والقلق والنسيان والتعصب حتى اصيبت بمرض المعدة ulcère d'estomac لمدة 20 سنة رغم انى لا ادخن ولم يدخل الخمر احشائى يوما وهما العنصران الاساسيان فى الاصابة بهذا المرض حسب الاطباء المختصين. وكلما عرضت نفسى على طبيب مختص فى الامراض الباطنية للفحص يسالنى " هل تدخن وهل تشرب الخمر ؟ " وبالطبع كنت اجيبهم دائما بالسلب وهذه هى الحقيقة. والكثير منهم لا يصدق اصابتى بهذا المرض الخطير. وبعد ان يتعرف على مهنتى كمدرس يقول لى هذا هو السبب الرئيسى لان مهنة التدريس صعبة جدا جدا جدا وتمتاز بالقلق والعصبية وهى اسباب الاصابة بمرض المعدة. وان مهنة التدريس لا يعرفها سوى من مارسها. اما بقية المجتمع فانهم ينظرون الينا باننا لا نعمل ويتهموننا بالراحة خاصة عندما يقولون بان مزايا التعليم هى العطل الكثيرة متناسيا العطل بلا عطل التى يتوجد فيها الموظفون فى القطاعات الاخرى وبشكل يومى الا من رحم ربى.
وما دامت مهنة التدريس صعبة للغاية فكان على وزارة التربية الوطنية ان تقلص سنوات العمل مثل قطاع الجيش الشعبى الوطنى الى 20 او 25 سنة حتى يتسنى للمعلم المسكين ان يقضى حياته بعد " سنين الجمر " فى سعادة مع ابنائه بدلا من ان يقضيها طريح الفراش وبامراض مزمنة او امراض عقلية لا قدر الله التى كثيرا ما يصاب بها المعلمون والاساتذة على الخصوص دون غيرهم ولا تتكفل بهم حتى الوزارة الوصية. ورغم كل هذه الامراض المهنية الا ان وزارة التربية لم تعترف فى طب العمل الا بامراض الاحبال الصوتية وضربت عرض الحائط كل الامراض الاخرى التى تفوق 40 مرضا واغلبها يصعب الشفاء منها مثل الباركنسون والدوالى والروماتيزم وغيرها كثير.
فنصيحتى لاخوانى المعلمين والاساتذة ان يسرعوا للتقاعد اذا بلغوا سن الخمسين لان الصحة لا تاتى مرتين وان الجلوس مع الابناء يبقى نعمة من نعم الله بعد ان كان الاستاذ مشتاق للراحة والجلوس مع ابنائه والسهر معهم وهذا بسبب التحضير اليومى الذى غالبا ما يتعدى منتصف الليل اين يكون الابناء فى نوم عميق. وعليه فان التقاعد المسبق نعمة ولا بد استغلالها ولا تقلدوا الموظفين فى القطاعات الاخرى ايها الاساتذة اين يخرجون للتقاعد الا بعد ان يتم طردهم بالقوة فى بعض الاحيان وهذا دليل قاطع على الراحة والراتب الشهرى بالاظافة الى كثرة الامتيازات مثل السكن الوظيفى ...
فى الاخير اتمنى ان يفهم كلامى من باب النصيحة لان التجربة علمتنى الكثير ولا اتمنى ان ارى الاساتذة يهانون امام المجتمع ويطردون فى الشارع مع عائلاتهم بالقوة بسبب رفضهم اخلاء السكنات الوظيفية ويخرجون بشرف خاصة اخواننا الاداريين لاننا نجد القليل من الاساتذة ممن استفادوا بهذه السكنات. فتوكلوا على الله ولا تفوتوا الفرصة فلربما تتراجع الحكومة على التقاعد المسبق ويومه لا ينفع الندم. شكرا والسلام عليكم.