أيّها الكبار ..رفقا بالأزهار..
البشير بوكثير
كم هي المواهب التي تعجّ بها مدارسنا في فنّ الرسم والخطّ والشعر والنثر والرياضيات ...وكم ...وكم ...! ولكن ...
أيّها الكبار ...
اتركوا هذه البراعم تنمو نموا طبيعيا سَلِسًا ...
اتركوهم يشقُّون طبقة التربة الصّلبة والسُّبْخة المالحة ليناطحوا الجوزاء في زهو وخُيلاء ...
اتركوهم يتطلّعون للسّؤدد والعلياء وفق نواميس ميولهم البريئة مع قليل من التوجيه السّديد ، لا الرّدع الشديد ...لأنّهم خُلقوا لزمن غير زماننا ...
اتركوهم يرسمون بالسّوسن والريحان ، ويُبرقشون أحلامهم بشقائق النعمان ، ويُزركشون حياتهم بالجُوريّ والأقحوان ...
اتركوهم يعزفون على قيثارة الحياة أعذب الألحان، وأشجى مواويل القريض والبيان ...
اتركوهم يرسمون، يُخربشون، يكتبون، ولأحلامهم يُخططون ويُسطّرون ... أهٍ يا أحبابي كم تكون الأسرةُ قاسيةً والمدرسةُ طاغيةً -أحيانا- حين تكبح الجماح، وتحبس الأرواح، وتسجن الشّذى الفوّاح ، وتمنعه من تعطير هاتيك البطاح ...! فكم من كلمة طيبة أحيتْ نفسا بعد موات، وجمعتْ شملا بعد شتات ، وألحقتْ ركبا بطيّا بعد فوات، فغيّرتْ مجرى الحياة ...!
هي رسالةٌ لنا جميعا أن نكون إنسانيين ومربّين قبل أن نكون مُلقّنين ومعلّمين ...وشتّان بينهما ...