أشهر قصص "العناتيل" فى مصر عمومًا، وفى محاولة لإسقاط الضوء على "العنتلة" بشكل خاص عند الاخوان المسليييين العشرينات. نقف أولًا على واقعة تاريخية من الصعب بل المستحيل طمسها أو نفيها مهما حاول الإخوان بطرقهم الملتوية إخفاء تفاصيلها ووثائقها فى الأدراج السرية، وصرفها عن مدلولها الصادم، بأنهم أول من ضربوا، على مستوى تيارات فى العصر الحديث، نموذجًا واضحًا فى "العنتلة".
من هو عنتيل الجماعة؟
عبد الحكيم عابدين الذى يدرس اللغة العربية بآداب القاهرة، وكان بحكم موهبته الشعرية ولباقته، مقربًا من قلب حسن البنا، حتى كلف بمسؤوليات كبيرة فى الجماعة، إلى أن تولى منصب السكرتير العام أو أمين الجماعة وظل فيه رغم ظهور فضيحته حتى صدور قرار حل الإخوان عام 1948.
عبد الحكيم عابدين فى شبابه
أصدر عبد الحكيم عابدين فى شبابه ديوانًا شعريًا فصيحًا عنوانه "بواكير"، ويركز فيه عبر قصائده على محاور الدعوة وفضل الجماعة والجهاد والحب فى الله والإخوة، بجانب قصائد غزل، يسميها الإخوان "غزليات عفيفة"، ولكنها وكما أسمى الرجل عمله "بواكير" لعنتلته وبوادر قوية.
حيل عابدين وطُرُقه لاصطياد طرائده
إلى جانب لباقة الرجل وشاعريته وحسن كلامه وبيانه، فكان يمتلك موهبة فى سرد القصص ولفت الانتباه وإلقاء الشعر، وخفة الدم والتمثيل أو تقمص الأدوار، ما جعله محببًا أو محل اهتمام عند شباب الجماعة ونسائها وأطفالها قبل رموزها وكبارها بما فيهم البنا شخصيًا، الذى زوجه من شقيقته.
اقترح عابدين ضرورة التزاور بين أسر الجماعة والترويح عن صغارها بالرحلات والكشافة والمبيت، بهدف تأليف القلوب وتوثيق العلاقات، وكأن الجماعة أسرة واحدة لرب واحد، المرشد، ما أسعد البنا فكلفه بالأمر، وهنا التقط فرصة دخول منازل الإخوان والتعرف على نساء الأسر والتحدث معهن ومجالستهن، والتدخل لحل مشاكل العائلات، وبالطبع أغلبها زوجية، و"سقالة" للعلاقات المخلة.
غبار الفضيحة يتطاير
فى عام 1945، تكاثرت الأخبار والأحاديث بين عناصر الجماعة أغلبها نسائية حول عابدين، وعلاقاته الجنسية مع نساء الجماعة أو الأخوات المتزوجات، وبادر عدد من أعضاء الجماعة بشكاوى للبنا ضد صهره، يكشفون فيها أفعاله الفاضحة، ويحذرون من مغبتها، فقرر البنا التحقيق فى الأمر بتشكيل لجنة داخل مكتب الإرشاد ورفع التقرير النهائى له، والذى نشر بجريدة صوت الأمة الوفدية بتاريخ 19 أكتوبر 1947م، صفحة 3.
وجاء نصًا كالتالى:
بسم الله الرحمن الرحيم. فضيلة الأستاذ المرشد العام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، هذه اللجنة التى كُلفت بالنظر فى مسألة الأستاذ عبد الحكيم عابدين، حسين سليمان، فهمى السيد، محمد عمار، زكى هلال، لم توفق فى إيجاد التفاهم بين الطرفين، كذلك لا تستطيع تحديد المسؤولية بصفة قاطعة لإفشاء هذه الفتنة، وكان لها فى مهمتها أن تستوضح الطرفين فجمعت لهذا الغرض البيانات والاستدلالات فى المحاضر المرفقة، مُلخّصة بعض الوقائع أو كثير منها ولم تشأ أن تخرج عن مهمتها إلى التحقيق الشامل ولكنها خرجت من هذه البيانات برأى قاطع:
-رأت أن ننصح بعدم إجراء تحقيق آخر أو تكوين لجنة تحكيم أو غير ذلك.
-ورأت حسما للموضوع أن يكتفى بما توفر للجنة أساسا لتكوين فكرة صحيحة نبرزها فيما يلى:
1- موقف هؤلاء الإخوة الأربعة يكون سليما من كل وجهة.
2- اقتنعت اللجنة اقتناعا كاملا بما تجمع لديها من بيانات سواء من طريق الأربعة المذكورين، أو من طريق غيرهم ممن تقدم إليها من الإخوان بأن الأستاذ عابدين "مُذنب"، خصوصا إذا أضفنا إلى ذلك اعترافاته إلى بعض أعضاء اللجنة، وأن الذنب بالنسبة إليه، وهو من قادة الدعوة، كبير فى حق الدعوة وفى حق الأشخاص الذين جُرحوا فى أعراضهم، ويحتم عليها واجبها نحو الدعوة توقيع أقصى العقوبة، لهذا ترى اللجنة بالإجماع فصل الأستاذ عابدين من عضوية الجماعة، ونشر هذا القرار، والعمل على مداواة الجروح التى حدثت.
5 صفر 1365 هـ 9-1- 1946م.
الموقعين على الوثيقة، أحمد السكرى، صالح عشماوى، حسين بدر، الدكتور إبراهيم حسن، حسين عبدالرازق، أمين إسماعيل.
حكايات عن العنتيل
كتاب الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ
يذكر محمود عبد الحليم، فى كتابه الشهير "الإخوان المسلمين..أحداث صنعت التاريخ"، تلك القصة: تقدمت فجأة مجموعة من شباب شعبة حى عابدين إلى المركز العام بمذكرة تتهم فيها عبد الحكيم عابدين باقتحام بيت زميلهم الأخ عبد المعطى ونرى وسط أسماء المشاركين اسم شقيق الزوجة.
وبكل بساطة أو سذاجة دفاعًا عن عابدين، يتابع عبد الحليم فى كتابه: "حين سُئل الزوج وهو الأخ على عبد المعطى الذى نوهنا عنه آنفًا، فكذّب كل ما قيل واستنكر ما أثير وأثنى على الأستاذ عبد الحكيم عابدين أحسن ثناء، وقال: إن الأستاذ عبد الحكيم عابدين ما قام بينى وبين زوجتى إلا بما يقوم به الوالد للتوفيق بين أبنائه".
تلك هى الشهادة الوحيدة التى برأت عابدين من الواقعة، وعند أى دارس للقانون ليس لها أية علاقة بالشكوى، لأن اقتحام البيت والشكوى لا يكون إلا فى حال غياب الزوج، الشاهد الوحيد.
وفى الكتاب أيضًا، واقعة أخرى يحاول فيها عبد الحليم الدفاع عن عابدين، ولكنه دفاع توريط وإثبات، وفيها: "منذ كانت الدعوة فى ميدان العتبة وبدأ الطلبة يقبلون علينا وكنا نحسن استقبالهم ونوليهم كل ما نستطيع من اهتمام وعناية، وكان من هؤلاء الطلبة طالب فى كلية الآداب اسمه ع. س. أ، استقبلناه كغيره من الطلبة ولكنى رأيته مقبلًا بشكل ملحوظ على عبد الحكيم عابدين، ما جعلنى أرتاب فيه، ولكن هذا الشعور لم يجعلنى أقصر فى حقه فكنت أعامله كما أعامل زملاءه، غير أنى رأيت عبد الحكيم يوليه من العناية أضعاف ما يولى زملاءه، وعبد الحكيم كما قدمت إنسان كله عاطفة، فما كاد يشعر بإقبال هذا الطالب عليه حتى غمره بسيل من عواطفه فكان كلما قابله قابله بالعناق، وكنت أفتقد عبد الحكيم فإذا لقيته سألته أين كنت بالأمس فيقول لى كنت عند الأخ ع. س، فى بيتهم".
ويضيف عبد الحليم فى كتابه، "ومرت الأيام وأعلنت خطوبة عبد الحكيم لشقيقة الأستاذ المرشد، فكان هذا الإعلان بمثابة إعلان حرب لا هوادة فيها على عبد الحكيم أو قل فى الحقيقة على الدعوة نفسها ولكن اتخذ عبد الحكيم قميص عثمان. انقلب هذا الأخ الذى أشرت إليه انقلابًا فجائيًا على عبد الحكيم وخاصمه بغير مقدمات واتهمه بأنه قد اتخذ صداقته له وأخوته معه وسيلة إلى مداعبة شقيقته، وبغير مقدمات رأينا هذا الأخ يعلن مقاطعته للمركز العام وتبرأه من الدعوة ما لم يبتر منها عبد الحكيم عابدين".
وأخيرًا، تظهر فى القضية حقيقة واحدة وهى أن عبد الحكيم عابدين متورط بالفعل، بحكم مكتب الإرشاد فى لجنتين متتابعتين، مع إخفاء تحقيقات اللجنتين مع عابدين والأزواج المتقدمين بالشكوى ضده، لم يكن عابدين مثل عنتيل السنطة مهتمًا بالتصوير، ربما لصعوبة إمكاناته فى زمانه،
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2015-01-30, 22:25
العسكر والعنتيل: خطة الجيش المصري في إدخال ظاهرة العناتيل في حياة زوجات الضباط وبناتهم طوال 200 سنة
العرض العادي
