هل خرج محمد بن عبد الوهاب عن الخلافة العثمانية ؟ [مجموعة من العلماء] - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > منتدى نُصرة الإسلام و الرّد على الشبهات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل خرج محمد بن عبد الوهاب عن الخلافة العثمانية ؟ [مجموعة من العلماء]

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-10-20, 13:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أم أمة الله الجزائرية
✧معلّمة القرآن الكريم✧
 
الصورة الرمزية أم أمة الله الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي هل خرج محمد بن عبد الوهاب عن الخلافة العثمانية ؟ [مجموعة من العلماء]

يثير بعض المغرضين الخوارج المعاصرين شبهة مفادها أن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى قام بالخروج على الدولة العثمانية وفي هذا الموضوع نورد كلام علمائنا الكرام الأفاضل رحم الله الآموات وحفظ الآحياء

• جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية – فيما أعلم وأعتقد -، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية – مهما صغرت – أمير مستقل … وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى…

.

• جواب فضيلة الشيخ صالح الفوزان
الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – و الإمام محمد بن سعود لم يخرجوا على ولي الأمر في وقتهم لأن الدولة العثمانية ليس لها سلطة على بلاد نجد و إنما كانت بلاد نجد بيد أمرائها ، كل بلدة من بلاد نجد عليها أمير مستقل بها يحكمها ، و إذا مات يخلفه أحد أبنائه أو أقاربه فليس للعثمانيين سلطة على بلاد نجد و لا يهتمون بها الدولة العثمانية ما تهتم ببلاد نجد لأن ما فيها إنتاج في وقتها ولا يهتمون بها ، و إنما حاربوا الدولة السعودية ما هم لأنهم خرجوا عليهم حاربوهم خوفاً منهم ، حاربوا الدولة السعودية خوفاً منها لما عظم شأنها و ظهر أمرها خافوا منها فحاربوها خشية من أن الدولة السعودية تغزوهم في بلادهم هذا القصد و إلا هم ليس لهم سلطة على بلاد نجد و إنما كانت بلا نجد بيد أمرائها و حكامها جيلاً بعد جيل حتى جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – بالدعوة و ناصره محمد بن سعود فبسطوا سلطتهم على بلاد نجد كلها و على غيرها من بلاد الجزيرة مكنهم الله – سبحانه و تعالى – لأنهم قاموا بدعوة محمد – صلى الله عليه و سلم – و نشر الإسلام فدخلت الإمارات كلها التي كانت من قبل متوزعة في نجد دخلت تحت سلطة واحدة فحينئذ خشيت الدولة العثمانية أنهم يصلونهم في بلادهم في بلاد العراق و في بلاد الشام خشوا على أنفسهم و أيضاً عندهم خرافات و عندهم أضرحة فخشوا على ما هم عليه و عندهم تصوف و بدع فخشوا على ما هم عليه من هذه الأمور أن دعوة الشيخ تغيرها فلذلك حاربوا الدولة السعودية








 


قديم 2014-10-20, 13:36   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أم أمة الله الجزائرية
✧معلّمة القرآن الكريم✧
 
الصورة الرمزية أم أمة الله الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

سئل الشيخ صالح آل الشيخ هذا السؤال :
ما رأيك عن قول من قال إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله خرج على العثمانيين، وكيف نرد عليهم؟
فأجاب قائلاً :
الجواب من جهتين:
الجهة الأولى: أنه كما ذكرت لكم نَجْد في وقت الشيخ لم تكن تحت ولاية العثمانيين، بل إن نجدا من سنة 260 هـ وهي لم تخضع لوِلاية، لا ولاية العباسيين لا ولايات أخر، كانت مستقلة، تسلط عليها بعض الخوارج من ذلك الوقت وطائفة من أهل اليمن ونحوها، يعني استقلت لم تدخل تحت طاعة من ذلك الوقت، فكانوا في تفرق فلم يُجبر أهلها ولم يخضعوا لبيعة وإنما كانوا مستقلين، لما ظهرت الدولة العثمانية كانت نجد كل بلد لها أميرها، فما خضعوا تحت الخلافة العثمانية في أول ما قامت لأنه أول ما قامت كانت على إسلام صحيح بعد ذلك انحرفت.
هذا لما أتى الشيخ وهم على هذا النحو كل بلد لها أمير، ما يقرون بطاعة لبني عثمان بخلاف الأحساء والمنطقة الشرقية وهؤلاء يقرون للولاية للعثمانيين، والوالي على الأحساء ونحوها تحت ولايته، كذلك [الأشراف] ونحوهم كان عندهم نوع استقلال لكنهم تحت الولاية العامة، أما نجد كانت مستقلة، هذا من جهة.
الجهة الثانية: أن في وقت الشيخ رحمه الله تعالى كان العثمانيون يدعون إلى الشرك الأكبر وإلى الطرق الصوفية ويحببون ذلك وينفقون على القبور وعلى عبادتها ينفقون عليها الأموال، فمن هذه الجهة لو كانت نجد داخلة تحت الولاية لما كان لهم طاعة لأنهم دعوا إلى الشرك وأقروه في عهودهم الأخيرة، أما في المائتين سنة الأولى (250 سنة الأولى) كانوا على منهج، يعني كانوا في الجملة جيدين، لكن لما في كان في سنة 1100 تقريبا وما بعدها لما كثر الشرك في المسلمين هم كانوا ممن يؤيدون ذلك تأييدا وينفقون عليه، وقد وجد من أقوال الخلفاء العثمانيين -حسب التسمية الشائعة- ولاة بني عثمان وجد منهم من يكتب أدعية في استغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم - أو استغاثة بالأولياء ونحو ذلك.
فالجهة الأولى هي المعتمدة التي ذكرتُ لك، والثانية فرع عنه.
شرح كتاب ثلاثة الأصول لشيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب المشرفي التميمي 1115هـ - 1206هـ -رحمه الله تعالى- ص 36-37
للشيخ .[صالح آل الشيخ]











قديم 2014-10-20, 13:53   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
طاهر القلب
مراقب مُنتديـات الأدَب والتّاريـخ
 
الصورة الرمزية طاهر القلب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل خاطرة المرتبة  الأولى عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده
اقتباس:
فما خضعوا تحت الخلافة العثمانية في أول ما قامت لأنه أول ما قامت كانت على إسلام صحيح بعد ذلك انحرفت.
هل يعني هذا أن الخروج على الأوضاع الفاسدة جائز؟ ...
والخروج على الحاكم المنحرف جائز؟

بارك الله فيكم على القبسات









قديم 2014-10-20, 17:14   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
الياس محمد
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل صحيح أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب خرج على الدولة العثمانية؟

https://www.youtube.com/watch?v=askF12OGR_I

















قديم 2014-10-21, 11:07   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الزعم أن دعوة محمد ابن الوهاب لم تخرج على الدولة العثمانية خطأ إن لم تزوير للحقائق , بل هو خروج صريح , قائم على تكفير الدولة العثمانية ومنتسبيها , للأسباب التالية :

1- أن للدولة العثمانية ولاية اسمية على نجد كون نجد لم تكن دولة مستقلة ؛ والدولة العثمانية حكمت الحجاز والرياض وماجاورها ؛ والدولة العثمانية باعتبارها امبراطوية إسلامية عظمى فهي مسؤولة عن نجد.

1- أن دعوة محمد ابن الوهاب دخلت الحجاز واليمن والإحساء والخليج وأطراف العراق والشام وهاجموا (كربلاء) وحاصروا (دمشق) وكلها تابعة للدولة العثمانية.
فمن يزعم أن دولة ابن عبد الوهاب لم تخرج على الدولة العثمانية كون نجد غير واقعة تحت سلطتها ؛ كيف توسّع دولة ابن سعود إلى الحجاز وكيف يبرر مهاجمتهم للدولة العثمانية في اليمن والعراق والشام ؟


2 - أن رسائل أمراء الدعوة أتباع الشيخ ابن عبد الوهاب تدل على تكفير الدولة العثمانية وهو أحد اسباب الخروج على الدولة العثمانية
من ذلك رسالة سعود بن عبد العزيز التي أرسلها إلى والي بغداد يقول فيها : " ...... وأما إن دمتم على حالكم هذه ولم تتوبوا من الشرك الذي أنتم عليه وتلتزموا بدين الله الذي بعث الله رسوله وتتركوا الشرك والبدع والخرافات لم نزل نقاتلكم حتى تراجعوا دين الله القويم ".

ويقول عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله بن عبد اللطيف ال الشيخ وهو من أحفاد محمد ابن عبد الوهاب وأحد أعلام وعلماء الدعوة يقول " " ومعلوم أن الدولة التركية كانت وثنية تدين بالشرك والبدع وتحميها "

فمما تقدم يتوضح أن الخروج على الدولة العثمانية كان بدافع تكفيرها وتكفير المنتسبين إليها ومن وقع تحت سلطانها وأن التكفير هو أساس قتال المخالفين لدعوة محمد بن عبد الوهاب .

ومما تذكره الوثائق أنه بعد غزو سعود بن عبد العزيز لمكة خطب قائلاً: "احمدوا الله الذي هداكم للإسلام وأنقذكم من الشرك أطلب منكم أن تبايعوني على دين الله ورسوله وتوالوا من والاه وتعادوا من عاداه في السراء والضراء والسمع والطاعة"

ووتذكر الكتب أنهم ألزموا تحت الإكراه علماء مكة من مختلف المذاهب الإسلامية على توقيع بيان الإقرار بالكفر والشرك.
فمما جاء في بيان الإعتراف: "نشهد نحن علماء مكة الواضعون خطوطنا وأحكامنا في هذا الرقيم أن هذا الدين الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ودعا إليه إمام المسلمين سعود بن عبدالعزيز من توحيد الله ونفي الشرك الذي ذكره في هذا الكتاب أنه الحق الذي لا شك فيه ولا ريب وأن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً ومصر والشام وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنه الكفر المبيح للدم والمال والموجب للخلود في النار ومن لم يدخل في هذا الدين ويعمل به ويوالي أهله ويعادي أعداءه فهو عندنا كافر بالله واليوم الآخر وواجب على إمام المسلمين جهاده وقتاله حتى يتوب إلى الله مما هو عليه ويعمل بهذا الدين".
ووقّّع على هذا البيان :
- عبد الملك القلعي مفتي الحنفية بمكة
- محمد بن صالح بن إبراهيم مفتي الشافعية
- محمد البناتي مفتي المالكية
- محمد بن يحيى مفتي الحنابلة

وعندما غزيت المدينة وقـّع علماء المدينة بياناً مشابهاً جاء فيه نص البيان:
"نشهد أن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً والشام ومصر وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب أنها الكفر المبيح للدم والمال وكل من لم يدخل في هذا الدين ويعمل به فهو كافر بالله واليوم والآخر والواجب على إمام المسلمين وكافة المسلمين القيام بفرض الجهاد وقتال أهل الشرك والعناد وأن من خالف ما في هذا الكتاب من أهل مصر والشام والعراق وكل من كان على دينهم! الذي هم عليه الآن فهو كافر مشرك من موقعه..."
والبيانان موثقان في الدرر السنية والأجوبة النجدية.

لذلك قال الشيخ محمد الزواوي الشافعي في الفتح المبين عن أتباع ابن عبد الوهاب :"فجوزوا قتل من خالفهم من المسلمين واستحلوا مالهم وسبي ذراريهم ونكاح أزواجهم بلا طلاق من أزواجهن ولا عدة..." وهذا قتال الكفار والمرتدين

ويؤكده كذلك ما أرتكبه أتباع ابن عبد الوهاب في حق العلماء

فمن العلماء الذين نفذ فيها أتباع ابن عبد الوهاب حكم الإعدام بلا محاكمة أو "استتابة" نذكر :

- الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية بمكة
- الشيخ سليمان بن مراد قاضي الطائف
- الشيخ عبد الله أبو الخير قاضي مكة
- السيد يوسف الزواوي الذي ناهز الثمانين من العمر
- الشيخ حسن الشيبي
- الشيخ جعفر الشيبي
- الشيخ عبد القادر الشيبي ذبح أبناؤه
أما هو فقد شهد تحت الإكراه على نفسه بالكفر فتركوه وزعموا أنه عرف الحق بعد الضلال










قديم 2014-10-21, 11:38   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بحث مهم
لمن يبتغي الحق والحقيقة

رابط pdf
خروج الوهابية على الخلافة العثمانية
قراءة تاريخية ومناقشة شرعية










قديم 2014-10-21, 11:55   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أم أمة الله الجزائرية
✧معلّمة القرآن الكريم✧
 
الصورة الرمزية أم أمة الله الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي رد الشيخ صالح الفوازن - حفظه الله - على شبهة خارجية (الشيخ محمد بن عبد الوهاب و الدولة العثمانية )


سئل الشيخ صالح الفوزان - حفظه الله - عمن يستدل بفعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - مع الدولة العثمانية و أن فعله كان خروجاُ على الخلافة في ذلك الوقت



فأجاب - سلمه الله - بهذا الجواب القيم :


من هنا الرابط الصوتي :


https://www.salafi.ws/faris/alfozan-k...3bdalwahab.mp3



*************


تفريغ الفتوى :


السؤال : أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة


يقول هذا السائل :يقول بعض الناس المعادين لدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - أن شيخ الإسلام و و الإمام محمد بن سعود خارجين عن حكم ولي الأمر الدولة العثمانية و قد شفوا عصا الطاعة و هذا مخالف لإعتقاد أهل السنة و الجماعة ما رأيكم في هذه المقولة أثابكم الله ؟


الجواب : و هذا الذي يقول هذه المقالة هل هو ملتزم بالسمع و الطاعة ؟!


أغلب اللي يقولون هالمقالة يرون الخروج على الأئمة الآن و لا يلتزمون و لايعترفون بولاية ولاة الأمور ، هذه ناحية .


و الناحية الثانية أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - و الإمام محمد بن سعود لم يخرجوا على ولي الأمر في وقتهم لأن الدولة العثمانية ليس لها سلطة على بلاد نجد و إنما كانت بلاد نجد بيد أمرائها ، كل بلدة من بلاد نجد عليها أمير مستقل بها يحكمها ، و إذا مات يخلفه أحد أبنائه أو أقاربه فليس للعثمانيين سلطة على بلاد نجد و لا يهتمون بها الدولة العثمانية ما تهتم ببلاد نجد لأن ما فيها إنتاج في وقتها ولا يهتمون بها ، و إنما حاربوا الدولة السعودية ما هم لأنهم خرجوا عليهم حاربوهم خوفاً منهم ، حاربوا الدولة السعودية خوفاً منها لما عظم شأنها و ظهر أمرها خافوا منها فحاربوها خشية من أن الدولة السعودية تغزوهم في بلادهم هذا القصد و إلا هم ليس لهم سلطة على بلاد نجد و إنما كانت بلا نجد بيد أمرائها و حكامها جيلاً بعد جيل حتى جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بالدعوة و ناصره محمد بن سعود فبسطوا سلطتهم على بلاد نجد كلها و على غيرها من بلاد الجزيرة مكنهم الله - سبحانه و تعالى - لأنهم قاموا بدعوة محمد - صلى الله عليه و سلم - و نشر الإسلام فدخلت الإمارات كلها التي كانت من قبل متوزعة في نجد دخلت تحت سلطة واحدة فحينئذ خشيت الدولة العثمانية أنهم يصلونهم في بلادهم في بلاد العراق و في بلاد الشام خشوا على أنفسهم و أيضاً عندهم خرافات و عندهم أضرحة فخشوا على ما هم عليه و عندهم تصوف و بدع فخشوا على ما هم عليه من هذه الأمور أن دعوة الشيخ تغيرها فلذلك حاربوا الدولة السعودية ، نعم .









قديم 2014-10-21, 12:06   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أم أمة الله الجزائرية
✧معلّمة القرآن الكريم✧
 
الصورة الرمزية أم أمة الله الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

يقول البعض أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قد خرج على الدولة العثمانية فما ردكم؟
الشيخ محمد بن هادي المدخلي
المـــــــدة : 3 دقائق


التفريغ
السؤال الآن لكم الشيخ محمد بن هادى
السؤال يقول:
يقول البعض أن الإمام محمد بن عبدالوهاب قد خرج على الدولة العثمانية فما ردكم على هذا الإيراد؟
الجواب
هذا كذب ، يُعلم بالتأريخ كما قلنا قبل قليل لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التأريخ ، بلاد نجد لم تكن للدولة العثمانية عليها ولاية بل كانت إمارات فى قرى متفرقة متناحرة يُغِيير بعضهم على بعض ويقتل بعضهم بعضا ويغنم بعضهم بعضا وهكذا ، وكانوا على جانب كبير من الجهل بدين الله والشرك به سبحانه وتعالى ، والدولة العثمانية لم يكن لها فائدة فى بلاد نجد فتركتها.
فقام الإمام رحمه الله تعالى لما رأى ما رأى من بلاد نجد ومن أهلها قام بالدعوة إلى الله تبارك وتعالى وهيئ الله سبحانه وتعالى له بعد مدة من بدء دعوته بأن نصره الإمام محمد بن سعود رحمهما الله تعالى جميعا وما قاتلوا أحدا هم ابتداءا كما ذكر ذلك شيخ الإسلام رحمه الله وتلاميذه وكذلك الأئمة من آل سعود فى ذلك الحين رحمهم الله جميعا ، ما قاتلوا أحدا ولا ابتدوا بالقتال إلا لما قُتلوا قاتلوا دفاعا عن النقس والحرمة فأراد أهل الباطل ومن أوعدت إليهم الدولة العثمانية فى منطقة الحس بمحاربة هذا الشيخ وهذا الأمير الذى نصره ونصرهما الله جل وعز لأنهما قاما بنصرة دين الله والدعوة إلى توحيده هذا بالعلم والبيان وهذا بالسيف والسنان فضحى فى سبيل ذلك بأولاده وهكذا ، نصرهما الله جل وعلا ، فلما أوعدت الدولة العثمانية إلى القائم بها أو القائم لها على الأحس واستنفره إلى قتالهم قاتلوا دفاعا عن النفس والحرمة ، وإلا بلاد نجد لم تكن خاضعة لهم حتى يقال إن الإمام محمد بن عبدالوهاب خرج ، يا سبحان الله كيف يقول الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمة الله تعالى عليه هذا الإمام الجليل المبجل خارجيا وسالكا مسلك الخوارج وهذه كتابته العظيمة كلها تدل على الأمر بالسمع والطاعة للأئمة والدعوة إلى الإمتثال للأوامرهم والإنقياد لما يوجهون به ، كيف يقال هذا عنه رحمه الله تعالى!!!!
وهذه كتبه شاهدت بكلامه الصريح الذى يدل على نقض هذا الذى يقولونه ولكن من أعماه هواه فلا حيلة فيه ، نسأل الله العافية والسلامة.









قديم 2014-10-21, 12:10   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أم أمة الله الجزائرية
✧معلّمة القرآن الكريم✧
 
الصورة الرمزية أم أمة الله الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن اتبع هداه... وبعدُ:

[ شبهةُ خروج الإمام المجدِّد محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- على الدولة العثمانية ]
فضيلة الشيخ/ هشام بن فؤاد البيليّ -حفظه الله وسدّد على طريق الحق خُطاه-

فهذا ردٌّ مختصر -لا يتجاوز الثلاث دقائق- على هذه الشبهة الكاسدة التي يبثها أهل الزيغ والضلال.
المصدر: مقطع من خطبة الجمعة 23 ربيع الآخر 1433هـ، الموافق 16/3/2012م

لتحميل المقطع الصوتي بصيغة MP3
اضغط هنـــا === اضغط هنـــا

التفريغ:
PDF - جاهز للطباعة
اضغط هنـــا === اضغط هنـــا.

WORD - للتعديل.
اضغط هنـــا === اضغط هنـــا.

صورة من ملف التفريغ:
https://img225.images....2012083912.png

القراءة المباشرة:
وعادتْ مظاهرُ الشِّرْكِ إلى «الجزيرة» وإلى «نَجْدٍ» وانطمستْ معالم التوحيد في بيئةٍ سياسيةٍ قامتْ على التنازع والتناحر.
ففي غضون ضعف الدولة العثمانية وسيطرة التُّرك على مصر والشام وغيرها من البلدان، انقسمت «الجزيرةُ» و«نَجْدٌ» انقسموا إلى ولاياتٍ؛ فعلى كل قطعةٍ وَالٍ يدعو إلى نفسه، ولم يعد سيطرةٌ للدولة العثمانية على «الجزيرة» -مطلقًا-.
ولهذا الذين يقولون بأنّ الشيخَ «محمدَ بن عبدالوهاب» -رحمه الله تعالى- خرج على السلطان وخرج على الإمام، نردُّ عليهم بردين مختصرين:
الرد الأول:
أنّ الشيخَ -رحمه الله تعالى- في كل كُتبه قد قرر منهجَ أهلَ السُّنَّة والجماعة في أنه لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم الجائر، شأنه في ذلك شأن أئمة الهُدى ومصابيح الدُّجَى ممن كان قبله.
فكيف يكتب، ويُدوِّن، ويُقَعِّد، ويُؤَصِّل، ثم بعد ذلك يخالِف؟!! هذه مسألةٌ..
والردُّ الثاني:
أنّ هذه المنطقة لم تكن خاضعةً للدولة العثمانية -أصلاً- بل تركها العثمانيون واستولى التُّرك على مصر -بعد المائة التاسعة سيطروا عليها- ولم يأبهوا بهذه المنطقة، ولم يلتفتْ إليها أحدٌ..
بل هي عبارة عن إماراتٍ، على كل بلدةٍ أميرٌ يدعو إليها: أميرُ «الإحْسَاء»، أميرُ «الدِّرْعِيَة»، أميرُ «العُيَيْنَة»، أميرُ «حِرِمْلَة»، أميرُ كذا.. في كل بقعةٍ من هذه البقاع أميرٌ يدعو إلى نفسه.
فأين -إذًا- مرجعية الدولة التي يُرجع إليها؟! وأين السلطان الذي يبعث نفوذه على هذه المنطقة حتى نقول: إنّ «محمد بن عبدالوهاب» خارجٌ على السلطان؟!!
كيف ذلك وهو الذي أصَّلَ -أصَّلَ لأهل السُّنَّةِ والجماعة- أنه لا يجوز الخروج على الحاكم الظالم -أبدًا-!!
فنشأ -رحمه الله تعالى- في هذه الحقبة من الزمان وفي هذه البقعة من المكان، وهي التي كانت معروفة في التاريخ بنهاية العصور الوسطى. اهـ
منقول منhttps://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=128952









قديم 2014-10-21, 12:17   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة شرعية لسبب خروج الوهابية على الخلافة العثمانية (1)

كتبه ياسين بن علي



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

"الوهابية"، نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1115هـ/1703م - 1206هـ/1792م)، حركة إصلاحية دينية سياسية ظهرت في القرن 12هـ الموافق للقرن 18م في منطقة نجد وسط شبه الجزيرة العربية. وتعرف اليوم باسم "السلفية". يقول الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية ص11): "كلمة "الوهابية" ذاتها... صفة يطلقها كثير من الدارسين على أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في العقيدة، وعلى الذين لبوا دعوته وانضموا إلى الدولة التي قامت على أساسها في وسط الجزيرة العربية، كما تطلق على عقيدة ذلك الشيخ ودعوته أو حركته. ومن الواضح أن النسبة في الكلمة، وإن تكن أقرب إلى اسم والد الشيخ من اسم الشيخ نفسه، نسبة صحيحة من الناحية اللغوية. ذلك أنها لا تختلف مثلا عن نسبة الحنبلية إلى أحمد بن حنبل".

ويرى بعض الناس أنّ مصطلح "الوهابية" غير صحيح ولا يعبّر عن الحركة وإنما يراد به تشويهها، وهو ما عبّر عنه الملك عبد العزيز آل سعود "في خطابه الذي ألقاه في القصر الملكي بمكة، يوم غرة ذو الحجة عام 1347هـ الموافق 11 مايو عام 1929م بعنوان (هذه عقيدتنا) جاء فيه قوله: يسموننا "بالوهابيين" ويسمون مذهبنا "الوهابي" باعتبار أنه مذهب خامس، وهذا خطأ فاحش، نشأ عن الدعايات الكاذبة التي كان يبثّها أهل الأغراض". (نقلا عن: تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية، للدكتور محمد بن سعد الشويعر، ص132). ولكن سبق لمطبعة المنار بمصر أن طبعت بأمر الملك عبد العزيز آل سعود نفسه سنة 1342هـ كتاب "الهدية السنية والتحفة الوهابية النجدية لجميع إخواننا الموحدين من أهل الملة الحنيفية والطريقة المحمدية" لسليمان بن سحمان النجدي (ت1349هـ). فعنوان الكتاب الذي طبع بأمر الملك عبد العزيز يقرّ استعمال مصطلح "الوهابية"، بل أكّده صاحب الكتاب بقوله في مقدّمته (ص3): "... حقيقة ما عليه أهل الإسلام الموحدين من أهل نجد المشهورين بالوهابية..."، وأكّده أيضا الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب (ت1367هـ) بقوله في الكتاب نفسه (ص92): "... وصار بعض الناس يسمع بنا معاشر الوهابية ولا يعرف حقيقة ما نحن عليه...".

وللعلم، لم يطلق الوهابيون الأوائل على أنفسهم أو حركتهم اسما بل كانوا يصفون أنفسهم بـ"المسلمين" و"الموحدين" كما جاء في تاريخ ابن غنّام (ت 1225ه) وابن بشر (ت1290هـ)وغيرهما. قال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية، الدولة السعودية الأولى، الجزء الثاني ص279): "استعمل المؤرخان النجديان ابن غنام وابن بشر كلمة "المسلمين" في تسمية أتباع الدولة السعودية الأولى عامة، ومقاتلتها خاصة، وربما أطلقا عليهم اسم "الموحدين" أيضا، وكلا التسميتين تبدو اليوم غريبة.. وكأن فيها لونا من ألوان التحدي للآخرين والشكّ في صحة معتقداتهم.. كانوا يطلقون على أنفسهم اسم "المسلمين" – أو "الموحدين" – يختصون به قومهم دون غيرهم، حتى أزالوا معالم الشرك والشركيات، وقضوا على الجهل والخرافات، وبذلك تحققت مقاصد الدعوة، ولم تبق اليوم حاجة – في اعتقادنا – إلى هذا التخصيص الذي كان يقترن بمرحلة معينة من التاريخ". وقال الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية ص11-12) وهو ممن استعمل مصطلح "الوهابية" في كتابه: "أما أنصار دعوة ابن عبد الوهاب؛ خاصة فيما مضى، فإنهم لا يرضون بالتسمية المشار إليها، وإنما يسمون أنفسهم ودعوة إمامهم تسميات أخرى. فأحيانا يسمون أنفسهم المسلمين، ويسمون الدعوة التي لبّوها دين الإسلام. وأحيانا يستعملون صفات أكثر التصاقا بطبيعة الدعوة، فيطلقون على أنفسهم اسم الموحدين، ويطلقون على دعوتهم دعوة التوحيد، أو الدعوة السلفية، أو الدعوة فقط... ولكن عددا قليلا من التابعين لدعوة ابن عبد الوهاب، أو المتعاطفين معها، بدأوا في السنوات الأخيرة لا يتحاشون استعمال كلمة "الوهابية" في كتاباتهم. ويبدو أن هذا الموقف جاء نتيجة اعتقاد هؤلاء بأن ما كان يدعو إليه ذلك الشيخ قد بات واضحا بدرجة كبيرة...".

وعليه، فإننا نرى أنّ أدقّ مصطلح يمكن استعماله للتعبير عن هذه الحركة وتمييزها عن غيرها هو مصطلح "الوهابية"، وبخاصة إذا كان الحديث عنها يتعلّق بزمن نشأتها وظهورها.

سيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وابتداء دعوته:

جاء في كتاب الدولة السعودية الأولى: "ينتمي الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى أسرة آل مُشرف، من فروع آل وُهبة، أحد بطون قبيلة تميم. فهو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن أحمد بن راشد بن بُريد بن محمد بن بُريد بن مشرف. كان جده سليمان عالماً من علماء نجد في القرن الحادي عشر الهجري. وتولى القضاء في روضة سدير. كما كان والده عبد الوهاب قاضياً في بلدة العيينة، ثم عُزل عام 1139هـ، وعين قاضياً لبلدة حريملاء.ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بيت علم، في بلدة العيينة، سنة 1115هـ /1703م. وتلقى تعليمه الأولي على يد والده، وحفظ القرآن الكريم، في صغره. كما درس الفقه والتفسير والحديث. ثم ذهب للحج. ومن مكة المكرمة، توجه إلى المدينة المنورة، ثم عاد إلى العيينة.وتميز محمد بن عبد الوهاب بقوة الذاكرة، والتعلق بالعلم. فانطلق طالباً المزيد منه. فرحل إلى مكة المكرمة ثانية، ومنها إلى المدينة المنورة، حيث حضر حلقات الدرس في الحرم النبوي للشيخ النجدي عبد الله بن إبراهيم بن سيف الذي شجعه على القراءة في الفقه الحنبلي. وتلقى العلم أيضاً من عالم الحديث الشيخ محمد حياة السندي المدني (توفي عام 1165هـ) الذي تأثر به محمد بن عبد الوهاب في الدعوة إلى التجديد، ومحاربة البدع في الدين، وما يؤدي إلى الشرك من الأعمال.وعاد محمد بن عبد الوهاب إلى بلدته، العيينة ومكث بها عاماً. وتوجه إلى البصرة ليرضي نهمه في العلم. وفيها درس الفقه، وعلوم الحديث، وقواعد اللغة العربية.وفي البصرة التي كانت آنذاك تعج بالمذاهب والفِرق، آنس في نفسه القدرة على معارضة الأمور، التي كانت تجري على خلاف الشرع؛ وأن ينكر ما يرتكب، هناك، من البدع التي تفضي إلى الشرك؛ وأن يشترك في النقاش حول التوحيد والعقيدة، مما أثار عليه بعض الأهلين وآذوه. ولهذا أجبر على مغادرة البصرة، فتوجه إلى الزبير، ومنها إلى الأحساء، حيث مكث بعض الوقت، واستفاد من علمائها، مثل عبد الله بن فيروز، ومحمد بن عفالق، وعبد الله بن محمد بن عبد اللطيف الشافعي الأحسائي.وخلال طلبه العلم، عكف الشيخ محمد بن عبد الوهاب، على دراسة كتب شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية (المتوفى عام 728هـ/1327م ). ودرس آثار تلميذه ابن قيم الجوزية (المتوفى 751هـ/1350م). وتأثر بهما كل التأثر، خاصة رأي ابن تيمية في ضرورة العودة في أمور الدين، إلى الكتاب والسُّنة، وما صح عن الصحابة من آثار؛ وتصحيح العقيدة وتنقيتها من بدع المتصوفة والمتكلمة. وتأثر به في محاربته للبدع والمنكرات، التي تؤدي إلى الشرك مثل الاستغاثة بغير الله، والتوسل بالأولياء والموتى، والاعتقاد أنهم يجلبون النفع، ويدفعون الضر. وكذلك التبرك بالأضرحة والأشجار وغير ذلك. وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب دائم التمثل بآراء ابن تيمية في كتبه ورسائله.ورجع الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى بلدة حريملاء، التي عُيّن أبوه قاضياً لها. وكان وصوله إلى نجد بين عامَي 1144هـ ـ 1149هـ/ 1731 ـ 1736م...". (نقلا عن موسوعة مقاتل من الصحراء www.moqatel.com).

وقال الشيخ حسين بن غنّام - وهو ممن عاصر الشيخ ابن عبد الوهاب - (في تاريخ نجد ص83- 86): "... فأقام الشيخ محمد في حريملاء مع أبيه يقرأ عليه سنين، إلى أن توفي أبوه سنة (1153) ثلاث وخمسين ومائة وألف. فأعلن دعوته واشتدّ في إنكاره مظاهر الشرك والبدع، وجدّ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذل النصح للخاص والعام، ونشر شرائع الإسلام... فذاع ذكره في جميع بلدان العارض: في حريملا والعيينة والدرعية والرياض ومنفوحة... وانقسم الناس فيه فريقين: فريق تابعه وبايعه وعاهده على ما دعا إليه، وفريق عاداه وحاربه وأنكر عليه وهم الأكثر... فانتقل الشيخ من حريملا إلى العيينة ورئيسها يؤمئذ عثمان بن حمد بن معمر، فأكرمه وتزوج فيها الجوهرة بنت عبد الله بن معمر. ولما عرض على عثمان دعوته اتبعه وناصره، وألزم الخاصة والعامة أن يمتثلوا أمره. وكان في العيينة وما حولها كثير من القباب والمساجد والمشاهد المبنية على قبور الصحابة والأولياء، والأشجار التي يعظّمونها ويتبركون بها: كقبّة زيد ابن الخطاب في الجبيلة، وكشجرة قريوة وأبي دجانة والذيب. فخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ومعه عثمان بن معمر وكثير من جماعتهم إلى تلك الأماكن بالمعاول فقطعوا الأشجار وهدموا المشاهد والقبور، وعدلوها على السنة... ولم يزل الشيخ رحمه الله مقيما في العيينة: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعلم الناس دينهم، ويزيل ما قدر عليه من البدع، ويقيم الحدود ويأمر الوالي بإقامتها حتى جاءته امرأة من أهل العيينة زنت، فأقرّت على نفسها بالزنا، وتكرر ذلك منها أربعا... فأمر الشيخ رحمه الله الوالي برجمها لأنها محصنة... فخرج الوالي عثمان ابن معمر وجماعة من المسلمين فرجموها حتى ماتت... فلما جرت هذه الحادثة كثرت أقاويل أهل البدع والضلال، وطارت قلوبهم خوفا وفزعا، وانخلعت ألبابهم رهبا وجزعا. وتطاولت ألسنة العلماء عليه ينكرون ما فعل مع أنه لم يعد الحكم المشروع بالسنة والإجماع. فلما أعياهم ردّ ما أفحمهم به الشيخ من حجج، عدلوا إلى ردها بالمكر والحيلة، فشكوه إلى شيخهم سليمان آل محمد رئيس بني خالد والأحساء، فأغروه به، وصاحوا عنده وقالوا: إن هذا يريد أن يخرجكم من ملككم، ويسعى في قطع ما أنتم عليه من الأمور، ويبطل العشور والمكوس. فلما خوّفوه بذلك كتب إلى عثمان بن معمر يأمره بقتله أو إجلائه عن بلده، وشدّد عليه...فلما ورد على عثمان كتاب سليمان استعظم الأمر فآثر الدنيا على الدين، وأمر الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالخروج من العيينة".

بيعة الدرعية:

قال الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية، ص23): "وحين تقرر أن يترك محمد بن عبد الوهاب بلدة عيينة كانت الدرعية المكان المناسب لمقره الجديد. ذلك أن العلاقات بين هذه البلدة وبين حكام الأحساء كانت سيئة. وكان من المتوقع أن يرحبوا بمن وقفوا منه موقف عداء، لأنهم كانوا خصوما لهم قبل ذلك. وكان كثير من أعيان البلدة مؤيدين لدعوة الشيخ. ومن بين هؤلاء إخوة أميرها وابنه عبد العزيز. وحين قابل الشيخ محمد بن عبد الوهاب الأمير محمد بن سعود في الدرعية أوضح له ما سبق أن أوضح لعثمان بن معمّر من تلازم الإصلاح الديني والإصلاح السياسي، كما أوضح له أن نجدا ميدان مفتوح أمامه لكي يمارس فيه نشاطه..."

وأما تفاصيل بيعة الدرعية وما ورد فيها من شروط فننقلها من ثلاثة مصادر:
- المصدر الأول: قال ابن غنّام (في تاريخ نجد، ص86-87): "فخرج الشيخ سنة سبع أو ثمان وخمسين ومائة وألف من العيينة إلى بلدة الدّرعية. فنزل في الليلة الأولى على عبد الله بن سويلم، ثم انتقل في اليوم التالي إلى دار تلميذه الشيخ أحمد بن سويلم. فلما سمع بذلك الأمير محمد بن سعود، قام من فوره مسرعا إليه ومعه أخواه: ثنيان ومشاري، فأتاه في بيت أحمد بن سويلم فسلّم عليه، وأبدى له غاية الإكرام والتبجيل، وأخبره أنه يمنعه بما يمنع به نساءه وأولاده. فأخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دعا إليه، وما كان عليه صحابته رضي الله عنهم من بعده، وما أمروا به وما نهوا عنه، وأن كل بدعة ضلالة، وما أعزّهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به وجعلهم إخوانا. ثم أخبره بما عليه أهل نجد في زمنه من مخالفتهم لشرع الله وسنة رسوله وبالشرك بالله تعالى والبدع والاختلاف والظلم. فلما تحقّق الأمير محمد بن سعود معرفة التوحيد، وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية، قال له: (يا شيخ إن هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، فأبشر بالنصرة لك ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد؛ ولكن أريد أن أشترط عليك اثنتين: نحن إذا قمنا في نصرتك والجهاد في سبيل الله، وفتح الله لنا ولك البلدان، أخاف أن ترحل عنا وتستبدل بنا غيرنا، والثانية: أنّ لي على الدرعية قانونا آخذه منهم في وقت الثمار، وأخاف أن تقول لا تأخذ منهم شيئا). فقال الشيخ: (أما الأولى فابسط يدك: الدم بالدم والهدم بالهدم، وأما الثانية فلعلّ الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منهم). فبسط الأمير محمد يده وبايع الشيخ على دين الله ورسوله والجهاد في سبيله، وإقامة شرائع الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فقام الشيخ ودخل معه البلد واستقرّ عنده".

- المصدر الثاني: قال ابن بشر (في عنوان المجد في تاريخ نجد، ج1 ص42- 43): "... فسار إليه محمد ابن سعود. ودخل عليه في بيت ابن سويلم فرحب به وقال: (أبشر ببلاد خير من بلادك، وأبشر بالعزة والمنعة). فقال له الشيخ: (وأنا أبشرك بالعز والتمكين والنصر المبين. وهذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم. فمن تمسك بها، وعمل بها، ونصرها؛ ملك بها البلاد والعباد. وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة والاختلاف والقتال لبعضهم بعض. فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك). وجعل يشرح له الإسلام وشرايعه وما يحل وما يحرم وما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الدعوة إلى التوحيد والقيام في نصره والقتال عليه. فلما شرح الله صدر محمد بن سعود لذلك، وتقرر عنده، طلب من الشيخ المبايعة على ذلك، فبايع الشيخ على ذلك، وأنّ الدم بالدم والهدم بالهدم، وعلى أنّ الشيخ لا يرغب عنه إن أظهره الله. إلا أنّ محمد بن سعود شرط في مبايعته للشيخ أن لا يتعرضه فيما يأخذه من أهل الدرعية مثل الذي كان.. يأخذه رؤساء البلدان على رعاياهم، فأجابه الشيخ على ذلك رجاء أن يخلف الله عليه من الغنيمة أكثر من ذلك، فيتركه رغبة فيما عند الله سبحانه، فكان الأمر كذلك ووسع الله عليهم في أسرع ما يكون...".

- المصدر الثالث: قال حسن بن جمال بن أحمد الريكي (في لمع الشهاب في سيرة محمد بن عبد الوهاب، ص30-31 بتحقيق الدكتور أحمد أبو حاكمة): "... فسمع محمد بن سعود بورود محمد بن عبد الوهاب، وكان قبل هذا قد سمع بصيته وإظهاره مذهبا جديدا فجاء إليه، وصافحه وقال: (هذه القرية قريتك والمكان أنت واليه، فلا تخشى [المحقق: اقرأ فلا تخش] أعداءك؛ والله لو انطبقت علينا جميع نجد ما أخرجناك عنا)، فقال: (أنت كبيرهم وشريفهم، أريد منك عهدا على أنك تجاهد في هذا الدين، والرياسة والإمامة فيك وفي ذريتك بعدك، وأنّ المشيخة والخلافة في الدين فيّ وفي آلي من بعدي أبدا، بحيث لا ينعقد أمرا ولا يقع صلحا ولا حربا [المحقق: اقرأها بالرفع لا بالنصب] إلا ما نراه كذلك، فإن قبلت هذا فأخبرك أن الله يطلعك على أمور لم يدركها أحد من عظماء الملوك والسلاطين، وتكون عاقبة أمرك محمودة عند الله لأنك اتبعت الدين ونصرته. ولم تقصر رتبتك عن رتبة الصحابة والخلفاء الذين نصروا رسول الله (ص) وأي منزلة أعلى من هذه)؟ فقال محمد بن سعود: (قبلت وبايعتك على ذلك). فتبايعا واشترط كل منهما على صاحبه ما اشترط عليه...".

مناقشة بيعة الدرعية:

تضمنت بيعة الدرعية التي تمت بين محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود جملة من الأمور الخطيرة، نذكر منها ما يلي:
1. ذكر ابن غنّام وابن بشر أنّ محمد بن سعود اشترط على الشيخ ابن عبد الوهاب أن لا يمنعه من أخذ "القانون" الذي كان يأخذه من أهل الدرعية أي أن لا يمنعه من أخذ الضرائب أو الخفارة وهو "ما يدفعه الضعيف للقوي ليحميه ويدافع عنه" – كما في هامش تاريخ نجد ص 87 -، ونفهم من هذا أنّ ابن سعود اشترط على الشيخ ابن عبد الوهاب أن يسمح له بأخذ المال الحرام وأكل مال الناس بالباطل، وهو ما فهمه الشيخ فردّ عليه بقوله – كما في تاريخ نجد لابن غنام -: "وأما الثانية فلعلّ الله أن يفتح لك الفتوحات فيعوضك الله من الغنائم ما هو خير منهم". وقد يفهم من هذا الردّ أنّ الشيخ ابن عبد الوهاب رفض الشرط، ولكن ابن بشر، وهو "عدل ثقة صادق الرواية واسع الإطلاع" – كما قال فيه الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله ابن عبد اللطيف آل الشيخ في مقدمة كتاب عنوان المجد، ج1 ص11) - ذكر عبارة ترفع الاحتمال والإبهام، قال: "فأجابه الشيخ على ذلك رجاء أن يخلف الله عليه من الغنيمة أكثر من ذلك، فيتركه رغبة فيما عند الله سبحانه". ومعنى هذا الكلام أنّ الشيخ ابن عبد الوهاب قبل الشرط، وسمح لابن سعود بأخذ المال الحرام. فهل يجوز هذا؟

2. ذكر حسن بن جمال بن أحمد الريكي أن البيعة تضمنت شرط التوريث في الإمامة السياسية والدينية، وهو ما يدل عليه قول الشيخ ابن عبد الوهاب: "أريد منك عهدا على أنك تجاهد في هذا الدين، والرياسة والإمامة فيك وفي ذريتك بعدك، وأنّ المشيخة والخلافة في الدين فيّ وفي آلي من بعدي أبدا". وتوريث الحكم يفهم أيضا من رواية ابن بشر التي ورد فيها قول الشيخ: "فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك". وهو ما حصل بالفعل. قال ابن بشر (في عنوان المجد ج1 ص99): "ثم دخلت السنة التاسعة والسبعون بعد المائة والألف، وفيها توفي الإمام الرئيس والمجاهد في الدين بالعرمرم الخميس محمد بن سعود... وكان ولي العهد بعده ابنه عبد العزيز، فكان إماما للمسلمين وحامي ثغور الموحدين". وقال (ج1 ص186): "وأما حسين [ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب] فهو الخليفة بعد أبيه...". فمسألة التوريث في الإمامة السياسية والدينية من الأمور المعلومة التي لا تخفى على أحد؛ إذ إنّ الحكم في "المملكة السعودية" يتوارثه آل سعود، والمشيخة يتوارثها آل الشيخ ابن عبد الوهاب ولم يشذّ عن هذه القاعدة – حسب علمي - إلا الشيخ عبد العزيز بن باز الذي تولى منصب الإفتاء من سنة 1992م إلى سنة 1999م ثم عادت المشيخة إلى آل الشيخ. فهل يجوز هذا؟ قال الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي (ت1422هـ) في كتابه الإمامة العظمى: "... اجتماع أهل الحل والعقد وأهل الفضل والصلاح وتشاورهم في اختيار الإمام من أروع صور الشورى بين المسلمين، وإن لم يكن هذا هو عين الشورى فماذا يكون؟وأضيف إلى هذه الحقيقة أن يكون الاختيار أساسه الشورى كان هو رأي عمر نفسه، فقد روى عنه عبد الرزاق في (المصنف) أنه قال: "الإمارة شورى"، وروى عنه بسند قوله: "من دعا إلى إمارة نفسه أو غيره من غير شورى من المسلمين فلا يحل لكم إلا أن تقتلوه"، وروى عنه ولده عبد اللَّه بن عمر أنه قال لأهل الشورى قبل وفاته: "من تأمر منكم من غير شورى من المسلمين فاقتلوه".وإذا كانت الشورى هي طريقة اختيار الحاكم فإن ذلك يعني أن الأمة يجب أن يكون لها رأي فيمن يتولى شئون الحكم في الدولة الإسلامية، فمسئولية الاختيار راجـعة إلى الأمة نفسها، وقد كان حكم عمـر بن الخطاب رضي اللَّه عنه في ذلك واضحًا حين قرر أن من حاول أن يفرض نفسه أو غيره دون رضا المسلمين المبني على مشاورتهم وجب أن يعاقب عقاب المفسدين في الأرض "فلا يحل لكم إلا أن تقتلوه"... فأبو بكر لم يعهد لابنه من بعده بل عهد إلى عمر، رضي اللَّه عنهم أجمعين، وعمر لم يعهد إلى ابنه بل جعلها شورى بين الستة وجعله من أهل الشورى، وشدد على أنه ليس له من الأمر شيء فلا يتولى الخلافة، وكذلك عثمان لم يعهد إلى أحد من أقاربه، وعلي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه حين سأله رجل: ألا تعهد يا أمير المؤمنين؟ قال: لا؛ ولكني أترككم كما ترككم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فوجب علينا الاقتداء بهؤلاء الأعلام والسير على نهجهم، وأخذ سنـتهم رضي اللَّه عنهم، ومن أجاز العهد للأبناء إنما اشترط رجحان وتيقن المصلحة وأمن الفتنة، وإلا فإن الإمامة لا تُورث وليست حكرًا على عائلة بعينها لا تخرج منها. قال ابن خلدون: (وأما أن يكون القصد بالعهد حفظ التراث على الأبناء فليس من المقاصد الدينية، إذ هو أمر من اللَّه يخصُّ به من يشاء من عباده، وينبغي أن تحسن فيه النية ما أمكن خوفًا من العبث بالمناصب الدينية، والملك للَّه يؤتيه من يشاء)، وشدد ابن حزم رحمه اللَّه على هذا الأمر فقال: (لا خلاف بين أحد من أهل الإسلام في أنه لا يجوز التوارث فيها)". (نقلا عن الموقع الالكتروني للشيخ: www.al-oglaa.com). وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن زياد قال: "لما بايع معاوية لابنه يزيد، قال مروان: سنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر: سنة هرقل وقيصر".

3. ذكر ابن بشر أنّ الشيخ ابن عبد الوهاب قال لابن سعود: "فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون وذريتك من بعدك"، وذكر أيضا: "فلما شرح الله صدر محمد بن سعود لذلك، وتقرر عنده، طلب من الشيخ المبايعة على ذلك، فبايع الشيخ على ذلك، وأنّ الدم بالدم والهدم بالهدم، وعلى أنّ الشيخ لا يرغب عنه إن أظهره الله".فالبيعة كانت بيعة حرب وحكم قامت عليها الدولة الوهابية/السعودية الأولى. ومما يدلّ أيضا على أنّ البيعة كانت بيعة حكم لإقامة إمارة/دولة يحكمها حاكم واجب الطاعة ورود ألفاظ الجهاد والغنيمة في الاتفاق الذي حصل بين الشيخ ابن عبد الوهاب وابن سعود. ومن المعلوم أنّ الحديث عن الجهاد والفتوحات والغنائم يعني الحديث عن كيان سياسي يتولى هذه الأمور، وهو ما كان يفكّر فيه الشيخ من قبل إلا أنه لم يتح له تحقيقه. قال الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية، ص22): "وكان واضحا منذ البداية أن محمد بن عبد الوهاب يرى أن الإصلاح الديني لا ينفصل عن الإصلاح السياسي، وأن الناحية السياسية ستستفيد من الناحية الدينية. ومن هنا كانت عبارته الأولى حين قابل الأمير عثمان [في العيينة]: "إني أرجو إن قمت بنصر لا إله إلا الله أن يظهرك الله تعالى وتملك نجدا وأعرابها". وفي هذه العبارة أيضا توضيح لأمر آخر كان يدور في ذهن الشيخ حينذاك، وهو أنه كان يرى منطقة نجد، المفككة سياسيا وغير الخاضعة للدولة العثمانية، مجال حركته المستقبلة". وعليه، فإن بيعة الدرعية كان الإعلان الأول لتأسيس الدولة الوهابية/السعودية الأولى. قال الدكتور عبد الله العثيمين (في بحوث وتعليقات في تاريخ المملكة العربية السعودية، ص24): "وكان اتفاق محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود سنة 1744م بمثابة إعلان ميلاد دولة جديدة في المنطقة، لها هدف معيّن ومبادئ واضحة". وقال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية: الدولة السعودية الأولى، الجزء الثاني ص18): "قال بعض المؤرخين: إنّ عبد العزيز هو مؤسس الدولة السعودية الأولى، لأن الفتوحات العظيمة تمّت في زمانه، فأصبحت بلاده "دولة" بعد أن كانت "مشيخة" أو إمارة صغيرة مغمورة! ولكننا لا نشارك القائلين بهذا الرأي رأيهم، وإنما نقول بما قالته الكثرة من المؤلفين والمؤرخين وهو: أن محمد بن سعود مضى بشرف تأسيس الدولة السعودية الأولى، وأن ابنه عبد العزيز أكمل عمله وحقق أمله...". وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب في رسالة بعث بها إلى الإمام عبد الله بن فيصل: "تفهّم أنّ أول ما قام به جدك محمد، وجدك عبد الله بن محمد، وعمك عبد العزيز: أنها خلافة نبوة... وأراد الله إمارة سعود بعد أبيه، يرحم الله الجميع، وأراد الله أن يغير طريقة والده الذي قبله، وبغاها ملكا، وبدأ ينقص أمر الدين والدنيا تطغى". (ينظر: تاريخ البلاد العربية السعودية: الدولة السعودية الأولى، الجزء الثاني ص31-32).


يتبع إن شاء الله تعالى...
25 شعبان 1434هـ
https://azeytouna.net/index.php/2012-...53/item/4699-1









قديم 2014-10-21, 12:20   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة شرعية لسبب خروج الوهابية على الخلافة العثمانية (2)



أدوار تاريخ الدولة الوهابية/السعودية:

قال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية: الإمام تركي بن عبد الله، ص14): "اتفق المؤرخون المحدثون على تقسيم التاريخ السعودي إلى ثلاثة أدوار: الدور الأول، وسموه: الدولة السعودية الأولى. الدور الثاني، وسموه: الدولة السعودية الثانية. الدور الثالث، وسموه: المملكة العربية السعودية".

أما الدولة السعودية الأولى: فقد تأسست سنة (1157هـ/1744م) وانهارت سنة (1233هـ/1818م). وقد تولى الحكم فيها:
1. محمد بن سعود: من سنة 1744م إلى سنة 1765م
2. خلفه: عبد العزيز بن محمد بن سعود: من سنة 1765م إلى سنة 1803م
3. خلفه: سعود بن عبد العزيز بن محمد: من سنة 1803م إلى سنة 1813م
4. خلفه: عبد الله بن سعود بن عبد العزيز: من سنة 1813م إلى سنة 1818م

ومن أشهر مشايخ الدولة الأولى: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ حسين بن عبد الوهاب، والشيخ عبد الله بن عبد الوهاب، والشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

وأما الدولة السعودية الثانية: فقد تأسست سنة (1240هـ/1824م) وانهارت سنة (1309هـ/1891م). ومؤسسها هو تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود (ت1249هـ/1834م)، وتولى الحكم من بعده ابنه فيصل بن تركي، ثم تولى الحكم بعده عبد الله بن فيصل، وسعود بن فيصل، وعبد الرحمن بن فيصل.

ومن أشهر مشايخ الدولة الثانية: عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، وعبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، وعبد الله بن عبد الرحمن أبو بطين.

وأما الدولة السعودية الثالثة المسماة بالمملكة العربية السعودية: فقد تأسست سنة (1344هـ/1926م) وهي السنة التي لقّب فيها عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها. وفي سنة (1351هـ/1932م) أصدر الملك عبد العزيز أمرا ملكيا بتوحيد البلاد في دولة واحدة تدعى: المملكة العربية السعودية. وقد تولى الحكم بعد وفاته سنة (1956م) ابنه سعود، ثم ابنه فيصل، ثم ابنه خالد، ثم ابنه فهد، ثم ابنه عبد الله.

ومن أشهر مشايخ الدولة الثالثة: محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، وسليمان بن سحمان، وعبد الله العنقري، وعبد الله بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ، وعبد العزيز بن باز، ومحمد بن صالح العثيمين.

نظام الحكم في الدولة الوهابية/السعودية الأولى:
أسّس الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود دولة يمكن أن نصفها بالإمارة إسلامية تقوم على نظام محدد. "ويشتمل هذا النظام على المناصب التالية:

- الإمام (الحاكم): وهو في قمة النظام السياسي وهو الرئيس الأعلى للدولة وصاحب السلطات الفعلية. ولقب الإمام يشتمل على الزعامتين: الدينية والسياسية... فالإمام هو المشرف العام على جميع شؤون الدولة... ويقيم الإمام ويمارس مهام عمله في الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى. وكان له ديوان في قصره يجتمع فيه مع مستشاريه وقضاته وأمرائه ورؤساء الأقاليم وشيوخ القبائل والعلماء.

- ولي العهد: كانت ولاية العهد في الدولة السعودية الأولى تعهد إلى الابن الأكبر من أبناء الإمام الحاكم. فكان الإمام يعهد لأكبر أبنائه بمهمة ولاية العهد ويعهد إليه بقيادة الجيوش الغازية. ويعطينا ابن بشر وصفا لما كان يتم عند إعلان ولاية العهد فيقول: "أمر الشيخ محمد [ابن عبد الوهاب] رحمه الله تعالى أهل بلدان نجد وغيرهم أن يبايعوا سعود بن عبد العزيز – رحمه الله –، وأن يكون ولي العهد بعد أبيه وذلك بأمر بعبد العزيز فبايعه جميعهم". ومن سلطات ولي العهد وواجباته أنه ينوب عن الإمام في القيام بمهام الدولة أثناء غيابه في حالات الغزو والمرض...

- أمراء الأقاليم: كان الإمام يعيّن على أقاليم دولته أمراء يطلق عليهم لقب أمراء الأقاليم أو حكام الأقاليم. وقد وجدت هذه المناصب العليا في المناطق لتسدّ الحاجة الإدارية بعد أن توسعت الدولة فشملت العديد من المناطق...
- الشورى: كان الإمامان محمد بن سعود وابنه عبد العزيز يستشيران الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كل أمور الدولة بخاصة القضايا الدينية منها. إلى جانب هذا فكان الإمامان يستشيران العلماء وأصحاب الرأي في البلاد بخاصة أولئك الذين يقيمون في الدرعية. وقد تطور أمر الشورى في عهد الإمام سعود الكبير...". (نقلا عن: محاضرات في تاريخ الدولة السعودية الأولى، للدكتور عبد الفتاح أبو علية ص109-112 بتصرف).

وهنا يرد سؤال يتعلّق بحاكم الدولة الأولى بعد تأسيسها: هل هو الشيخ ابن عبد الوهاب أم الأمير ابن سعود؟

الناظر في تاريخ نجد لابن غنّام يجد أنّه كثيرا ما يقرن بين الاسمين حين الحديث عن كثير من الأمور المتعلقة بالدولة وإدارتها. ومثال ذلك: يقول (ص95): "أرسل هو [أي الشيخ ابن عبد الوهاب] والأمير محمد بن سعود إلى دهام بن دوّاس... واجتهدا في نصحه ما وسعهما الاجتهاد..."، ويقول (ص99): "فأرسل إلى الشيخ وإلى محمد بن سعود يستشفع إليهما، ويطلب منهما الصفح عن تخلفه، فقبلا عذره رجاء منهما ألا يعود..."، ويقول (ص100): "من غير مشورة الشيخ وابن سعود"، ويقول(ص104): "وفي هذه السنة ارتدّ إبراهيم بن محمد بن عبد الرحمن أمير ضرمى، ونقض عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود". ويقول (ص106): "فأتوا إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود..."، ويقول (ص108): "فرفعوا أمرهم إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود". وقد يفهم من هذا أنّ الدولة كانت تدار من الشيخ والأمير معا وفق قاعدة الشورى، وأنّ هذا كان معلوما في داخل الدولة وخارجها.

ولكن قال ابن غنّام (في تاريخ نجد، ص89-90): "وقد بقي الشيخ [أي ابن عبد الوهاب] بيده الحلّ والعقد، والأخذ والإعطاء، والتقديم والتأخير، ولا يركب جيش ولا يصدر رأي من محمد بن سعود ولا من ابنه عبد العزيز إلا عن قوله ورأيه. فلما فتح الله الرياض... واتسعت ناحية الإسلام، وأمنت السبل، وانقاد كل صعب من باد وحاضر، جعل الشيخ الأمر بيد عبد العزيز بن محمد بن سعود، وفوّض أمور المسلمين وبيت المال إليه، وانسلخ منها، ولزم العبادة وتعليم العلم، ولكنّ عبد العزيز لم يكن يقطع أمرا دونه، ولا ينفذّه إلا بإذنه". ويفهم من هذا النص أن الشيخ ابن عبد الوهاب كان هو الحاكم الفعلي للدولة.

ويبدو أن هذا الأمر كان مشتهرا ومستقرا في أذهان الناس، "حتى قال الرحالة نيبوهر في كتابه (صفة جزيرة العرب): إن رئيس البلاد النجدية هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب" (عن تاريخ البلاد العربية السعودية: الدولة السعودية الأولى، الجزء الثانيص35)، ولذلك "سئل الشيخ: عبد الله أبا بطين [ت1282هـ]، إذا قال بعض الجهال: إن من شرط الإمام أن يكون قرشيا، ولم يقل عارضيا، يشير إلى أنه قد ادّعاها من ليس من أهلها، يعني محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى ومن قام معه وبعده بما دعا إليه...؟ فأجاب: إذا قال بعض الجهال ذلك، فقل له: ولم يقل: تركيا، فإذا زال هذا الأمر عن قريش، فلو رجع إلى الاختيار لكان العرب أولى به من الترك، لأنهم أفضل من الترك، ولهذا ليس التركي كفوا للعربية، ولو تزوج تركي عربية كان لمن لم يرض من الأولياء فسخ هذا النكاح، وهذا الذي يعظمه الناس تركي لا قرشي، وهم أخذوها بغيا على قريش، ومحمد بن عبد الوهاب رحمه الله ما ادّعى إمامة الأمة، وإنما هو عالم ودعا إلى الهدى، وقاتل عليه ولم يلقّب في حياته بالإمام، ولا عبد العزيز بن محمد بن سعود، ما كان أحد في حياته منهم يسمى إماما، وإنما حدث تسمية من تولى إماما بعد موتهما. وأيضا: فالألقاب أمرها سهل، وهذا كل من صار وليا [واليا] في صنعا يسمّى إماما، وصاحب مسكة يلقب كذلك...". (نقلا عن الدرر السنية في الأجوبة النجدية، ج9 ص8-9).

نقف وقفة قصير مع هذا الجواب لنقول:

1. لا ندري لماذا وصف السائل بلفظ "بعض الجهال" مع أنه سأل سؤالا شرعيا وجيها يتعلق بشرط الإمامة؟

2. لا ندري كيف يكون العربي أفضل من التركي مع أنّ الله عز وجلّ قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير}، وعن أبي نضرة قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله rفي وسط أيام التشريق فقال: «يا أيها النّاس، ألا إنّ ربكم واحد، وإنّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أحمر على أسود، ولا أسود على أحمر، إلا بالتقوى» (رواه أحمد في المسند).

3. يقول الشيخ: "وهذا الذي يعظمه الناس تركي لا قرشي، وهم أخذوها بغيا على قريش"، فمن هذا التركي الذي يعظمه الناس؟ إنه الخليفة العثماني، فلماذا لا يذكر الشيخ لقبه؟ وما هاته التي أخذوها بغيا؟ إنّها "الخلافة"، فلماذا لا يذكرها الشيخ؟

4. يقول الشيخ: "وإنما حدث تسمية من تولى إماما بعد موتهما"، ونحن نسأل: تولى ماذا يا شيخ حتى لقّب بالإمام؟ هل تولى شركة أو مشيخة أو إمارة أو خلافة أو سلطنة؟ لا شكّ أنه تولى الحكم فلقّب بالإمام. ثمّ إذا كان اللاحق الذي تولى الحكم قد لقّب بالإمام، فمن البديهي أن يلقّب السابق بالإمام؛ لأنه مصدر الإمامة وأصلها ومؤسسها وإن لم يلقّب في حياته بالإمام كما يقول الشيخ.

5. يقول الشيخ: " فالألقاب أمرها سهل"، وهذا غير صحيح؛ لأنّه لا يتلقب بلقب الإمام (وهو لقب شرعي يدل على الرئاسة الدينية والسياسية) إلا من يزعم أنه مستحقّ للإمامة، وإلاّ لما تلقب بها. ولو كان أمر الألقاب سهلا لجاز أن يتسمى كل إنسان بالإمام، وهو ما لا يقوله أحد من الناس.

6. يقول الشيخ: "ولم يلقّب في حياته بالإمام، ولا عبد العزيز بن محمد بن سعود، ما كان أحد في حياته منهم يسمى إماما"، وهذا غير صحيح كما سنبينه. والظاهر أنّ الشيخ يتهرّب من الحقيقة خشية أن يوصف ابن عبد الوهاب بالخروج عن الخلافة العثمانية.

ونعود إلى أصل المسألة: قال ابن غنّام - مؤرخ الدولة الوهابية/السعودية- (في تاريخ نجد، ص129): "وفي ربيع الأول أيضا من هذه السنة [1179هـ] اختار الله الأمير محمد بن سعود إلى جواره وكان قد ولّى بعده ابنه عبد العزيز إماما للمسلمين، فبايعه الناس على ذلك: خاصهم وعامهم، حضرهم وبدوهم، دانيهم وقاصيهم. وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب هو رأس ذلك النظام المحكم لعقده. فأسقط الأمير عبد العزيز جميع المظالم والمغارم، وارتفع عمود الحقّ، وأقبلت الدنيا على رعيته، وسارت بفتوحه الركبان، وطارت قلوب أهل الضلال فزعا". وقال (ص170) "وفي هذه السنة [1202هـ] أمر الشيخ العلامة محي السنة الإمام محمد بن عبد الوهاب المسلمين أن يبايعوا سعودا على الإمارة بعد أبيه، فنهض إليه الناس كافة، وبايعه أهل التوحيد والإيمان جميعا، وتعاقدوا على التزام الطاعة...". وهذا يبيّن لنا بوضوح واقع النظام في الدولة الأولى؛ فالحاكم الذي يعرف بإمام المسلمين هو من آل سعود، ويسمى عندهم بالأمير، وعنه يتوارث الحكم بولاية العهد، وأمّا الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الذي سماه ابن غنام بالإمام) فقد كانت له الإمامة الدينية مع تفويض بالحكم من الأمير محمد بن سعود. والظاهر أنّ محمد بن سعود فوّض إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب الحكم في أمور كثيرة نظرا لمكانة الشيخ وامتلاكه لرؤية شرعية تتعلّق بالدولة ونظامها وأجهزتها وإدارتها، ولكن بعد وفاة الشيخ أخذت الأمور مجراها الطبيعي وأصبح الأمر كلّه بيد آل سعود مع حفظ مكانة آل الشيخ وإمامتهم الدينية. قال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية: الدولة السعودية الأولى، الجزء الثانيص13): "كان الشيخ حسين وإخوانه أبناء الشيخ أعظم الوزراء – أو المستشارين – عند عبد العزيز، وكان على رأيهم المعوّل في الأمور الدينية...".

يتبع إن شاء الله تعالى...
27 شعبان 1434هـ
https://azeytouna.net/index.php/2012-...53/item/4719-2









قديم 2014-10-21, 12:24   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة شرعية لسبب خروج الوهابية على الخلافة العثمانية (3)

موقف الخلافة العثمانية من الوهابية:
https://azeytouna.net/index.php/2012-...53/item/4755-3

ظهرت الدعوة الوهابية في منطقة نجد وتمكنت من تأسيس إمارة سنة 1157ه/1744م، ومع ذلك لم يبلغ إلى مسامع الخلافة العثمانية خبر هذه الدعوة رسميا إلا سنة 1162هـ/1749م عن طريق واليها في مكة الشريف مسعود. قال الأستاذ إسماعيل حقي جارشلي (في أشراف مكة المكرمة وأمرائها في العهد العثماني، ترجمة خليل علي مراد، ص179): "أرسل الشريف مسعود [أمير مكة] عريضة إلى الحكومة في 1162هـ/1749م أشار فيها إلى وجود شخص من أهالي العيينة، وهي إحدى قرى نجد، يدعى محمد بن عبد الوهاب يصدر اجتهادات. وقد ردت الحكومة على عريضة الشريف بكتاب جوابي في سنة 1163ه طلبت منه إقناع هذا الشخص. وأمرت والي ولاية حبش ومتصرف جدة وشيخ الحرم المكي عثمان باشا بأن يعمل بنشاط مع أمير مكة المكرمة بهذا الخصوص".

وهذا نص الجواب والأمر السلطاني من الخليفة العثماني محمود الأول (تولى من سنة1143ه إلى سنة 1168ه): "أمر إلى أمير مكة المكرمة حاليا الشريف مسعود دام سعده. لقد ظهر شخص سيء المذهب (bed mezheb) في العيينة وهي إحدى قرى نجد في جهة الشرق وقام بإصدار اجتهادات باطلة ومخالفة للمذاهب الأربعة ونشر الضلالة والترغيب بها. وبناء على إعلامكم إيانا واقتراحكم السابق فإن عليكم المبادرة إلى زجر وتهديد المفسد المذكور وأتباعه بمقتضى الشرع المطهر وإمالتهم إلى طريق الصواب، أما إذا أصروا على معلنتهم فإن عليكم إقامة وتنفيذ الحدود الإلهية الواجبة شرعا. وقد أصدرت إليكم يا شريف مكة المشار إليه أمري هذا خطابا. ولما كنتم قد أبلغتم الدولة العلية في كتبكم الواردة إلى دار السعادة (اسطنبول) بحاجتكم إلى الإمدادات والمعونات بسبب تمكن الملحد من كسب سكان تلك المناطق إلى جانبه بكل الحيل بحيث لم يعد ممكنا التقرب من تلك الأطراف فإن التقاعس بخصوص هذا الشخص المذكور (محمد بن عبد الوهاب) سيؤدي إلى ظهور حاجة إلى قوات أكثر عددا لمحاربة الشخص المذكور. لقد صدر أمر السلطاني بخصوص سيركم ضد الشخص المذكور واستئصاله. وأن إيذاءهم بسيف الشريعة وتطهير الأراضي المقدسة (منهم) يعتبر عقوبة (سياست) لهم وواجبا يفرضه الدين. ولأجل تسديد مصاريف رواتب ومؤن العساكر الذين ستقومون بتسجيلهم لهذه المهمة فقد أنعمت عليكم بمبلغ 25 كيس رومي من الأقجات من إرسالية مصر لسنة 1163 هـ... (أرشيف رئاسة الوزراء – وثائق الداخلية تصنيف جودت – الرقم 6716 أواسط شوال 1164ه)". (عن هامش أشراف مكة المكرمة، ص179-180).

طلب الخليفة من أمير مكة أن يعمل على إقناع الشيخ ابن عبد الوهاب وأتباعه، وهذا يعني أنه طلب منه مناقشتهم لبيان خطأ دعوتهم، فإن أصروا على رأيهم وأبوا الرجوع إلى الحقّ فإنّ عليه محاربتهم دون تقاعس؛ لأنّ التقاعس "سيؤدي إلى ظهور حاجة إلى قوات أكثر عددا لمحاربة الشخص المذكور".

توفي الشريف مسعود بن سعيد ربيع الآخر 1165ه/شباط 1752م ولم ينفذ ما طلبه الخليفة منه. وبعد موته اضطرب حال الإمارة في مكة وشهدت البلاد انتفاضات وحروب بين الأشراف من أجل المنصب. وأما الدولة الوهابية /السعودية فقد استغلت الظرف السياسي جيدا وأخذت في التوسع، "وفي سلسلة من الانتصارات العسكرية نشر عبد العزيز الأول ابن محمد بن سعود الدعوة الإصلاحية في كل الجزيرة العربية وخارجها؛ في سوريا والعراق وحتى في آسيا الوسطى خارج العالم العربي. وبفضل القبائل البدوية المحاربة في أواسط الجزيرة تغلغلت الوهابية جنوبا حتى في عمان، وغربا في الحجاز، وشمالا في العراق، وشرقا في الإحساء. وأكمل سعود خلف عبد العزيز انتصارات أبائه وأجداده إذ ضم الأماكن المقدسة، مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى الإمبراطورية السعودية الوهابية. وهكذا لاقت دعوة محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية التي حملتها أسلحة آل سعود إتباعا أكثر. وفي فجر القرن التاسع عشر، امتدّت الإمبراطورية السعودية من البحر الأحمر حتى الخليج العربي، ومن عمان حتى بلاد ما بين النهرين". (نقلا عن: جزيرة العرب، لجان جاك بيربي، ص48-49).

وقد حاولت الدولة العثمانية مرات عديدة إيقاف توسع الدولة الوهابية/السعودية، إلا أنها لم تنجح:

1. حاولت عن طريق ولاية العراق: في حملة أولى "قام بها ثويني بن عبد الله رئيس قبائل المنتفق على القصيم عام 1201ه/1786م ومعه جموع غفيرة من المنتفق وأهل المجرة والزبير وبوادي شمّر وغالبية طي"، ولكن فشلت حملته. وحاولت في حملة ثانية قام بها ثويني نفسه بتجهيز من والي بغداد سليمان باشا، ولكنه قتل ففشلت حملته الثانية. "ولما رأى العثمانيون عدم نجاح هذا الأسلوب قرروا اتخاذ إستراتيجية جديدة تعتمد فيها الدولة على الجيش النظامي"، فجهّزوا حملة علي كيخيا التي "ضمت الجند المدرب والعشائر والأكراد وقبائل الخزاعل الشيعية"، ولكنها فشلت فشل الأولى والثانية. "وقد أدى هذا الأمر إلى اقتناع السلطات العثمانية في استنبول بأن العراق العثماني لا يصلح بحال من الأحوال أن يقود الحركة الهجومية العثمانية ضد السلفيين". (ينظر: محاضرات في تاريخ الدولة السعودية الأولى، لعبد الفتاح أبو علية، ص47- 54).

2. حاولت عن طريق أمراء مكة ومنهم الشريف غالب الذي عزلته الحكومة العثمانية فيما بعد لتقاعسه في حرب الخوارج كما يفهم من نص خطاب السلطان محمود الثاني (تولى من سنة 1223ه إلى سنة 1255ه) إلى والي مكة الجديد الشريف يحي بن سرور، وقد جاء فيه قوله: "أصبح معلوما لدى جنابنا السلطاني بأن سلفكم أمير مكة السابق الشريف غالب بن مساعد قد سلك مسلكا يخالف مقتضيات الإمارة إضافة إلى طمعه وتقاعسه وبصورة خاصة عدم وقوفه بحزم ضد الخارجين (الوهابيين)...". (نقلا عن أشراف مكة المكرمة، ص199).

3. حاولت عن طريق مسقط/عمان ولكن الإنجليز أفسدوا مخططها. قال ألويس موسيل (في كتاب: آل سعود: دراسة في تاريخ الدولة السعودية، ترجمة د. سعيد بن فايز السعيد، ص80-81): "رحل في الخريف السيد سلطان [بن أحمد البوسعيدي] إمام مسقط من عمان إلى البصرة كي يبرم حلفا مع الحكومة التركية ضد خصمه سعود بن عبد العزيز. لقد تمت المحادثات بينه وبين مبعوث حاكم بغداد في قرية الجابدة، واعترف بتبعيته للحكومة العثمانية التي وعدته مقابل ذلك بتقديم المساعدات الفعالة في هذا الشأن. وعن طريق هذا الاتفاق اتسع النفوذ التركي ليشمل جميع ممتلكات إمام مسقط الواقعة في شبه الجزيرة العربية وفي بلاد فارس وفي شرق أفريقيا، وهذا التوسع العثماني في المنطقة كان بالتأكيد لا يتفق مع مصالح بريطانيا التي كانت في ذلك الوقت ترعى مصالحها في الخليج العربي بكل همة، لذلك يجب على إمام مسقط أن ينتهي، وهذا ما تم فعلا، فخلال رحلة إيابه إلى مسقط تعرضت السفينة المقلة له لقراصنة البحر فقتلوه [1804م]. وبعد رحيله تمت المصالحة بين خليفته بدر والإمام سعود بن عبد العزيز".

"بعد فشل ولاية العراق في مقاومة السلفيين والقضاء على دولتهم، وبعد أن جربت الدولة موقف أشراف الحجاز وعملهم المضاد ضد الدولة السعودية، حيث لم يعط النتائج المطلوبة، وبعد أن جربت رد الفعل الشامي تجاه السلفيين؛ بعد هذه المحاولات جميعها، قررت الدولة العثمانية أن تكلف واليها في مصر للقيام بمهمة القضاء على الدولة السعودية". (عن محاضرات في تاريخ الدولة السعودية الأولى، لعبد الفتاح أبو علية، ص65). وبعد حملات متعددة استطاع والي مصر محمد علي أن يخرج الوهابية من مكة والمدينة، ثم تمكن ابنه إبراهيم باشا (سنة 1233ه/1818م) من افتكاك الدرعية معقل الوهابية وانتهت الحملة بتسليم عبد الله بن سعود لنفسه. وهكذا انتهت الدولة الوهابية/السعودية الأولى.

والخلاصة:كانت الدولة العثمانية تنظر إلى الوهابية كخوارج، ويظهر هذا بوضوح في رسالة وجهها والي الشام سليمان باشا سنة 1222ه إلى سعود بن عبد العزيز، ومما جاء فيها قوله: "من سليمان والي أقاليم الشام من طرف الدولة العثمانية أيّدها الله إلى يوم القيامة وثبتها على عقيدة أهل السنة والجماعة، إلى سعود بن عبد العزيز... أنتم أعراب سكان البادية، فئة نجدية، فئة مسيلمة الكذاب، اعتقاداتكم محدثة وبدعة، قوم جهلة بقواعد أئمة الدين أهل السنة والجماعة، أنتم طائفة باغية، خوارج عن اعتقاد أهل السنة والجماعة السلطانية، فإن كانت شهوتكم في إعانة الإسلام بالمقاتلة والمعاندة، فقاتلوا أعداء الدين الكفرة الفجرة، لا الملة الإسلامية، ولا افتتانها، قال عليه الصلاة والسلام: "المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه". وكيف تخاطبون أهل الإسلام مخاطبة الكفار، وتقاتلون قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر؟ قال عليه الصلاة والسلام: "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها"، وقال تعالى: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (سورة فاطر، الآية: 8)، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من قال إن الناس هلكوا فهو أهلكهم" كما في الحديث … فأي حالة أسوأ وأضل وأعظم ظلماً من قتال المسلمين، واستباحة أموالهم وأعراضهم، وعقر قراهم من نواحي الشام، التي هي خيرة الله في أرضه، وتكفير المسلمين، وأهل القبلة والتجري على ذلك، وعلى مخاطبة المسلمين بما خوطب به الكفار؟، فلم يُسمع ذلك من أئمة الدين إلا من الفرق الضالة. وكيف تدَّعون العلم وأنتم جاهلون، بل أنتم خوارج، في قلوبكم زيغ تبغون الفتنة، وتريدون الملك بالحيلة، وقد خلت أمثالكم زائلة، والأمور بأوقاتها مرهونة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، واحتسبنا بالله وتوكلنا على الله، ويكفيكم عبرة قصة الشيخ النجدي، ونسبتكم إليه، ومسكنكم واديه، وتكفينا شامنا، وعزة ربه، فإن كان لكم فهم ورشد وهدى، يكفيكم هذا القدر من الكلام مختصراً، فارجعوا إلى أوطانكم كما كنتم، وكفُّوا شركم من قريب وبعيد، فلا بأس عليكم، وإلا فنغمد سيوفنا فيكم، واحتسبنا بالله عليكم، قال تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} (سورة الحجرات، الآية: 9). وجزاء الذين يسعون فيالأرض فساداً أن يقتلوا في شريعة الله، والسلام على من اتبع الهدى وترك الفتنة والأذى". (نقلا عن: موسوعة مقاتل من الصحراء www.moqatel.com).

موقف العلماء من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:

قال ابن غنّام (في تاريخ نجد، ص84): "وانقسم الناس فيه [أي الشيخ محمد بن عبد الوهاب] فريقين: فريق تابعه وبايعه وعاهده على ما دعا إليه، وفريق عاداه وحاربه وأنكر ذلك عليه، وهم الأكثر". ويفهم من هذا أن كثيرا من العلماء رفضوا دعوة الشيخ ابن عبد الوهاب، "وصنّفوا – كما في تاريخ نجد ص85 – المصنّفات في تبديعه وتضليله وتغييره للشرع والسنة، وجهله وغوايته".

"ويذكر الدكتور عبد الله العثيمين عددا - تقريبا - لأولئك الخصوم في نجد آنذاك، وتنوع مواقفهم فيقول: (واضح من رسائل الشيخ (الشخصية) أن دعوته لقيت معارضة شديدة من قبل بعض علماء نجد، فالمتتبع لها يلاحظ أن أكثر من عشرين عالما أو طالب علم وقفوا ضدها في وقت من الأوقات، ويأتي في مقدمة هؤلاء المعارضين عبد الله المويس من حرمة، وسليمان بن سحيم من الرياض، ويستفاد من هذه الرسائل أن معارضي الشيخ من النجديين كانوا مختلفي المواقف، فمنهم من عارضه واستمر في معارضته مثل المويس، ومنهم من كان يعترف في بداية الأمر بأن ما جاء به الشيخ أو بعضه حق، لكنه غيّر موقفه مع مرور الزمن مثل ابن سحيم، ومنهم – أيضاً – من كان متأرجحاً في تأييده ومعارضته مثل عبد الله بن عيسى)...". (نقلا عن دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، لعبد العزيز بن محمد بن علي العبد اللطيف، ص32).

ويمكن لنا أن نقسم موقف العلماء من الدعوة الوهابية إلى ثلاثة أقسام رئيسية:

- قسم أول: وافق الشيخ في دعوته، وبعبارة ابن غنّام "تابعه وبايعه وعاهده على ما دعا إليه"، وهم أقلية.

- قسم ثاني: خالف الشيخ وردّ دعوته وأنكر عليه، وعدّه وجماعته من الخوارج، وهم أغلب العلماء.
ومنهم العلامة محمد أمين الشهير بابن عابدين الحنفي (1198-1252ه) الذي قال (في حاشيته ردّ المحتار على الدر المختار، ج6 ص413): "مطلب في أتباع عبد الوهّاب الخوارج في زماننا: قوله: (ويكفرون أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم) علمت أن هذا غير شرط في مسمى الخوارج، بل هو بيان لمن خرجوا على سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، وإلا فيكفي فيهم اعتقادهم كفر من خرجوا عليه، كما وقع في زماننا في أتباع عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم، حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرّب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف...".
ومنهم العلامة أحمد بن محمد الصاوي المالكي (1175- 1241ه) الذي قال (في حاشيته على تفسير الجلالين، سورة فاطر ج3 ص255): "... وقيل هذه الآية نزلت في الخوارج الذين يحرفون تأويل الكتاب والسنة ويستحلون بذلك دماء المسلمين وأموالهم كما هو مشاهد الآن في نظائرهم وهم فرقة بأرض الحجاز يقال لهم الوهابية {يحسبون أنهم على شيء ألا إنّهم هم الكاذبون استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إنّ حزب الشيطان هم الخاسرون} نسأل الله الكريم أن يقطع دابرهم...".

قسم ثالث: ويشمل بعض العلماء الذين مدحوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية ورأوا فيها بصيص أمل لمعالجة الركود الفكري المخيم على المسلمين بعامة، إلا أنّهم تراجعوا عن موقفهم ووجهوا انتقادات للدعوة الوهابية، ومنهم الأمير الصنعاني والشوكاني.
أما العلامة محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد الشهير بالأمير الصنعاني (ت1182ه) فقد قال: "لما طارت الأخبار بظهور عالم في نجد، يقال له محمد بن عبد الوهاب، ووصل إلينا بعض تلاميذه، وأخبرنا عن حقائق أحواله، وتشميره في التقوى، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اشتاقت النفس إلى مكاتبته بهذه الأبيات سنة 1163ه وأرسلناها من مكة المشرفة وهي:

سلام على نجد ومن حلّ في نجد ... وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي

إلى آخر القصيدة التي مدح فيها الشيخ محمد رحمه الله ودعوته. ثم قال الأمير بعد ذلك: لما بلغت هذه الأبيات نجد، وصل إلينا بعد أعوام من أهل نجد عالم يسمى مربد بن أحمد التميمي، وكان وصوله في شهر صفر سنة 1170هـ ، وأقام لدينا ثمانية أشهر، وحصل بعض كتب ابن تيمية وابن القيم بخطه، وفارقنا في عشرين شوال سنة 1170هـ راجعا إلى وطنه ووصل من طريق الحجاز مع الحجاج.وكان قد تقدمه في الوصول إلينا الشيخ عبد الرحمن النجدي، ووصف لنا من حال محمد بن عبد الوهاب أشياء أنكرناها فبقينا مترددين فيما نقله الشيخ عبد الرحمن النجدي، حتى وصل إلينا الشيخ مربد، وله نباهة وأوصل بعض رسائل ابن عبد الوهاب، وحقق لنا أحواله، وكانت أبياتنا قد طارت كل مطار... ولما أخذ علينا الشيخ مربد تأكدنا من ذلك، ورأينا أنه يتعين علينا نقض ما قدمناه وحل ما أبرمناه، فكتبت أبياتا وشرحها وهي:

رجعت عن النظم الذي قلت في النجدي ... فقد صح لي عنه خلاف الذي عندي
وقد جاءنا من أرضه الشيخ مربد ... فحقق من أحواله كل ما يبدي

إلى آخر القصيدة. اهـ. ملخصا من ديوان الصنعاني المطبوع". (نقلا عن: علماء نجد، لمحمد بن صالح البسام، ج6 ص417-418 ).
وقد ألّف الشيخ سليمان بن سحمان كتابا (عنوانه: تبرئة الشيخين الإمامين من تزوير أهل الكذب والبين) يكذّب فيه القصيدة المنسوبة إلى الأمير الصنعاني التي تدلّ على تراجعه. قال (ص3): "فلما تأملتها علمت يقينا أنها موضوعة مكذوبة على الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني... وقد بلغني أن الذي وضع هذا النظم وشرحه رجل من ولد ولده...". ولكن، قال البسام (في علماء نجد، ج6 ص418): "كثير من أصحاب القلوب السليمة ينفون صحة الرجوع عن الشيخ الصنعاني، وينسبون تزوير الرجوع والقصيدة الناقضة إلى ابنه، ولكنني تحققت من عدد من الثقات، ومنهم سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس القضاء بأن رجوع الأمير الصنعاني حقيقة، وأن القصيدة الناقضة له وليست لابنه. وقد قرأت في هذه السنة 1399ه بعض كتب الصنعاني، ومنها حاشيته على شرح ابن دقيق العيد، فترجح عندي رجوعه عن معتقده في الشيخ محمد رحمه الله، كما أرجح صدور القصيدة الناقضة منه...".

وأما العلامة محمد بن علي الشوكاني (ت1250ه) فقد كتب قصيدة ينتقد فيها أعمال سعود بن عبد العزيز ويردّ فيها على بعض أفكار الوهابية. قال (كما في ديوانه: أسلاك الجوهر، ص161- 164):

إلَى الدِّرْعِيَّةِ الْغَرَّاء تَسْري... فَتُخْبِرُها بِمَا فَعْلَ الْجُنُودُ
وتَصَرُخُ في رُبا نَجْدٍ جِهاراً... فَيَسْمَعُها إذا صَرَخَتْ سُعودُ
وأَبنا مُقْرنٍ وهُمُ لُيوثٌ... إذَا الْحَرْبُ الْعَوانُ لَها وَقُودُ
ويسألُ كلُّ ذي فهم وعلم ... سؤالا عند معضلة تؤودُ
ثمّ قال:
وما قالوا بتكفيرٍ لقومٍ... لهم بدعٌ على الإسلام سودٌ
كما كان الخوارج في ابتداعٍ... يشيبُ لها من الإسلام قودُ
وَمَا قالُوا بأنَّ الرَّفَضَ كُفْرٌ... وبِدْعَتَهُ تُشَقُّ لَها الْجُلودُ
فكَيْفَ يُقالُ قَدْ كَفَرَتْ أُناسٌ... يُرَى لِقُبُورِهِمْ حَجَرٌ وعُودُ
فإنْ قَالُوا أَتَى أَمْرٌ صحيحٌ... بِتَسْوِيَةِ الْقُبُورِ فَلاَ جُحُودُ
ولكنْ ذاكَ ذَنْبٌ لَيْسَ كُفراً... ولا فسْقاً فَهَلْ في ذَا رُدودُ
وإلا كان من يَعصي بذنبٍ... كفوراً إنَّ ذا قول شَرودُ
وقدْ ذَهَبَ الخوارِجُ نَحْوَ هَذا... وما مِثلُ الخوارِجِ من يَقُود
وَقَدْ خَرَقُوا بِذَا الإجماعِ حَقّاً... وكُلُّ العالَمينَ بهِ شُهُودُ
فإنْ قُلْتُمْ قَدِ اعْتَقَدوا قُبُوراً... فلَيْسَ لِذا بأرْضِينا وُجودُ
ومَنْ يأتي إلى عَبْد حَقيرٍ... فَيَزعُمُ أَنَّهُ الرَّبُّ الوَدُودُ
فَهَذا الكُفْرُ لَيسَ بِهِ خَفَاءٌ... وَلاَ رَدٌّ لِذاكَ ولا جُحودُ
ولَسْتُ بِمُنْكِرٍ هَدْماً لِقَبْرٍ... إذَا لَعِبَتْ بِجَانِبِه القُرودُ
وقَالُوا إنَّ رَبَّ القَبْرِ يَقْضي... لَنَا حَاجاً فَتأتِيهِ الوُفودُ
كَذَبْتُمْ ذاكَ رَبُّ العَرْشِ حَقّاً... تَعالى أَنْ تَكُونَ لَهُ نُدودُ
وَمَنْ يَقْصِدْ إلى قَبْرٍ لأَمْرٍ... بِغَيْرِ تَوَسُّلٍ فَهُوَ الكَنُودُ
ويَبْقَى الأَمْرُ فيمَنْ قَالَ جَهْلاً... مَقالاً مَالَهُ فيهِ قُصُودُ
ولَوْ قُلْنَا لَهُ هَلْ ذاكَ رَبٌّ... تُنادِيه لَظَلَّ بِذَا يَمودُ
وقَالَ الرَّبُّ رَبُّ العَرْشِ فَرْدٌ... وهَذَا عِنْدَهُ عَبْدٌ وَدُودُ
ولَيْسَ لَهُ مِنَ الأَشْياءِ شَيْءٌ... فَقِيرٌ لا يُنيلُ ولا يَجُودُ
ولكِنْ كانَ ذَا عَمَلٍ وعِلْمٍ... وما عِنْدِي لِذا أَبَداً وُجُودُ
فَرُمْتُ تَوَسُّلاً يَوْماً بعَبْدٍ... إلى رَبٍّ يَحِقُّ لَهُ السُّجُودُ
أفيدونا وإلاّ فاستفيدوا... وعودوا نحونا فيمن يعودُ
وختم قصيدته بقوله:
فَيا أَهْلَ الجَزيرَةِ مِنْ مَعَدٍّ... وقَحْطانٍ إلى الْمَعْهودِ عُودوا
وَقَدْ آنَ الوِفاقُ فَلا تَكُونوا... عَلَى الإسْلامِ فاقِرَةً تَؤودُ
وذُودُوا مَنْ أتَى مِنْكُمْ بِنُكْرٍ... فَخَيْرُ الْمُسْلِمينَ فَتىً يَذُودُ
وذَا نُصْحٌ صَحيحٌ منْ نَصيحٍ... فساعِدْني عَلَيْهِ يا سعودُ

موقف العلماء من الوهابية بين الغلو والإنصاف:

ذكرنا أنّ أغلب العلماء عارضوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والحقيقة أنّ منهم من تعصّب ضده إلى درجة الافتراء عليه فنسب إليه زورا وبهتانا ما لم يقله، ومنهم من عارضه وأنكر عليه وانتقد الدعوة الوهابية ولكن باعتدال وإنصاف. ومن هؤلاء:

العلامة إبراهيم فصيح الحيدري البغدادي (ت1299ه) الذي قال (في عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، ص209-211): "فخلف محمد بن سعود بن مقرن عبد العزيز، وهو الذي قاد الجيوش لنصرة الطريقة الوهابية، وبلغت سراياه وعماله أقصى بلاد نجد، وزالت به الحروب التي كانت تقع بين قبائل نجد، وحصل الأمن والأمان في البادية والحضر، وكانت الإبل والخيام والأنعام ترعى في الصحارى وتلد وليس عندها سوى رجل واحد، ولا يستطيع أحد من قبائل العرب أن يأخذ منها شيئا. ثم خلف عبد العزيز سعودا وهو أيضا قاد الجيوش على الخيل العتاق والركائب النجب، وأذعنت له صناديد العرب وذلت له رؤساؤهم، إلا أنه أخطأ خطأ عظيما في منع الناس عن الحج وفي الخروج على السلطان، وأنهم غالوا في تكفير من خالفهم ولو كان من أهل السنة والجماعة، وشددوا في بعض الأحكام التي لم يرد الشرع بتشديدها، وحملوا أكثر الأمور على ظاهرها، وكذا غالت الناس في القدح عليهم... وأما ما ينسب إليهم من اعتقاد النبي صلى الله عليه وسلم كالجماد في قبره والعياذ بالله، فحسب ظني بقوة إسلامهم أنه لا أصل له بل مفترى عليهم... ثم خلف سعود بن عبد العزيز عبد الله... وعبد الله المشار إليه وإن كان قد علم كأسلافه القبائل أحكام الدين وأمرهم بقيام الجماعات في الأوقات الخمسة بحيث لا يتخلف أحد منهم في بلاد نجد عنها إلى عصرنا هذا إلا أنه قد أخطأ في تجاسره على بلاد السلطان الذي هو إمام العصر وخادم الحرمين الشريفين، ولو اكتفى بنجد وما يليه من عمان وجزيرة البحرين وغيرهما لاستقام أمره وفاز بتعليمه أحكام الدين للقبائل...". وقال (ص234) عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "وبالجملة أنه كان من العلماء الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وكان يعلم الناس أحكام الصلاة وسائر أركان الدين ويأمر الجماعات، وقد سعى غاية السعي في تعليم الناس وحثهم على الطاعة، وأمرهم بتعليم أصول الإسلام وشرائطه... ومعرفة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ونسبه ومبعثه وهجرته وأول ما دعا إليه من كلمة التوحيد وسائر العبادات التي لا تنبغي إلا لله تعالى كالدعاء والذبح والنذر والخوف والرجاء والخشية والرغبة والتوكل والإنابة وغير ذلك... وانتفع الناس به من هذه الجهة الحميدة. إلا أنه بالغ في بعض الأمور وحمل الناس على اعتقاد عدم الشرك فيما خالفه، وحثهم على قتال المخالفين له وأحل أموالهم، وجعل قتالهم جهادا في سبيل الله تعالى، وصار سببا لإظهار هذه البدع الواهية والفتن العظيمة...".

ومن العلماء الذين تكلموا عن الوهابية بإنصاف العلامة محمد بيرم الخامس التونسي (ت1307ه) الذي قال (في صفوة الاعتبار بمستودع الأمصار والأقطار، ج1 ص36-37): "وملخص الكلام أن هاته الفرقة [الوهابية] تجاوزت المقصد الصحيح في الدين الذي ينبغي التيقظ إليه وإن كانت تدّعيه، كما أنّ بعض الرادين عليها تجاوزوا حدّ ما ينبغي وخرجوا أعمالها كلها عن حدود الشرع بل كادوا أن ينسبوها للكفر، وقد ألفت تآليف كثيرة في الردّ على مذهبهم من علماء مصر وتونس وغيرهم لما استفحل أمر هاته القبيلة واستولت على الحرمين الشريفين... والأحقّ أن لا يعتبروا مملكة مستقلة وإنما يعتبرون كأنهم قبائل في أطراف الممالك العثمانية غير خاضعين إليها ولو أنها أحسنت التصرف بالدين والسياسة فإنها بإرادة الله تضمهم إلى ممالكها وتنظم أمرهم على أحسن ترتيب فينصلح حالهم وتقوى بهم الدولة الإسلامية... فكما امتدت الدولة العلية بالولاية على اليمن شيئا فشيئا إلى العهد القريب كذلك إن شاء الله تجمع كلمة الإسلام هناك على خليفة واحد...". قال الشيخ هذا الكلام سنة 1297ه أيام الدولة السعودية الثانية.

يتبع إن شاء الله تعالى...
02 رمضان 1434ه









قديم 2014-10-21, 12:28   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة شرعية لسبب خروج الوهابية على الخلافة العثمانية (6) -

علاقة آل سعود ببريطانيا: الدولة الأولى
https://azeytouna.net/index.php/2012-...53/item/5186-6

قال الدكتور عبد الفتاح أبو علية (في محاضرات في تاريخ الدولة السعودية الأولى، ص124-127): "وقد زاد اقتناع بريطانيا بضرورة اتخاذ موقف أكثر ملاينة تجاه الدولة السعودية الأولى عندما شعرت بأن مصالحها الإستراتيجية في الكويت وجنوب العراق أصبحت معرضة للتأثير السعودي وضغطه، وبخاصة بعد وصول الحملات السعودية إلى تلك المناطق، وبعد نقل المراكز التجارية البريطانية التابعة لشركة الهند الشرقية من البصرة إلى الكويت.لقد جامل رجال شركة الهند الشرقية البريطانية المسئولين السعوديين حين قدموا إليهم الهدايا وتقربوا منهم حفاظا على سلامة سير بريد الشركة الصحراوي المار في المناطق الشمالية الشرقية من حدود الدولة السعودية الأولى.وقد زاد من الاهتمام البريطاني في عملية التقرب من الدولة السعودية ما حدث بينهم وبين الدولة العثمانية من خلافات بخاصة مع المسئولين العثمانيين في البصرة. أرسلت بريطانيا رينود (Reinaud)، أحد مساعدي الوكيل البريطاني ماينستيعام 1214هـ/1799م، إلى الدرعية كرئيس للبعثة البريطانية الرسمية إلى العاصمة السعودية لإجراء محادثات مع المسئولين السعوديين حول إيجاد نوع من العلاقات الودية وحسن المعاملة بين الدولتين بعدما انتاب هذه العلاقات جو من الخلافات كان مرده يعود إلى اشتراك عدد من حراس الوكالة البريطانية في الكويت مع القوات الكويتية في رد هجوم سعودي ضد الكويت... رحل رينود منالكويت إلي الدرعية مارا بالقطيف والهفوف. وقد استقبل في الدرعية استقبالا حسنا من قبل السعوديين. وأجرى رينود محادثات مستفيضة مع الإمام عبد العزيز بن محمد وأعضاء حكومته، تركزت في جلها على تأمين سلامة بريد الشركة الذي يمر من البصرة إلى حلب عبر الطريق الصحراوي الذي تقطنه قبائل سعودية... ونلاحظ أن بريطانيا كانت تفضل أن تكون علاقتها بالدولة السعودية في فترة الربيع الأول من القرن الثالث عشر الهجري\السنوات الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي، علاقة ود وسلام، بالرغم من أنها تساعد خفية وأحيانا بشكل علني القوى المحلية الخليجية المعادية للدولة السعودية الأولى...".

وقالت الدكتورة مديحة أحمد درويش (في تاريخ الدولة السعودية، ص63): "... وقد أنهت العلاقات بين فيصل وانجلترا سنة (1865م – 1271هـ) بالتعاون على أن يكبح فيصل جماح القبائل التي تقوم بالسلب في منطقة الخليج، وذلك تنفيذا لما كان قد وعد به أجداده بخصوص سلامة التجار والمسافرين في البحر لمدة مائة عام".

وقال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية: الدولة السعودية الأولى، الجزء الثاني، ص24): "وكان يظن أن سعود الكبير كان أول حاكم سعودي يستقبل أوربيا، ولكن المستشرق سيتزن (Seetzen) نشر عام 1805م بحثا في مجلة (Monatliche correspondentz) – المراسلة الشهرية – التي كان يصدرها البارون فون زاك (Von Sack) باللغة الألمانية، أثبت فيه أن الأمير عبد العزيز بن محمد سبق ابنه سعود إلى الاجتماع بسياسي غربي في الدرعية، وهذا السياسي الغربي هو الضابط البحري "رينو". ويقول "رينتس" في دائرة المعارف الإسلامية: إن رينو هولاندي الأصل يتكلم اللغة العربية، وقد أرسله "صموئيل مانيستي" مندوب الشركة البريطانية للهند الشرقية في البصرة إلى الدرعية لمفاوضة عبد العزيز...".
وقال (في تاريخ البلاد العربية السعودية: الإمام تركي بن عبد الله، الجزء الخامس، ص199-201): "جاء في منتخبات حكومة بونباي أن رسالة وصلت إلى حاكم بونباي بتاريخ منتصف سنة 1831م، من الإمام تركي بواسطة شيخ عجمان، وفيها يعرب تركي عن رغبته في تجديد المعاهدة التي كانت عقدت بين الإمام سعود وبين البريطانيين... وفي دليل الخليج الفارسي أن المقيم البريطاني في الخليج، بناء على أمر حكومة الهند التي درست رسالة الإمام تركي المقدمة إليها بواسطة حاكم عجمان رشيد بن حميد، بعث رسالة جوابية إلى الإمام تركي، جاء فيها: (إن رسالتكم المؤرخة في 25 جمادى الأولى، والتي تبلغنا عن الوقائع التي انتهت إلى توليكم الرئاسة قد وصلت إلينا وأحدثت في نفوسنا الأثر الجميل الذي تحدثه أخبار تصل من الأصدقاء. إن استعدادكم لتفاهم ودي بيننا نقابله بمثل شعور الصداقة التي كانت قائمة بين هذه الحكومة وبين سلفكم الإمام سعود، وستبقى قائمة بكل قوتها ولن تتصدع أبدا أو تضعف...)".

وقال السير هارفرد جونز بريدجز (في موجز لتاريخ الوهابي، ص81-82): "عندما كان السيد لاتوش (Latouche) يشغل منصب المقيم في البصرة [من سنة 1778م إلى 1784م] كان يرسل من وقت لآخر هدايا صغيرة إلى ابن سعود [عبد العزيز]، وكان ابن سعود يعبر عن امتنانه عند استلامه لها، وقد واصلت أنا والسيد مانستي (Manesty) هذه العادةولذلك نادرا ما كانت تعترض إرسالياتنا. وحتى عندما يتم احتجاز حاملي البريد من وقت لآخر فإن الإرساليات كانت تصل إلينا دائما في نهاية الأمر دون أن تفض أختامها. وهكذا تم الحفاظ منذ ذلك الوقت على تفاهم جيد بين طائفة الوهابية والوكالة. وقد علمت فيما بعد ولأسباب جيدة أن ابن سعود كان تواقا إلى استمرار هذا الوضع...".

وقال جون. ب. كيلي (في بريطانيا والخليج، ج1 ص128-129): "... كان نابليون قد توصل إلى اتفاقه المشهور مع القيصر الاسكندر الأول الذي وقع في تلسيت... وكانت معاهدة السلم في تلسيت [1807م] هي أسوأ نكسة سياسية تعرضت لها بريطانيا خلال الحرب... وذلك لأن أي محاولة بريطانية لإبعاد الفرنسيين عن فارس قد أفلتت إلى الأبد بعد تحالف فرنسا مع روسيا. وكان لا بدّ من تحقيق هدف أكثر صعوبة ألا وهو الحيلولة دون قيام حلف ثلاثي بين فرنسا وروسيا وفارس يستهدف الهند، وكان يتعين على جونز أن يثير مع الشاه كل حساسياته ضد روسيا وأن يوضح له بأن الصداقة الفرنسية الروسية الجديدة سوف تعرض فارس لخطر أشد... ولما كانت الحرب في ذلك الوقت قد نشبت بين انجلترا والإمبراطورية العثمانية فقد كان يتعين على جونز أن يجس باشا بغداد حول استعداده لعقد حلف مع بريطانيا مقابل التعهد له بمساعدته ضد أي هجوم ... أما إذا لم يظهر الشاه استعداده لعقد مثل هذا التحالف فلا بد من استخدام الضغط عليه بإثارة القبائل ضده داخل البلاد، كذلك إذا رفض باشا بغداد التعاون فيمكن لجونز الاتصال بأمير الوهابيين سعود بن عبد العزيز الذي كان في ذلك الوقت سيد الموقف في شبه الجزيرة العربية للحصول على تعاون منه ضد أي هجوم تقوم به فرنسا عن طريق البحر الأبيض المتوسط... كذلك تضمنت الخطة إثارة القبائل الجنوبية ضد الشاه كما تضمنت أيضا توجيه تحذير إلى حكومة الشاه بأن العلاقات سوف تتدهور حتى ولو لم يقع الهجوم، وتحذير آخر عن نية بريطانيا في تحريض الوهابيين الذين كانوا على عداء مع الأتراك والفرس على السواء".

وقال (ج1 ص206-207): "... ومن ناحية أخرى فإن قيام حكومة فارس لمد سعيد بقوات عسكرية قد حملت عبد العزيز إلى إيفاد مبعوث خاص إلى شيراز في بداية عام 1811 للاحتجاج على تقديم العون إلى مسقط وكان الأمير سعود في ذلك الوقت قلقا من إشاعات كانت تنطلق من مصر بأن محمد علي باشا يعد العدة لشن حرب عليه في الحجاز، وبالتالي فقد كان يريد أن يتأكد من الأمير الفارسي لن يستغل تلك الفرصة لشن حرب عليه من الجانب الشرقي لشبه الجزيرة العربية... وقد نجحت زيارة المبعوث الوهابي إلى شيراز إذ حصل على التعهدات المطلوبة من الأمير [الشيعي الرافضي]، وفي طريق عودة المبعوث إبراهيم عبد الكريم توقف في بوشهر وذلك للاجتماع بالمقيم البريطاني هناك وللاستفسار عما إذا كان هناك نية في إرسال حملة عسكرية بريطانية في الخليج، وقد أبلغ المبعوث المقيم بأن سعود قد فوضه في إبرام معاهدة تجارية مع البريطانيين، وذلك وفق الصيغة الواردة في كتاب الأمير إلى هنكي سميث في العام السابق، وقد أحيل الطلب إلى الحكومة في الهند فرئي رفضه وتجنب أي علاقة رسمية مع الوهابيين ولكن قبل أن يتم إبلاغه بهذا القرار قد اقتنع بأنه ليس هناك ما يدعوه إلى التخوف من البريطانيين في المستقبل القريب".

وقال (ج1 ص215-218): "... وفي هذه الأثناء [سنة 1814م] تلقت حكومة بومباي طلب الأمير السعودي [سعود بن عبد العزيز] للوصول إلى اتفاق مع الحكومة البريطانية وأحيل الطلب إلى كلكتا حيث قرر الحاكم العام وهو الأول أوف مويرا الذي لم يوافق على إبرام أي اتفاقات رسمية مع الحاكم الوهابي لكنه اقترح على سلطات حكومة بومباي بالاحتفاظ بالعلاقات الودية مع الحاكم الوهابي والسعي بمختلف الوسائل للإعراب عن تقديرها لمواقف الأمير الوهابي الودية تجاه الحكومة البريطانية... في أول مايو 1814 توفي الأمير سعود وخلفه نجله عبد الله... وقد أعلن عبد الله بن سعود بعد توليه السلطة بأنه سوف ينهج منهج والده بالنسبة للخليج، وعلى إثر تسلم حسن بن رحمة تحذير المقيم البريطاني في شهر مايو من سنة 1814 وكان قد خلف حسين بن علي كحاكم لرأس الخيمة بوقف نشاطه على حدود الهند وقد استدعاه الأمير عبد الله إلى الدرعية وحذره من استفزاز البريطانيين، غير أن عبد الله أبلغ المقيم البريطاني في رسالة بعث بها إليه في شهر أكتوبر سنة 1814 بأن هجمات القواسم على السفن غبر البريطانية سوف تستمر وقد ذكر له في تلك الرسالة بأننا نرجو أن تشعروننا من هم رعاياكم وما هي العلامة المميزة لهم لأن سفن المسلمين تجوب البحار باستمرار... والذي يمكن أن تستنتجه من ذلك هو أن حكومة بومباي قد اشترت سلامة مصالحها باعترافها الضمني بحق القواسم في العبث والنهب والسلب بسفن الدول الأخرى. ويؤيد هذا الرأي ما أوضحه الأمير عبد الله في عام 1815 عندما قام رحمة بن جابر... بالاعتداء على إحدى السفن التركية وكانت تحمل تصريحا من المقيم البريطاني في البصرة. وقد كتب عبد الله بعد ذلك إلى بروس في بوشهر يحتج بمنتهى القوة على إصدار تصريح لسفن غير بريطانية، وقال في احتجاجه: (أما هؤلاء الكلاب الأتراك فإنهم خصومي وهم يسعون إلى بذر بذور الشقاق فيما بيننا، أما الذين يمتون إليكم بصلة فإننا لن نسمح لرعايانا بالاعتداء عليهم بأي شكل من الأشكال...)".

وقال لوريمر (في دليل الخليج، ج3 ص1634-1635): "... ففي منتصف سنة 1831 تقريبا تلقى حاكم بومباي رسالة من أمير الوهابيين [تركي] عن طريق شيخ عجمان جاء فيها رغبته في (تجديد المعاهدة التي عقدت بينكم، الحكومة البريطانية، وبين الأمير سعود)...".

وقال (ج3 ص1648): "وجه خالد في أوائل حكمه [1840م] خطابا إلى مساعد المقيم البريطاني في البحرين يشير فيه إلى رغبته القوية في أن تجدد (علاقات الود والصداقة التي كانت قائمة بين أبيه سعود والحكومة البريطانية)...".
وقال (ج3 ص1669-1670): "وفي نوفمبر سنة 1865... وصل إلى السلطات البريطانية في بوشهر خطاب كان ردا مرسلا من الأمير فيصل... وأشار إلى اتفاقية مع الحكومة البريطانية عقدت لأول مرة في عهد المرحوم الأمير سعود، وصدق عليها مرة أخرى في عهد هذا الحاكم...".

وقال أحمد بن حازم المصري (في تجلية الراية، ص18-29): "صارت الدولة السعودية الأولى في آخر أيامها نظاما عشائريا انتهازيا جل همه إطالة أمد الأسرة الحاكمة وارتبطت باتفاقية تعاون غامضة مع الانكليز الذين بدءوا يوجدون نواة قوة عسكرية استعمارية في الخليج في هذا الوقت وكان الأمير سعود بن عبد العزيز بن محمد ثالث حكامها الذي قيل أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب زكى وراثته للحكم قبل موته أرسل يهادن ملك الفرس الروافض في شيراز والبريطانيين في بوشهر ويبدي استعداده لإجابة طلباتهم متزلفا إليهم ليساعدوه عندما شرعت الدولة العثمانية في قتاله... مرت العلاقات بين الإمارة السعودية الأولى وبريطانيا بعدة مراحل؛ أولها مرحلة وصول قوات عبد العزيز بن محمد لسواحل الخليج وقيامه بغارات مسرحية على الكويت مقر الوكالة البريطانية وانسحابه بعد غارات يقتل فيها عشرون رجل وثلاثون رجل وتسرق فيها بعض الأغنام كما حدث في غزوة ابن عفيصان (١٧٩٣) و غزوة مناع أبو رجلين (١٧٩٧) وما تبع ذلك من تصدي حراس الوكالة البريطانية للغزاة الذين انسحبوا بسلاسة. تبع ذلك بسنة تقريبا زيارة الضابط رينود مبعوث صمويل مانيستي مسئول الوكالة البريطانية بالخليج للدرعية سنة ١٢١٤ ه/ ١٧٩٩م... قام رينود بحمل هدايا لعبد العزيز بن محمد الذي استقبله استقبالا حسنا وأبرما اتفاقات شفهية وغيرها لم يعثر لها على أثر إلا أن الحملات السعودية على الكويت توقفت لخمس سنوات بالتمام... ويبدو أن التعايش السلمي بين البحرية البريطانية والإمارة السعودية لفت انتباه العثمانيين فحاول سليمان باشا والي الشام العثماني أن ينصح سعودا ويتحداه وأرسل إليه رسالة صدرها باسمه كوال تابع للدولة العثمانية "أيدها الله إلى يوم القيامة وثبتها على عقيدة أهل السنة والجماعة" قال فيها: "فان كان شهواتكم في إعانة الإسلام بالمقاتلة والمعاندة فقاتلوا أعداء الدين الكفرة الفجرة لا الملة الإسلامية". "إلا أن سعودا رد عليه بقوله إن المسلم الذي يعادي الإسلام و ينابذ أهله لا يصير مسلما ولا من آهل الجماعة"... كانت بريطانيا قد بدأت قبل ذلك اللقاء بأكثر من خمس عشرة سنة في إرسال هدايا لا يعرف كنهها ولو أنها بالتأكيد تضمنت أسلحة أثناء تولي وليم لاتوش مقيمية البصرة قبل سقوط الرياض وسقوط إمارة بني خالد بالأحساء وقبل موت الشيخ محمد عبد الوهاب، الذي لابد أنه علم بها، بعشر سنوات، وهي هدايا وصفها السير هارفورد بريدجز مساعد المقيم التالي بأنها "كانت صغيرة ولكن سعود (يقصد عبد العزيز) كان يعبر عن رضاه لتلقيها"... بين تلك الأحداث تظهر في الوثائق البريطانية إشارات لطيفة لحقيقة العلاقة بين الطرفين، ففي مايو١٨٠٧ كتب مانيستي مدير الوكالة البريطانية بالبصرة لرؤسائه أن "عبد الرحمن وكيل الشيخ الوهابي سعود بن عبد العزيز في القرين (الكويت) سلمني رسالة قال فيها إن سيده يرغب في تمتين أواصر الصداقة معي وأن يتعرف على أسباب خلافي مع الحكومة العثمانية ملمحا على ما يبدو إلى تلهف الأمير سعود للانضمام إلى أي خطة هجومية حربية ضد باشا بغداد". وكان باشا بغداد قد أمر مدير الوكالة في تلك الفترة بالرحيل عن الأراضي العراقية لما كان من خلاف بين الدولة العثمانية وبريطانيا بسبب حملة فريزر على مصر وتعديات بريطانية أخرى على الأراضي العثمانية منها المعاهدات التي أبرمها الضابط ديفيد سيتون المقيم بعمان مع شيوخ عشائر ساحل عمان (الامارات العربية المتحدة حاليا). ويورد جيمس موريير عضو بعثة شركة الهند الشرقية البريطانية لدى شاه إيران نص رسالة مترجمة أرسلها سعود بن عبد العزيز إلى البعثة البريطانية عقب حملتها على رأس الخيمة في ١٨٠٩ وتحطيمها لأسطول القواسم قال فيها ما مفاده إن "سبب العداوة بيننا وبين قومنا أنهم اعرضوا عن كتاب ربهم و سنة نبيهم، ونحن لم نعاد أي ملة أخرى ولا تدخلنا في أعمالها وغزواتها ولم نساعدها ضد أعدائها . مع أننا بحول الله وقوته على أعدائنا ظاهرين ..و لذا فاني أطمئنكم أننا لا نقترب من سواحلكم ومنعت أهل ديننا وسفنهم من التعرض لسفنكم. ومن يريد من تجاركم أن يمر بسواحلنا أو يأتي لموانئنا يكون في أمان ونطلب المثل لمن أتاكم من عندنا. و لا يفرحنكم إحراق بعض السفن فلا قيمة لهم عندي ولا عند أصحابها و لا أهل تلك البلاد، و الحق أن الحرب مرة والأحمق هو من يندفع إليها كما قال الشاعر." وكما كان سعود و أبوه من قبله حريصين على رضا بريطانيا كانت بريطانيا حريصة على رضاهم ولو على حساب حلفائها القدامى ففي مراسلة بتاريخ يوليو ١٨٠٩ تجازف بريطانيا بإغضاب حليفها شاه فارس وبني كعب وروافض العراق وترفض تسليم شحنة أسلحة لروافض النجف ليدافعوا بها عن أنفسهم ضد غارات السعوديين وتبرر المراسلة ذلك الخذلان بعدم استفزاز "الوهابيين الذين كنا نهدف إلى البقاء دوما معهم على أفضل صلة." كما رفضت مساندة حليفها سلطان مسقط بعدما تعرض للهزيمة على يد جيش سعودي. أما المرحلة التالية فتعبر عنها الأحداث والمراسلات التي وقعت في عهد سعود بن عبد العزيز بعد مضي عامين على دخول الجيش المصري إلى الجزيرة واستيلاءه على الحجاز ومداخل نجد و قبل أسبوعين من وصول محمد علي باشا إلى الحجاز ليفتتح المرحلة الثانية من الحرب. فقد أرسل سعود مبعوثا في صيف ١٨١٣ اسمه إبراهيم بن عبد الكريم إلى فارس بغرض إبرام الصلح ومعاهدات الصداقة مع شاه الروافض وإزالة أسباب غضب الشاه بخصوص الغارات السعودية على المراقد الرافضية بالعراق. و فيما ذكر المبعوث النجدي للضابط البريطاني أن الزيارة كانت تهدف لإثناء شاه الروافض عن القيام بالحملة عسكرية التي توعد بالقيام بها ضد الإمارة السعودية انتقاما لتدمير المراقد فان الضابط البريطاني تشكك في صحة ذلك التبرير بالنظر إلى أن الحكومة الفارسية كانت لا تسيطر على سواحل الخليج وليس باستطاعتها القيام بأي حملة ناجحة على ساحل الخليج الغربي فضلا عن التوغل في بيداء نجد. استقبل الشاه مبعوث سعود استقبالا حسنا وحمله بالهدايا لسيده. وفيما كانت البعثة تسعى ظاهرا لشراء حياد فارس وضمان مرور الإمدادات عبر فارس والخليج مقابل التعهد بعدم التعدي على الروافض في الجزيرة والعراق وربما السكوت عن ضم فارس لبعض المناطق التي تطمع فيها في الخليج مثل البحرين إلا أن الهدف الأهم كان لقاء الضابط السياسي البريطاني في بوشهر. ثم قام المبعوث أثناء زيارته لفارس بلقاء الضابط البريطاني بروس مدير الوكالة البريطانية ببوشهر على ساحل الخليج الفارسي ونقل اليه " تمنيات أميره سعود بالدخول في روابط مودة وصداقة متبادلة مع الحكومة البريطانية بما ينفع الطرفين. ويقول المبعوث انه بالنظر ليقين سيده التام بمدى قوة البريطانيين في البحر التي لا تقف أمامها أي قوة أخرى فانه يأمل في معاهدة تفتح بمقتضاها موانئ الدولتين وتقوم تجارة حرة لا يقيدها قيد بين رعايا الدولتين". وافقت بريطانيا مع اشتراطها أن تتضمن المعاهدة ليس فقط مظاهر السلام السلبي من عدم اعتداء وحرية ملاحة فقط بل وتتعداها إلى قيام سعود بحماية السفن البريطانية التجارية المسلحة والحربية التي ترسو لأي سبب طارئ أو للتمون بالماء والوقود والحطب على شواطئ الخليج الغربية وأن يتعهد بمنع رعاياه من التعدي على السفن البريطانية المسلحة المارة في مياه الخليج و بالتالي يفسح لها المجال لتؤدي مهامها التجسسية بدون عوائق. ويبدو أن التنازلات التي كان سعود مستعدا لتقديمها كانت كبيرة لان بروس أرسل يقترح على رئيسه حاكم بومباي البريطاني أن يرسل سفنا وضباطا بريطانيين لمسح السواحل الغربية للخليج الخاضعة للإمارة السعودية لرؤية ما يمكن الاستفادة منها إلا أن حاكم بومباي بعد أن ثمن الفكرة اعتذر بعدم توافر السفن والإمكانات اللازمة في ذلك الوقت للقيام بمهمة المسح. وقد زكى الوكيل البريطاني الفكرة لرؤسائه بالقول إن "التعاون مع القوة الوهابية له فوائد أهمها السيطرة التامة على القرصنة العربية في المستقبل و تحويل هذا الأمة الهمجية المتوحشة (أهل نجد) من سراق وقطاع طرق إلى رعايا صالحين (لبريطانيا) فضلا عن فتح ساحل الخليج الغربي للانشطة التجارية". أما المرحلة الثالثة فيمكن الاستدلال على بعض خفاياها من خلال رسالة عبد الله بن سعود رابع و آخر حكام الإمارة السعودية الأولي لبروس مدير الوكالة البريطانية في بوشهر جنوب الخليج قبل سقوط الدرعية والقبض عليه بثلاث سنوات. ويقول بروس في مقدمة ترجمته للرسالة "مرفق طيه رسالة وصلتني من شيخ الوهابيين عبد الله بن سعود ورسالة منه لحليفه رحمة بن جابر الجلاهمة، وترون من رسالة شيخ الوهابيين أنه محدد للغاية فيما يخص قيامنا بحماية أي من قبائل تلك المنطقة أو إعطائها تصاريح سفر بريطانية واعتبر أن ضم أي قبائل غير المتفق عليها للحماية البريطانية يعتبر مخالفا للاتفاقية التي تربط بيننا"... ورغم أن التاريخ الإسلامي يحفل بالمعاهدات الشرعية بين المسلمين وغيرهم إلا أن معاهدات نهاية الإمارة السعودية الأولى كانت تحمل طابعا آخر وهو طابع إقرار قوة نصرانية مسلحة على ما اغتصبته من أراضي إسلامية والتجول داخل البحار الداخلية لديار الإسلام والسماح لها بالتنقل بين نقاط سيطرتها على سواحل الجزيرة بل وإنشاء نقاط جديدة في المناطق الخارجة عن حدود الإمارة السعودية الصغيرة كل ذلك مع تمتعها بالتمون من شواطئ الإمارة السعودية أثناء تنفيذها لخططها في ظل حماية آل سعود لها من أي هجمات عشائرية. لا تعلم مدة سريان المعاهدة ولكن السجلات السرية لحكومة الهند البريطانية تورد فحوى رسالة كتبها فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود تاسع حكام آل سعود للمقيم البريطاني في الخليج في يناير ١٨٥٤م يذكره فيها بوجود اتفاق بين أسلافه السعوديين (في الإمارة السعودية الأولى) وبين بريطانيا تعهدوا فيه بالمحافظة على السلام في الخليج (أمن سفن بريطانيا ومحمياتها في الخليج) لمدة مائة عام مقابل أن تترك لهم بريطانيا حكم الساحل المحصور بين عمان والكويت مع ما يتضمنه ذلك من عدم إعاقة وصول إمدادات السلاح و الذخيرة البريطانية والأوربية للإمارة السعودية تحت عنوان حرية التجارة. ولا ينقص من قيمة ذلك التعاون قيام القواسم في رأس الخيمة ببعض الغارات على السفن الهندية لأن القواسم كانوا تابعين اسميا فقط للإمارة السعودية التي لم تستطع أن تفرض عليهم حاكما من عندها بل إن حكام القواسم راسلوا بريطانيا سرا في ١٨١٤ قبل سقوط الدرعية بسنوات وعرضوا عليها التوقف عن القرصنة في الخليج لو حمتهم بريطانيا من سطوة آل سعود...".









قديم 2014-10-21, 12:30   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة شرعية لسبب خروج الوهابية على الخلافة العثمانية (5) -

علاقة آل سعود ببريطانيا: الدولة الثانية
https://azeytouna.net/index.php/2012-...53/item/5100-5
جاء في مجلة الواحة (العدد 14، مقال: الحملة العسكرية العثمانية لاحتلال الأحساء والقطيف): "منذ وفاة الأمير فيصل بن تركي، بدأ البريطانيون بالضغط العنيف على الساحل الأحسائي، من قاعدتهم بالبحرين "المستعمرة" وفي عام 1870 تطورت الأمور إلى حد أن حاصرت سفن البحرين القطيف بدفع وتشجيع من المعتمد البريطاني هناك، بل إن نشاط شيخ أبو ظبي يومئذٍ وصل القطيف أيضاً.. ويومها هدد عبد اللّه الفيصل باحتلال البحرين، فأمرت السلطات البريطانية الشيخ عيسى آل خليفة برفع الحصار، وهكذا كان.ولما كان الغرض، هو السيطرة على ساحل الأحساء، وإبعاد عبد الله الفيصل الذي بدأ ينسق مواقفه مع الأتراك، فقد وجد الإنجليز طريقاً أفضل.. ففي ذلك الحين كان النزاع محتدماً بين الأخوين، وقد وجد سعود الفيصل في شيخ البحرين والإنجليز أقوى مؤيد لمشروعاته.. حيث تغاضى بيلي - المقيم البريطاني في بوشهر- عن مساعدات شيخ البحرين المقدمة لسعود إذ كان من صميم قلبه يريد أن ينتصر سعود على عبد اللّه.. وكان بيلي يردد دائماً في مكاتباته مع حكومته، بأن سعوداً خير للإنجليز من أخيه. وجرت اتصالات عديدة بين سعود وشيخ البحرين، ترتب على أثرها انتقال الأول من البريمي "وقيل عمان" إلى البحرين ليتخذها قاعدة للانطلاق، وكان ذلك في سنة 1287هـ/ 1870، وهناك أكرم آل خليفة، والمعتمد البريطاني وفادته، ودعموه بشتى الإمكانات". (ينظر: https://www.alwahamag.com/?act=artc&id=1455).

وقال الدكتور محمد عرابي نخلة ( في تاريخ الأحساء السياسي، ص140): "لابد لنا أن نشير بوضوح إلى أن دور بريطانيا كان واضحا في مساعدة سعود ضد أخيه، وكانت بذلك تخالف سياستها المعهودة والتي تقضي بالمحافظة على الأمن في الخليج، وعدم الاعتداء من قبل أي طرف ضد الآخر، ولقد ثبت أن الانجليز كانوا يشجعونه على القيام بهذا العمل أو على الأقل لم يقفوا في طريقه في سبيل تحقيق أهدافه، فلقد أفاد أحد أتباع سعود إلى قنصل دولة الانجليز في بغداد بأن سعود كان يكرر دائما قوله: بأنه لن ينسى العطف الذي لقيه من قبل المسئولين البريطانيين أثناء إقامته في البحرين".

وقال الدكتور إسماعيل أحمد ياغي (في بحث: سياسة مدحت باشا والي العراق العثماني تجاه الخليج العربي، ضمن كتاب: الصلات التاريخية بين الخليج العربي والدولة العثمانية، ص20): "نفذت الدولة العثمانية من خلال واليها على العراق مدحت باشا خطتها لاحتلال الأحساء بمنتهى السرعة للأسباب التالية: 1. الخوف الشديد من التدخل البريطاني في المنطقة، وبخاصة بعد قيام بريطانيا بمد يد العون والمساعدة للأمير سعود عن طريق حاكمي مسقط والبحرين، ورأت الدولة العثمانية أن نجاح بريطانيا في مثل هذه المهمة، يعني تحكمها مستقبلا في مصير العراق العثماني...".

وقال الدكتور حاكم المطيري (في عبيد بلا أغلال، ص130-132): "لقد كان أول اختراق بريطاني للجزيرة العربية هو ذلك الدعم الذي لقيه سعود بن فيصل بن تركي آل سعود من حكومة الهند البريطانية ليستولي على الرياض، وقد واكب افتتاح قناة السويس - الذي زاد من أهمية البحرين وساحل عمان - صراع بين عبد الله بن فيصل بن تركي، وأخيه سعود بن فيصل على الحكم في الرياض، وبلغ الصراع ذروته سنة 1870م وقد (كان أكثر من صراع بين شخصين، كان صراعا بين عقليتين، سكان الحضر وأهل البادية، بين المتطرفين الوهابيين، وبين المعتدلين الذين يرفضون تعاليمها، وكان كل من الأخوين يمثل إحدى الفئتين) على حد قول جون كيلي. وهذا هو رأي كيلي إلا أن الحقيقة هو أن الصراع كان بسبب خروج سعود المدعوم بريطانيا، على أخيه عبد الله الذي كان قائمقاما عثمانيا. وقد كانت بريطانيا وراء هذه الفتنة بين عبد الله وسعود للسيطرة على نجد كما جاء في مذكرات والي بغداد مدحت باشا حيث قال: (كان عبد الله الفيصل معتدلا لم يعاكس الدولة العلية - الخلافة العثمانية - أما سعود فكان يسعى لاستلام الإمارة، ولذا فإنه توجه إلى الهند للاستعانة بالإنجليز، وألب العشائر وحثهم على شق عصا الطاعة في وجه أخيه، وبعد حروب طويلة انتصر عليه، وكان الإنجليز يعاونون الأمير سعود بالمال والعدة، وكانت البلاد القريبة من نجد قد دخلت تحت حمايتهم، وإذا حكم الأمير سعود النجديين أدخل البلاد تحت حماية انجلترا وصارت صاحبة الطول والحول في العراق). ولم يدرك علماء الوهابية في نجد آنذاك طبيعة الصراع الدائر بين الأخوين عبد الله وسعود، ولم يدركوا أبعاد تدخل الإنجليز لصالح سعود، ولهذا صدرت الفتاوى بتجريم عبد الله لأنه استعان بالدولة العثمانية، وحكم بعضهم بردته، وأوجبوا السمع والطاعة لأخيه سعود المدعوم بريطانيا! فقد جاء في فتوى عبد اللطيف آل الشيخ (وقد عرفتم حالنا في أول هذه الفتنة، وفيها الجزم بإمامة عبد الله ولزوم بيعته، والتصريح بأن راية أخيه راية جاهلية عمية، فلما صدر من عبد الله ما صدر من جلب الدولة - أي العثمانية - إلى البلاد الإسلامية والجزيرة العربية، وإعطائهم الحسا والقطيف والخط، تبرأنا مما تبرأ الله منه ورسوله...وقد تغلب سعود على جميع البلاد النجدية، وبايعه الجمهور، وسموه باسم الإمامة .. وقد نزل العدو - أي عبد الله وجيوش الدولة العثمانية التي جاءت لنصرته - بأطرافكم، واستخف الشيطان أكثر الناس وزين لهم الموالاة واللحاق بالمشركين، وإسناد أمر الرئاسة لهم، وأنهم ولاة أمر يعزلون ويولون، وينصرون وينصبون...وقد أجمع المسلمون على جهاد عدوهم مع الإمام سعود). وهذا يرجح أن شيوخ الدعوة الوهابية الثانية في نجد لم يكن لديهم علم بأنه منذ قيام الإمارة السعودية الثانية كانت تابعة للخلافة العثمانية، بترتيب مصري مع تركي بن عبد الله، ثم ولده فيصل بن تركي، ثم عبد الله بن فيصل! كما لم يكن لديهم علم بأن سعود بن فيصل كان مدعوما من حكومة الهند البريطانية، ففي الوقت الذي وقفوا ضد عبد الله لأنه جاء بالترك، لم يعلموا بأن أخاه سعودا قد جاء بالإنجليز!".

والحقيقة، أن اختراق الإنجليز للجزيرة العربية كان قبل هذا، ولم يأت "سعود بن فيصل" (المجمع على ارتباطه بالإنجليز) بشيء جديد بل حافظ على تقليد ورثه عن أبائه. وإليك الدليل:

جاء في المعاهدة التي عقدها السير بيرسي كوكس (المقيم البريطاني في الخليج) مع عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (بتاريخ 26/12/1915م) ما يلي: "يتعهّد ابن سعود، كما فعل آباؤه من قبله، أن يمتنع من أي اعتداء على، أو تدخل في، أراضي الكويت، والبحرين، ومشائخ قطر والساحل العماني، الذين هم تحت حماية الحكومة البريطانية والذين تربطهم معاهدات مع هذه الحكومة...". (ينظر: بعثة إلى نجد، لسانت جون فيلبي، ص257 والسعوديون والحل الإسلامي، لمحمد جلال كشك، ص378).

وجاء في رسالة من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود إلى اللفتنانت كرنل السر ب. كوكس بتاريخ 13 يونيو 1913م ما يلي: "نخاطب سيادتكم بالنظر إلى الصداقة القديمة بيننا وبينكم، وإلى المعاهدة الأسبق من ذلك التي تعود إلى عهد المغفور له جدي فيصل والتي انقضت من مدتها خمس وخمسون سنة ويبقى منها خمس وخمسون سنة. إنني أرغب في إقامة العلاقة ذاتها على النحو ذاته الذي كان عليه بينكم وبين أجدادي... وبالنظر إلى مشاعري الودية، أود أن تكون علاقتي بكم كتلك التي كانت بينكم وبين أجدادي، وأن تبقى هذه العلاقة بيني وبينكم من بعدهم...". (عن الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، لنجدة فتحي صفوة، ج1 ص183-184).

وجاء في تقرير سري أرسله الكابتن شكسبير (الجاسوس البريطاني صديق عبد العزيز) إلى اللفتنانت كرنل كوكس (بتاريخ 08 أبريل 1911م) ما يلي: "أتشرف بأن أعرض فيما يلي، لعلم الحكومة [البريطانية]، فحوى عدد من المحادثات الطويلة والشخصية بين عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، أمير نجد الوهابي، وبيني، خلال جولتي الأخيرة حين قضيت بضعة أيام في مخيمه... تحدث عبد العزيز كثيرا عن التاريخ القديم، وفيما يلي خلاصة للموضوع... بدأ كلامه بغزو إبراهيم باشا وقال إنه بعد طرد المصريين من نجد، أعاد تركي بن عبد الله احتلال المملكة الوهابية الأصلية، وفي ضمنها الأحساء والقطيف ومعظم ساحل عمان من قطر إلى جوا مسقط، فأزال بذلك كل معالم السلطة التركية، ثم عقد معاهدة مع الحكومة البريطانية... ونجحفيصل بعد بضع سنوات في الحصول على العفو فعاد إلى نجد وأعلن إماما على الفور. وقام أيضا بتجديد المعاهدة القديمة مع الحكومة البريطانية ومد حكمه على جميع الإقليم الذي كان تابعا لتركي بن عبد الله. أعاد بناء قلعة البربيمي في عمان، وبموافقة الحكومة البريطانية تسلم إتاوة من سلطان مسقط قدرها 15000 دولار سنويا... وكان في ذلك الوقت أن أبدت الحكومة البريطانية وثوق صلاتها بنجد بإرسال أحد ضباطها الكرنل لويس بيلي (Col. Lewis Pelly) إلى الرياض، فجدد المعاهدات القديمة وعهود الصداقة ولو أن ذلك لم يجر بوثيقة مكتوبة فعلا. وقد توفي فيصل بعد هذه الزيارة بوقت قصير وخلفه ابنه عبد الله. ومع أنه حافظ في بادئ الأمر على الصلات الودية السابقة مع الحكومة البريطانية فقد كان من الحمق بدرجة أنه فاتح الأتراك بعد أن تخاصم مع الإنجليز على البريمي ومسقط... عاد عبد العزيز مرارا إلى ذكر الرسائل التي أرسلها أبوه عبد الرحمن إلى المقيم في بوشهر في وقت تعيين معتمد سياسي في الكويت تقريبا، وأبدى أسفه لأننا لم نقابل مفاتحاته الودية بمودة الأزمنة السالفة. قال إنه شرح لي تأريخهم لتلك السنين ليثبت أن آل سعود كانوا دائما على صلات ودية مع الإنكليز وأنهم كرهوا الأتراك كرها عميقا في كل حين...". (ينظر: الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، ج1 ص155-161).

وقال الدكتور منير العجلاني (في تاريخ البلاد العربية السعودية: الإمام تركي بن عبد الله، ج5 ص200) مبينا سياسة الإنجليز في الخليج وموقفها من التوسع الوهابي إبان فترة تركي: "وقد اتخذ مجلس المديرين في الهند في نيسان 1834 قرارات جاء فيها: يظهر أنه من المحتمل أن الحروب التي كانت تحدث كثيرا بين الدول المتصالحة في الخليج قد يمكن تفاديها بعد خضوع هذه الدول إلى زعيم مشترك في شخص أمير الوهابيين الذي استعاد تقريبا كل الممتلكات التي كانت لأسلافه...".

وقال جون ب. كيلي (في بريطانيا والخليج، ج1 ص383): "وكان تركي [مؤسس الدولة الثانية] قد عقد العزم على أن لا يعيد أخطاء أسلافه من الأمراء، وكان كما أشار اللفتنانت هانيل المقيم البريطاني بالنيابة شخصا أكثر ثقافة من الأمراء السابقين، وأنه كان متقيدا في خطواته بمبادئ السياسة على العكس من الزعماء الوهابيين السابقين الذين كان حماسهم لنشر العقيدة الوهابية أكثر من حماسهم للحكم، ولكي يؤكد رفضه القاطع لمقترحات راشد بن حمد كلف شيخ عجمان في منتصف سنة 1831 بإبلاغ حكومة بومباي رسالة منه يعبر فيها عن رغبته في إقامة علاقات ودية مع الحكومة البريطانية، وقد ردت الحكومة البريطانية عليه برسالة تبادله فيها نفس الرغبة وأرسلتها إليه عن طريق المقيم البريطاني في الخليج".
وقال (ج1 ص672-673): "... غير أن حكومة بومباي وبعد إجراء مشاورات مع حكومة الهند قررت في نهاية العام أن تستمر في إظهار مشاعر الصداقة تجاه فيصل [ابن تركي] طالما اقتصرت جهوده على تثبيت حكمه على ممتلكاته السابقة، أما إذا أصبحت علاقته بالبحرين وبمشيخات الساحل تهدد بعودة أعمال القرصنة إلى المنطقة فينبغي مقاومة تلك السياسة، وبعبارة أخرى فلم تكن هناك نية لوضع حدود معينة للمناطق التي يشملها نفوذه، وعليه فعندما اتصل شيوخ النعيم في البريمي بالمقيم البريطاني في شهر نوفمبر 1843 يعربون عن مخاوفهم من هجوم وهابي محتمل على منطقتهم ويطالبون بالمساعدة البريطانية لرده، وقد أخبرهم المقيم بأن سياسة المحافظة على استقلال البريمي في وجه التهديدات القادمة من نجد، إنما كانت تنطبق فقط على الفترة التي كان المصريون يحتلون فيها شبه الجزيرة العربية، وخلال حكومة مرشح الإدارة المصرية خالد، أما وقد انسحب المصريون والأمير خالد من المسرح، فإن الحكومة البريطانية بدورها لا تسعى إلى التدخل في سياسات شبه الجزيرة. وفي شهر ديسمبر تلقت الممثلية رسالة من الأمير فيصل يبلغها فيها استئنافه الحكم في نجد والأحساء، ويعرب عن أمله في استمرار العلاقات الودية التي كانت قائمة بينه وبين الحكومة البريطانية. وقد بعثت حكومة الهند برد ودي إليه، وأشارت في ردها إلى حرص الحكومة البريطانية على الأمن البحري في الخليج".

وقال الدكتور عبد الفتاح حسن أبو علية (في تاريخ الدولة السعودية الثانية، ص144-146): "رأى لويس بلي المقيم السياسي في الخليج أن يقوم بزيارة إلى قلب جزيرة العرب، حيث الرياض عاصمة الدولة السعودية الثانية، من أجل إجراء محادثات سياسية مع الإمام فيصل بن تركي ومع المسئولين الرسميين السعوديين... كانت إنجلترا ترى أن الدولة السعودية الثانية برئاسة إمامها القوي فيصل بن تركي تستطيع القيام بدور فعال في هذا المجال. فيقول الكولونيل بلي: (لقد شعرت جازما إذا ما تمكنت من إقامة علاقات مع حاكم كفيصل، فإننا نتوقع فائدة من نفوذه مع رؤساء الساحل. ولن نخشى أن هذا النفوذ سيبذل في اتجاه لا يتوافق والاتجاه). ويقول كذلك: (إن حكومة بريطانيا تفضل أن ترى القبائل العربية في الجزيرة العربية تعيش بسلام ورخاء في حدود مناطقها وتحت زعامة حكامها المحليين). ونلاحظ من هذا القول أن بريطانيا كانت تغذي مفهوم الوحدات السياسية المستقلة التي استطاعت بريطانيا بطريقة أو بأخرى أن توقع معها معاهدات بواسطتها حصلت بريطانيا على مجموعة من الامتيازات... وهناك سبب وهدف معقول للزيارة وهو أن بريطانيا كانت ترى ضرورة إبعاد الدولة السعودية الثانية عن فرنسا. وكانت إنجلترا تحس بالتحركات السياسية الفرنسية في قلب جزيرة العرب، بخاصة عندما عرفت بالزيارة التي قام بها جيفورد وليم بولجريف (G. W. Palgrave) في جزيرة العرب عام 1863م. يقول هوجارث (Hogarth): (كانت رحلة بلي إلى الرياض ليقدم عروضا أكثر سخاء مما قدمه بولجريف الذي سبقه في زيارته إلى الرياض)...".

وقال الدكتور محمد عرابي نخلة ( في تاريخ الأحساء السياسي، ص70): "وفي السنة التالية 1862 كانت فرنسا قد بعثت (وليم بلجريف) إلى نجد وخشيت السلطات البريطانية بعد أن تعقدت الأمور بينها وبين (فيصل) أن تسفر زيارة (بلجريف) عن ارتباطات بين الوهابيين وفرنسا، وفي ذلك أكبر الخطر على وجودها في الخليج ، لذلك أسرعت بإرسال المقيم البريطاني في الخليج إلى الرياض عن طريق الكويت عام 1864م ، ويقول فلبي بأن زيارة (لويس بلي) هذه أدت إلى اتفاقية عربية انكليزية، لم يعثر على نصوصها في سجلات الرياض".

وقال لوريمر (في دليل الخليج، ج3 ص1663): "وحين كتب الأمير الوهابي [فيصل] خطابا إلى الممثل البريطاني يعبر فيه عن رغبته في (تجديد العلاقات الودية التي كانت قائمة بين أبيه الأمير تركي والحكومة البريطانية) تلقى ردا وديا يؤكد له أن الحكومة البريطانية لا أهداف لها سوى المحافظة على السلام في البحر الذي قال في خطابه إنه هو أيضا مهتم بالمحافظة عليه. وكان يرى أن العلاقات الودية لو أمكن أن تقوم وتستمر بين السلطات البريطانية والأمير فإن أثر ذلك لا شك سيكون طيبا جدا على أهل السواحل".
وقال (ج3 ص1665): "ومما هو جدير بالذكر عن الأمير فيصل تأكيده أنه لم يحاول أبدا على عكس ما أذيع عنه أن يعبّر عن معارضته للحكومة البريطانية بالقيام بأعمال القرصنة، بل إن الأمر كما أشار كان على العكس تماما.. فهناك فترة من التفاهم دامت أكثر من مائة عام مع الحكومة البريطانية من أجل التعاون على تأمين التجار والمسافرين في البحار".

يتبع إن شاء الله تعالى...
23 شوال 1434هـ









قديم 2014-10-21, 12:34   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
العثمَاني
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية العثمَاني
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مناقشة شرعية لسبب خروج الوهابية على الخلافة العثمانية (4)

علاقة آل سعود ببريطانيا
https://azeytouna.net/index.php/2012-...53/item/4996-4

علاقة آل سعود ببريطانيا: الدولة الثالثة

قال جمال زكريا قاسم (في بحث له نشره موقع الدارة السعودي بعنوان: العلاقات السعودية البريطانية في منطقة الخليج العربي في عهد الملك عبد العزيز بن سعود: https://www.darah.info/bohos/Data/11/12-1.htm): "تعددت الدوائر السياسية التي عنيت بالعلاقات بين بريطانيا والملك عبد العزيز بحيث شملت حكومة الهند ووزارة المستعمرات، وأخيراً وزارة الخارجية البريطانية التي انفردت بتلك العلاقات منذ أن عقد الملك عبد العزيز مع الحكومة البريطانية معاهدة جدة في الثاني عشر من ذي القعدة عام 1345هـ/ 20 مايو 1927م.وإذا كانت أصـول العلاقات السعودية البريطانيـــة ترجع إلى عهد الدولتين السعودية الأولى والثانية فقد اتخذت تلك العلاقات وضعاً جديداً على عهد الدولة السعودية الثالثة وذلك منذ أن استرد الملك عبد العزيز الرياض في الخامس من شوال 1319هـ/ 15يناير 1902م حتى وفاته في الثاني من ربيع الأول عام 1373هـ/ نوفمبر 1953م.وقد بدأ الملك عبد العزيز علاقاته الدولية منذ استرداد إمارته بمحاولة إقامة علاقة بينه وبين الإنجليز؛ إذ أدرك أثناء إقامته بالكويت في السنوات الأخيرة من القرن الماضي وأوائل القرن الحالي أهمية الدور الذي تلعبه بريطانيا في منطقة الخليج، وكان من سعة الإدراك بحيث لم يتجاهل ذلك الدور في علاقته بالحكومة البريطانية؛ إذ أتيح له أن يطلع في خلال تلك السنوات على الأوضاع الدولية مما أكسبه معرفة ودراية لم تسبق لأسلافه الذين عاشوا طوال حياتهم في نجد، كما أتيح له في الوقت نفسه أن يلمس عن قرب مدى قوة بريطانيا وتفوقها على كل من الدولة العثمانية والدول الأوربية الأخرى المنافسة لها "روسيا وألمانيا وفرنسا"، ويمكن القول بصفة عامة: إن مدرسة الكويت السياسية على عهد الشيخ مبارك بن الصباح 1314–1334هـ/1896/1915م قد أطلعته على حقائق السياسة الدولية، ودربته على كيفية مواجهة المشكلات الدولية، ولقنته كثيراً من فنون السياسة والحكم. وقد بدأت اتصالات الدولة السعودية الثالثة بالإنجليز بعد أشهر عدة من استرداد الرياض فعلى أثر تأهب الإمام عبد الرحمن الفيصل لمغادرة الكويت في عام 1320هـ/ مايــو 1902م للانضمام إلى ابنه عبد العزيز في الرياض أرسل كتاباً إلى الكولونيل كمبل(Kemball) المقيم البريطاني في بوشهر طالباً إقامة علاقات مع السعوديين بعد أن نجحوا في استرداد إمارتهم، واقترح عقد اتفاقية شبيهة بتلك الاتفاقيات المبرمة مع حكام الخليج، وذكر أن أوسنيكو(Ozinico) القنصل الروسي في بوشهر الذي زاره في الكويت عرض عليه المساعدة إذا ما طلب ذلك كتابة غير أنه رفض العرض الروسي بنصيحة الشيخ مبارك حاكم الكويت. وعلى الرغم من أن كمبل أوضح لحكومته بأن السعوديين قد حققوا انتصارات في نجد إلا أنه توقع أن يشن آل رشيد هجوماً مضاداً، ولذا نصح رؤساءه في حكومة الهند بالتأني في الرد على الرسالة".

وقال علي مفلح محافظة (في بحث له نشره موقع الدارة السعودي بعنوان: العلاقات السعودية البريطانية أثناء الحرب العالمية الأولى 1914-1918م: https://www.darah.info/bohos/Data/11/13-1.htm): "في ظل هذا التنافس الدولي الشديد نجح الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في استعادة ملك أبيه وأجداده في نجد سنة 1319هـ/ 1902م، وسعى منذئذ إلى استعادة بقية المناطق التي كانت تؤلف أجزاءً من الدولة السعودية الثانية. ولعلمه بعلاقة الشيخ مبارك ببريطانيا ومساعدتها له للوقوف في وجه والي البصرة العثماني، سعى الأمير السعودي إلى الاتصال بالبريطانيين لعقد تحالف معهم".

وقالت الدكتورة مديحة أحمد درويش (في تاريخ الدولة السعودية، ص78-79): "كان عبد العزيز يدرك جيدا، منذ إقامته في الكويت، أهمية بريطانيا في المنطقة، ومن ثم سعى جاهدا – بعد أن استرد ملك أجداده – في خطب ود بريطانيا وإقامة جسر من الصداقة بينه وبينها والاستعانة بها للوقوف في وجه ابن الرشيد والأتراك واستعادة الأحساء... وظلت العلاقات متوترة بين الإمام عبد العزيز – الذي أكد رغبته أكثر من مرة وكرر طلبه في أن تساعده بريطانيا وتعقد معه اتفاقية – وبين بريطانيا حتى نشبت الحرب العالمية الأولى...".

وقال لوريمر (في دليل الخليج، ج3 ص1718): "وحين بدأ ابن سعود محاولاته من الكويت في مايو سنة 1902 لإعادة الاستيلاء على عاصمة أسلافه أرسل خطابا إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج التمس فيه النظر إليه (كرجل تربطه بالحكومة البريطانية علاقة وثيقة) وأن (تهتم الحكومة البريطانية المحبة للخير بالنظر إليه)، وذكر أنه قد رفض أثناء وجوده في الكويت عروضا بالمساعدة من جانب مسئول روسي كبير لأنه يعتقد أن مثل هذه العلاقة يجب أن تكون مع الحكومة البريطانية لا غيرها".

وقال (ج3 ص1721-1722): "وطول سنة 1906 ظل الأمير الوهابي يواصل محاولاته للحصول على عون من الحكومة البريطانية، والأقرب إلى الدقة أن نقول أن ابنه عبد العزيز هو الذي ظل يوالي بذل هذه الجهود عن طريق عدة وسطاء... ويبدو أن عبد العزيز الذي كان مصمما على استعادة إقليم الأحساء لأنه أهم أقاليم الوهابيين من الناحية الاقتصادية كان متلهفا على الاطمئنان إلى التمتع بحماية البحرية البريطانية في حالة نجاحه، وأنه أيضا يود أن يرتبط بالحكومة البريطانية باتفاقيات كتلك التي ارتبط بها شيوخ عمان المتصالحة، وهو يوافق على أن يقيم في بلاطه مسئول سياسي بريطاني".

وقال الدكتور رحيم كاظم محمد الهاشمي (في تجارة الأسلحة في الخليج العربي 1881 – 1914م، ص61): "لقد ناصرت بريطانيا ابن سعود في صراعه ضد ابن الرشيد الموالي للعثمانيين، وذلك لإحكام سيطرتها على الخليج العربي، وقد جاءت تعليمات الحكومة البريطانية إلى المقيم السياسي في الخليج العربي بأن لا يتدخل في منع وصول الأسلحة والذخائر إلى الكويت، لأن ابن سعود كان يعتمد عليها في الحصول على ما يحتاجه من الأسلحة وظلت الأسلحة تأتي إلى الجزيرة العربية خلال الأعوام 1900-1904 عن طريق الكويت...". وينظر أيضا: (دليل الخليج، ج. ج. لوريمر، ج6 ص3735).

وجاء في وثائق تاريخ العرب الحديث (ج1 ص60): "كانت السلطات الإنجليزية في الخليج تبذل قصارى جهدها في منع تجارة السلاح على يد تجار من الخليج أو أي تجار، ولكن المصالح البريطانية كانت لها الأولوية. فإن غض الطرف عن تهريب السلاح أو تجارته إلى من هم ضد الدولة العثمانية هو لمصلحة الانجليز. ولهذا كانت الكويت لا تتعرض لتدخلات شديدة من الجانب الانجليزي في موضوع تهريب السلاح إلى عشائر العراق وإلى آل سعود".

وقال حافظ وهبه (ت1967م) سفير المملكة العربية السعودية في بريطانيا (في خمسون عاما في جزيرة العرب، ص83): "وفي 2 يناير 1915 عقد الملك [عبد العزيز] أول معاهدة مع بريطانيا، وهي معاهدة تضعه تحت الحماية البريطانية كسائر أمراء الخليج، فكانت كل اتصالاته برئيس الخليج العربي الذي كان يقيم عادة في (بوشهر) على الساحل الفارسي".

وقال جان جاك بيربي (في جزيرة العرب، ص52-53): "بينما كان لورانس يساند الملك الهاشمي ويعده بتاج إمبراطورية عربية كبرى، نزل عام 1917، في أواسط الجزيرة ضابط سياسي قادم من الكويت يدعى هاري سان جون بريدجر فيلبي، وقد قدر له بعد أن أعلن إسلامه وسمي عبد الله، أن يلعب مدة ثمانية وثلاثين عاما دورا بارزا في الجزيرة العربية. في السادس والعشرين من كانون الأول سنة 1915 كان عبد العزيز قد وقع مع بريطانيا مساعدة مشابهة لتلك التي ربطت بانجلترا كلا من البحرين والكويت. وهذا الأمر يجهله على العموم أو يغفل عن ذكره الكثيرون من المؤرخين، إنه ليس مشرفا لا للعرب ولا للبريطانيين؛ إذ إنه لقاء مساعدة مالية شهرية قدرها خمسة آلاف جنيه إسترليني اعترف سلطان نجد للبريطانيين بحق الإشراف على علاقاته الخارجية. كجميع أمراء الخليج والجنوب العربي تعهد عبد العزيز بن سعود بألا يتنازل عن أي شبر من أراضيه في أي حال من الأحوال، وألا يقيم علاقات مع أية دولة إلا بعد الحصول على موافقة الحكومة البريطانية على ذلك. وتعهدت بريطانيا من جانبها بحماية ابن سعود، مهما كانت الظروف من كل اعتداء خارجي. ويروي الجنرال برموند – كما ذكرت التايمز في ذلك الوقت – أن سلطان نجد تلقى في الحقبة بين 1917 و1924 من التاج البريطاني مبلغ 477310 جنيهات إسترلينية ذهبا. وكثير من المراقبين قد اعتراهم الذهول بسبب الخداع والمكر البريطانيين الذين أمنت بريطانيا عن طريقهما جانب الخصمين العربيين الكبيرين حسين وعبد العزيز، وذلك كي تبقى هي سيدة الموقف أيا كان الغالب، ومع ذلك فقد كان هناك تمييز في المعاملة لأن حسين قدر ثمنه بأربعة أضعاف أكثر من الأمير البدوي. كان يقبض شهريا مبلغ عشرين ألف جنيه إسترليني مقابل خمسة آلاف فقط لعبد العزيز...". وأنظر أيضا "بعثة إلى نجد" لسانت جون فيلبي (ص 258-259): الملحق الثالث: بيان بالسلاح والذخائر المعطاة لابن سعود، والملحق الرابع: بيان عن جميع النقود المعطاة لابن سعود.

وقالت غيرترود بيل الجاسوسة البريطانية الشهيرة باسم الخاتون (في أورواق منسية من تاريخ الجزيرة العربية، ص37-38): "لقد لقيت علاقة ابن سعود ببريطانيا تأييدا شعبيا خلال اجتماع للشيوخ العرب تم عقده في الكويت في 20 نوفمبر [1916] حيث استضافه شيخ الكويت... وقف هؤلاء الشيوخ إلى جوار بعضهم في محبة ووفاق، وأعلنوا التزامهم بالقضية البريطانية، وفي حديث تلقائي غير متوقع أشار ابن سعود إلى أن الحكومة العثمانية قد سعت إلى تفكيك وإضعاف الأمة العربية، بينما السياسة البريطانية قد استهدفت توحيد وتقوية قادة الأمة. وكلما استمع المندوب السياسي السامي إلى هذا الكلام الذي سوف يتردد وتتم مناقشته بين الرجال الذين يتحلقون حول كل نار تشعل في المخيمات، فبالتأكيد سيقطف ثمار سنوات خلت من العمل الصبور في الخليج".

وقال فؤاد حمزة (في قلب جزيرة العرب، ص 303-304): "وحين إعلان الحرب العمومية كان موقف الدولة العثمانية في البلاد العربية موقفا لا يحمد. ولم يشد أزر الدولة في السنوات الأولى من الحرب إلا ابن رشيد الذي ظل على ولائه، وأما الشريف حسين فقد حالف الحلفاء ورفع علم الثورة العربية وحارب إلى جانب الإنكليز والفرنساويين ضد الأتراك والألمان والتف حول الحسين شبان العرب من سائر الأقطار العربية عاقدين عليه الآمال الجسام لتحقيق أمانيهم القومية، وإنشاء دولة عربية جديدة إلا أنه لم يقدر للحسين أن يكون ذلك الباني للمجد العربي. وأما ابن سعود فقد وقف موقف المتفرج في الظاهر وحالف الانكليز ضد ابن الرشيد طيلة مدة الحرب وكذلك فعل الإدريسي".

وقال محمد جلال كشك (في السعوديون والحل الإسلامي، ص246-247): "ويمكن القول أيضا أن ابن رشيد كان مخلصا في تحالفه مع الترك حتى نهاية الحرب، وفي وثائق المكتب الهندي نص رسالتين متبادلتين بين ابن سعود وابن رشيد بتاريخ 22 رجب 1335 – 15 مايو 1917 – 28 رجب 1355 – 20 مايو 1917 (الفارق من اختلاف التقويم الهجري بين حايل والرياض) ورسالة عبد العزيز كانت ردا على طلب الصلح والمسالمة من ابن رشيد، فرد ابن سعود قائلا: (لو كان الأمر بيني وبينك لما كان أحب إلي من حقن دم المسلمين، وجمع شمل العرب. لكن الأمر اليوم، يا أخي، ليس في يدي. فإن شئت الخير لك وللعرب، فإن السلام يمكن أن يتحقق بثلاثة شروط: 1. أن تقطع كل صلة لك بتلك الحكومة الوضيعة التي سببت الخسارة لديننا ودنيانا، وأعني بها الحكومة التركية التي لم تترك إثما لم ترتكبه. 2. أن تصبح صديقا مع الحكومة التي نحن حلفاؤها [أي بريطانيا]، وإخوانك العرب ونحن متعاهدون على توحيد العرب. 3. أن تكون صديقا مع الشريف وتساعده، فأي عربي لا يساعده يجب أن نتجنبه لأن الشريف هو عضو في تحالفنا...)... وقد رد ابن رشيد برسالة مختصرة... فقال: (لقد تلقيت رسالتك 22 رجب 1335 – 14 مايو 1917 وفهمت ما بها. إن الشروط التي ذكرتها غير مقبولة، لا لصالح ديننا ولا دنيانا، ولذا فالأمر على ما هو عليه...)...".

وقال أمين الريحاني (في ملوك العرب، ج2 ص492-494): "... ستة أسابيع انتظر من أصحابي الانكليز إذنا بالسفر إلى – إلى نجد؟ كلا. بل إلى العراق. فإن ابن سعود عند هؤلاء الأماجد شخص مقدس لا يدنو منه غير المقربين من قدس الأقداس على شاطئ التيمس... كان قد مرّ أربعة أشهر ونيف على كتابي إلى السلطان عبد العزيز، فسافرت من عدن إلى بمباي... وقد أخبرني أحدهم... أن عبد الله القصيبي وكيل ابن سعود في البحرين وصل صباح ذاك اليوم إلى بمباي فبادرت في اليوم التالي إليه... وكان موضوع الحديث السلطان عبد العزيز وكتابي إليه. قال الوكيل: نعم وصلنا كتابكم بوقته وأرسلناه إلى حضرة الإمام، فجاء الجواب مرحبا بكم وقد أمرنا بإعداد كل ما يلزم من أسباب السفر والراحة عند وصولكم إلى البحرين. ثم قال: ونحن من زمان ننتظركم، أبطأتم في السفر أو أنكم غيرتم في الخطة التي كتبتم إلى حضرة الإمام عنها. قلت: لا التغيير ولا الإبطاء بيدي. فقال: بل بيد الله. فقلت مستفهما: وأصحابنا الانكليز؟ فضحك الوكيل وسكت...".
وقال (ج2 ص541): "حدثني سموه [أي ابن سعود] قال: يظنّ الناس أننا نقبض من الانكليز مبالغ كبيرة من المال. والحقيقة أنهم لم يدفعوا لنا إلا اليسير مما تستحقه الأعمال التي قمنا بها أثناء الحرب وبعدها...".
وقال (ج2 ص544-545): "فالانكليز يحتكرون الخليج وهم يعززون هذا الاحتكار بنشر سيادتهم على ضفتيه الشرقية والغربية... وهم يأبون أن يكون لسواهم من الأوروبيين أو الأميركيين يد أو رجل أو شراع في تلك البقعة من الأرض. أما في الخليج وفي الجهة العجمية منه فهم آمنون. على أنهم في السواحل العربية لا يطمئنون كل الاطمئنان رغم ما عقدوه من المعاهدات مع أمراء العرب لولا ابن سعود وهو أول المتعاهدين وأكبرهم لما أمنوا التعديات البرية والبحرية. لست مبالغا إذا قلت قد يكون ابن سعود حامي بريطانيا في الخليج...".

وجاء في تقرير للكابتن شكسبير (الجاسوس البريطاني وصديق الملك عبد العزيز) بتاريخ 3 كانون الثاني/ يناير 1915 (قبل مقتله بعشرين يوما): "من المهم أن نلاحظ هنا أن الموقف في جزيرة العرب الوسطىى على قدر استطاعتي أن أحكم عليه من هذا المخيم، هو ودي جدا نحو بريطانية العظمى ومعاد لألمانية ومبغض لتركية... وأقوى عامل، فيما عدى ميول الأمير وأسرته الشخصية، في خلق هذه النتيجة الطيبة في بلاد العرب الوهابية كان البيان البريطاني حول الأماكن المقدسة. فقد قال لي بعض الحاضرين هناك إن عبد العزيز بن سعود أمر بقراءة البيان في أحد مجالسه في "بريدة" حين كان عدد كبير من وجهائه حاضرين، وعلق عليه بأنه دليل على إخلاص بريطانية... ويمكنني القول أن أقول بكل تأكيد إن الحرب الدينية التي كانت الحكومة العثمانية تأملها ليس لها مؤيد في بلاد العرب الوسطى، وابن سعود نفسه قد سجن فعلا ضابطا تركيا في الأحساء أوفد إليه للمساعدة في تدريب قواته على الحرب، وهو يحتفظ بأربعة علماء في "بريدة" في ما يمكن أن يوصف باعتقال شريف. وهؤلاء العلماء الأربعة من المذهب الوهابي ومن سكنة بغداد أو كربلاء، وقد أرسلتهم السلطات التركية للدعوة إلى الجهاد. ويظهر جليا مما تقدم أن الحالة السياسية العامة في أنحاء أقاليم ابن سعود هي أشد ما تكون موافقة لبريطانية". (عن الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، لنجدة فتحي صفوة، ج1 ص386-387).

وجاء (في الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، لنجدة فتحي صفوة، ج1 ص383-385):
"كتاب من الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل السعود إلى المقيم السياسي في الخليج العربي والقنصل العام لجلالته في بوشهر 9 محرم 1333... تسلمنا رسالتكم الفخيمة المؤرخة في 14 ذي الحجة 1333 (3 تشرين الثاني/نوفمبر 1914) التي تفضلتم فيها بأنه سبق لسعادتكم أن ذكرتم في رسالة سابقة أن الحومة البريطانية البهية قد أعلنت الحرب على الحكومة العثمانية وأن تلقيتم من الحكومة البهية تعليمات لدعوتنا إلى التعاون مع صديقينا الكريمين وحليفينا المخلصين – شيخ المحمرة وحاكم الكويت، على مهاجمة البصرة وتحريرها من الحكومة العثمانية، أو المجيء إلى البصرة ومنع وصول أية تعزيزات إليها أو إلى القرنة، إلى أن تصل القوات البريطانية للاستيلاء على المنطقة وتذكرون أيضا تحرير البصرة وعزلها عن السيادة العثمانية، مما هو من أهدافنا الرئيسية في هذا الشأن، وتطلبون إلينا منع نهب البضائع التي تعود للتجارة البريطانيين في مدينة البصرة وما جاورها، وحمايتهم من الأذى وصد القوات التركية عن الأحساء والقطيف، وإجلائها عن مدينتنا. إن التعاون مع الصديقين مع الصديقين المذكورين أعلاه هو واجب علينا. وكذلك علينا أن نبذل مساعينا الحميدة لدى أصدقائنا، لأجل الحكومة البهية، في جميع الأعمال المفيدة التي تتطلبها. وإنني باذل جهودي ومحاولاتي لخدمة المصالح المشتركة لجميع الأصدقاء. ولكم أن تكونوا متأكدين تماما وواثقين من هذه القضية. إنني واحد من أكبر أعوان حكومة بريطانيا العظمى وإنها ستحصل بعون الله على نتائج مرضية، كما ذكرنا لصديق الطرفين الكابتن شكسبير. أما بخصوص الجنود العثمانيين، فإننا لم نسمح لجندي واحد منهم بالبقاء (في هذه الأقسام) بعد احتلالنا وأزحناهم جميعا خارجا. أما فيما يتعلق بالأمور الثلاثة التالية من قبلكم، أي وعد الحكومة البهية بحمايتنا ضد الحكومة العثمانية بمنحنا معونتها وحمايتها لنا في المستقبل ضد أي هجوم أو عدوان قد يأتي من البحر، واعترافها باستقلال مشيختي في جميع أنحاء نجد والأحساء والقطيف، وأن عقد المعاهدات بيننا سيعتمد على وصولنا إلى الكويت. إنني مغادر مقري في هذا التاريخ ومتوجه إلى الكويت وإننا سنجري المفاوضات الشفوية اللازمة، لكي نحصل على موافقة صديقتنا حكومة بريطانيا العظمى. آمل أن تواصلوا دعم الصداقة المخلصة بيننا بإسعاد ذهني بأخبار راحتكم وخيركم وأحوال الحكومة البريطانية. هذا ما لزم بيانه ودمتم موفقين".
"... رسالة من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل بن سعود إلى اللفتنانت كرنل السر برسي كوكس، المقيم السياسي في الخليج العربي مؤرخة في 15 صفر 1333... أما فيما يتعلق بي فقد بعثتم في نفسي الأمل أنه نتيجة ما تم من أمر احتلالكم هذه البلاد فسيكون لدينا سبب أعظم من السابق للرضا، وأن بلادنا ستكون بمأمن من استبداد الحكومة التركية التي عانينا منها في الماضي. إني شاكر لهذا وليس هنالك شك بأنكم أعدل الناس وأكثرهم تقديرا لحقوقنا وحقوق الناس المحترمين. وإنني كنت معتزا دائما بمشاعر الصداقة والاحترام ونحوكم ولا أفكر بأي أمر يكون معارضا لرغباتكم. إنني مقتنع بأنكم أناس صادقون وعادلون... وإننا مقتنعون بأن مصلحتنا وشرفنا يتوقفان على إطاعة أوامركم...".

وجاء (في الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، لنجدة فتحي صفوة، ج2 ص725-727) رسالة من عبد العزيز بن سعود إلى اللورد هاردنغ أوف بنشورست نائب الملك وحاكم الهند العام بتاريخ 16 تشرين الأول/ أكتوبر 1915م: "تلقيت رسالتكم الكريمة... أخذتها بيد الاحترام وتشرّفت بقراءتها، وفهمت بوضوح ما أخبرتموني به، خصوصا فيما يتعلق بالإعراب عن سروركم لتحقيق الصداقة والنوايا المخلصة التي أحملها من صميم قلبي المخلص نحو جلالة الملك الإمبراطور، زيد مجده، ونحو الحومة البريطانية وحكومة الهند. وسروركم ليس إلا علامة عن سمو مشاعركم ورفعة قدركم. وإنني لذلك أعرب عن شكري وحمدي للاعتبار السامي الذي عبّرتم عنه نحو شخصي... إن سعادتكم تعرفون أن مصالحي مرتبطة مع مصالح صديقتي الحكومة البريطانية ضد جميع الدول المحاربة عموما وضد تركية وحلفائها خصوصا لأنهم أعداؤنا. إن العرب غيري قد تكون لهم بعض الحجج (لاتخاذ موقف مختلف)، ولكنني لا أمل لي إلا في الله وفيكم، لأنكم مخلصون وصادقون، فلا آراء لي سوى آراء أصدقائي...".

وجاء في برقية من السر برسي كوكس إلى دائرة الشؤون الخارجية في حكومة الهند بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 1916 (كما في الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، ج2 ص787): "ابن سعود قدم مؤخرا دليلا ملموسا على عدائه للأتراك باعتقاله مندوبهم وتسليمه إلى وكيلنا 700 جمل اشتراها المندوب... وإنني أقترح تخويلي أن أعلن خلال المناسبة نفسها أن جلالته قد منح ابن سعود وسام فارس الإمبراطورية الهندية... ".

وقد تشرّف ابن سعود بقبول الوسام البريطاني وأصبح من "فرسان بريطانيا"، وقال في رسالة إلى السر برسي كوكس (كما في الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية، ج2 ص789-790): "... لقد تسلمت بسرور كتابكم المكرم... وقرأته بسرور وأمل طيب حيث أخبرني بوصول البرقية من سعادة وزير الدولة لصاحب الجلالة البريطانية وكذلك حكومة الهند العالية، تشرح عطفهم الجميل نحو صديقكم الحقيقي والمخلص بتقليده الوسام السامي للفارس القائد لإمبراطورية الهند عربونا عن ثقتهم بولائي وموقفي المساعد لقضية سيادة الشريف واتفاقي الثابت مع حكومتكم العظمى. لقد سررت جدا بتنازلهم اللطيف وحسن نظر صاحب الجلالة. ولا شك أن ذلك يعود إلى لطفكم البالغ وتقديركم للمخلص... أنا أنتظر اليوم حضوركم في المجلس الذي يعقده أخي العزيز الشيخ جابر، وسيحصل لي الشرف بتقليدكم إياي الوسام الرفيع".

يتبع إن شاء الله تعالى...
11 شوال 1434هــ









موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
أحمد, الخلافة, العلماء], العثمانية, الوهاب, [مجموعة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc