الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تحتمل الأمرين، وبكلا المعنيين فسرها بعض أهل العلم، فقد جاء في تفسير القرطبي (14/ 232) : عند تفسيره لآية : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {الأحزاب:56}، قال القرطبي : هذه الآية شرف الله بها رسوله عليه السلام حياته وموته، وذكر منزلته منه، وطهر بها سوء فعل من استصحب في جهته فكرة سوء، أو في أمر زوجاته ونحو ذلك. والصلاة من الله رحمته ورضوانه، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره. اهـ
وقال السفاريني في شرح منظومة الآداب :
والصلاة من الله الرحمة , ومن الملائكة الاستغفار , ومن الآدميين التضرع والدعاء بخير . قال الضحاك : صلاة الله رحمته , وصلاة الملائكة الدعاء . وقال المبرد : أصل الدعاء الرحمة , فهو من الله رحمة , ومن الملائكة رقة واستدعاء للرحمة من الله . وقيل: صلاة الله مغفرته . وهو مروي عن الضحاك أيضا نقله الإمام ابن القيم في كتابه جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام , ولم يرض ذلك , وإنما اختار كون الصلاة من الله تعالى ثناؤه جل شأنه عليه وإرادته لرفع ذكره وتقريبه , وكذلك ثناء ملائكته عليه صلى الله عليه وسلم . وذكر البخاري في صحيحه عن أبي العالية قال : صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه عند ملائكته انتهى . وأما صلاة الملائكة والآدميين فهي سؤالهم الله تعالى أن يفعل ذلك به. اهـ
وجاء في شرح العطار على شرح جمع الجوامع :
قال الشيخ أبو الحسن السندي قيل إن أصلها في اللغة التعظيم، وقال معنى قولنا: اللهم صل على محمد. عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بتشفيعه في أمته ومضاعفة أجره ومثوبته. وقد قال الخطابي: الصلاة التي بمعنى التعظيم والتكريم لا تقال لغيره، والتي بمعنى الدعاء تقال لغيره، ومثل هذا مذكور في الشفاء لعياض نقلا عن القشيري وغيره ...اهـ
والله أعلم.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد