العائق الثاني
الإحساس بالذنب وتأنيب الضمير جراء تجاهل الوسواس
ومن العوائق والمصاعب التي تواجه الموسوس بعد العلاج .. إحساسه الكبير بالذنب وتأنيب الضمير بأنه لم يؤد العبادة على أكمل وجه .. وأنه لو مات على هذه الحال مات على غير الحق !
ولذا تجده يبدأ بالقلق وكثرة التفكير بالموت .. وقد يبدأ بالتفكير بترك العلاج والعياذ بالله !!
لكي يرتاح من تأنيب الضمير .. !!
والسبب في هذا الشعور .. أن الشيطان همه الأول والأخير هو إظلال بني آدم وإدخالهم النار .. ألم يقسم الشيطان بعزة الله أن يغوي الناس أجمعين !!
قال تعالى : (
قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ) .
والشيطان أول ما يبدأ بالإنسان .. يزين له المعصية والفسوق ويضعف من حبه للعبادة ومن أدائها .. فإن عجز عنه أتاه من الطريق الآخر وهو الإفراط الشديد في أداء العبادة وتشديدها على الإنسان وهو مايسمى بـ ( ( الوسواس ) ) .
وبهذه الطريقة يجني الشيطان نفس النتيجة حيث يبدأ الإنسان بتأخير الصلوات عن وقتها وأحيانا يمر عليه اليوم واليومين وهو لم يستطع الصلاة ويبدأ الإنسان يترك النوافل لانشغاله بأداء الفرائض فلا يفرغ منها حتى يكون التعب بلغ من كل مبلغ !! !
ثم يبدأ يتسلل إلى قلبه الشعور بكره العبادة والعياذ بالله !
فتجد الموسوس أحيانا يكون مسرورا سعيدا .. وبعد أن يؤذن للصلاة تنقبض نفسه ويضيق صدره !!
ليس من أجل الأذان .. كلا وحاشا ، ولكن لمعرفته بما سيكون بعد الأذان .. من هم وتعب ونصب !
فبالله عليكم ما الفرق بين الفاسق والموسوس ؟
أليست النتيجة واحدة ؟
كلاهما يؤخر الصلاة عن وقتها ،،
وكلاهما يفرط بالنوافل .. ويتململ عند أداء العبادة !!
بل إن الفاسق والعياذ بالله قد يكون خيرا من هذا الموسوس .. لأنه قد يتوب ويعود إلى الله أما هذا الموسوس فقد يصل به الوسواس إلى أن يترك الصلاة نهائيا !!
ولذالك .. فعندما يبدأ الموسوس بالعلاج .. وتبدأ عليه أمارات الشفاء من أداء الصلاة في وقتها ومن أدائه للنوافل .. وحبه للعبادة حيث أن الموسوس في بداية العلاج يتمنى أن يؤذن للصلاة لكي يرغم الشيطان ويمرغ أنفه ويؤدي العبادة كما أمره الله بها .
فعند ذلك تثور ثائرة الشيطان ويعلم أن هذا الإنسان قد فلت منه ..!
حيث يعلم أنه لن يترك العبادة ولن يستطيع أن يوصله إلى الفسق فقد عجز عنه في السابق !!
وليس له عليه طريق إلا بالوسواس !!
فيبدأ الشيطان لعنه الله باستغلال خوف الموسوس من النار وحبه للكمال في أداء عباداته بإثارة الشبهات عليه وإثارة الأحزان ، بأنه لم يؤد العبادة كما أمره الله بها
وأنه لو مات مات على الكفر والعصيان .. !!
فيبدأ الموسوس المسكين .. بالقلق والخوف فهو ما وقع في الوسواس إلا خوفا من النار !! .. ولم يترك الوسواس إلا خوفا من النار !!
فما هو الحل ؟
نعم ما هو الحل ..!
فكما رأيت أخي الموسوس .. فإن هذا الشعور الذي أحسستَ به بعد أن بدأت تسير في الطريق الصحيح طريق محمد صلى الله عليه وسلم وطريق صحبه الكرام
ما هو إلى كيد من الشيطان ليصرفك عنه .. ووسوسة منه لكي ينال منك .
فاحذر أشد الحذر !
وانتبه أن تقع في خطوات الشيطان فإنها توردك المهالك .
واعلم أن إصابتك بالوسواس منذ البداية كان بسبب هذا الشعور !
وبعد أن أصبت به بدأت تبحث عن الحل !!
فكيف بك أخي وأختي الموسوسة بعد أن نجاكم الله منه تقعون به مرة أخرى !!
فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .. والمؤمن كيس فطن .
واقرأ قول الله تعالى : {
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }
فاطر6
جاء في التفسير الميسر (
إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة ) .
وقال صاحب تفسير الجلالين :
(إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) بطاعة الله ولا تطيعوه (إنما يدعو حزبه) أتباعه في الكفر (ليكونوا من أصحاب السعير) النار الشديدة .
فاحذر أشد الحذر من طاعته أو الرضوخ لوسوسته .. ولعلمك أخي فإنني والله شعرت بهذا الشعور وأشد مما تشعرون به ولكنني قاومته وبشده وصادف أن جلست في مجلس كان به أحد العلماء الذين يعلمون حالي .. فسألني عن حالي حيث أنني غبت عنه فترة طويلة فأخبرته أنني تركت الوسواس نهائيا إلى غير رجعة بإذن الله .. ولكن هناك شعور يكاد يقتلني !!
فقال الشيخ :
وماهو ؟
قلت :
بعد أن تركت الوسواس بدأت أشعر وكأنني مقصر في عباداتي .. وأحس أنني لو مت كنت من أهل النار ولي على هذا الحال أسبوع كامل !!
فقال الشيخ :
ه
ذا من الوسواس .. فتجاهله واتركه جانبا !! واعلم أنك الآن بدأت تبعد عن النار .
فأنت الآن تسير على طريق نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه حيث لم يكن فيهم موسوس .
فاطمئن وسيزول عنك هذا الشعور .
وفعلا يا إخوتي الأفاضل والله إن هذا الشعور زال عني ولله الحمد .. وبدأت أتقلب في سعادة غامرة أسأل الله تعالى أن يديمها علي ويهبكم مثلها إنه هو القادر على كل شيء .
العقبة الثالثة ..!
وهي العقبة الكؤود وهي أصعب العوائق التي تواجه الموسوس بعد تطبيق العلاج
وهي :تسلل الضعف والتراخي إلى عزيمته !
فمن أهم العقبات والمصاعب التي تواجه الموسوس بعد تطبيقه لطريقتنا بالعلاج والعزم على ترك الوسواس !!
حيث يكون قويا .. شديد العزيمه ثم مايلبث أن يدب الضعف والتراخي في عزيمته .. فبعد أن كان قويا شديد الصمود أمام الوساوس
يغلبها في جميع أحواله .. يجد نفسه وقد بدأت تلين أمامها.. وبدأ الوسواس يغلبه أحيانا !!!
ومن هنا أقدم صرخة مدوية في وجوه الإخوة الموسوسين إياكم ثم إياكم ثم إياكم !! من التراخي بعد القوه !!
فوالله إنها الطامة الكبرى والمصيبة العظمى !!
بل هي والله بداية النهاية .. ونهاية البداية!!
نعم ..هي بداية الهزيمه .. ونهاية العزيمه !
واعلم .. أن مدمن المخدرات .. إذا انتكس بعد شفائه ..! يكون حاله أسوأ من الأول بكثير !!
وانظر إلى الإخوة الملتزمين حديثا .. إذا انتكسوا بعد هدايتهم !!
تجد أنهم يغرقون في المعاصي أشد من الأول بكثير !
وهذا هو الحاصل .. لمريض الوسواس !!
فلو انتكس بعد العلاج .. ستكون حالته أسوء من الأول إذا لم يتدارك نفسه ويقوي عزيمته مرة أخرى .
قد تتسائلون وتقولون وما هو الحل ؟!!
فأقول :
الحل .. يكمن في معرفة سبب التراخي المؤدي غالبا للانتكاسة !!
فالتراخي له أسباب كثيرة سأتكلم عن أهمها وهي :
أولا : تعرض الموسوس لظروف قاهره تصيبه بالحزن والاكتئاب !
وفي هذه الظروف تنشط الوساوس .. وتضعف العزيمه ثم تحصل الانتكاسة بعد ذلك .
وهذا هو الغالب عند الإخوة المنتكسين !
ولذا
يجب عليكم أيها الإخوة والأخوات أن تكونوا أقوياء جدا عندما تواجهكم هذه الظروف القاهرة ولا تستسلموا للوساوس بسببها!
لأن الصمود في الظروف القاسية هو قمة الانتصار وهو أكبر دليل على قوة العزيمة واستحالة رجوع الوسواس مرة أخرى بإذن الله .
لأنكم لو استسلمتم عند كل ظرف قاهر فمعنى هذا أنكم لن تشفوا أبدا لأن الإنسان معرض للظروف القاهرة إلى أن يموت .
ولا يمكن أن يوجد شخص خال من الظروف القاسية إلا من رحم الله .
ولذلك .. يجب الصمود في فترة الظروف القاسية حتى يكسب الإنسان ثقة أكبر بقدرته على مقاومة الوسواس إلى النهاية ولكي يكون مطمئنا بعدم رجوعه إليه مرة أخرى .
وسأضرب لكم مثالا يوضح ما أقصد :
افرض أيها الأخ أو الأخت أن هناك عدو يريد قتلك مثلا لا سمح الله .
وكنت ( قويا صحيحا معافا ) ولكنك مصاب بمرض ما .. يأتيك مرة كل شهر في الغالب ( حيث تصاب بخمول وضعف بسببه )
وأنت في حال سلامتك من المرض أقوى بكثير من هذا العدو..ولا يستطيع الاقتراب منك أبدا .
لكن عندما يأتيك هذا المرض يتجرأ عليك هذا العدو وقد ينتقم منك !!!
فما رأيك بهذا الأمر ..!
هل يمكن أن تكون مطمئنا تجاه هذ العدو ؟!
بالطبع لا .. لأنك تعرف أنه يتربص بك إلى أن تصاب بهذا المرض فيقضي عليك .
ولذا تجد نفسك دائما قلقا وخائفا من حدوث هذا المرض الذي يستطيع العدو من خلاله القضاء عليك .
لكن افرض أنك قمت بتدريب نفسك وتقوية جسمك بحيث أصبحت تستطيع القضاء على عدوك حتى وأنت في فترة مرضك .
فما رأيك الآن ؟
هل ستبقى قلقا خائفا ؟!
أم أنك ستكون أكثر أمانا وأكثر اطمئنانا .. حيث أنك قادر على القضاء عليه في أي وقت وفي أي لحظة بإذن الله .
بالطبع ستكون مطمئنا .. ولن تتعرض للخطر أبدا بإذن الله تعالى .
وهذا هو الوسواس .. يجب عليك التغلب عليه حتى في أشد الظروف القاسية .. واعلم أنك قادر على التغلب عليه في أي لحظة بإذن الله المهم أن تعزم على ذلك وتتوكل على الله .
ولا تدع الوسواس يغلبك أبدا حتى ولو كنت في أشد الظروق قهراً وشدةً .