نشأة وتطور الجباية
باعتبار الجباية المورد الأساسي الذي تعتمد عليه اقتصاديات الدول لسد نفقاتها العامة، ففي قديم الزمان كان الأفراد يعيشون جماعات وعشائر متناثرة وهائمة في بقاع الأرض، ولم تكن هناك مرافق مشتركة توجب فرض الضرائب، فكان مجتمع فردي لا يخضع لنظام جماعي منظم، ولكن مع تزايد سكان المعمورة والتطور العام أدى إلى خلق حاجات مشتركة كالأمن العام والفصل في الخصومات، فأصبح لهؤلاء الأفراد احتياجات ضرورية مما اضطر الحكام أو رئيس العشائر إلى الاستعانة بالهبات، ونظرا لقلة هذه الأخيرة وعدم كفايتها تم اللجوء إلى فرض تكاليف إلزامية على الأشخاص أولا وعلى الأموال ثانيا، ومع زيادة حاجات الممالك تم فرض ضرائب على الأشخاص، فتم فر ض تكاليف عامة على الأسواق والمتاجر ونظرا لعدم كفاية ذلك تم فرض تكاليف مباشرة وأصبحت واجبا تضامنيا، ولقد مرت الجباية أو التكاليف العامة بعدة مراحل جاءت على النحو التالي:
في البداية كانت معدومة ثم أصبح لها صفة تطويعية اختيارية، وبعد ذلك أصبحت إلزامية (الرسوم) ثم قهرية وجشعية (الضرائب غير المباشرة)، وفي الأخير أصبحت واجبة تضامنية (الضرائب المباشرة)، كما أصبحت للضريبة وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية وأداة لمعالجة دورات الركود والتضخم وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والحد من التفاوت الكبير في توزيع الدخول والثروات، ورفع مستوى المعيشة للملايين من البشر على وجه المعمورة.
تعريف الجباية العامة وخصائصها
سوف نتطرق إلى تعريف معنى الجباية العامة في الاقتصاد الوطني واهم الخصائص التي تتميز بها من خلال مشاركتها في الإيرادات العامة للدولة.
1. تعريف الجباية العامة: تعتبر الجباية العامة في عصرنا الحالي من أهم الإيرادات التي تستعمل في تسيير إيرادات الدولة وتلبية حاجياتها، فالجباية هي ذلك النظام التشريعي الموضوع حيز التطبيق لضمان إجراءات من اجل تحصيل إيرادات لتغطية نفقات الدولة بصفة مباشرة، إذ تحتل مكانة بارزة نظرا لثباتها وإلزاميتها، وتتمثل الجباية العامة أساسا في الجباية العادية والجباية البترولية.
2. خصائص الجباية العامة: باعتبار الجباية العامة متكونة من جباية عادية وأخرى بترولية، فتختلف الخصائص من واحدة إلى أخرى، فإذا بدأنا بالجباية العادية فنجدها تتميز بـ:
أ/- مساهمات مالية هدفها هو تحقيق المنافع العامة، حالة الضرائب أو المنافع الخاصة، حالة الرسوم.
ب/- أموال تقتطعها الدولة إما جبرا، حالة الضريبة أو مقابل خدمة.
أما إذا تحدثنا عن الجباية البترولية فتتميز بـ:
جـ/-هي موارد مالية متاحة تعتمد عليها الدولة في جلب الأموال التي تحتاجها في تغطية نفقاتها المبرمجة.
طرق تقدير وعاء الضريبة
توجد أربع طرق لتقدير ذلك، يمكن إدراجها فيما يلي:
أ) التقدير الإداري المباشر: بحيث هنا تقوم الإدارة الجبائية بذاتها بتحديد قيمة المادة الخاضعة للضريبة، وهذا استنادا إلى عناصر شتى التي تستطيع الحصول عليها، بما في ذلك إقرار يتقدم به الممول يتضمن دخوله الإجمالية ومختلف البيانات، وللمكلف الحق في الاعتراض حتى يتجنب جحافة الإدارة، وهذا الاعتراض عبارة عن حد من تسلط إدارة الضرائب، وهذا في حالة قيام الإدارة الضريبية بتقدير قيمة الضريبة بمفردها، وتغالت في ذلك.
ب) التقدير على أساس المظاهر الخارجية: ويتم هذا على أساس المظاهر الخارجية أو القرائن المحيطة بالمكلف أو نشاطه الخاضع للضريبة، وهي تقوم على أساس العلاقة المفترضة بين حجم دخل المكلف والمظاهر المحيطة به، وتتميز هذه الطريقة بالسهولة والبساطة والاقتصاد في النفقات الجبائية، وتخفيف حدة المشاكل بين الممولين وإدارة الضرائب.
ج) طريقة التقدير الجزافي: ويكون ذلك بالاتفاق بين المكلف والإدارة الجبائية، وبمقتضى ذلك يتم تقدير مادة الضريبة على اساس افتراضي وذلك لفترة معينة، وهو أمر يبتعد عن دقة التقدير، ويتم الاستعانة به في أضيق الحدود، وهذا في حالة عدم توفر دفاتر منتظمة تبين القيمة الحقيقية للوعاء الضريبي
د) طريقة الإقرار المباشر: وهنا إدارة الضرائب تلزم المكلف بتقديم تصريح لها عن حقيقة نشاطه ودخله، وقد ينوب عنه شخص آخر بتقديم الإقرار، ويجب على إدارة الضرائب التحكم في عملية الرقابة للحد من التهرب والغش الضريبي.
الجباية العادية
تحتاج الدولة إلى الإنفاق ليمكنها من القيام بالواجبات الملقاة على عاتقها لتسيير المصالح العامة، وقد حصل تطور كبير في مفهوم المصالح العامة التي يجب على الدولة أن تؤمن تسييرها، فبينما كان اهتمام الدولة يقتصر على توطيد الأمن الداخلي ورد الاعتداء الخارجي وإقامة العدل بين الناس، أصبحت اليوم تشمل أكثر النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فمن مهام الدولة الأولية في أيامنا هذه أن تقوم بأكثر المشاريع العمرانية الكبرى، وان تعمل على تحسين شروط المعيشة، وتحمي الاقتصاد الوطني وتزيد الثروة الوطنية وتعالج الأزمات الاقتصادية ... الخ.