تعد الشراكة إستراتجية تموينية في المؤسسات في إطار تعاوني يتركز على تحمل الأرباح و الخسائر طبقا كل منها حاليا و فنيا، و لهذا سنتطرق في هذا البحث إلى التعاريف المختلفة للشراكة الأجنبية خصائصها و أسباب اللجوء إليها و كذا تسليط الضوء على مختلف أنماطها و إبراز أهم أشكالها الأساسية
مفهوم الشراكة و خصائصها و أسباب اللجوء إليها .
مفهوم الشراكة مجال واسع يتطلب حصره في معنى دقيق للتمكن من فهمه و فهم الأفكار المنبثقة منه ،فقد تعددت التعاريف حول هذا المفهوم لكنها تتوافق في الفكرة العامة و بالتالي إستخلاص أهم الخصائص ، هذا ما سنتناوله من خلال هذا المطلب .
تعريف الشراكة
هناك عدة تعاريف للشراكة الأجنبية و التي يمكننا من خلالها التوصل إلى المعنى الحقيقي لهذا النوع من الاتفاق التعاقدي الدولي نذكر منها
أولا : حسب قانون لاروس
هي عبارة عن نشاط إقتصادي ينشأ بفضل تعاون الأشخاص ذوالمصالح المشتركة لإنجاز مشروع معين ، و طبيعة التعاون يمكن أن تكون تجارية أو مالية أو تقنية أو تكنولوجية .
ثانيا: حسب قاموس التسيير
الشراكة هي نوع من التعاون الدائم بين المؤسسات المستقلة ، فالتعاون الثانوي المخصص الذي يوجد بين مؤسستين بصفة دائمة يمكن أن يكون إشهارا و خاصة المبادلات فهي ترتكز على علاقات التعاون المتعلقة بالإعلام المتواصل و المهارات المشتركة .
ثالثا : حسب رجال الفكر الاقتصادي : هانل و براد وريش ، منكين.
أ : تعرف الشراكة على أنها نموذج من العلاقات الخاصة ذات روابط متينة تجمع بين مؤسستين في أغلب الأحيان تكون طويلة المدى بحيث تتعدى إطار العلاقات التجارية العالمية و التي تهدف إلى خدمة الزبون النهائي.
ب : تعرف الشراكة على أنها الوسيلة الوحيدة و المنفصلة للدخول و الإستفادة من التكنولوجيا الجـديدة و كفاءات التسيير الإستراتيجي ، و أسواق جديدة وراقية و التطور و المراقبة و الوصول إلى درجة تنافسية
رابعا : يوسف بن مختار :
الشراكة هي شكل من أشكال التقارب و التعاون بين المؤسسات الإقتصادية باختلاف جنسياتهم قصد القيام بمشروع معين يحفظ لكل من المؤسستين مصالحها في ذلك
خامسا : حسب مصطفى بن شنآن :
أ : تعرف الشراكة على أنها عامل إدماج و تطور و يعتبر كذلك مشروع مجتمع لأن يهدف إلى التطور الاقتصادي و الإجتماعي.
ب: الشراكة هي إمكانية طلب و استشاره طرف آخر ( مؤسسة مجتمع أشخاص) من أجل تحقيق غابات معينة خلال فترة زمنية معينة
ومن خلال كل التعاريف التي تطرقنا إليها يمكننا إستنتاج أن الشراكة تنطوي على الجوانب التالية :
* هي إتفاق طويل الأجل بين طرفين ، إستثمار وطني و آخر أجنبي لممارسة نشاط إنتاجي داخل دولة البلد المضيف .
* قد يكون الطرف الوطني شخصية معنوية تابعة للقطاع العام أو الخارجي.
* ليس بالضرورة تقديم للشريك الأجنبي حصة في رأس المال رأي أنه قد تتم الشراكة من خلال تقديم الخبرة و المعرفة أو العمل و التكنولوجيا بصفة عامة .
* لابد أن يكون لكل طرف من الأطراف الحق في المشاركة في إدارة المشروع و هذا هو العنصر الحاسم في التفرقة بين عقود الشراكة و باقي عقود التحالف .
* تقوم الشراكة في البلد المستقبل من أجل دفع وتيرة النمو الاقتصادي ، بينما البلد الأجنبي تكون علاقة الشراكة بهدف اقتحام و توسيع أطراف جديدة .
خصائص الشراكة
للشراكة الأجنبية جملة من الخصائص تتميز بها عن مثيلاتها من المشاريع الاستثمارية الأجنبية الأخرى نذكر منها:
أولا : ثنائية أو تعدد إتخاذ القرار : سواء كان المشروع المشترك بين الطرفين أو أكثر فإنه سيبقى مستقلا استراتجيا و كون هذا المشروع في حاجة إلى التّأقلم مع البيئة الخارجية ، فإنه يحتاج للحصول على قرارات سليمة ،و هنا تظهر ميزة تعدد مراكز القرار التي تجعل من هذا القرار أكثر تعقيدا في التسيير عن غيره من المشروعات الكلاسيكية ذات مراكز القرار الواحد .
ثانيا : المصالح المتضاربة : إن الاستقلالية التي تملكها الأطراف المتشاركة ، وسعيها المستمر نحو المحافظة على أهدافها و مصالحها الخاصة ،و التي قد تختلف في ترتيبها من مشروع لأخر إن لم تكن متضاربة تجعل المشروع الجديد عرضة لتضارب المصالح و الأهداف التي تسعى الأطراف إلى تحقيقها و غالبا ما تكون أهداف بعض الأطراف خفية و خاصة التي تمتاز بالتخطيط طويل المدى مثل هذه الوضعية ممكنة الوقوع ففي عقود الشراكة التي يكون المورد أحد الأطراف فيها يحدث صراع بين أهداف المورد الذي يسعى للتوريد بأثمان باهضة ،و أهداف المشروع الذي يسعى لتخفيض تكلفة الشراء و التحكم فيها إضافة إلى أنه من المحتمل تغير الأهداف لأن تأثيرات البيئة على الأطراف لا تكون بنفس الدرجة، فإن مواكبة هذه التغيرات تكون بما يحقق المصالح الخاصة للأطراف و التي في النهاية قد تكون متضاربة.
ثالثا : عدم الاستقرار: تعتبر الشراكة شكل من أشكال التقارب و التعاون بين الأطراف و تعرضها لعدم الإستقرار وذلك لعدم استقرار الأهداف و المصالح و هذا ما أثبتته العديد من الدراسات الإحصائية
أ: دراسة (H.R.Homigan) : والذي أثبتت بعد دراسة 880 حالة شراكة أن 40% منها تجاوزت مدتها و أقل من 15% فقط تستمر إلى أكثر من 10 سنوات .
ب: دراسة ( J.Bleek) : و التي أسفرت أن 50% في المشروعات تختفي بعد أقل من خمسة سـنوات و أن ثلاث أرباح الإختلافات تعني حصول أحد الأطراف على المشروع المشترك .
الفرع الثالث : أسباب اللجوء إلى الشراكة
إن الشراكة تنـشأ نتيجة أوضاع و مشاكل تعاني منها المؤسسات في عالم تسوده التّكتلات الاقتصادية و التجارية الكبيرة ، و تلعب الشراكة دورا هاما و أساسيا للمؤسسة و هذا راجع للأسباب التالية :
أولا : دولية الأسواق :(Internationalisation de Marches):
شهدت تكاليف النقل و الإتصال إنخفاضا وتقلصا بارزا نتيجة وسائل الإعلام الآلي و أجهزة المواصلات خاصة مع ظهور شبكة الأنترنت ،و التي تعد قفزة نوعية في عالم الإتصال ووسيلة لتسهيل مهام المبادلات التجارية و التقنية بين الدول في إطار التعامل الدولي علاوة ، على الدور الذي تلعبه في تزويد المؤسسة بكل المستجدات العالمية التي قد تؤثر فيها أو تتأثر بها .إن نظام دولية الأسواق في ظل هذا التطور اللاّمحدود للتكنولوجيا يفرض على المؤسسة من جهة الاهتمام الدائم بهذا التطور و محاولة المواكبة معه ،ومن جهة أخرى إنفتاحا أكبر على جميع الأسواق بفرض تسويق منتجاتها و ترويجها و تطوير كفاءاتها بكل ما أتيت من إمكانيات .
ثانيا : التطور التكنولوجي (L’évolution de la Technologie):
يعد التطور التكنولوجي عاملا أساسيًا في تطور المؤسسة الإقتصادية ورواجها و تفتحها على الأسواق الخارجية نظرا للتغير المستمر للتطور التكنولوجي ، فمن الصعب على المؤسسة الإقتصادية مواكبته، فإضافة تكاليفه التي قد تشكل عائقا أمامها مما يستدعي اللّجوء إلى سياسة الشراكة لتقليص الأبحاث التكنولوجية.
ثالثا : نمط التغيـــر : إن نمط التغيير يشهد تطورا كبيرا نتيجة للتغيرات المستجدة على المستوى الدولي و المحلي ،و نظرا لكون الوقت عاملا أساسيا في سير المؤسسة و في ديناميكيتها فإن هذا الأمر يستدعي أن تعمل المؤسسة جاهدة لتدارك النقص أو العجز الذي تعاني منه ، إن الثلاثية المتكونة من كل من الولايات المتحدة الأمريكية و المجموعة الأوروبية و اليابان لا تشكل فقط نصف السوق العالمية للمواد المصنعة ، بل تشكل نصف النّشاطات و البحث و التطوير ، فالتغيرات المتواترة للمحيط الدولي على كافة المستويات تستدعي إهتماما بالغا من المؤسسات الاقتصادية و في نفس الوقت حافزا للــدخول في الشراكة و التعاون مع المؤسسات الأخرى لتفادي الأخطار و تقاسمها .
رابعا : المنافسة بين المؤسسات :
إن نظام السوق يدفع المؤسسات الإقتصادية إلى استخدام كل طاقاتها في مواجهة المنافسة محليا و دوليا والشراكة باعتبارها وسيلة للتعاون و الإتحاد بين المؤسسات بإمكانها مواجهة المنافسة الشديدة
باستغلالها لإمكانياتها في التقدم و الابتكارات التكنولوجية واقتحام السوق السيطرة أو التحكم بواسطة التكاليف.
أدعوا لنا بالتوفيق و الصلاح