مدخـــــــــــــــــل:
بسم الله الرحمن الرحيم
( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) (الرعد:11)
(وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)(محمد: من الآية38)
إن الناظر و المتمعن في الواقع الذي تعيشه أمة الإسلام اليوم ليحار من سوء ما آلت إليه الأمة، فهي تعيش واقعا
مؤلماً , و ذلا تتأبى النساء عن قبوله ،كل هذا الذل و الهوان يتجرعه أبناء الأمة بصمت و سكون و كأنهم لا
يحبذون تغييره ،
فهل فقدت هذه الأمة مقومات التغيير و التجديد ؟,
أم أن شيء قد طرأ على معتقداتها فجعلها مهيأة لقبول هذا الواقع و الركون إليه ؟
نحن نعلم أن عزة هذه الأمة مرهون بمعادلة ربانية طرفها الثاني هو الإسلام، فبقدر تمسك أبناء الأمة بالإسلام
يكون العز و الرفعة0 و بقدر بعدهم عنه يكون الذل و الهوان , إذاً بقدر تذللنا لله تكون رفعتنا على أعدائه، و
بقدربعدنا عنه يكون ذلنا لهم و رفعتهم علينا
هذا القانون الرباني الذي ربط عزة هذه الأمة بالإسلام و الجهاد منه بشكل خاص, و جعل ذلها في الركون إلى
الدنيا و زينتها هو الذي جعل أعداء المسلمين يلهثون خلف أي سبيل يؤدي إلى فصل المسلمين عن دينهم ,, فلا
نبالغ لو قلنا أنهم أصبحوا أعلم من الكثير من المسلمين بمواطن الضعف و القوة في هذه الأمة ،لذلك و في الزمن
الذي هم عاجزون فيه عن أستأصال الإسلام ممثلا بالمسلمين كانوا يسعون و بشكل فعّال من أجل تغريب
المسلمين عن دينهم0
كيف ذلك ؟؟؟؟
الإنسان المسلم و العربي خصوصا يتميزون بصفات تفقدها بقية الأمم،
هذه الصفات منها ما هو موروث و منها ما هو مكتسب من أسمى الأديان السماوية ألا و هو الإسلام , فالمسلم
يمكن تطهيره و تنقيته بلحظات لو قدر الله له ذلك , توبة صادقة و موقف تذلل يقفه العبيد بين يدي خالقه كافية
لبعث جذوة الإرهاب في نفسه فيسهل بيعها عند أول صيحة حيا على الجهاد00
( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ
حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:111)
فالجهاد هو الأداة العملية التي تحقق عزة الأمة ، و العزة هي التي تعزز في نفس المسلم الإباء ، فعزة المسلم
جزء من عزة الأمة، و ذل الأمة يعني ذل المسلمين0
صحيح الترغيب والترهيب : المجلد الثالث - 2893 ( صحيح موقوف )
(وعن طارق، قال: خرج عمر رضي الله عنه إلى الشام ومعنا أبو عبيدة ،فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له، فنزل وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه وأخذ بزمام ناقته فخاض ،فقال أبو عبيدة :يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا , ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك، فقال: أوه ولو يقل ذا غيرك أبا عبيدة لجعلته نكالا لأمة محمد ، إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام ، فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله)
رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما
إنه الإسلام خاتم الشرائع على الأرض , كرم الله به هذه الأمة , حين أخرجها به من عبادة الأوثان إلى عبادة
الرحمن، و قال لهم سبحانه:
( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (56)
مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (الذريات:57)
أراد الله منّا هجر الدنيا و العمل للآخرة، فهجرنا الآخرة و صارت الدنيا أكبر همنا و وقع علينا قول رسولنا
محمد صلى الله عليه و سلم كما جاء في الحديث الصحيح
سلسة الأحاديث الصحيحة : المجلد الأول - الصحيحة
(إذا تبايعتم بالعينة ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم )
لقد فعلنا ما هو أكبر من هذا كله , لقد تبعنا أذناب النصارى و اليهود و قلدناهم في كل ما يغضب الله مصداقا
لحديث رسول الله
السنة : المجلد الأول - 74 ) صحيح (
( حدثنا محمد بن عوف، حدثنا أبن أبي مريم، حدثنا أبو غسان ،حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
""لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لسلكتموه ، قالوا: يا رسول الله من !؟ اليهود والنصارى!؟ قال فمن إذاً ! "")
اليهود أعداء الله و رسله لديهم الخبرة الكافية و الطويلة في إفساد الأديان و المعتقدات ،
والنصارى حمقى ليس لديهم دهاء اليهود و خبثهم، لذلك لم يستطع النصارى طول القرون الماضية أن يزعزعوا
أركان الدولة الإسلامية خلال القرون الماضية بالرغم من القدرة العسكرية المتمثلة في أوربا بأكملها، فقد خاضوا
حروبا طويلة مع المسلمين و بالرغم من اختيارهم لظروف صعبة كانت تمر بها دولة الإسلام إلا أنهم ارتدوا على
أعقابهم خاسئين في النهاية0
بينما أستطاع اليهود و في أوج قوة الدولة الإسلامية اختراق طائفة من المسلمين فزرعوا بذرة تحمل ذات السموم
التي زرعوها في جسد الديانة النصرانية، فخرج من رحم هذه البذرة مولود شاذ أشبه ما يكون بشقيقه النصراني
و أبوه اليهودي00 إنهم (الرافضة و الفرق الباطنية) التي مارست منذ مولدها دور الفيروس القاتل
في جسد هذه الأمة 0
نعم أخوتي فيروس محجم القدرة ،لكنه ما إن يتحسس أي ضعف في جسد الأمة حتى تراه قد استأسد ,
فراح ينهش في جسدها ككلب أجرب 0
إذا كانت المعوقات أمام اليهود هي القدرة العسكرية ،و هذه القدرة لن تتوفر لديهم إلا عن طريق صنيعتهم (
النصرانية )، فكان لزاما عليهم أن يصلحوا خطأ قديم أوقعوا أنفسهم به أثناء محاولتهم المستميتة للقضاء على ما
جاء به نبي الله عيسى عليه السلام،
إنها الثغرة التي ذاقوا وبال عملهم لها طوال القرون الماضية، إنها مسألة صلب الرب ,
فالنصارى يتهمون اليهود بأنهم قد صلبوا ربهم، و هذه المسألة ليست من السهل تجاوزها عبر
بروتوكولات و إتفاقيات0
كان لا بد لليهود من أستأصال هذه العقبة ليضمنوا ولاء و طاعة النصارى لهم دون أن يحدث انقلاب في اللحظات
الحاسمة و التاريخية00
اليهود يمتلكون المال و الدهاء و الخبث و الدياثة ،والعالم على مشارف تغيرات صناعية هائلة في ظل زوال سيطرة
الكنيسة على الدولة و بروز الأفكار الديمقراطية و التحررية و التي كانت من عملهم أيضا، وتظهر البروتستنتية
كمذهب بديل متحرر في ظاهره لأنه يخلص المسيحي من سيطرة القس و الكنيسة، لكنه في الجانب المظلم يربط
النصارى باليهود من خلال تلازم كتابي العهد الجديد و القديم0
تبدأ هذه الطائفة بالانتشار في ظروف مناسبة، و يبذل اليهود المال و النساء، و يسيطروا على القادة و المسئولين،
و خلال أقل من قرنين كان الشيطان اليهودي يمتطي الحمار الصليبي ليقوده في مشروع إنشاء دولة إسرائيل
الكبرى ،و التي تعتبر الشرط الأساسي لنزول الرب النصراني ،و لأول مرة منذ قيام دولة الإسلام يتحد اليهود و
النصارى ضد المسلمين 00
مصداقا لقوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة:51)
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ) (المائدة:52)
و بدأ مسلسل تولي اليهود و النصارى بعد أن تولى بعضهم بعضا، و تسابق أشباه الرجال من هذه الأمة للوقوع
في الفخ الذي أنذرنا منه ربنا منذ أكثر من أربعة عشر قرن0
لم يتكلل عمل اليهود بهذا النصر فقط، بل زادوا على ذلك رفعةً و علواً ،
حتى أصبحت أمم الأرض قاطبة تتربص بالإسلام الدوائر، لقد جندوا أمم الأرض بعد أن خدروا المسلمين و العرب
خصوصا خلال قرن تقريبا00
قتلوا خلالها مواضع العزة في نفس المسلم و قيدوهم في سجون كبيرة،
لا يستطيع المسلم أن يهب لنجدة أخيه المسلم الذي يقتل و يشرد على بعد أمتار منه،
مسألة حيكت في غاية الدهاء و المكر، لم يعد للمسلم مكانا يهاجر إليه، لقد ضاقت الأرض على المسلمين بما
رحبت ،
كلاب الليل باتت تطرق الباب نهارا جهارا ،لم يعد هناك أي شيء يمنعها من ذلك , أعراض المسلمين تنتهك و يا
ليتنا نستفيق من سباتنا00
نعم لا سبيل لنا إلا الاستيقاظ من سباتنا لنرجع إلى خالقنا و كافلنا ،إلى من تعهد لنا بالنصر إن نحن نصرنا دينه
فهل سنستفيق قبل أن نصحوا على واقع أشد قسوة00عندما لن ينفع النادم ندمه، عندما لن يتبقى من جند الله
على الأرض إلا طائفة قليلة، أي و الله لأن لم نستفق ليستبدلننا الله بمن هم خيرا منّا0
(هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) (محمد:38)
أخوتي الأفاضل 00تقدم القول بأن اليهود اليوم و أمم الأرض قد تجمهروا ضد أمة الإسلام ليضربونا من قوسٍ
واحد ، فهل حدث مثل هذا الأمر من قبل ؟؟؟
لا،لم يحدث هذا الأمر من قبل، لكن هل حذرنا رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم من هذا المصير و هو الناصح لنا ؟؟
نعم ، أيها الأخوة حذرنا حبيبنا محمد جزاه الله عن أمته خير الجزاء
من هذا الحدث المرير، بل زاد في ذلك أن وصف الداء و الدواء فهل من متعظ 0
سلسة الأحاديث الصحيحة : المجلد الثاني- 958 ( الصحيحة )
(يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير ؛ ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن . فقال قائل: يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت . )
***
لقد صارت أمم الأرض تشجع بعضها البعض للنهش من القصعة الذليلة المتمثلة بنا نحن المسلمين ،فهل سمعتم
بقصعة قد منعت الأيدي من تناول الطعام منها ؟؟
إن هذا المثل يضرب لمن تجلل بالخزي و المهانة و الذل من أعلى رأسه حتى أخمص قدمه
،و نحن أمة الإسلام اليوم أذل من شاة بين يدي ذئب لئيم 0
فما هو الدواء ؟و ما هو العلاج قبل أن يستفحل المرض و يصبح الحل الوحيد هو بتر العضو المريض ؟؟؟
الحل هيّن 00لكن هل من مستجيب ؟؟
إنا علاجنا في العودة إلى خالقنا، إلى الله ناصرنا و مولانا ، ونبذ الدنيا و أتباع من سبقنا ،أولئك الذين ما
ترجلوا عن صهوات خيولهم حتى مرغوا أنف أكبر إمبراطوريتين في التراب ،لن تنفعنا التحالفات، و من ينظر أخاه
اليوم يُفترس و لا يمد له يد العون ، ستلوكه غدا أضراس اللئام، و لن ينفعه أنحنائه على أحذيتهم في شيء ،
لن يقبلوا لو حمل لهم آبار النفط إلى بيوتهم، فهم لا يريدون الإسلام و لا يريدون أي شخص تسمى بهذا الاسم حتى
لو كان الاسم من غير معنى0
( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)
فهل بعد قول الله قول ، القوم لن يقبلوا بنا ما دمنا على الهدى و هم على الكفر حسدا من عند أنفسهم ، فإما
عداوة لن تزول ، أو يتبع بعضنا ملة بعض0
(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة:109)
النصر بيد الله يعطيه لمن يشاء و يؤيد به من يشاء ، و نصر هذه الأمة رهنه الله بتوبتها و لزومها لطاعته ،و لن تنال
الأمة العز و الكرامة حتى تعود إلى الله00
(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (لأنفال:53)
إذاً 00الأمر محسوم ،فلا تغيير في الأمة مالم تراجع دينها، و الأمة اليوم بين مبضع الجراح و العلاج بالحمية و
الدواء00
الحمية هي أن يترك المريض ما يهيج المرض ريثما يقضي الدواء على العلة ،
فلا بد أن نحمي أنفسنا عن الدنيا، و أن نأخذ بترياق العودة إلى الله ريثما تشفى نفوسنا و تستعيد عافيتها ،
ماذا و إلا فالمبضع سيستأصل كل فاسد من هذه الأمة و لن يبقى منها إلا الطائفة المنصورة 00فاسعوا أيها
المسلمين على أن لا يكون هذا في زماننا و لنسارع إلى الله قبل أن يعمنا بعذاب لا قبل لنا به، قبل أن يضع
السيف في هذه الأمة و لا يرفعه عنها إلى يوم القيامة 0
******
بدأت الأمة الإسلامية في نهاية الربع الأول من القرن الميلادي الماضي عصرا لم تعرفه من قبل، فيه سقطت معظم
إن لم نقل كل الأقطار الإسلامية في قبضة الاستعمار الصليبي المظهر اليهودي المخبر ،في سابقة لم تعرفها أمة
الإسلام من قبل، مضيفا بذلك سابقة ثالثة لم تعرفها أمة الإسلام طوال حياتها 0
بضع سنوات من هذا الاحتلال نظمت خلالها جيوش الصليب أمور البلاد، ثم خرجت منها قريرة العين مطمئنة النفس
بعد أن أوكلت أمر البلاد إلى ولاة مخلصين أشد الإخلاص لهم ،و بهذه الحيلة أجهضوا الجهاد الذي ما كان له أن
يستمر ضد حكام من بني جلدتنا 0
سنن ابن ماجة: 36-كِتَاب الْفِتَنِ (بَاب الْكَفِّ عَمَّنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه) (صحيح) 3979
(حدثنا علي بن محمد، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ،حدثني بسر بن عبيد الله، حدثني أبو إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا ،قال :هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا ،قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك، قال: فالزم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت كذلك . ")
لاحظوا أيها الأخوة كيف يصف رسولنا محمد واقعنا اليوم ،إنه يصف عصراً تمزق الفرقة أوصاله ،هم دعاة
و ليس داعية ،هم أحزاب و فرق، كلا منها يدعو المسلم لأن يكون من أهل النار0
ما الحل يا رسول الله ؟؟؟
"إلزم جماعة المسلمين و إمامهم "
لكن الرسول عليه الصلاة و السلام مدرك بأنه لن يكون هناك جماعة و لا إمام فما العمل ؟؟؟؟؟؟؟
"اعتزلوا كل هذه الفرق حتى يأتيكم الموت"
و لو أكلتم التراب
هذا طبعا موجه لكل من لم يستطع أن يكون من أهل الثغور ،
الآن دعونا نبحث في سنة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم عن أسم هذه الفترة التي نحياها اليوم 0
نذهب مباشرةً إلى النص النبوي الذي يذكر لنا فيه رسولنا عليه الصلاة و السلام أنظمة الحكم التي ستتعقب على
هذه الأمة ,
مشكاة المصابيح :المجلد الثالث-باب التوكل والصبر-الفصل الأول
(حسن) (8) 5378
( عن النعمان بن بشير ، عن حذيفة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "" تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون ملكا جبرية ، فيكون ما شاء الله أن يكون ، ثم يرفعها الله تعالى ، ثم تكون خلافة على منهاج نبوة "" ثم سكت ، قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز كتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه وقلت: أرجو أن تكون أمير المؤمنين بعد الملك العاض والجبرية ، فسر به وأعجبه ، يعني عمر بن عبد العزيز . رواه أحمد والبيهقي في "" دلائل النبوة "
كما تلاحظون أيها الأخوة فقد مضى من هذه الأمة بعد النبوة نظاما حكم، هما الخلافة التي على منهاج النبوة، و
قد صح عن حبيبنا محمد أن زمنه ثلاثون سنة، و مضي أيضا الملك العاض ( ملكا فيه خيرا و شر ) ، و ها نحن
اليوم نعيش الملك الجبري الذي لا خير فيه ،و الذي باطن الأرض فيه خيرا من ظاهرها، إلا لمن كانت الدنيا أكبر
همه و مبلغ علمه ،و إنها سنوات أخرها وبال و فتنة ، ثم سيكون بعد هذا الحكم الجبري الخلافة التي على منهاج
النبوة 0
لكن هل سكوت رسول الله صلى الله عليه و سلم يعني أن آخر أنظمة الحكم التي ستلي على هذه الأمة هي نظام
الخلافة القادم بعد الحكم الجبري هذا ،
بالطبع لا، بل أن سكوت رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم يعني و يؤكد أن هناك شيء آخر، فهل كان عمر بن
عبد العزيز و حبيب بن سالم يعتقدان أن نزول عيسى عليه السلام بات قاب قوسين أو أدنى00 لا أعتقد ذلك
هم أفقه منا و أعلم ، ويدركون أن هذا النص لا يذكر كل مراحل الحكم في الأمة
مستدرك الحاكم : الحديث [ 8459 ]
( أخبرني الحسن بن حكيم المروزي، ثنا أحمد بن إبراهيم الشذوري، ثنا سعيد بن هبيرة ،ثنا إسماعيل بن عياش، ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن حمزة بن صهيب، قال :سمعت سالم بن عبد الله بن عمر يحدث عن أبيه ،أن عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه كان يقول: إن الله بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوة ورحمة، ثم يعود إلى خلافة ،ثم يعود إلى سلطان ورحمة، ثم يعود ملكا ورحمة، ثم يعود جبرية تكادمون تكادم الحمير، أيها الناس عليكم بالغزو والجهاد ما كان حلوا خضرا قبل أن يكون مرا عسرا ، ويكون تماما قبل أن يكون رماما ، أو يكون حطاما ، فإذا أشاطت المغازي وأكلت الغنائم واستحل الحرام فعليكم بالرباط فإنه خير جهادكم)
النص السابق أضاف مرحلة جديدة هي مرحلة ( سلطان و رحمة )
لكن هذه المرحلة هي جزء من الملك العاض و هي مزيد من التفصيل للحديث السابق
إذاً00 هل دخلنا حقا في هذا الزمان إلى مرحلة الحكم الجبري ؟؟؟
نعم ، أيها الأخوة نسأل الله السلامة نحن نعيش هذا الحكم منذ أكثر من ثلثي قرن ،كان آخر أنظمة الملك العاض
هي الخلافة العثمانية ،و التي سقطت بسقوطها راية الجهاد و تحول المسلمين إلى أقفاص الطيور الداجنة 0
أنظروا في النص السابق ،يذكر لنا رسولنا صلى الله عليه و سلم أنظمة الحكم ،ثم بعد أن يذكر النظام الجبري
يحرض الناس على الجهاد قبل أن يأتي زمانا يصبح الجهاد مرا عسرا
ما معنى مرا عسرا ؟؟؟
فهل سيكون للموت طعما غير ذلك الطعم الذي تذوقه أسلافنا، أم أن المقصود بذلك ما قبل الجهاد ؟؟
نعم أيها الأخوة المرارة يتذوقها المجاهد من اللحظة التي يفكر فيها بالجهاد حتى اللحظة التي تنطلق فيها روحه
إلى جنة عرضها السماوات و الأرض
لماذا المرارة حتى هذه اللحظة ؟؟؟
لماذا لا تكون حتى بلوغه أرض الرباط و نجاته من خدام الصليب و أذيالهم ،لو قارنا بين كفار قريش و حكام
المسلمين اليوم ، (و أنا لا أطلق حكما تكفيريا) لرجحت كفة كفار قريش , لماذا ؟؟؟
لأنهم يمتلكون شرفا و نخوة لا يمتلكها حكام المسلمين مع الأسف الشديد ، لقد هاجر الكثير من المسلمين إلى
المدينة و تركوا خلفهم الأهل و الذراري ،
فهل خشوا أن يهتك كفار قريش أعرض نساءهم أو أن يقتلوا أولادهم ؟ أو أن يسلموهم لكسرى أو لقيصر؟
لا، هذا لم يكن بالحسبان ؟ لكنه وارد في هذا الزمان أن يأخذ الصغير بجريرة الكبير، و أن يعتقل ذوي المجاهد
و أهل بيته ،و كل ذنبه أنه قد خرج على أسيادهم اليهود ، فأي مرارة بعد هذه المرارة ؟!
هل نستطيع الآن صياغة تعريف لنظام الحكم الجبري من خلال ما مر معنا سابقا ؟؟؟
نعم نستطيع :
فنظام الحكم الجبري : هو نظام ستبتلى به الأمة بسبب عبادتها للدنيا و تركها للجهاد ،
وستكون ميزته أن لا يكون هناك جماعة و لا إمام للمسلمين ،و إن يكون المسلمين خلال هذا الزمان فرق و
أحزاب على رأس كل فرقة داعية من دعاة جهنم