الزكاة فريضة من فرائض الإسلام، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، كما ورد في الحديث الصّحيح عن ابن عمر رضي اللّه عنهما أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ''بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزّكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً''.
دلّ على وجوب الزكاة كتاب اللّه تعالى وسنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وإجماع المسلمين، فمن أنكر وجوبها فهو كافر مرتد عن الإسلام يستتاب، فإن تاب وإلاّ قُتل، ومَن بخل بها أو انتقص منها شيئًا فهو من الظالمين المستحقين لعقوبة اللّه تعالى، قال اللّه تعالى: {ولا يحسبن الّذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله هو خيرًا لهم بل هو شرّ لهم سيُطَوَّقُون ما بخِلُوا به يوم القيامة ولله ميراث السّموات والأرض والله بما تعملون خبير} آل عمران:180.
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ''مَن آتاه اللّه مالاً فلم يؤد زكاته مُثِّل له يوم القيامة شُجاعًا أقرع له زبيبتان يُطوِّقُه يوم القيامة ثمّ يأخذ بلهزمتيه (يعني شدقيه) يقول أنا مالُك أنا كنزك''، الشجاع: ذَكَر الحيات، والأقرع: الّذي تمعّط فروة رأسه لكثـرة سُمِّه.
وللزّكاة فوائد دينية وخُلقية واجتماعية كثيرة، فالدينية: أنّها قيام بركن من أركان الإسلام الّذي عليه مدار سعادة العبد في دنياه وأٌخراه، وأنّها تُقرِّب العبد إلى ربّه وتزيد في إيمانه، شأنها في ذلك شأن جميع الطّاعات، وما يترتَّب على أدائها من الأجر العظيم، قال اللّه تعالى: {يمْحَق اللّه الرّبا ويُرْبي الصّدقات} البقرة:276، وأن اللّه يمحو بها الخطايا كما قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ''والصّدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النّار''. والمراد بالصّدقة هنا الزّكاة وصدقة التطوّع أيضًا.
ومن فوائدها الخُلقية، أنّها تُلحق المزكّي بركب الكرماء ذوي السّماحة والسّخاء، وأنّها تستوجب اتّصاف المزكّي بالرّحمة والعطف على إخوانه المعدمين، والراحمون يرحمهم اللّه. وأنّ في الزّكاة تطهيرا لأخلاق باذلها من البخل والشحّ، كما قال تعالى: {خُذ من أموالهم صَدقةً تطهّرهم وتُزكِّيهم بها} التوبة:103.
ومن فوائدها الاجتماعية أنّ فيها دفعًا لحاجة الفقراء، الّذين هم السّواد الأعظم في غالب البلاد، وبها تُزال الأحقاد والضغائن الّتي تكون في صدور الفقراء والمعوزين، فالفقراء إذا رأوا تمتّع الأغنياء بالأموال وعدم انتفاعهم بشيء منها، لا بقليل ولا بكثير، فربّما يحملون عداوة وحقدًا على الأغنياء حيث لم يراعوا لهم حقوقًا، ولم يدفعوا لهم حاجة، فإذا صرف الأغنياء لهم شيئًا من أموالهم، على رأس كلّ حول، زالت هذه الأمور وحصلت المودة والوئام، وفيها تنمّى الأموال وتكثـر لبركتها، كما جاء في الحديث عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ''ما نقصت صدقة من مال''، أي: إن نقصت الصّدقة المال عدديا فإنّها لن تُنقصه بركة وزيادة في المستقبل، بل يخلف اللّه بدلها ويبارك له في ماله، وللمزكّي أيضًا توسعة وبسطًا للأموال، فإنّ الأموال إذا صُرف منها شيء اتّسعت دائرتها وانتفع بها كثير من النّاس، بخلاف إذا كانت دولة بين الأغنياء لا يحصل الفقراء على شيء منها. والزّكاة كما لا يخفى، لابدّ كي تكون في موضع القبول أن تُصرَف في مصارفها الشّرعية، والّتي حدّدها اللّه عزّ وجلّ في قوله: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرّقاب والغارمين وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عليم حَكِيمٌ} التوبة:60. ولا يجوز صرف الزّكاة في غير هذه المصارف الّتي عيّنها اللّه سبحانه وتعالى. جريدة الخبر. الجزائر: عبد الحكيم قماز