ندرة المياه في الطبيعة
[يُعدّ النقص في إمدادات المياه العذبة، من المشكلات المؤرقة، في كل زمان ومكان. واليوم تزداد هذه المشكلة عن قبل، لازدياد الطلب على الماء العذب. وترتفع كثير من الأصوات، هنا وهناك، محذرة من عدم كفاية الماء العذب، نتيجة انخفاض المخزون العالمي منه. إلاّ أن كمية الماء، كانت وسوف تظل، هي نفس كمية الماء نفسها، التي كانت موجودة على سطح الأرض من قبل، ويُعاد استخدامها مرات بعد مرات، من خلال دورة الماء في الطبيعة.
إن كمية الماء الموجودة فوق الأرض، كافية لكل الاحتياجات، ومع ذلك فان هذه الكمية ليست موزعة بالتساوي. فهناك بعض المناطق تعاني من القحط والجفاف، بينما مناطق أخرى بها كل مصادر المياه العذبة، من أمطار وأنهار وبحيرات. ولا يخفى أن الإنسان قد صنع بنفسه مشكلة المياه في بعض المناطق، بسوء استخدامه لمصادر المياه الطبيعية
تختلف البلدان في العالم، من حيث نصيبها من المياه العذبة الموجودة على الأرض، حيث يقدر نصيب كل دولة بما تستقبله من أمطار. فدولة مثل انجلترا، تستقبل قدراً كبيراً من مياه الأمطار عاماً بعد عام. لذا، فثرواتها من المياه العذبة متعددة، من الأنهار والبحيرات والمخازن الجوفية
وتسقط الأمطار بكميات غزيرة على الكرة الأرضية، إلاّ أن هذا الهطول غير متساو. ولو قُدر لهذه الأمطار الهطول بتساو على الكرة الأرضية، لاستقبلت كل المناطق كمية من الماء، تقرب من 86سم سنوياً. وبصفة عامة، فإن أكثر مناطق العالم تعداداً بالسكان، تسقط عليها أمطار كافية كل عام، مثل أوروبا وجنوب شرقي آسيا، وشرق الولايات المتحدة، والهند، والصين. لكن أكثر من نصف مساحة الأرض، مناطق جافة لا تسقط عليها أمطار إلاّ نادراً، مثل غالبية آسيا، ووسط أستراليا، وغالبية شمال أفريقيا، والشرق الأوسط. وهذه المناطق تعاني من نقص مستمر في موارد المياه، نتيجة قلة ما تستقبله من مياه الأمطار. يضاف إلى هذا، أن بعض المناطق ذات الموارد الكافية من الأمطار، قد تتعرض في بعض السنوات، أو المواسم، إلى نقص حاد في الأمطار، مما يعرضها لمخاطر نقص المياه والجفاف، مثلما حدث في الثمانينات في الأرجنتين، واستراليا، والبرازيل، وأثيوبيا، والعديد من الأقطار الأخرى.
سُبل حماية مصادر المياه واستغلالها
مرّ التاريخ بحث الإنسان عن مصادر المياه العذبة، واستوطن بجانبها. وقامت حولها العديد من الحضارات. ونتيجة لوفرة هذه المصادر، من أنهار وبحيرات، لم يفطن الإنسان إلى ما بين يديه من ثروة. فلم يحافظ عليها، وبددها وأهدرها. وألقت العديد من المدن والقرى بنفاياتها وصرفها، في الماء العذب فلوثته.
وفي أغلب البلاد، تقدر المستحقات التي تدفع على استهلاك الماء، وفقاً لحجم المنزل أو السكن، دون اعتبار لمقدار ما يتم استهلاكه من المياه، مما حدا بسكان هذه المنازل، إلى الإسراف في استهلاك المياه العذبة. إلاّ أنه في بعض المدن، تُركب عدادات لتقدير المياه، على أساس الاستهلاك الفعلي. وفي هذه الحالة تزداد قيمة المستحقات المدفوعة، تبعاً لكمية المياه المستهلكة، مما يشجع على الاقتصاد في استهلاك الماء، وإقلال الفاقد منها، عن طريق إصلاح شبكة المياه في المنازل، وأنابيب المياه التالفة.
كما بدأ في العديد من المدن، مشاريع الاستفادة من مياه الصرف الصحي، عن طريق معالجتها بدلاً من صرفها في البحار، أو مسطحات المياه العذبة وتلويثها. وتستخدم مياه الصرف المعالجة، في استصلاح الأراضي واستزراعها، وري الحدائق والشوارع، بدلاً من المياه العذبة.
كما بدأت بعض البلاد الصحراوية، في تنفيذ مشاريع إعذاب مياه البحر، لاستخدامها كمصدر للمياه العذبة، بعدما تناقصت موارد المياه العذبة، من آبار وعيون وبحيرات. كما بدأت هذه البلدان في إجراء البحوث الجادة، حول إمكانية إسقاط الأمطار اصطناعياً، ولكن هذه الأفكار لا تزال طور الأبحاث، لأنها مكلفة للغاية في الوقت الحاضر.