اختي هاكي وصف للمدينة والقرية هادا ما فهمت م2 ـ وصف المدينة:
لو سألت مهندسا عن مدينة القاهرة لأشار إلى برحها الكبير و عمائرها العظيمة ومبانيها الفخمة.
ولو سألت مرشدا سياحيا عنها لأخذك إلى الأهرامات وأبي الهول و طاف بك في متحفها البديع، وعشاك في أحد مطاعمها الجميلة، وبيتك في أحد فنادقها الراقية.
ولو سألت مثقفا عنها لدلك على الجامعة والمكتبات وقاعات الدرس والمحاضرات، وأماكن صحفها الكبرى ومجلاتها المتنوعة.
ولو سألت متدينا عنها لصلى معك الصبح في الأزهر والظهر في سيدنا الحسين والعصر في السيدة زينب.
ولو سألت الرياضي عنها لاصطحبك إلى الملعب لتحضر مباراة الأهلي والزمالك ثم أخذك إلى النوادي الرياضية المختلفة من سباحة وكرة سلة وكرة مضرب .. الخ.
ولو سألت امرأة حسناء تغير ملابسها وزينتها ثلاث مرات في اليوم عنها لذهبت بك إلى دور الأزياء ومحلات أدوات التجميل والعطور، وحوانيت الحلاقات وأماكن الخياطات.
ولو سألت تاجرا عن القاهرة لجال بك في الأسواق والحوانيت والدكاكين والمطار، واستضافك حيث يسكن في الزمالك أو مصر الجديدة.
ولو سألت فنانا عن القاهرة لأخذك إلى استوديوهات تصوير الأفلام وإلى دار الأوبرا ثم إلى المسارح المختلفة، وأماكن بيع أشرطة الكاسيت والفيديو.
ولو سألت لاهيا عن القاهرة لمال بك إلى دور اللهو والخمارات.
ولو سألت عاملا عن القاهرة، لأخذك إلى مصانع النسيج، ثم إلى أسواق الصناعة اليدوية، واستضافك حيث يسكن في "زقاق المدق" أو "خان الخليلي".
ولو سألت طفلا عن القاهرة، لعد على أصابعه: البيت والمدرسة و حديقة الحيوانات، ومحلات لعب الأطفال.
كلهم يقول: هذه هي القاهرة، وكلهم صادق فيما يقول، فالقاهرة هي كل هذه الأشياء وقديما قيل: "يا داخل مصر منك ألوف".
وأكثر المدن الحديثة الكبرى تجد فيها هذا التنوع، فإذا كان للإنسان مظهر خارجي وعالم داخلي واحد فللمدينة مظاهر خارجية متعددة، وعوالم داخلية متنوعة ، هي بألف وجه ولكنها ليست منافقة بل مسايرة ومتسامحة تري كلا من الناس الوجه الذي يريده.
ولكن كيف نصف المدينة ما دام فيها كل هذا التعدد؟ وماذا نصف منها؟
ماذا نأخذ وماذا نترك؟
هذا يتوقف على شخصيات الرواية وعلى موضوعها، لأن المدينة لا توصف بالتفصيل في الرواية وإنما توصف وصفا جزئيا بقدر ما يتحقق غرض الكاتب من هذا الوصف، فالغرض ليس جغرافيا أو علميا كما هو معروف لدى الرحالة والجغرافيين. ولا بأس أن نأخذ فكرة عن ذلك لنعرف الفرق بين الوصفين الحقيقي والروائي.
3 ـ المدن في كتب الرحلات:
وصف المدن من المواضيع المعروفة في كتب الرحلات العربية والغربية وقد ترك لنا ابن بطوطة وابن جبير والإدريسي وغيرهم أوصافا لمدن عربية في المشرق والمغرب، ومدن آسيوية وإفريقية، وكان الغرض من هذه الأوصاف التعريف بهذه الأماكن لمن لا يعرفها، وذكر مميزاتها العمرانية ونشاط سكانها، ويتميز هذا الوصف بأنه نقلى يحاول تسجيل ما تراه العين دون زيادة أو نقصان.
وهذا وصف لمدينة بجاية في القرن الثاني عشر الميلادي لأبي عبد الله محمد بن محمد المعروف بالشريف الإدريسي حدد فيه موقعها وأهم الأشجار التي توجد حولها ثم تحدث عن نشاطها السكاني وتجارتها وصناعتها حديث الجغرافي الخبير وبأسلوب علمي موضوعي:
4 ـ موقعها ونباتاتها:
"ومدينة بجاية على البحر لكنها على جرف حجر ولها من جهة الشمال جبل يسمى مسيون، وهو جبل سامي العلو، صعب المرتقى وفي أكنافه جمل من النبات المنتفع به في صناعة الطب، مثل شجر الحضض والسقولو فندوريون والبرباريس والقنطوريون الكبير والرزاوند والقسطون والإفسنتين أيضا وغير ذلك من الحشائش. وفي هذا الجبل كثير من العقارب صفر الألوان لكن ضررها قليل.
أهميتها ونشاط سكانها:
ومدينة بجاية في وقتنا هذا مدينة الغرب الأوسط، وعين بلاد بني حماد، والسفن إليها مقلعة، وبها القوافل منحطة، والأمتعة إليها برا وبحرا مجلوبة، والبضائع بها نافقة، وأهلها مياسير تجار، وبها من الصناعات والصناع ما ليس بكثير من البلاد، وأهلها يجالسون تجار الغرب الأقصى وتجار الصحراء، و تجار المشرق. وبها تحل الشدود وتباع البضائع بالأموال المقنطرة، ولها بواد ومزارع، والحنطة والشعير بها موجودان كثيران، والتين وسائر الفواكه منها ما يكفي لكثير من البلاد. وبها دار صناعة لإنشاء الأساطيل والمراكب والسفن والحرابي، لأن الخشب في جبالها وأوديتها كثير موجود، ويجلب إليها من أقاليمها الزفت البالغ الجودة والقطران، وبها معادن الحديد الطيب موجودة ممكنة، وبها من الصناعات كل غريبة ولطيفة. وعلى بعد ميل منها نهر يأتيها من جهة المغرب من نحو جبل جرجرة ، وهو نهر عظيم يجاز عند فم البحر بالمراكب، وكلما بعد عن البحر، كان ماؤه قليلا ويجوز من شاء في كل موضع منه".
نزهة المشتاق في اختراق الآفاق (1) ص 259
هذا وصف جغرافي للمدينة فكيف يصفها الروائي؟ إليك هذا المثال:
مدينة شاندرابور بالهند (فورستر):
"لا توحي مدينة شاندرابور بشيء غير عادي إذا استثنينا كهوف مارابار التي تقع على بعد عشرين ميلا منها، وتمتد المدينة مسافة ميلين على شاطئ نهر الكنج الذي يحف بها ولا يخترقها، ويصعب تمييزها من النفايات التي يلقي بها النهر بغير حساب، وعلى الطريق الموازي لضفة النهر لا نجد سلالم للاستحمام لأن الناس لا ينظرون إلى الكنج بعين التقديس هنا.
والواقع أنه لا يوجد هناك طريق مواز للنهر، كما أن السوق تحجب صفحة النهر الواسعة المتغيرة تبعا للمد والجزر. أما الشوارع فرديئة، وأما المعابد فلا توحي بشيء. وبالرغم من أن هناك قليلا من المنازل الجميلة فإنها متوارية في الحدائق والأزقة التي تفزع قذارتها كل إنسان.
موقعها:
"إن مدينة شاندرابور لم تكن في يوم من الأيام فسيحة، أو جميلة، ولكنها كانت تقع منذ قرنين على الطريق بين المرتفعات الشمالية الامبراطورية في ذلك العهد، وبين البحر، ويرجع تاريخ المنازل الجميلة إلى هذه الفترة. وقد توقف الشغف بالزخارف في القرن الثامن عشر، فلم يكن ذلك في يوم من الأيام مظهرا شعبيا، لذلك لا نجد تصويرا، ونكاد لا نجد أي ميل إلى النقوش في الأسواق.ن كلامك 1 ـ وصف القرية:
القرية هي البرّية بجلالها وجمالها، وإشراقها وضيائها، وخضرتها ومائها، ورقة هوائها وزرقة سمائها.
هي صياح الديك ولثغة الشحرور وتغريد الطيور ومأمأة الخروف وثغاء العنزة ومواء القطة ونباح الكلب وخوار البقرة وخرير الساقية وأنين الناي، تتناغم وتنشد في تناسق وانسجام.
هي رائحة الأعشاب والنعناع والبابونج وعبير التفاح والبرتقال.
هي الخبز البيتي والحليب الصافي، والعسل الحر، وزيت الزيتون النقي.
هي ركوب الخيل والحمير، والبكور إلى الطاحونة لطحن القمح والشعير، وحمل الماء من العين والينبوع والغدير.
هي التمسك بالعادات الحميدة التي توارثناها عن آبائنا وأجدادنا من إغاثة الملهوف واحترام الكبير وإعانة الضعيف ورعاية حقوق الجار، وقد أصبحنا نفتقدها في المدينة، لذلك يسميها بعضهم "أخلاق القرية".
ولا يعرف فضل القرية إلا من عاش في المدينة، في بيوت أرضها وسقوفها وجدرانها وقلبها حجر، لا يدخلها النور والدفء إلا بمقدار، ولا يتجدد هواؤها، ولا يستساغ ماؤها ، ولا ترى في كثير من أنحائها شمسها ونجومها وسماؤها.
كنا نهرب إلى أحضانها هربا من قيود الحضارة الزائفة، لننعم بالشمس والهواء والليل والنجوم والقمر والحرية، فنجد فيها ملاذا من الصخب والضوضاء والقلق والتلوث. تتجاور فيها المخلوقات دون حواجز، فيعيشون معا في هناء وصفاء جنبا إلى جنب: الناس الحيوانات والطيور والنباتات.
هذه هي القرية التي عرفناها في الماضي، فماذا بقي منها الآن؟
أهلها ودعوا القناعة، وفارقوا الوداعة، وبعضهم هجرها إلى المدينة مستبدلين ماديتها بروحانيتهم وقلقها المزمن بطمأنينتهم، وبعضهم مكثوا فيها وتقاعسوا عن خدمتها، وأرادوا أن يجعلوها مدينة مصغرة فاستبدلوا العمائر بالدور وأحالوا ترابها قارا وخضرتها أحجارا وجعلوا بينهم وبين الطبيعة ستارا فتسمم هواؤها وغاض ماؤها.
لقد حوصرت آخر قلاع الطبيعة، وتكاد أن تسقط لولا البقية الباقية من جيوب المقاومة التي تحصنت فيها، وآلت على نفسها أن تحميها، فهل تراها تستطيع؟