بسم الله الرحمن الرحيم
لابد لمن سلك طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يعرف ان لهذا الطريق
شروط لابد منها وهي :
الشرط الأول : أن يكون الآمر الناهي عالما بحكم الشرع , فإن كان جاهلا فإنه لا
يجوز أن يتكلم , لأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يأمر بما يعتقد الناس أنه
شرع لله , وليس له أن يتكلم في شرع الله إلا بما يعلم :
" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن
تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون "
فمن منكرات الأمور : أن يتكلم الإنسان عن الشيئ يقول : إنه معروف وهو لا يدري
أنه معروف , أويقول : أنه منكر وهو لا يدري أنه منكر .
الشرط الثاني : أن يكون عالما بأن المخاطب قد ترك المأمور أو فعل المحظور , فإن
كان لا يدري , فإنه لا يجووز له ان يفعل لأنه حينئذ يكون قد قفا ما ليس له به علم وقد
قال الله تعالى " ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان
عنه مسؤلا " .
بعض الناس الذين عندهم غيرة وحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , يتسرع
فينكر من غير أن يعلم الحال التي عليها المخاطب , فمثلا يجد إنسانا معه إمرأة في السوق
فيتكلم في ذالك مع الرجل . لما تمشي مع المرأة ؟ وهو لايدري أنه محرم لها , وهذا خطأ
عظيم , إذا كنت في شك , فاساله قبل ان تتكلم , اما إذا لم يكن هناك قرائن توجب الشك
في هذا الرجل فلا تتكلم , وللنظر لحال النبي عليه الصلاة والسلام كيف يعامل في مثل هذه
المسألة . دخل رجل يوم الجمعة والنبي عليه الصلاة والسلام يخطب فجلس فقال له النبي
عليه الصلاة والسلام " أصليت ؟ " قال : لا , قال " قم فصل ركعتين وتجوز فيهما " يعني
خفف . فهنا لم يأمره أن يقوم فيصلي حتى سأله و وهذه هي الحكمة .
الشرط الثالث : أن لا يترب عن النهي عن المنكر ما هو أنكر منه , فإن ترتب على ذالك
ما هو أنكر منه , فإنه لا يجوز من باب درء أعلى المفسدتين بأدناهما .
فلو فرض ان شخصا وجدناه على منكر كأن يشرب الدخان مثلا , ولو نهيناه عن شرب
الدخان ذهب ليشرب الخمر أو المخدرات , فإننا لا ننهاه إذا كنا نعلم ان هذا الرجل سيقدم
على ما هو أعظم فإننا لا ننهاه عن شرب الدخان عندئذ , لماذ ؟ لأن شرب الدخان أهون
من الخمر والمخدرات , ودليل هذا قوله تعالى " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسب
الله عدوا بغير علم " فسب آلهة المشركين مصلحة مشروعة , لكن إذا ترتب عليها سب الله
عز وجل , وهو اهل للثناء والمجد فإنه ينهى عنه ,
ولهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام " من الكبائر شتم الرجل والديه " قالو : يارسول
الله , وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال : " يسب ابا الرجل فيسب اباه , ويسب امه فيسب أمه "
فالحاصل أنه لابد أن لا يؤدي الإنكار الى ما هو أنكر من المنكر , درءا لأعلى المفسدتين
بأدناهما .
ثم انه يجب على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن ينوي بهذا إصلاح الخلق , لا
الانتصار عليهم , لأن من الناس من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر لينفذ سلطته وينتصر
لنفسه , وهذا نقص كبير , قد بحصل فيه خير من درء المنكر وفعل المعروف و ولكنه نقص
كبير بالنسبة لهذا الشخص فانت اذا امرت بالمعروف ونهيت عن المنكر فانو بقلبك انك تريد
إصلاح الخلق لا أنك تتسلط عليهم وتنتصر عليهم , حتى تؤجر ويجعل الله في أمرك ونهيك بركة .
ابن عثيمبن رحمه الله ... مع إضافة متواضعة .