استحباب الزواج لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة:
لقوله صلى الله عليه وسلم ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) والشباب جمع شاب وهو من بلغ ولم يجاوز ثلاثين سنة، والباءة أصلها في اللغة الجماع، فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنة، ومن لم يستطع الزواج لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه، وعلى هذا القول وقع الخطاب مع الشبان الذين هم مظنة شهوة النساء وقالوا والعاجز عن الجماع لا يحتاج إلى الصوم لدفع الشهوة فالإسلام حذر من ارتكاب الفواحش كاللواط والزنا ونبه إلى أنها تؤدي إلى تفشي الأمراض في المجتمعات التي ترتكبها بل إنها تكون سببا في استحداث أمراض لم تكن معروفة في أسلافهم، قال صلى الله عليه وسلم" لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم كالإيدز. فالتشريع الإسلامي يحرم الزنا وفي الزواج الوقاية.
كما أن من محاسن الشريعة الإسلامية والشريعة كلها محاسن، وجلب للمصالح ودرء للمفاسد أن من الله على عباده بالنكاح ورتب عليه أحكاما كثيرة وحقوقا متنوعة تدور كلها على الصلاح وإصلاح حال الوالدين والأولاد، ودفع الضرر والفساد، كما يقصد به السرور في الحياة.
والإسلام يرغب في الوقاية من الجريمة قبل وقوعها، فيوجه إلى اختيار الزوجين الصالحين قبل أن تبدو بوادر الاعوجاج أو الإعاقة عن سواء السبيل، لهذا أرشدهم إلى القيام بمسئولياتهم تجاه فلذات أكبادهم بدءا من هذه المرحلة المبكرة، وهي مرحلة ما قبل الإنجاب، وذلك بتهيئة المحضن الطيب للمولود قبل أن يخلق.
ولا شك أن نشر الوعي الديني الصحي كفيل بأن يردع الناس عن إتباع كل ما من شأنه تعريض صحتهم للخطر. فالاستشارات الدينية والصحية والفحوص المخبرية مثل الفحص قبل الزواج يمكن أن يمنع الأمراض الو راثية الخطيرة والأمراض المعدية مثل الإيدز والإعاقة الجسدية والحسية للأزواج والأطفال.
تدابير قبل الزواج:
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تنكح النساء لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، فأظفر بذات الدين تربت يداك"
فإذا أراد الإنسان الزواج من فتاة قريبة أو بعيدة عن أسرته، فينبغي أن يختار الزوجة الصالحة الملائمة والخالية من الأعراض الضارة لها ولأولادها، وأن يختار من الأسر الطيبة والأسر العريقة لأن هذا يؤثر على الذرية، وأما عن صحة الحديث: " اختاروا لنطفكم فالعرق دساس" ---- فهذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه معناه صحيح في الجملة، لأن الإنسان ينبغي له أن يتحرى الزوجة المناسبة لقوله صلى الله عليه وسلم" فأظفر بذات الدين تربت يداك" ---- فيختار الزوجة الصالحة في دينها والصالحة أيضا في نسبها وجسمها والخالية من الآفات، لأن هذا له تأثير على العشرة وتأثيره على الذرية، ويشمل هذا الحديث الزوجة سواء كانت من أقارب الرجل أو غريبة عن عائلته فالصواب أنه لا يلتفت للقرابة، ولكن يلتفت إلى ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.
فلا شك إن العوامل الو راثية تحدد قدرا كبيرا من العمليات النمائية للجنين وللطفل الرضيع قبل الولادة. ويقصد بالعوامل الو راثية التي تنتقل عن طريق الجينات، حيث غالبا ما يشبه الطفل الوليد أبويه في بعض الصفات التي تنتقل كما أسلفنا عن طريق الوراثة، وقد توجد هذه الجينات بصفة ناقلة لدى الأب وناقلة لدى الأم، وقد يختلف الطفل الوليد عن أبويه في بعض تلك الصفات، وتجدر الإشارة إلى أن التقاء جين ما يحمل صفة ما في الأم مع مثيله في الأب يخضع لعامل الصدفة، كما يؤدي إصابة الأم الحامل بمرض إلى حالات مختلفة من الإعاقة، كالإعاقة البصرية أو التخلف العقلي وغير ذلك من أنواع الإعاقات، إذ يؤدي فيروس هذا المرض على تلف في الجهاز العصبي المركزي للجنين.
منقول