أن يجمع مشروع ما بين جمال الشكل وقوة الأداء وسهولة الاستخدام فهذا رهان صعب وتحد حقيقي لا يتوفر لأي كان، والمشروع الذي أنا بصدد الحديث عنه في هذه التدوينة مما أثار إعجابي وجعلني أفكر كثيرا في زاوية تحليله واستثمار ما فيه من مزايا لأفيد بها القارئ الكريم، ومن قبله أستفيد شخصيا بكل تأكيد، فالتجربة التي بين أيدينا تستحق التنويه حقا، وتدعو للتأمل فعلا.
أولا ما هو هذا المشروع؟ وكيف يمكن للقارئ أن يستفيد منه؟ وما الداعي أصلا للكتابة عنه؟ ببساطة هو قالب (Template) لموقع إنترنت، من نوع القوالب الإخبارية والمجلات والمدونات، والقوالب هي تلك الواجهات المستخدمة في تطوير المواقع إذ لا يستغني عنها أي موقع مهما كان نوعه، فهي زيادة عن نظام البرمجة المعتمد للموقع (ووردبريس، جوملا، دروبال،…) تمثل عنصرا أساسيا لمتصفح الموقع إذ به يواصل اكتشاف المحتوى أو يغادر دون رجعة.
بالإضافة لذلك فالقوالب تؤدي دور ترتيب المادة العلمية في الموقع أو المدونة، فيسهل تصفحها ومعرفة تصنيفاتها حسب وضعيات مختلفة ووفق نظام ألوان ونوعية خطوط…إلخ. وقد تعددت شركات تصميمها كل بنظرتها الخاصة، كما يتم تصميمها من أشخاص عصاميين مبدعين بدؤوا بالتخصص هواية ثم احترفوا فقدموا أروع الأمثلة في الإبداع والإتقان والإحسان.
“مزايا” هو اسم القالب الذي يدور حوله حديثنا هذه المرة، وهو فعلا خزّان مزايا لا يمكن حصرها لأول وهلة، ففي فترة سابقة كنت قد أجريت مسحا عميقا في الإنترنت باحثا عن قالب يلبّي تصوراتي ويستجيب لخريطتي التي رسمتها بدقة في ذهني، لكني لم أجد ما أردت بصفة دقيقة، إلا أني وقفت على نماذج رائعة لقوالب يحول بيني وبينها عامل اللغة، فقد كنت أريدها عربية بما أن موقعي عربي اللغة، إلا أن القوالب العربية لعهد قريب كانت هزيلة، وقليلة الإبداع إلا ماجاء تقليدا بشكل جزئي، مع وجود استثناءات لكن ينقصها ما ينقصها أيضا.
حقا كان من النادر أن تجد قوالب عربية مبدعة فيما سبق، لكن ومع مرور الزمن ظهرت عدة محاولات واعدة، أبدع فيها مصمموها شكلا وأداء، وكان “مزايا” من بينهم فأعاد لي الأمل من جديد، واستبشرت خيرا حينما رأيته متألقا في أرقى مواقع القوالب العالمية متصدرا لأولى صفحاتها كـ ThemeForest وWpResponsiveThemes وRohbits وThemes4wp… إلخ، إذ لم يكن عربيا فقط، بل وفّر مبدعوه نسخة إنجليزية كذلك، وفق نظام وورد بريس، وبأسلوب السهل الممتنع.
الجميل في قالب “مزايا” مسايرته لتوجهات القوالب العالمية من الناحية التقنية خاصة، فلم تعد المواقع حاليا تقبل إلا بالقوالب المستجيبة المتأقلمة (Responsive) مع مختلف المتصفحات حجما ونظام تشغيل دون تخصيص أو تمييز، وهذا دون المساس بجودة التصميم وجماله، وهنا التحدي الحقيقي، فكثير من القوالب فقدت بريقها الفني حينما استجابت للمتطلبات التقنية دون اجتهاد في التوفيق بينهما.
ودائما ضمن مزايا “مزايا” فهو متوفّر بأكثر من لون، منها الأزرق وهو الافتراضي والأحمر والأخضر والبرتقالي الخشبي وآخر سمي بالعصري، كلها خيارات تضفي لمستخدمه مزيدا من الحرية في التصفح بذوقه وحسّه الفني، وعن وضعيات أقسامه كذلك نجد أنفسنا أمام لوحة رائعة في تنسيق محكم، يجعل من الاطلاع على الموقع متعة حقيقية.
أما عن تزاوج الصورة والنص ففي “مزايا” أيضا تشعر أن هناك جهد في ذلك، إذ استعملت الموديلات (التطبيقات) العصرية المتداولة والمطلوبة حاليا في عالم القوالب، بداية من شاشة المواضيع الرئيسية إلى تموضع تصنيفات الموقع، نزولا إلى قسم الوسائط المتعددة من صور وفيديو وصوتيات، إذ يتيح جملة من الخيارات الملهمة والجميلة بحركات سلسة تضفي حيوية لطيفة للموقع.
كل ما سبق كان من جهة مستخدم الموقع الذي يعتمد قالب “مزايا” كواجهة فنية له، لكن ماذا عن لوحة التحكم؟ وطريقة تعامل صاحب الموقع نفسه مع القالب؟ الجميل أنه قالب يتوفر على حلول تقنية في متناول أي مدير موقع بغض النظر عن مستواه التقني، فقد برمج بطريقة فعالة تجمع بين البساطة وكثرة الخيارات، وبعديل طفيف في بعض الإعدادات تجد في كل مرة نفسك أمام موقع متجدد كليا، وهذا جانب من جوانب قوته أيضا.
“مزايا” من صنع أنامل مبدعة جزائرية، ومن خلال غيره من المنتجات تظهر اللمسة الفنية الراقية والتمرس التقني الواضح، وهما خصلتان ذهبيتان من امتلكهما بلغ مستويات راقية، ومبدعنا هذه المرة هو المطوّر بلقاسم بن عودة، مؤسس ومدير موقع سنتمتر ستديو لخدمات تصميم المواقع.
في الأخير أؤكد على أن جمال القالب جزء من نجاح أي موقع وليس كل النجاح، فتبقى مسؤولية المحتوى -وهي الأساس- على عاتق صاحبه دقة وعملا على إفادة المستخدم بما يزيد فيه، فهنيئا لنا “مزايا” كقالب ناجح ضمن القوالب العربية المتوفرة، وأحيي مبدعيه تحية خاصة وأدعوهم للمزيد من الجهود والبصمات العميقة التي تترك آثارا إيجابية تغيّر الوجه الشاحب فنيا وتقنيا للمحتوى العربي على الإنترنت.
ملاحظة: سعر القالب بنسخة ووردبريس هو 40 دولار على موقع ThemeForest.