|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
قيلولة: بين طه المجدد ومصطفـى المحافظ
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2012-02-29, 13:33 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
قيلولة: بين طه المجدد ومصطفـى المحافظ
ذلك الأعمى البصير أظن ـ وأرجو ألّا أكون مخطئا في ظني ـ أن من يستعد للكتابة عن طه حسين ـ عميد الادب العربي ـ عليه أن يتزود تزوّد الحاج أيام حكم «الحجّاج».. فليس سهلا الدنو من حظيرة «طه حسين» ولا مشاغبة حضرته.. لانه القلم الاسنّ والعقل الانضج والراسخ في علم الاوّلين رسوخ الاصابع في أكفّها.. ولست أزعم أنني عملت بنصيحتي.. فتزوّدت بما نصحت بالتزوّد به.. حين ملاقاة «طه حسين» على الورق.. ذلك لانني لا أنوي ملاقاته ولا الاقتراب من حظيرته ولا الاحتراب حول حضرته.. بل ان جُلّ ما شئت.. هو رشرشة هذه الصفحة بلطائف من لطائفه وأثر من آثاره الكثيرة.. التي هي كنوز مكشوفة غرف منها العقل الادبي العربي وما نفدت.. وهي أحرى بأن تكون سراجات أشعلها ذلك الاعمى البصير لا لكي يرى في ليله على بصيص من ضوئها وهو الذي لم تشفع له شمس النهار كلها ليتلمس طريقه على ضوئها.. ولكن لكي يضيء للمبصرين طريقهم الادبي.. فكان كاشفا لمجهول.. ومؤسسا لجديد بات قاعدة يستند عليها بناة الادب العربي فيما يكتبون.. وكأنما الادب العربي انشقّ شقّين زمنيين.. فصار قبل «طه حسين» وبعد «طه حسين» أو كأنه قد تدثر بدثارين.. عتيق قبله وجديد بعده.. *** أقول الذي أقول وأكتب الذي أكتب كي أعيد للراشدين من القراء ومن كتّاب العربية أيضا.. أثرا من آثار «طه حسين».. أو من آثار زمن درس ومضى وانقضى.. ومرت عليه سنون تسعون.. وسوف آتي على بعض من تلك الحوادث الطيبات.. والتي لا أرى في الاتيان بها كاملة الا إثقالا على قراء هذه الصفحة.. الباحثين فيها عن الطيّار من الكتابة الخفيفة الحانية عليهم في جمعتهم.. والمشفقة عليهم في يوم راحتهم. *** في عام 1923 نشب ما يشبه المعركة الادبية بين «طه حسين» و«مصطفى صادق الرافعي» ـ وهو أديب وباحث وشاعر من شعراء ذاك الزمان ـ حول القديم والجديد في أسلوب الكتابة الادبية.. فبينما كان «طه حسين» من أنصار الجديد كان «الرافعي» من أنصار القديم والموغلين في الاساليب البلاغية القديمة.. ينهج في ذلك نهج القدماء والراحلة أزمانهم منذ عصور.. وعند كلا الاثنين ـ طه والرافعي ـ الحجة على صحة وجهة نظره ـ وان كنت أنا ميّالا الى وجهة طه حسين ـ نظرا لحججه وأسانيده التي أبرزها وبنى عليها توجّهه وأيضا لواقعية طرحه. *** الرافعي يعاتب صديقه الشامي وكان «مصطفى صادق الرافعي».. قد نشر رسالة في صحيفة «السياسة» المصرية.. يعاتب فيها صديقا له من أدباء الشام كان «الرافعي» أرسل اليه رسالة ولكنه لم يتلق ردا عليها من صاحبه الشامي.. فكانت هذه رسالته وأنشرها بتصرف أرجو الاّ يخل بالسياق والمعنى والغرض من نشرها هنا. يقول الرافعي في رسالته: «سيدي: كتبت اليك من أيام يشفع لها قربك من نفسي فلا أقول انها بعيدة، وتمر قديمة ولكن ما في هذه النفس منها يجعلها دائما جديدة، وكأنها تجري بي الى الفناء فهي تطول الى غير حد، وتأخذ معنى اليأس من كل أمس فتنسخ به معنى الامل في كل غد. وانتظرت ردّ خطابي وأن تلقي اليّ ورقة من شجرة عتابي، فمازالت تنقطع الساعة من الساعة ويلتقي اليوم باليوم، ويذهب اللوم الى العتاب ويجيء العتاب الى اللوم، وكتابك على ذلك كأنه الذهول نوم اليقظة أو السهد يقظة النوم. فسبحان من علّم آدم الاسماء كلها لينطق بها وعلمك وحدك السكوت.. والسلام عليك في أزلية جفائك، أما أنا فأقول «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت». ما بال كتابنا ـ حفظك الله ـ يمضي سؤالا فيبقى عندك بلا «جواب»؟ ونبنيه على حركة القلب فتجعله أنت مبنيا على السكون ولا محل له من «الاعراب»، وما بالنا نقطع في انتظار الرد مسافة من هجرك لو طار فيها البريد لانتهى بكتب الحسنات والسيئات الى السماء، ولو جاس خلال الارض لتقدم حتى لا يبقى أمام وتأخر حتى لا يبقى وراء؟ فان كنت تضن أن توجه الينا من عرشك خطابا أو تنزل علينا من سمائك كتابا، فقد أُقفل باب النبوة من قبلنا فما هذا الباب، واحتجب الوحي من زمن بعيد فما هذا الحجاب؟ وسل الدواة من أمدّها، والصحيفة من أعدّها، وسل أناملك كيف كانت تضغط عليّ كأنها تسلّم سلاما، ولا تخطّ كلاما، وسل نفسك كيف كانت في حركتي تضطرب وقلبك كيف كان من كلمة يبتعد وفي كلمة يقترب. ومن ظن «بصرفنا» عن نفسه أنه كبير، جعلناه من «نحونا» في باب التصغير، ومثلنا ـ أصلحك الله ـ لا يتكلم الا بفائدة ولا يسكت الا لفائدة، فان أخطأنا معك في واحدة أصلحناها بواحدة، والسلام». *** تلك هي رسالة «الرافعي».. التي لم يرق أسلوبها لطه حسين ـ والذي كان على ما يبدو ـ هو المشرف الادبي في الصحيفة وهو الذي يتولى نشر الرسائل الواردة اليها. فكان هذا تعليقه على رسالة الرافعي، وكان تعليقا مقتضبا ولكنه لسع «الرافعي» وربما كواه وآلمه وآذاه. *** الاعتذار الملتبس يقول طه حسين في تعليقه: «أما أنا فأعتذر للكاتب الاديب اذا أعلنت مضطرا أن هذا الاسلوب الذي ربما راق أهل القرن الخامس والسادس للهجرة، لا يستطيع أن يروقنا في هذا العصر الحديث الذي تغير فيه الذوق الادبي، ولاسيما في مصر، تغيّرا شديدا». طه حسين *** نيران «الرافعي» ولكن «الرافعي» لم يستقبل رد طه حسين بالود والابتسام والترحيب بل ما كان منه الا أن رد عليه ردا قاسيا دفاعا عن تمسكه بالقديم، وهنا رد الرافعي وبتصرف ايضا، فبعد الاشارة الى رسالة طه حسين يقول: ولســـت أجادله ـ يقــــصد طــــه حســــين ـ في ذوقه ان كـــان الامر اليـــه أو الى ذوقه وهو أعلم حيث يجعل نفسه، وليحـــملها علــــى ما شاء وليحـــــمل ما شـــاء عليها ولكنّي لا أتبيّن مرجع الضمير في قــــوله «لا يستطيع أن يروقنا» فهل ترجع «نا» هذه اليه وحده أم الى أهل العصر الذي نحن فيه؟ وهل هو حسبه أم هو من نفسه؟ والا فمن سلطه ليتسلط بالنفي؟ ومن قدر على النفي قدر على الاثبات، ومن تصرف في الجهتين لم يبق مع أمره أمر ولا بعد حكمه حكم. ولا أظن الاستاذ الفاضل يزعم هذا لنفسه، أو يمكّن لها فيه. ولتأثر الرافعي برد طه حسين عليه.. فقد قسا على طه وقلل من شأنه الادبي ودافع عن أسلوبه في الكتابة واتهم طه حسين بالقصور الادبي: «ان أكثر كتّاب العصر، ومنهم الاستاذ طه لا يجيدونه ـ وهو يقصد الاسلوب الذي يكتب هو به ـ ولا يستطيعونه مهما تكلفوا له وبالغوا في هذا التكلف وتحروا في هذه المبالغة». *** ويعود طه حسين ليوافق الرافعي فيما ذهب اليه من حيث عدم اجادته (طه) لهذا الاسلوب، مقرا بأنه لا يجيد هذا الاسلوب ولا يريد اجادته. ولا يترك طه الساحة الا بعد أن يعيب على صاحبه تمسكه برأيه فيقول: وقد كنت أريد أن أناقش الكاتب ولكنّ له في نفسه رأيا لا يسمح بمناقشته والتحدث اليه. *** ولا يقف الامر عند هذا الحد بل تتدخل أطراف أدبية أخرى مناصرة لهذا أو ذاك، وان كانت الغلبة وأغلبية المتدخلين تتجه صوب الحديث ونزع القديم. ولطه حسين حججه في ذلك فهو يرى أن الانسان بتطوره وتطور الحياة من حوله لا بدّ له من استخدام لغة العصر الذي يعيشه وأن يهجر لغة الاقدمين التي لا تلائم العصر ولا توفي بحاجات الانسان، وهو يرى في مثل هذا الامر إحياء للّغة وديمومة لها بسبب ارتباطها بحياة الانسان ومتطلباته الحياتية. *** ان اللغة كائن حي متحرك ومرتبطة ارتباطا شبه عضوي بحركة الانسان والحياة، فلا يجوز ـ مثلا ـ لإنسان العصر الحديث الذي يركب السيارة والطائرة والقطار أن يتحدث لغة من كان يركب الجمل والفرس والبغل. *** اللغة في المتحف واذ أسوق هذه الحادثة الادبية القديمة فانني بذلك انتصر للغة من حيث هي حاضنة الفكر ووعاؤه وأداة التعبير التي لابد من وضعها في اطارها الصحيح مع المحافظة على أصولها وبنيتها الاساس حتى لا تتفتت وتندثر وتضيع. ومثلما أن المحافظة على قديم اللغة تحفظها من الضياع فإن الركيزة الاهم من أجل المحافظة عليها هي تحديثها وجعلها ملائمة للعصر ومتفاعلة معه ومؤثرة فيه، وما يحفظ اللغة هو ألسنة الناس لا القواميس. ثم ان علينا الا ننسى أن هناك لغة نستطيع تسميتها باللغة المتحفية أو الاثرية ويجب التعامل معها بمثل التعامل مع الآثار والاحافير والمومياوات واللُّقى بحيث توضع في مكانها الطبيعي لتكون شواهد على عصور مضت لا أدوات للعصر المعيش. *** كيف تتنفس اللغة؟ واللغة ـ والحديث هنا عن اللغة العربية ـ تطورت تطوّرا طبيعيا وتلقائيا وهذا التطور هو الذي جعلها تعيش وتستمر لانها تتنفس هواء كل عصر تعيشه ولو أنها كانت مرتبطة بعصر معين لماتت عند انقضاء ذلك العصر وانسحاب هوائه من رئتيها. ونلاحظ أن لغة القرآن كانت لغة عصرها ولا تشبه ـ ولم تتشبه ـ بلغة دارسة ذات أطلال وشواهد جامدة. ان اللغة العربية فيما سبق الاسلام تختلف حسب قربها أو بعدها عن الاسلام، فكلما بعدت زمنيا عن الاسلام كانت أخشن وأوحش وأغرب ولكنها مع ذلك كانت لغة عصرها وملبية لاحتياجات أهل ذلك العصر وهي بذلك لم تكن لغة وحشية أو متخلفة أو غريبة عند أهل ذلك العصر ولكنها تكون غريبة ووحشية ومتخلفة عند أبناء العصور اللاحقة. واستمرت اللغة في تطورها ومبعثها الجديد في كل عصر ترتدي زيه وتلبس رداءه، ولغة العصر العباسي ليست هي لغة صدر الاسلام، ولغة «أبي تمام» ليست توأم لغة «كعب بن زهير».. ولغة «الموشّحات» ليست هي لغة «أبي تمام».. مثلما أن لغة «نزار قباني» هي بنت لغة «أحمد شوقي» وليست هي ذاتها.. وشتان بين الام والبنت.. وفي كلتيهما جمال.. ولست هنا في وارد المقارنة بين الاثنتين بقدر ما أنا في وارد التأكيد على صحة عصرية اللغة وتزيِّيها بزي عصرها. *** أحمد شوقي وأم كلثوم ونلاحظ في هذا الصدد أن أدوم ما بقي من شعر «أحمد شوقي» هو ما غناه المغنون وعلى رأسهم أم كلثوم و«محمد عبدالوهاب».. ولو عدنا الى القصائد «الشوقية» التي غنتها أم كلثوم كما كتبها شوقي فاننا سنجد أنها انتقت منها أبياتا تلائم ذائقة العصر الذي غنت فيه تلك الاغنيات وبالذات الدينية، وتركت الابيات التي تحتوي على كلمات وحشية مهجورة وبعيدة عن ذائقة العصر ولا تلائم مستمعيه. *** نزار قباني وعبدالحليم حافظ ولنزار قباني رأي مشهور يؤكد على ضرورة عصرنة اللغة وذلك حين قال بعد تناقل الصحف أخبارا عن أن «عبدالحليم حافظ» قد غير في كلمات قصيدته «قارئة الفنجان»، حيث قال: ان من حق عبدالحليم ذلك لانه أدرى مني بما يناسب المستمعين ولأنه هو الذي سيوصل صوتي اليهم. *** طعنة في وجه اللغة وبالتأكيد فان مثل هذه القضية ـ أقصد قضية تحديث اللغة ـ لا تتوقف عند هذا الحد ولا تغطيها تلك الشواهد وحدها، فهي قضية لو تفرغ لها أهل العصر جميعا ما أشبعوها بحثا ولا كلّت زنودهم عن حمل شواهدها.. ولكنني طرقتها من باب الاشارة اليها ولتذكير الكتّاب الكرام بأنهم يحملون أمانتها، حتى لا يستسهلوا في أساليبهم الكتابية تحت ظنّ مكتوم عندهم بأن اللغة سهل متيسّر لا ممتنع أو متعسّر. ان الكتابة التي لا تزيد اللغة جمالا.. هي طعنة دامية في وجه اللغة. فكفى أيّها الاحبّاء طعنا في وجه لغتنا التي قالوا انها جميلة!! -منقول- من جريدة الأنباء الكويتية عدد 12922/ 29 فبراير 2012 صاحب العمود: صالح الشايجي
آخر تعديل الأستـ كريم ــاذ 2012-02-29 في 13:35.
|
||||
2012-03-03, 13:39 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
لم يزد أن فضل طه على مصطفى....عجيب شأن هؤلاء الصَّحَفيون المتصدِّدرون يكتبون لتسويد بياض الصحف،وترسيخ السخائم في القلوب البيضاء ! وهم أبعد ما يكون عن الأدب نفَسا وفكرا وأسلوبا ....... |
|||
2012-06-17, 21:32 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
وبارك الله فيك |
|||
2016-04-04, 22:01 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
شكرا على الموضوع القيم |
|||
2016-04-04, 22:07 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
شكرا على الموضوع القيم |
|||
2016-04-05, 01:19 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
رائع بارك الله فيك |
|||
2018-03-25, 17:35 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
|
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
طه حسين، الرافعي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc