مدن صينية ذات تراث عربي أصيل
تشهد صناعة السياحة في الصين ازدهاراً غير مسبوق في الآونة الأخيرة ربما لأن هذه الجمهورية الآسيوية التي استطاعت أن تخترق العالم كله بمنتجاتها قد نجحت في تسويق نفسها وحضاراتها من خلال هذه المنتجات نفسها ، ونجحت هذه الدولة ذات الحضارات العريقة أيضاً في ايجاد صناعة جديدة ، صناعة بلا دخان ، وهي صناعة السياحة ، وقد ارتفعت عائدات الصين من سياحة الأجانب في عام 2002 إلى أكثر من 20 مليار دولار ، وقد استقبلت أكثر من 13.75 مليون سائح ، وأشارت أدث الاحصاءات من منظمة السياحة العالمية إلى ان ايرادات السياحة الدولية فى الصين لعام 2001 تجاوزت المانيا وبريطانيا لاول مرة لتحتل الصين المركز الخامس بالعالم من حيث إيرادات السياحة الدولية ، ، وما زالت الصين تحتل المركز الخامس فى العالم فى هذا الصدد.
وفي الصين مدناً تربطها صلات قوية بالعالم العربي منذ قديم الزمان كانت في البداية علاقات تجارية وفي هذا الموضوع نتناول هذه المدن التي تربطها صلات قوية بالعالم العربي ....كونمينج
تقع مدينة كونمينج في قلب هضبة يوننان مجاورة لسادس اكبر بحيرة في الصين، بحيرة ديانتشي .. تشتهر كونمينغ بمناخها الربيعي وزهورها المتفتحة على مدار العام. وكونمينغ مدينة حضارية تاريخية فقد بدأ النشاط البشري حول بحيرة ديانتشي قبل 30 ألف سنة وبرز من أبنائها الملاح المشهور الادميرال تشنغ خه من قومية هوي.
ولد في السنة الرابعة (1371م) لعهد هونغ وو من عهد أسرة مينغ في قرية خهداي بناحية باوشان من ولاية كونيانغ التابعة لمدينة كونمننغ بمقاطعة يوننان. مسقط رأس جده من الجيل الأول بخاري. وجده من الجيل السادس هو شمس الدين ساي ديان تشي وإلى منطقة يوننان (بنغتشانغ تشنغشي)، جده ووالده حصلا على لقب "ديانيانغهو". من سنة 1405م إلى سنة 1433م من أجل تعزيز وتوسيع الاتصالات والتبادلات مع البلدان المختلفة أرسلت حكومة أسرة مينغ تشنغ خه لزيارة غرب الصين 7 مرات على رأس أسطول يضم 28 ألف بحار.
وخلال 28 سنة زار تشمع خه جنوب شرق آسيا والمحيط الهندي والخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر وسواحل إفريقيا الشرقية قائدا للأسطول الصيني، وأقام تبادلات تجارية وثقافية مع أكثر من 30 دولة منها الصومال.
والأثر العربي في كونمينغ بل وفي يوننان كلها يرتبط بشخص عربي مسلم قدم إليها في فترة أسرة يوان وهو السيد الأجل شمس الدين الذي يسمى شمس الدين ساي يان باللغة الصينية. وينتمي شمس الدين ساي يان تشي إلى الأسرة الهاشمية، وكان من الولاة (بينغ تشانغ تشنغ شي) ذوي الشهرة الواسع أبان عهد أسرة يوان (1271-1368).
وفي أواخر حياته منح اللقب الشرفي "يونغقوهقونغ" ، وعينته حكومة أسرة يوان المركزية واليا على مناطق يوننان. فحقق لها السالم والاستقرار وأقام مقاطعة يوننان وحسن العلاقات بين أبناء القوميات وطور الاقتصاد والثقافة وقدم مساهمة عظيمة لتوحيد البلاد وتضامن القوميات والتقدم الاجتماعي.
ومن أجل سعادة الأجيال القادمة أقام مرافق الري في حوض بحيرة ديانتشي، وحتى اليوم لا يزال أبناء القوميات المختلفة بيوننان يقدرون أعماله. وكذلك أقام أكثر من 10 مساجد في مدينة كونمينغ والآن يبلغ تعداد المسلمين بيوننان ستمائة ألف نسمة. وقد منح لقب "ملك شيانيانغ" بعد وفاته، وكذلك لقب "الغزال"(أعلى درجة شرفية)، ويسميه المسلمون "ملك شيانيانغ-بابا" احتراما له.
يقع ضريحه في ما جياوان بسد سونغهوا بضواحي مدينة كونمينغ الشمالية. وضريحه ضمن محميات حكومة مقاطعة يواننان. في عيد الفطر كل عام يزور المسلمون ضريحه حيث يقومون بالصلاة وقراءة "القرآن الكريم" والدعاء له بالسلام. ومن معالم كونمينغ مدرسة مينغده الإعدادية وهي مدرسة تجمع بين التعليم العام والتعليم القومي بمدينة كونمينغ في مقاطعة يوننان. تقع المدرسة على الكورنيش بشارع سونغتشنغ الذي يعيش فيه أبناء قومية هوي من مدينة كونمينغ.
كانت هذه المدرسة مدرسة مينغده الإعدادية الخاصة، التي أقيمت سنة 1929 على أساس مدرسة عالية تعلم اللغتين الصينية والعربية في مقاطعة يوننان. بهذه المدرسة قسم المدرسة الابتدائية وقسم المدرسة الاعدادية وقسم المدرسة الخاصة لدراسة اللغة العربية. طلابها أبناء قومية هوي من أنحاء المقاطعة، ومنذ زمان تثابر المدرسة على مبدأ تعليم اللغتين الصينية والعربية. خلال الثلاثينات أرسلت المدرسة دفعتين من الطلاب المبعوثين إلى جامعة الأزهر بمصر، منهم ما يون دنغ ومحمد مكين ما جيان وعبد الرحمن نا تشونغ ونا شيون وغيرهم من العلماء الأفذاذ.
وسجلت شرف منجزاتهم مدرسة مينغده. اليوم تعمل المدرسة بقوة لتكون مدرسة إعدادية عالية المستوى ذات خصائص قومية على أساس سياسة تعليمها التقليدية. ومن أشهر معالم كونمينغ العربية مسجد شارع شونتشنغ الذي يقع في قلب مدينة كونمينغ، والمسجد مدرج ضمن التراث الثقافي المحمي بحي ووهوا. بني في أوائل عهد أسرة مينغ (1367-1644) مبناه الرئيس هو ومصلى تشاوتشن المواجه للشرق، وهذا المصلى مبنى بالخشب والطوب، مساحته اكثر من 4ر0 هكتار وله رواق مبنى على5 أعمدة، يتسم هذا المصلى برونقه وملامحه العريقة الرائعة والمهيبة، ولا غني عنه لأنشطة المسلمين الدينية.
ومسجد شارع شيمن بمدينة تشيويجنغ الذي بني قبل 300 سنة في أواخر عهد أسرة مينغ (1367-1644) وحسب العادات والتقاليد الإسلامية تقام فيه الاحتفالات السنوية بعيد الأضحى وعيد الفطر وغيرهما من الأعياد. ومنذ سنة 1991 فتح المسجد للأجانب رسميا، وفي السنة التالية أقيمت فيه لجنة إدارية. من أجل تخفيف أعباء الحكومة تنهض اللجنة الإدارية بإدارة المسجد ومشتملاته من أماكن الوضوء ومتجر البضائع التي يستهلكها المسلمون ومحل الجزارة والخ، وبذلك حققت اللجنة الإدارية فعاليات اجتماعية واقتصادية جيدة.
يتبع 1