بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا مقال لطيف في بيان أصل أصول الشيعة الإمامية (الرافضة) ألا وهو العقل البشري المحدود لا كلام الله ورسوله وكلام الأئمة المعصومين عندهم..ويلي هذا البيان نقض هذا الأصل الهزيل بطريق عقلي مقنع وبيِّن, والمقال من درر شيخنا الفاضل طه الدليمي-سلمه الله- وقد تصرفت فيه بعض الشيء,
ويلي المقال مقالات أخرى تكمل هذه السلسلة المباركة في الكرِّ على أصول الباطل الهشَّة..
أترككم مع الجواهر والدرر:
((المنهج القرآني في إثبات الأصول قائم على النص القرآني المحكم حصراً. وهو الآية الصريحة، المستقلة بنفسها في الدلالة على المعنى دون حاجة إلى تفسير برأي راءٍ، أو رواية راوٍ.
وعلى طريقة القرآن في ذكر الحق ونقيضه من الباطل، أتحدث لكم اليوم عن منهج الشيعة في إثبات أصولهم، أو الاستدلال عليها.
الاستدلال بالعقل لا بالوحي
يعتمد الشيعة لإثبات أصولهم على العقل وحده، وليس الوحي. الوحي هنا يقتصر دوره على التبعية والتأييد لا أكثر.
هذه نقطة أساسية، ومفصل بارز من مفاصل البحث، لا ينبغي إغفاله، والقفز مباشرة إلى دلالات النصوص أثناء الحوار مع الشيعة ومناقشتهم وجدالهم، قبل الانتهاء منه وتثبيته كمعلم بارز من معالم التعاطي مع المسائل الأصولية؛ فإن أصول الدين عند الشيعة تثبت بالعقل – كما يقولون – وليس بالوحي أو النقل؛ فإذا كان الأمر كذلك فطبيعة البحث والنظر تستلزم كشف هذه الحقيقة الفاضحة أولاً، واعتمادها كضربة قاضية تأتي في مقدمة الضربات كلها على الإطلاق لنسف ما اخترعوه من أصول بلا مستند من العلم.
هنا يصبح الخوض في النصوص ومدى دلالتها على المطلوب زيادة نتفضل بها وقد كسبنا المعركة في الجولة الأولى، وكشفنا زيف تعلق الشيعة الخادع بالنصوص إيهاماً لعامة الناس أنهم يرجعون في دينهم إلى القرآن والسنة.
يعتمد الشيعة – كما قلت آنفاً - في إثبات أصولهم على العقل وحده، بعيداً عن الوحي أو النصوص الدينية ممثلة بالكتاب والسنة, وينفون حجية الكتاب والسنة كأساس معتمد لإثبات الأصول. ويقصرون دورهما على مجرد تأييد ما ثبت بـ(العقل) أولاً.
وهذه بعض أقوال علمائهم في ذلك:
يقول الشريف المرتضى: (إن المعلوم منهم اعتقاد وجوب الإمامة وأوصاف الإمام من طريق العقول والاعتماد عليها في جميع ذلك، وإن كانوا ربما استدلوا بالسمع استظهاراً وتصرفاً في الأدلة)([1]).
ويقول: (إن التواتر عندنا ليس بطريق إلى إثبات أعيان الأئمة في الجملة ووجوب وجودهم في الأعصار، بل طريق ذلك هو العقل وحجته)([2]).
ويقول: (أما وجود الإمام وصفاته المخصوصة فليس يحتاج في العلم بها إلى خبر، بل العقل يدلنا على ذلك على ما بيناه)([3]).
ويقول: (وكل ذلك يبين أنه لا بد من نص قاطع منه عليه السلام فـي الإمام وصفته وما يقوم به في الجملة. فعندنا أن بيان ذلك غير محتاج إليه، لأن العقول تدل على وجوب الإمامة وعلى صفات الإمام وما يحتاج فيه إليه. وما تدل العقول عليه ليس يجب بيانه من طريق السمع)([4]).
ويقول محمد رضا المظفر في كتابه (عقائد الشيعة)([5]):
(ذم الله المقلدين لآبائهم بقوله تعالى: }قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيئاً{. كما ذم من يتبع ظنونه ورجمه بالغيب فقال: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ)… فلا يصح والحال هذه أن يهمل الإنسان نفسه في الأمور الاعتقادية، أو يتكل على تقليد الآباء أو المربين بل يجب عليه بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية أن يفحص ويتأمل وينظر ويتدبر في أصول اعتقاداته المسماة بأصول الدين التي أهمها التوحيد والنبوة والإمامة والمعاد.
ومن قلد آباءه أو نحوهم في هذه الأصول فقد ارتكب شططاً وزاغ عن الصراط المستقيم ولا يكون معذوراً حتى لو كان مصيباً في اعتقاده للواقع…).
ثم يردف كلامه هذا مباشرة بما يبين اعتقاده في دور النصوص الدينية في معرفة الأصول الاعتقادية وأنه لا يعدو عنده التأييد والتبعية لما ثبت بالعقل ابتداءاً وأن هذا الثبوت العقلي هو الواجب المفروض في حق العباد، علمائهم وعامتهم أي مجتهدين ومقلدين، فيقول: (وعليه فهنا ادعاءان [الأول] وجوب النظر والمعرفة في أصول العقائد ولا يجوز تقليد الغير فيها [الثاني] أن هذا وجوب عقلي قبل أن يكون وجوباً شرعياً أي لا يستقى علمه من النصوص الدينية وإن كان يصح أن يكون مؤيداً بها بعد دلالة العقل)([6]).
وقال شارح الكتاب الأستاذ محسن الخرازي معلقاً على النص:
(حاصله هو التفصيل بين أصول الاعتقادات بمعنى أساسها، وبين غيرها بكفاية الأدلة السمعية في الطائفة الثانية دون الأولى من التوحيد والعدل والنبوة والإمامة والمعاد)([7]).
ويقول الشيخ جعفر السبحاني: (يجب عل كل مسلم أن يحصل اليقين في المسائل التي يجب أن يعتقدها، ولا يجوز له اتباع الآخرين في هذه المسائل من دون أن يحصل له اليقين.
وحيث أن أمهات الأصول وكليات المسائل الاعتقادية محدودة ومعدودة ولكل منها أدلة عقلية واضحة، فإن تحصيل اليقين للأشخاص في أصول الدين وأساسيات العقيدة قضية سهلة)([8]).