لن يتمرد القمر لحزنك .. ولن تنحني الشمس إجلالاً لشأنك .. أنت موهوم في حساباتك .. حيث تتوهم درجات فوق درجاتك .. وتتحدى شأناً ليس في مقدورك !. ترى النفس بمقدار هو أعلى من مقدارك وتريد أن تنال حقاً ليس من حقك .. ولا ترى المستحيل في أثقالك .. فلما توزن الذات بمعيار هو أعلى من وزنك ؟.. لمحة عابرة يعيشها المقذوف نحو السماء وبعدها يرتد خائبا نحو الأرض والأغوار !.. حيث يرتد مجبراً ليعيش العمر في عوالم اللفحات والرمضاء !.. نكسة بعد طفرة زائفة !.. استسلام وتواضع وحياء وانكسار وجروح وبكاء ودموع ودماء !.. هي الحياة بأوصافها ونعوتها حيث خلق الإنسان في كبد وعناء !.. البداية من أرحام ضيقة هي أرحام الأمهات .. والنهاية إلى أرحام ضيقة هي أرحام القبور !.. فأين السعة حين يرقص الراقص ؟!.. وأين المصداقية حين ينشد المنشد ؟!.. وأين الدوام حين يرجو المتأمل ؟!.. وأين المفر حين ينهب الناهب ؟!.. وأين الأمان حين يقتل القاتل ؟!.. طلاء من الزيف يغطي وجوه البعض من البشر !. وهنالك من يواصل مشوار الحياة في الغفلة والتيه !. خادع للنفس وخادع للغير .. وفي كل الأحوال هو الخاسر في نهاية المطاف !. وتلك حقيقة وسمة يعرفها الحكماء والعقلاء أهل الألباب .. وسنة الحياة هي الفارضة للأحوال !. في البداية عنوان الكتاب وفي الوسط حياة السراب وفي الآخر حفنة من التراب !.. وتلك لحظات في الانتظار !. حين يقول القائل بعد الموت والمصير يا ليتني لم ألبس يوماً ذلك الجديد !.. ويا ليتني لم أرقص يوماً رقصةً قد أهلكت الوريد !.. ويا ليتني لم أضحك يوما ضحكةً في غير عيد !. ويا ليتني لم أبني ديارا وقصوراً بالأسوار والحديد !. فأين ذلك الغافل عن أسرار الحكمة والحكماء ؟.. يقال له يا أيها المغرور بذاتك والمتعاظم لشأنك تمهل !.. فقد أسرفت في تيهك !.. وأعلم يقيناً أن الأرض لا تنحني إذلالاً لجبروت الجبابرة !.. ولا تضطرب خوفاً من خطوات العمالقة !.. ولو أن كل المخلوقات فوق وجه الأرض أصابوا الأرض بالمطارق والقذائف فإن ذلك لا يرجف الأرض ولا يصيبها بالدوار والأنات !.. مجرد همهمة للذباب فوق جيف المهلكات .. والحريص دائماً هو من يقف فوق أرض الأمان !. ولا يخطو الخطوة التالية إلا بعد التأكد من جودة السلام !. ولا يقترب من حمى المخاطر بنزعة الأطماع !. ولا يصعر الخد للناس غروراً فينال السخط بالأرطال !. وقد تعددت مظاهر الغرور في هذا الزمان !. والبعض لا تحلو له الحياة إلا إذا نظر للآخرين من الفوق والأعالي !. وتلك شيمة تسقط الفاعل عن الأنظار !. يريد أن يكون في اعتبار الآخرين ولا يكون !. ويقال عنه ما لا يريد ولا يحب !. فما أحلا التواضع بين الناس !. وما أحلا البقاء فوق سروج المعية وحسن الطيبة والسماحة !. وتلك الأشجار الشامخة تسقط ثمارها فيضاً وتواضعاً حتى تكون في منال المستطيع وغير المستطيع !. ولا يمنعها الطول والشموخ عن التواضع !.. فلو أمسكت تكبرا عن العطاء لأفنت نسلها وأجيالها بالضياع !.. ولا تتكامل الحياة إلا بمنهج الأخذ والعطاء .
ـــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد احمد