ومن أهل العلم من قال: "إن السائل بالله قد تجب إجابته ويحرم رده، وقد لا يجب ذلك" وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية واختيار عدد من المحققين بعده، وهو القول الثالث في المسألة.
وأما القول الأول: فهو أن من سأل بالله حرُم أن يرد مطلقاً.
والقول الثاني: أن من سأل بالله استحب إجابته، وكره رده.
ومراد شيخ الإسلام رحمه الله بحالة الوجوب: أن يتوجه السؤال لمعين في أمر معين، يعني: ألا يكون السائل عددا من الناس بالله، ليحصل على شيء، فلهذا لم يدخل فيه السائل الفقير الذي يأتي فيسأل هذا ويسأل هذا
ص -524- كما لم يدخل فيه من يكون كاذبا في سؤاله، أما إذا لم يتوجه لمعين في أمر معين، فإنه لا يجب عليه أن يؤتيه، ويجوز أن يرد سؤاله، وعلى هذا التفصيل يكون للمسألة ثلاثة أحوال:
حال يحرم رد السائل، وحال يكره فيها رد السائل، وحال يباح فيها رد السائل بالله.
فيحرم رد السائل بالله إذا توجه لمعين في أمر معين، كما إذا خصّك بهذا التوجه، وسألك بالله أن تعينه وأنت قادر على أن تؤتيه مطلوبه.
ويستحب إذا كان التوجه ليس لمعين، كأن يسأل أشخاصاً كثيرين، ويباح إذا كان من سأل بالله يعرف منه الكذب.
قوله: "باب لا يرد من سأل بالله" فيه عموم لأجل الحديث الوارد.
"عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل بالله فأعطوه" وإنما وجب إعطاؤه تعظيما لله جل وعلا.
التمهيد لشرح كتاب التوحيد
تأليف: الشيخ / صالح آل الشيخ