تفضل هذا النقد للاشعور
النقد: إنه منهج ثوري، لقي ردّات فعل، لكنّه أكّد فعاليته فصحّح وأكمل كثيرًا من المفاهيم النفسية. لكنّ الخطأ هو في تحويل هذا المنهج إلى نظرية (نظرية اللاشعور) تدّعي تفسير جميع مظاهر الثقافة الإنسانية من علوم وفنون ومذاهب وفلسفات وتقنيات، وجميع حقائق السلوك وقيمه من أنظمة حكم وقواعد أخلاقية...، ما هي إلاّ تعابير مختلفة عن المكبوت الجنسي اللاشعوري. وبالتالي فهناك استحالة للبحث عن جذور فنّية أصيلة.
من هنا لحقت بنظرية التحليل النفسي تهمة المادية، لأنّها لا ترى في الفنون سوى الجانب المادّي الذي يردّ أصل هذه الفنون إلى غرائز مكبوتة وخصوصًا الجنسية منها. قد يناسب هذا النوع من التفسير أشخاصًا في ظروفٍ خاصّة بهم، لكنّه لا يستوعب الحقيقة الفنية والعلمية والدينية للنفس الإنسانيّة. فإنّ التحليل النفسي لا يفسّر من الفن سوى أقلّ ما فيه من فنّ، ولا يمكن أن يفسّر فروقات العبقرية بين فنّان وآخر؛ ولا أن يتفهّم التسامي الأخلاقي والديني الأصيل، فإنّ هذه الأصالة لا تُفهَم إلاّ بالعودة إلى غير جذور الغرائز المادية. فعلينا هنا الرجوع إلى الميول الروحية عند الإنسان.
كما أنّ تفسير القاعدة المادية للسلوك يشكو من تجاهل لعناصر كثيرة تؤثّر في الشخصية كالعناصر الاجتماعية العامة والعرقية والتاريخية والثقافية، فهذه عناصر أهملها فرويد. فإذا صحّ هذا المنهج لمعالجة الحالات المرضية، فلن تكون نظرية كافية لشرح الشخصية ولفهم الإنسان.