[font="]باب الاستعاذة والبسملة
[font="]الاستعاذة: تنبغي عند الشروع في القراءةِ بدليل قوله تعالى[/font]}:[font="]فَإِذَا قَرأْتَ القُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ[/font]{
[font="]وقوله[/font] " [font="]فإذَا قَرَأْتَ " أَي إِذا أردت قراءةَ القرآن، وهو من أَساليب العرب[/font][font="]تقول: إِذا ذهبْتَ إِلى فلانٍ فاحمل معكَ كذا.. أَي إِذا أَردْتَ الذهابَ[/font].
[font="]وصيغةُ الاستعاذةِ[/font]: [font="]أَعُوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجِيمِ[/font].
[font="]هذا[/font][font="]هوِ المُخْتَارُ عند القراءِ لأنه المنصوص عليه في الآية، قال ابن الجزري[/font][font="]فى نشْرِهِ : وقد ورد النصُّ بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي[/font][font="]الصحيحين من حديث سليمان بن صرد رضي اللّه عنه قال: استَبَّ رجلان عند[/font][font="]رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ونحن عنده جلوسٌ وأَحدهما يسبُّ صاحبَه[/font][font="]مُغْضَبَاً قد احمرَّ وجهُهُ فقال النبي صلى الله عليه وسلم[/font] : ([font="]إني لأعلم كلمةً لو قَالَها لذهبَ عنه ما يجدُه لو قال أَعوذُ باللّهِ من الشيطان الرجيم[/font]).
[font="]وهناك صيغةٌ أُخرى يُفيدُها حديثُ أَبي سعيدٍ الخُدْرِي رضي اللّه عنه فى السنن وهي[/font]: ([font="]أً عوذ باللّهِ السميعِ العليمِ من الشيطانِ الرجيمِ..) وفى روايةٍ زيادة: (من هَمْزِهِ ونَفْثِهِ ونَفْخِهِ[/font]).
[font="]ولا خلاف في أَنَّ الاستعاذة ليست من القرآن ولك فيها مع البسملة والسورة أَربعةُ أَوجه[/font]:
1- [font="]وَصْلُ الجميع[/font].
2- [font="]قَطْعُ الجميع[/font].
3- [font="]وَصْلُ الاستعاذةِ بالبسملة مع الوَقْف عليها[/font].
4- [font="]قَطْعُ الاستعاذة عن البسملة ووَصْلُ البسملةِ بالسورة[/font].
[font="]ولا خلاف عن حفصٍ في الجهر بالاستعاذة إِن كان يَجْهَر بالقراءة، قال أَبو شامة رحمه الله[/font]:
[font="]وإِنما[/font][font="]أَبَى الإخفاءَ الوعاةُ لأنَّ الجَهْرَ به إِظهارٌ لشعارِ القراءة[/font][font="]كالجَهْر بالتلبيةِ وتكبيراتِ العيد، ومن فوائده أَنَّ السامع له ينصت[/font][font="]للقراءة من أَولها لا يفوته منها شيء، وهذا المعنى هو الفارق بين القراءَة[/font][font="]خارج الصلاة وفي الصلاة، فإِنَّ المختار في الصلاة الإخفاءُ لأنَّ[/font][font="]المأَموم مُنْصِت من أَول الإِحرام بالصلاة[/font].
[font="]ومعنى هذا أَن المختار[/font][font="]أَن يُسِرَّ التَّعُوُّذَ في الصلاة، قال النووي : وكان ابن عمر رضي الله[/font][font="]عنه يُسِرُّ وهو الأَصح عند جمهور أَصحابنا وهو المختار[/font].
[font="]وقال ابن الجزري في النشر[/font]: [font="]ومن المواضع التي يُستحب فيها الإخفاء إِذا قَرَأَ خالياً سواءً قَرَأَ جهراً أَو سرَّاً ومنها إِذا قرأَ سرَّاً فإِنه يُسِرُّ[/font][font="]أَيضاً[/font][font="]ومنها إِذا قرأَ في الدَّوْر ولم يكن في قراءَته مُبتدِئاً يُسِرُّ[/font][font="]بالتَّعوُّذ لتتصل القراءةُ ولا يتخللها أَجنبي فإِنَّ المعنى الذي من[/font][font="]أَجله استُحِب الجهر وهو الإِنصات فُقِدَ في هذه المواضع[/font] .
.
[font="]باب البسملة[/font]
1.[font="]يتفق ورش مع حفص في الحكم بين السورتين[/font][font="]،و معلوم أن حفصا يفصل بين كل سورتين بالبسملة .حينئذ يكون[/font][font="]لورش بين[/font]
[font="]البسملة بأوجهها الثلاثة[/font] :
* [font="]قطع الجميع ،[/font]
*[font="]ووصل الجميع ،[/font]
* [font="]و الوقف على آخر السورة ،[/font][font="]ووصل البسملة بأول الثانية[/font].
2].[font="]و يزاد له على ما سبق [/font][font="]وجهان و هما : السكت ، و الوصل بلا بسملة[/font] [أي بدون قراءة البسملة]
[font="]فيكون لورش بين كل سورتين خمسة أوجه، و هكذا الحكم عام بين كل سورتين ما عدا الأنفال و براءة [التوبة]، و الناس و[/font][font="]الفاتحة ، أما الأنفال و براءة[/font][font="]فله بينهما الوقف و السكت والوصل و كلها من غير بسملة[/font] .
[font="]وأما الناس و الفاتحة فليس له – و لا لغيره- بينهما إلا البسملة، و كذا لو وصل آخر السورة بأولها كمن يكرر سورة فإن البسملة[/font][font="]حينئذ تكون سنة الإتيان بها في الحالة الأولى وواجب في الحالة الثانية[/font].
[font="]إيضاح[/font] :
[font="]السكتة و السكت بمعنى واحد، و هو هنا عبارة عن قطع الصّوت على آخر كل كلمة في السّورة زمنا دون زمن الوقف عادة من[/font][font="]غير تنفّس و لا بسملة[/font] .
[font="]الوصل و الصّلة بمعنى واحد ، يقال في اللغة : و صل الشيء بالشيء وصلا وصِلة إذا ربطه به، و المراد به هنا وصل آخر[/font][font="]السّورة بأول الثّانية من غير فصل بينهما بالبسملة أيضا[/font].
[font="]باب أحكام النون الساكنة والتنوين
[/font]
[font="]التنوين[/font]: [font="]هو نون ساكنة تلحق ءاخر الاسم تظهر في اللفظ والوصل وتسقط في الخط والوقف[/font]. [font="]والنون الساكنة تكون في ءاخر الكلمة وفي وسطها، وتثبت لفظًا وخطًّا ووصلاً[/font][font="]ووقفًا[/font].
[font="]وهذا الفصل ينقسم إلى أربعة أقسام[/font]:
* [font="]القسم الأول: الإظهار[/font]:
[font="]الإظهار لغةً هو البيان،
واصطلاحًا معناه: إخراج كل حرف من حروفه من مخرجه من غير غنة[/font].
[font="]وحقيقته [/font][font="]أن النون الساكنة والتنوين يظهران عند ستة حروف هي حروف الحلق لأنها تخرج [/font][font="]منه، اثنان من أقصى الحلق وهما: الهمزة والهاء، واثنان من وسطه وهما[/font]: [font="]العين المهملة والحاء المهملة، واثنان من أدناه وهما: الغين المعجمة[/font][font="] والخاء المعجمة، فعلم من ذلك أن مخارج الحلق ثلاثة وحروفه ستة وهي: الهمزة[/font][font="] والهاء والعين والحاء والغين والخاء، نحو: {من إله} و: {رسولٌ أمين}، و[/font]: {[font="]من هاجر}، و: {جُرُفٍ هارٍ}، و:{من عندِ}، و:{أجرٌ عظيم}، و:{من حكيم[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{وخيراتٌ حِسَان}، و:{من غِلٍّ}، و:{ماءٍ غيرِ}، و:{من خوف}، و:{نداءًا[/font][font="] خفيًّا[/font]}.
[font="]والعلة في إظهار ذلك أن النون والغنة بَعُدَ مخرجهما عن مخارج حروف الحلق[/font].
* [font="]القسم الثاني: الإدغام[/font]:
[font="]والإدغام [/font][font="]لغة: إدخال الشىء في الشىء،
[/font][font="]واصطلاحًا: التقاء حرف ساكن بمتحرك فيصيران[/font][font="]حرفًا واحدًا مشددًا يرتفع اللسان عنده ارتفاعةً واحدة[/font].
[font="]واعلم[/font][font="] أن النون الساكنة والتنوين يدغمان في ستة أحرف هي: الياء المثناة من تحت،[/font][font="]والراء والميم واللام والنون والواو مجموعة في قول القراء: "يرملون". وهي [/font][font="]على قسمين[/font]:
[font="]الأول: الإدغام بلا غنة[/font]:
[font="]وهو أن يدغما في اللام والراء إدغامًا كاملاً بلا غنة نحو:{من لم}، و:{لا عبرةً لمن}، و:{من ربّكم}، و:{محمدٌ رسول الله[/font]}.
[font="]وعلة ذلك قُرب مخرج النون والتنوين من مخرج اللام والراء لأنهن من حروف طرف اللسان، فتمكّن الإدغام وذهبت الغنة في الإدغام[/font].
[font="]الثاني: الإدغام بغنة[/font]:
[font="]وهو[/font][font="]أن يدغما في الأربعة الباقية من: "يرملون"، مجموعة في حروف "ينمو" فتدغم[/font][font="]إدغامًا غيرَ مستكمَل التشديد لبقاء الغنة نحو:{من يقومُ}، و:{برْقٌ[/font][font="]يجعلون}، و:{من ورائهم}، و:{وهدًى ورحمة}، و:{من مآءٍ}، و:{صراطٍ مستقيم[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{مِن نعمة}، و:{حطّةٌ نغفر[/font]}.
[font="]وعلة الإدغام في النون [/font][font="]التماثلُ، وفي الميم التجانسُ في الغنة، وفي الواو والياء أن الغنة التي [/font][font="]في النون أشبهت المد واللين اللذين في الياء والواو فتقاربا بهذا فَحسُنَ [/font][font="]الإدغام، وتدغم الغنة مقدار حركتين[/font].
[font="]ويستثنى من ذلك ما لو[/font][font="]كان المدغَم والمدغم فيه كلمةً واحدة فلا تدغم بل ينبغي إظهارها لئلا [/font][font="]تلتبس الكلمة بالمضاعف وهو ما تكرر أحد أصوله، لذلك قالوا لا تدغم النون[/font][font="]الساكنة في الواو والياء إذا اجتمعا في كلمة نحو:{صنوان}، و:{والدنيا[/font]}.
* [font="]القسم الثالث: الإقلاب[/font]:
[font="]ومعناه لغة: تحويل الشىء عن وجهه وتحويل الشىء ظهرًا لبطن، واصطلاحًا: جعل حرف مكان ءاخر مع الإخفاء لمراعاة الغنة[/font].
[font="]وحقيقته[/font][font="] أن النون الساكنة والتنوين إذا وقعتا قبل الباء يقلبان ميمًا مخفاة في[/font][font="] اللفظ من غير إدغام ولا تشديد، على أن فيه غنة، ومقداره حركتان. وذلك[/font][font="]نحو:{من بعد}، و:{أنبِئْهم}، و:{عليهمٌ بذات الصدور[/font]}.
[font="]والعلة[/font][font="] في ذلك أن الميم مؤاخية للنون في الغنة والجهر، ومؤاخية للباء لأنها من [/font][font="]مخرجها، ومشارِكةٌ لها في الجهر، فلما وقعت النون قبل الباء وتعذَّر[/font][font="]إدغامها فيها لبعد المخرجين، ولا (أي تعذر) أن تكون ظاهرة لشبهها بأخت[/font][font="] الباء وهي الميم أُبدلت منها ميمًا لمؤاخاتها النون والباء[/font].
[font="]أما[/font][font="] إدغام الباء في الميم فهو حسن، وقد قرئ في قوله تعالى:{اركب معنا}، ولا بد[/font][font="] من إظهار الغنة لأنك أبدلت من الباء ميمًا ساكنة، وفيها غنة[/font].
* [font="]القسم الرابع: الإخفاء[/font]:
[font="]ومعناهُ [/font][font="]لغة: الستر،
واصطلاحًا: عبارة عن النطق بحرف بصفة بين الإظهار والإدغام[/font][font="]عار عن التشديد مع بقاء الغُنة في الحرف الأول وهو النون الساكنة[/font][font="]والتنوين. ويفارق الإخفاءُ الإدغامَ لأنه بين الإظهار والإدغام[/font].
[font="]وحقيقته إخفاء النون الساكنة والتنوين عند باقي الحروف التي لم يتقدم لها ذكر، وهي خمسة عشر حرفًا، يتضمنها أوائل كلمات هذا البيت[/font]:
[font="]صِفْ ذَا ثَنا كَمْ جَادَ شَخْصٌ قَدْ سَما * دُمْ طَيبًا ز[/font][font="]دْ في تُقًى ضَعْ ظَالما[/font]
[font="]نحو:{ولمن [/font][font="]صبر}؛ و:{وان صرنا}، و:{ريحًا صرصرًا}، و:{من ذلكَ}، و:{فأنذرتُكم[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{سراعًا ذلكَ}، و:{أن ثبتناك}، و:{منثورًا}، و:{ماء ثجّاجًا}، و:{م [/font][font="]كان}، و:{أن تنكحوهنّ}، و:{قرية كانت}، و:{من جوعٍ}، و:{أنجانا[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{حُبًّا جمًّا}، و:{من شآءَ}، و:{يُنشىءُ}، و:{نفسٌ شيئًا}، و:{من[/font][font="] قبلُ}، و:{منقلبون}، و:{شىءٍ قديرٌ}، و:{من سوءٍ}، و:{منسأتَه}، و:{بابٍ [/font][font="]سلام}، و:{من دابةٍ}، و:{أندادًا}، و:{مستقيم دينًا}، و:{وإن طائفتانِ[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{قومًا طاغين}، و:{من زوال}، و:{أنزلنا}، و:{من فواقٍ}، و:{الإنفاق[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{وعميٌ فهُم}، و:{من تحتها}، و:{كنتم}، و:{جناتٍ تجري من تحتها [/font][font="]الأنهار}، و:{إن ضللتُ}، و:{منضود}، و:{قومًا ضالين}، و:{من ظُلِم[/font]}[font="]،[/font][font="]و:{ينظرون}، و:{قومٍ ظلموا[/font]}.
[font="]والعلَّة في إخفاء النون [/font][font="]الساكنة والتنوين عندما ذكرنا أن النون قد صار لها مخرجان مخرج لها ومخرج[/font][font="] غنتها، فاتسعت في المخرج فأحاطت عند اتساعها بحروف الفم، فشاركتها[/font][font="] بالإحاطة فخفيت عندها[/font].[font="]
[/font]
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه و سلم و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
[/font]