مقالة جدلية : هل الانسان حر أم مقيد ؟* روعة *
هل الانسان حر أم مقيد؟
المقدمة
إذا كانت الحرية هي تجاوز كل إكراه سواء كان داخليا أو خارجيا أو هي القدرة على الاختيار بين ممكنين أو أكثر ، فإنه قد دار جدال بين الفلاسفة حول موضوع الحرية ،فهناك من نفى الحرية عن الإنسان واعتبره مسير ، ومجبر لا مخير ، وهناك من أثبت له الحرية ، والإرادة في القيام بالأفعال. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل: هل الإنسان مسير ومجبر، وخاضع لحتميات؟ أم أن له حرية الاختيار؟
الموقف الاول
الإنسان مجبر ،ومقيد أي أنه لا يملك حرية الاختيار ،ويمثل هذا الموقف "الرواقية والجهمية " نسبة إلى صاحبها جهم بن صفوان.
فالإنسان مجبر حسب الرواقية لأنه يخضع لضرورة مطلقة التي يخضع له الكون بأسره ،كما أنه يخضع للقدرة الإلهية وللقضاء والقدر حسب الجهمية لان الله عز وجل هو الذي خلق الإنسان وحدد أفعاله وسلوكاته بقدرته الكلية المطلقة ،فلا قدرة للإنسان على الفعل إلا بإرادة الله تعالى، والحجة الشرعية التي اعتمد عليها أصحاب الجهمية هي
قوله تعالى :" قل لن يصيبنا إلا ما كتبه الله لنا ". بالإضافة إلى ذلك نجد الإنسان يخضع لعدة حتميات منها الحتمية الفيزيائية والنفسية والاجتماعية.
نقد: لقد بالغ أصحاب هدا الموقف في إنكارهم لحرية الإنسان ،لان الإيمان بالجبر يؤدي إلى الاستسلام و الخضوع و الكسل و ترك العمل ، فإذا كان ما يجب أن يحدث سيحدث بالضرورة فما الفائدة من بدل الجهد؟ ولو كان الإنسان مجبرا على القيام بأفعاله ، فما الذي يفسر الثواب والعقاب والنار؟
موقف2:الإنسان حر حرية مطلقة في القيام بأعماله،أي أنه لا يخضع لأي ضغط داخلي أو خارجي و يمثل هدا الموقف المتعزلة ديكارت وكانط.
الإنسان يمتلك القدرة على الاختيار بين الفعل و الترك و في هذا تقول المتعزلة :"إن الإنسان يحس من نفسه وقوع الفعل حسب الدواعي والصوارف، فإذا أراد الحركة تحرك ، وإذا أراد السكون سكن" وعلى قدر هذه الحرية تكون مسؤولية الإنسان اتجاه أفعاله، فمن التناقص أن يكون الإنسان مسؤولا عن أفعال لم تصدر عن إرادته، فلو كانت أفعال العباد من صنع الله،فلماذا يحاسبهم عليها يوم القيامة؟ومن الحجج الشرعية التي تثبت حرية الإنسان قوله تعالى: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر". ويؤكد ديكارت على أن لكل فرد حرية كاملة ،يعبر عنها بإرادته الحرة المستقلة التي لا تحدها حدود ولا قيود ، إذا بإمكانه أن يقوم بأي فعل يراه مطلوبا ،وفي إمكانه أن يمتنع عن أي فعل لا يرى فيه فائدة يقول :"إننا متأكدون من الحرية، إذ لاشيء نعرفه بوضوح أكثر مما نعرفها''
نقد: لقد بالغ أصحاب هذا الموقف بإثباتهم للحرية إذ أن الواقع يؤكد أن الإنسان يعيش واقعا خاضعا لمجموعة حتميات ، ليس بإمكانه الخروج عن نطاقها.
تركيب: يرى أصحاب الموقف التركيب أن الإنسان حر حرية نسبية وليس مطلقة، فلا يمكن نفي الحرية عنه ، ولا إثباتها له بشكل مطلق وهذا ما توسط فيه الأشعري فالإنسان ليس مجبرا كما انه لا يمتلك حرية مطلقة خلق بها أفعاله، و إنما يمتلك القدرة على كسب الأفعال وتوجيهها.
رأي شخصي: أما رأيي الشخصي الذي أتبناه فيتمثل في أن الإنسان حر حرية نسبية لأننا نخضع لعدة حتميات ،لكننا نشعر بحرية عند تقيدنا بالقوانين أي أننا نسعى للتحرر.
خاتمة :استنتج في الأخير أن الإنسان مجبر ولكن ليس بصفة مطلقة ،إذ نجد انه حر، ولكن ليس حرية مطلقة وانما نسبية.