بعد التنازلات الكبيرة غير البيداغوجية التي قامت بها وزارة بن بوزيد نتيجة احتاجات التلاميذ انكشفت عورة أخرى من عورات هذا الوزير و من يدعمه. بل انكشفت مرة أخرى نيته المبيتة لخنق المدرسة الجزارية العمومية وإفساح المجال للمدارس الخاصة التي ورغم القوانين التي سطرت لتمرير وجودها إلا أنها ما زالت لم تحقق الانتشار المطلوب والشعبية التي تجعل منها استثمارا مربحا . هذا الاستثمار الذي يسعى بعض المتاجرين بأموال الشعب إلى تسخير المدرسة الجزائرية لأجله.
فبعد عمليات طبع الكتب وإنجاز البرامج التي صارت كالمقاولات تمنح لمن يدفع أكثر ولمن يقتسم الكعكة مع المسؤولين. وما نتج عن ذلك من أخطاء فظيعة لا زالت آثارها بادية حتى الآن. ها هي المدرسة الجزائرية العمومية تتعرض مرة أخرى لضربة قاصمة.
فحين يتنازل بن بوزيد وزبانيته عن ثلاثي كامل من الدراسة ويسترضي التلاميذ ـ الذي هم أبناؤنا ونرغب لهم مستقبلا مميزا وشهادة تعبر عن إمكانياتهم العلمية والمهارية ـ بكون أن الأسئلة ستكون في متناول الجميع وينال شرف توزيع شهادات الباكالوريا كما توزع قفة رمضان ،حينها لا يسعنا إلا أن نسأل الله اللطف لما يراد بمدرستنا.
فما الذي يريده هؤلاء؟إنهم يريدون أن يوصلوا الشعب إل قناعة مفادها عدم جدوى المدرسة العمومية وأن الحل هو فقط في المدارس الخاصة . تماما كما هو الحال في قطاع الصحة. حيث أن القطاع العمومي لم يعد يستقطب المرضى لأنه لم يعد يوفر لهم مرفقا مناسبا , بل إن جل من يقصده هم إما من الفقراء الذين لا يقدرون على تكاليف العلاج عند الخواص أو من أصحاب المعارف. وهو الأمر الذي يراد للمدرسة الجزائرية. حيث يقلص دورها الاجتماعي لتفسح المجال للمدارس الخاصة التي يشرف عليها بارونات يستنزفون أموال الشعب . وحينها يصير حالنا كحال عمال البناء في القطاع العمومي حينما صار هؤلاء يتسابقون إل العمل لدى المقاولين تحت ظروف قاسية بعدما كانوا محتمين في مناصبهم لدى القطاع العام.
الأكيد أن المتضرر لن يكون الأستاذ فحسب بل غالبية الشعب الجزائري الذي يراد منه أن يفقد الثقة في المدرسة العمومية و تحميل الضعف في الأخير إلى آخر حلقة وأضعفها وهي الأستاذ .ويظهر ذلك عشية كل إضراب من خلال تعليقات العامة على أداءات المعلمين بناء على مستوياتهم التعليمية التي أٍهقتها البرامج الهزيلة والتنازلات المقيتة , وهكذا يكسب بن بوزيد رضى المجتمع بتوزيع شهادات الباكالوريا وينال رجال التربية المقت والسخط.
إن الظاهرة البن بوزيدية مخيفة وهي تمس أرزاقنا ومستقبلنا المهني وكرامتنا بل هي أخطر بكثير من الحقوق المادية التي سعينا مرارا إلى تحقيقها. فهل من مستفيق؟