اقسام الطلاق
الطلاق ينقسم إلى أقسام متعددة طبقاً للناحية التي ينظر اليه من خلالها وباعتبار ما يراعى عند النظر اليه . وفيما يلي اورد حديثاً موجزاً عن كل من هذه الأقسام :-
h- الطلاق من حيث الصيغة:-
الصيغة 00هي كل ما يعبر عن الإرادة الباطنة ويدل عليها ويظهرها خارج الإطار النفسي إلى حيث الخارج المحسوس بحيث يمكن لأي شخص الوقوف على مكنون نفس الشخص الذي يعامله معاملة تعاقدية أو غيرها مما يقتضي أظهار مكنون النفس لقيامه وتحققه .
والصيغة00 التي تعبر عن مكنون النفس قد تعبر تعبيراً صريحاً لايحتاج إلى طلب بيان المقصود وتعرف هذه الصيغة بالصيغة الصريحة وهذه الصيغة متى تحقق لها شروط ايقاع الطلاق وقع الطلاق بها . وقد تكون الصيغة التي تظهر ما في النفس وتدل عليه صيغة غير صريحة .
اولا الطلاق الصريح :-
المراد بالصريح هنا 00ما كان نصاً في الطلاق ولا يحتمل غيره مطلقاً
أو كان احتماله لغيره احتمالا بعيدا وذكر فقهاء الأحناف أن الصريح هنا ما غلب استعماله في هذا المعنى بحيث يتبادر حقيقة أو مجازاً صريحا فإن لم يستعمل في غيره فأولى بالصراحة .
وصريح الطلاق00 يتأتى بثلاثة ألفاظ أولها الطلاق وثانيها الفراق وثالثها السراح وما تصرف من هذه الكلمات الثلاث .
هذا ما ذهب اليه الإمام الشافعي ومن وافقه وقصره البعض على لفظ الطلاق أو ما تصرف منه من غير حاجة إلى نية وان كان البعض منهم بري افتقار إلى النية اعمالا لما جاء من قول الله تعالى :" وأن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم " والعزم ما عقدت عليه نفسك من أمر أنك فاعله .
وقد ذكر ابن القيمة00 أن من الفقهاء من قال أن صريح الطلاق هو لفظ الطلاق وحده ورجع ابن قدامة هذا المذهب وذكر أنه الأصح فإن الصريح في الشيء ما كان نصافيه
لا يحتمل غيره إلا احتمالا بعيدا ولفظ الفراق والسراح إن ورد في القرآن بمعنى الفرقة بين الزوجين فقد ورد لغير ذلك المعنى وفي العرف كثيراً قال الله تعالى :" واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" وقال" وما تفرق الذين أوتوا الكتاب" فلا معنى لتخصيصه بفرق الطلاق على أن قوله :" أو فارقوهن بمعروف " لم يرد به الطلاق وأنما هو ترك ارتجاعها .
كما أنه قول من قال أن أيقاع الطلاق00 بلفظ الطلاق أو ما تصرف منها يحتاج إلى نية قول له وجاهته إذ قد يسبق لسان القائل إلى شيء لا يريده من باب الوقوع في الخطأ وكتب العربية عند حديثها عن البدل ذكرت يدل الغلط وذلك ليس بمستبعد .
ويستأنس لذلك أيضاً بما روي من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
:" أنما الأعمال بالنيات ولكل امري ما نوى " وإذا كان البعض يفرق بين حاجة لفصل الفراق والسراح وبين لفظ الطلاق من حيث حاجة الأولين إلى النية وعدم حاجة الأخير فإن كلامه لا يعدو أن يكون اجتهاداً لايقدح في عموم ماجاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أننا لا نقول إن كلمة الطلاق تحتمل معنيين ولكننا نقول أنه يمكن أن يسبق لسانه اليها وهو لا يقصدها ولا ينوها ونطقه بها جاء على سبيل الخطأ والغلط وقد جاء في الحديث ا لشريف " أن الله رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " .
ثانياً : الطلاق الكنائي :-
المراد بالطلاق الكنائي : كون اللفظ الذي نطق به الشخص يحتمل الطلاق وغيره فلا يدل دلالة صريحة على الطلاق . فمثل هذه الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره يطلق عليها الفاظ الكنايات في الطلاق بشرط إلا تقترن بلفظ طلاق معها عند استعمالها فإن اقترنت بلفظ طلاق عند استعمالها وكان اللفظ صريحاً وقع الطلاق باللفظ الصريح ولا يلتفت إلى ما جاء بعده من الكنايات .
ولقد أورد الفقهاء كنايات الطلاق وقسموها من حيث الظهور والاتفاق00 على مدلولها من عدمه إلى ثلاثة أقسام :-
القسم الأول : الكنايات الظاهرة وذكروا أنها ستة الفاظ وهي خلية وبرية وبائن وبتة وبتله وأمرك بيدك
القسم الثاني :- كنايات مختلف فيها وهي ضربان : ومنها الحقي بأهلك وحبلك على غاربك ولا سبيل لي عليك .
والقسم الثالث :- الكنايات الخفية ومنها أخري وأذهبي واختاري ووهبتك لأهلك ويرجع فيما يقع بها إلى نية من نطق بها إن نوى ثلاثاً كن ثلاثاً وأن نوى اثنتان كن أثنتان وان نوى واحد فواحدة .
أما فقهاء الأحناف فقد قسموا ذلك إلى قسمين :-
القسم الأول :- منها ويتمثل في ثلاثة ألفاظ وهي قول الزوج لزوجته اعتدي أو استبرئي رحمك أو أنت واحدة وهذه الثلاث لا يقع الطلاق بها إلا وحدة رجعية .
أما القسم الثاني :- فهو بقية الكنايات إذا نوى الطلاق بها كانت واحدة طبقاً لنيته أو ثلاثاً أن نوى بها ثلاثاً فإن نوى بها ثنتين كانت واحدة ومن هذا القسم قول الزوج لزوجته أنت بائن وبتة وحرام وحبلك على غرابك والحقي بأهلك وماللي ذلك مما اورده فقهاء الأحناف .
وكل هذه الكنايات لا يقع بها الطلاق إلا بنية00 لأنها تحتمل الطلاق وغيره فلابد من ابانته مقصودة بها
وأن كان فقهاء الأحناف قد ذكروا أنه يمكن أن تقوم دلالة الحال في أبانة المقصود بهذه الكنايات فإذا أدلتها الحال على أنه أراد إيقاع الطلاق .
أما فقهاء الشافعية ومن ذهب مذهبهم00 فإنه لا يعتدون بدلالة الحال ولابد عندهم للقول بإيقاع الطلاق بإحدى هذه الكنايات من وجود النية فإذا ذكر أنه لم يرد بذلك الذي قاله من الكنات الطلاق صدق قضاء أما ديانة فهذا أمر بينه وبين ربه .
وذهب فقهاء الظاهرية00 إلى القول بأن الطلاق لا يقع عندهم إلا بواحد من ثلاث ألفاظ الطلاق أو السراح أو الفراق إذا نوى به الطلاق .
H- الطلاق من حيث التنجيز وعدمه :-
ينقسم الطلاق من حيث كونه منجزاً أو مضافاً أو معلقاً على شرط إلى ثلاثة أقسام 00ويطلق الفقهاء على الطلاق الذي تحدثه هذه الصيغة الطلاق المنجز نظراً لكونه عبارته قد صدرت عمق نطق بها من غير أن تكون مضافة أو معلقة على شرط .
فالطلاق المنجز هو الطلاق الذي تصدر صيغته ممن اصدرها خالية من الشرط وعارية عن الإضافة أو التعليق ويترتب على ذلك احداث الأثر المترتب على هذا الطلاق في الحال عقب النطق به مباشرة .
أما الطلاق المضاف00 فهو ما تفيد صيغته اضافته إلى زمن مستقيل مع إفادة التزام المطلق بما نطق به مثاله قول الرجل لزوجته أنت طالق غداً أو بعد أسبوع أو بعد شهر أو شهرين أو سنة وهكذا .
وللفقهاء آراء في الوقت الذي يقع الطلاق المضاف فيه00 إذ لم تتفق كلمتهم بالنسبة لتحديد وقت وقوع الطلاق المضاف وأن اتفقت كلمة جمهور الفقهاء على القول بوقوع الطلاق المضاف ما عدا ما ذهب اليه ابن حزم من قوله بعدم وقوع الطلاق بالصيغة المضافة لأن ذلك لم يأت به قرآن ولم ترد به سنة .
ووافق ابن حزم في رأية ما ذهب اليه فقهاء الشيعة الجعفرية00 من أن الطلاق قد شرع منجزاً وما عداه يخالف ما شرعه الله وعليه لا يقع الطلاق غير المنجز عندهم .
أما ما عليه فقهاء المالكية00 فإن الصيغة المضافة في الطلاق يقع بها الطلاق عندهم في الحال من غير انتظار لوجود ما أضيف اليه الطلاق من وقت قرب أو بعد .
ولا يخفى أن ما عليه الفقهاء من قول بالنسبة للنكاح المؤقت من أنه نكاح باطل وما عليه فقهاء المالكية قول له وجاهته حتى لا يتلاعب بأمر الحل والحرمة أما ما عليه الحنفية وأخذ به فقهاء الشافعية وتبعهم فيه الحنابلة فهو القول بوقوع الطلاق المضاف عند وجود ما أضيف اليه من وقت فمتى حل الوقت الذي اضيف اليه الطلاق وقع الطلاق بحلوله
فقد جاء عند فقهاء الأحناف00 أنه لو قال أنت طالق غداً وقع عليها الطلاق بطلوع الفجر لأنه وصفها بالطلاق في جميع الغد ولو قال غداً كان اضافة المضاف لا ينتجز لما فيه من إبطال الإضافة .
وقال الإمام الشافعي رحمة الله00 إذا قال الرجل لامرأته أن طالق غدا فإذا طلع الفجر من ذلك اليوم فهي طالق وكذا إذا قال لها :" أنت طالق في غرة شهر كذا فإذا رأي غرة شهر كذا فتلك غرته .
وقد ناقش ابن حزم أدلة القائلين بأن الطلاق المضاف يقع بتحقق وجود ما أضيف الطلاق إليه ورد أبن حزم على ما ذكروه ومن جملة ما رد به عليهم أن إضافة الطلاق إلى وقت يجعل النكاح طوال انتظار حلول الوقت الذي أضيف الطلاق اليه .
الطلاق المعلق :-
وهو الطلاق الذي يرتب الحالف به طلاقه على وجود أمر ما يحدث في المستقبل . 00وهذا الطلاق تقترن صيغة باحدى أدوات الشرط المعروفة أو ما يؤدي معنى أداة من الشرط فمن قال لزوجته إذا فعلت كذا فأنت طالق أو إن ذهبت إلى المكان الفلاني فأنت طالق أو قال لها لو فعلت الشيء الفلاني فأنت طالق فكل يمين من هذه الإيمان يعتبر طلاقاً معلقا لايقع إلا إذا وجد الشرط الذي علقه الحالف عليه ويلاحظ أن تلك الشروط التي علق الحالف طلاق زوجته عليها لا تقع بنفسها أو لا تحدث طبقاً لحركة الكون كما هو الحال في الطلاب المضاف إلى وجود زمن معين كدخول رمضان أو شهر كذا إذا أن دخول رمضان أو شهر يناير مثلا أمر لا يتوقف على فعل من حلف عليها أو غيرها من الناس .
فمن قال لزوجته مثلا أنت طالق لو ذهبت لزيارة فلانه وسمي امراة بكره أن تذهب زوجته اليها فإن هذه الزوجة لو ذهبت إلى تلك المرأة وقع عليها الطلاق الذي نطق به زوجها مادامت قد قامت بما جعله شرطاً لوقوعه وعلقه عليه .
وللفقهاء اراء في وقوع الطلاق المعلق :-
فما عليه جمهور الفقهاء أنه متى وجد الشرط الذي علق الطلاق على وجوده وقع الطلاق 00فقد جاء عند فقهاء الحنفية وإذا أضافه أي الطلاق إلى شرط وقع عقيب الشرط مثل أن يقول لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق وهذا بالاتفاق . وذكر فقهاء الشافعية أن الإمام الشافعي قال ولو قال لها أي زوجها أنت طالق إذا قدم فلان بلد كذا وكذا فقدم فلان ذلك البلد طلقت وأن لم يقدم ذلك البلد وقدم بلدا غيره لم تطلق