السلام عليكم ورحمة الله
عفى الله عن الشيخ نبيل العوضي
هذا الحديث لا يصح وهو يدور بين الوضع والضعف الشديد، وبالتالي لا يجوز بأي حال نشره:
"...لم أقف على ذِكْرٍ للحديث فيما تحت يدي من المصادر، إلا ما كان من كلام المتقي الهندي رحمه الله في كتابه "كنز العمال" (14/ 612-613) رقم [39709]، فقد ساق الحديث بطوله، وهو أطول مما جئتَ به، ثم عقَّبه قائلًا: "أخرجه ابن المنادي، وفيه حماد بن عمرو، متروك، عن السَّرِي بن [خالد]، قال في الميزان: لا يعرف، وقال الأزدي: لا يحتج به" اهـ.
فَتَحَصَّل لنا أن فيه راويين متهمان:
أولهما: حماد بن عمرو، وهو النَّصِيبي: كذاب متروك، يضع الحديث:
قال يحيى بن معين: "هو ممن يكذب ويضع الحديث".
وقال البخاري: "منكر الحديث".
وقال أبو حاتم: "منكر الحديث، ضعيف جدًا".
وقال أبو زرعة: "واهي الحديث". وتركه النسائي.
وقال الحاكم أبو عبد الله: "يروي عن جماعة من الثقات أحاديثَ موضوعةً، وهو ساقط بمرة".
وذكر البيهقي في "دلائله" طَرَفَ حديثٍ عن علي رضي الله عنه، من طريق هذا الواهي، فقال: "... فذكر - يعني: حمادًا - حديثًا طويلًا في الرغائب والآداب، وهو حديث موضوع، وقد شرطت في أول الكتاب ألا أخرج في هذا الكتاب حديثًا أعلمه موضوعًا".
وقال فيه العلجوني بعدما أورد من طريقه وصايا لعلي بن أبي طالب: "موضوعة كلها؛ وضعها حماد بن عمرو النصيبي، وهو عند أئمة الحديث متروك كذاب".
لذا، حكم عليه الحافظ بأنه متروك، وهذا أول الرجلين !!.
وأما الثاني: السري بن خالد: رماه السيوطي بالكذب كما في "اللآلئ"، وأُراه بعيدًا؛ فالسَّرِيّ بن خالد وإن قال فيه الذهبي: "لا يعرف" كما مر، فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وتفرد الأزدي بقوله: "لا يحتج به". وقد ترجم الذهبي في "ميزانه" لراوٍ آخر سَمَّاه: "السري بن مخلد"، وأورد فيه نفس ما أورده في ترجمة الأول - أعني: ابن خالد -، مما دفع بالحافظ - في اللسان - أن يأتي بترجمة الأول من كتاب ابن أبي حاتم، ثم يقول: "فكأنه المراد"، أي: لعلهما شخص واحد، والاختلاف فقط في اسم الأب: خالد، أو مخلد.
وعن درجته في الرواية: فقد مال الحافظ رحمه الله إلى أنه ليس بكذاب ولا وضاع - كما أطلق الجلال السيوطي -، بل قال: "وكأن الضعف أتاه من قِبَل الراوي عنه حماد بن عمرو" اهـ. وقد قدمتُ لك طَرَفًا من حاله. وذهب الشيخ الألباني إلى القول بجهالته كما في "الضعيفة" (1302)، وهذا هو الأرجح فيه: أنه مجهول، وأن قول الذهبي فيه: "لا يعرف" محمول على جهالة الحال، لا العين؛ فقد عرفه ابن أبي حاتم والأزدي، والله أعلم.
وعليه، فلم يثبت عن علي بهذا الإسناد الفرد هذا الحديثِ، اللائحةِ عليه علامات الوضع، وفي صحيح سنة نبينا أخبارٌ صحاحٌ عن الدجال وغيره من علامات الساعة، فإن احتج محتج بأنه ليس فيها مثل هذا التفصيل؟ فنقول له: عليك بما وردت به السنة، وتقيد بما قيدته لك، ولا تذهب وراء كل أثر أو خبر، فيتسع عليك الخرق، فلا تستطيع التمييز بين الثابت وضده.
وإن كان ولا بد من الأخذ والتذكير بها، فهناك شروط ثلاثة للعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، تكاد لو طُبقت لاندثر العمل أصلًا بالحديث الضعيف:
منها: ألا يكون شديد الضعف، مع تبيين درجته في كل أحوال ضعفه، وهذا الأثر محل البحث أقل درجاته: أنه واهي !!.
ومنها: أن يندرج تحت أصل عام.
ومنها: ألا تعتقد ثبوته ونسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لئلا تنسب إليه ما لم يقله صلى الله عليه وسلم. والعلم - كما قال شيخ الإسلام -: إما نقل مصدق، أو قول محقق، والأثر محل البحث لا مجال للاجتهاد وتحقيق القول فيه، فيحتاج إلى النقل المصدق، وقد عُدم الصدق منه، فلم يكن لنا فيه حاجة أصلًا للتعويل عليه، والله أعلم.
على أنه لا فرق في واقع الأمر بين فضائل الأعمال وبين الأحكام، فالكل شِرْعَةُ رب العالمين، أرسل بها رسوله الأمين، على قلب عبده خاتم المرسلين، ورحمة الله للعالمين، الذي ما قصر أبدًا في بلاغه عن ربه وحاشاه، صلى الله عليه وسلم، فبين لأمته ونصح، وأدى رسالته ونجح، فعليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات، وعلى آل بيته وأصحابه أجمعين.
أما إن ثبت مثل هذا عن علي رضي الله عنه، فيأخذ حكم الرفع على الأصح؛ إذ لا مجال للاجتهاد فيه؛ إذ هو إخبار بأمر غيبي كما هو معلوم.
وبعد ... فهذا جهد المقل، فما كان فيه من صوابٍ فمن الله، وما كان فيه من خطإٍ فمني ومن الشيطان، وأستغفر الله وأتوب إليه، إن ربي غفور رحيم.
المرجع:
https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=264412