في ضيافة القانون
............................عشرة خطوات أو ربما ثمانية فقط تفصلني عن باب قاعة لم يظهر منها سوى رجل بدا لي منذ البداية انه من رجال القانون وما أكثرهم اليوم...ولباسه المحدد المقاس الأزرق اللون يغني عن التفكير في منصبه أو إلى أي رجال القانون ينتمي هو فكلهم أنيقون .
لم يكن فضولي يومها من قادني بل الرغبة في الرد على الكثير من التساؤلات التي كانت تولد في مخيلتي أحيانا والغريب أن من أيقض الرغبة كان مجرد تطفل على مكالمة هاتفية التي كان محورها قضية ما..........
كان يومها ثلاثاء لدي الكثير من الفارغ فلكم أحببت الثلاثاء وأنا تلميذة وها هو يثبت أنه دوما أحسن الأيام وأنا مدرسة.ثم الكثير من الرغبة فقط تنقصني الخطوات لأصل
كثيرة هي الروائح التي كانت تفوح من ذالك الباب كانت كثيرة لكن المميز منها كانت رائحة الهدوء والإنصات وربما القانون فمن منا لا يدرك القانون فالقانون مكتوب محدد ومحفوظ و ببساطة ؟ فكل من يطلع على مواده يشعر بما قد توفره هذه المواد من أمن حتى للقانون نفسه وليس من عادة الأشياء أن تتذكر نفسها.
ولازلت أميز أي الروائح قد استطيع أن أميز خطرت ببالي كلمة العدل وهي التي لن اجزم بحضورها أو غيابها أو خجلها إن حضرت..........وتركت الإجابة إلى الما بعد الباب.
ها هي القاعة تحدد الكثير تغير الكثير وتعني الكثير للكثير والذين لم أكن من بينهم لحضتها سوى لإشباع رغبة جاءت في وقت غريب .
دخلت القاعة بخطى خفيفة خجلى ورفعت كعب رجلي كي لا أحدث فوضى أو كي لا ينتبه أحد لوجودي فقد كنت أشك في شك الناس. وان كان للقانون أن يشمل ظالم ومظلوم فالجميع قد يخيل له دون عناء التفكير انك ظالم لا مظلوم .كنت أكيدة من الرائحة التي اشتممت وان أهم بالدخول حتى أني أثرت الجلوس في صف أخير التصقت كراسيه بالحائط اصطف في مقاعده شيوخ ربما أعياهم الوصول إلى الكراسي المتقدمة.
كانت القاعة تشبه كثيرا تلك الكنائس التي تعودنا رؤيتها في المسلسلات والأفلام.اقتسمت إلى نصفين وهنا تتأكد نظرية انك في بلد ربما مازال محافظ فلنساء كراسي اليمين وللرجال كراسي اليسار......
كلهم في محيط واحد يفصلهم باب مرن الحركة عن منطقة القانون,فهناك يجلس رجال القانون فقط وهذه المرة بثياب سود.
قاعة مسطرة منظمة.مسطرة في كراسيها طاولاتها نوافذها الكبيرة التي أحكم إغلاقها حتى مصابيحها التي أحسن اختيارها ,حتى وجوه حاضريها مسطرة تلخصت في وجوه تلك النسوة بانبهار وخوف وانتظار لحكم امرأة هي الوحيدة التي كان يعلو صوتها في تلك القاعة.نساء لو رأيت إحداهن في غير المحل لجزمت أنها ممن يبسطون كفهم للغير .
لم تكن تلك سمات من كانوا يجلسون اليسار ففهيم من بدا مرتاحا وفيهم من بدا في غير حاجة وربما دفعه فضول كفضولي.
قطع انتباهي فتاة كانت تجلس بقربي وكان يستلزم مني الوقوف وان أحيد قليلا لأترك لها البعض من الطريق لتمر قاصدة منطقة القانون وبالتأكيد ترجو تطبيق القانون,وهي تمر من قربي تأملت ملامحها ....كيف لهذا الوجه الصبي أن يواجه في قضية طلاق والذي كان موضوع الجلسات , ولوهلة أحسست انتباه كل الأعين إلى مكاني أين كانت تقصد الفتاة وأصابني خجل وكأن الجميع انتبه إلى وجودي المشبوه,وما هي إلا ثواني حتى نودي إلى اسم آخر وبالضرورة كان من الجنس الآخر ثم ما لبثت نفس الأعين حتى التفتت إلى الجانب الأيسر وبفضول نفسه لاكتشاف الرجل أو الطرف الأخر.
ارتحت لحظتها لابتعاد الأعين عني رغم أني كنت أكيدة أني لست المقصودة .
وكغيري وبفضول مثيل أردت استبيان ملامح الطرف الأخر,لم تكن الملامح فتية لتناسب ملامح الفتاة ,فقد كان رجل يظهر عليه تمكنه من الحياة وطقوسها وربما ظهر كمن له خبرة زواج من قبل ولما لا.............؟
وبنفس الفضول كذلك توجهت الأعين إلى الطرف الثالث أين اجتمع الطرفين ,حينها أدركت أن الجميع كان في حلقة مثلثة, طرف للنساء وطرف للرجال يطلبون القانون عند الطرف الثالث .هكذا هي القضايا عندنا بنو البشر مثلث بثلاث رؤوس طبعا, أما عن أضلاعه وما إذا كان المثلث متساوي الأضلاع أو لا فهنا تكمن مشكلة القضاء والقانون ....
سعادة كبيرة أحسست بهاو وأنا ارسم هدا المثلث في مخيلتي حيث أنا خارجه فأسرعت وجمعت أوراقي وخرجت من تلك الغرفة العملاقة ذات الأطر المسطرة ولم أحاول لحظتها أن اكتشف حقيقة الروائح التي كانت تهمني كثيرا فقد كان همي حينها سوى أن أغادر دلك المكان الأنيق الذي حكم رسمه واختيار رأس المثلث فيه والذي ظل شعاره مخيف للكثيرين من زائريه.فصحيح أن القانون لا يحمي مغفلين.لكن هل الغفلة المقصودة هنا هي من نعرفها؟