]وددت ان انقل لكم اخواني مقتطفات من حوار اقيم مع الدكتور محمد راتب النابلسي حول التمر و فوائده
ارجو ان تستفيدوا منه
المذيع :
في لقاء سابق ولقاءات سابقة قد تناولنا عدداً من الموضوعات التي تتصل بالإعجاز والتفكر في القرآن والسنة ، فضيلة الدكتور ، إذا ذهبنا إلى الجزيرة العربية نرى أنها غزيرة بالتمور المتنوعة ، وكما أن العرب من قبلنا وفي أحقاب زمنية متعددة تتركز أغذيتهم على التمور ، وخصوصاً زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، فلابد أن للتمر من أهمية كبيرة ، السؤال أهمية التمر وتركيباته ؟
الأستاذ :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا ، وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ ؟ فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ، فَاسْتَحْيَيْتُ ، ثُمَّ قَالُوا : حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : هِيَ النَّخْلَةُ )) .
[ البخاري ، مسلم ، الترمذي ، أحمد ، الدارمي]
ومن ألطف ما قرأت في هذا الموضوع أن مؤتمراً عقد في بلد يصدر التمور ، ألقي فيه بحث تعلَّق بمشابهة النخل للإنسان ، فقيل : جذعها منتصب كالإنسان ، ومنها الذكر والأنثى ، ولا تثمر إلا إذا لقحت ، وإذا قطع رأسها ماتت ، وإذا تعرض قلبها لصدمة هلكت ، وإذا قطع سعفها لا تستطيع تعويضه كالإنسان تماماً ، هي مغشاة بالليف الشبيه بالشعر في الإنسان .
أستاذ عبد الحليم ، جزاك الله خيراً ، في العالم ما يزيد على تسعين مليون نخلة ، ومرة قرأت أن النخل من الأشجار المعمرة ، قد تعيش ستة آلاف عام ، ففي العالم الآن ما يزيد على تسعين مليون نخلة ، تقدم الغذاء لبني البشر ، ولاسيما للصائمين في رمضان ، حيث فائدته أعظم .
قال بعض العلماء : إن التمر الذي يتناوله الصائم مع الماء فيه خمسة وسبعون بالمئة من جزئه المأكول مواد سكرية أحادية ، سهلة الهضم ، سريعة التمثل ، إلى درجة أن السكر ينتقل من الفم إلى الدم في أقل من عشر دقائق ، فأسرع مادة غذائية يتمثلها الدم هو سكر الدم الأحادي ، وفي الحال يتنبه مركز الإحساس بالشبع في الجملة العصبية ، فيشعر الصائم بالاكتفاء ، فإذا أقبل على الطعام أقبل عليه باعتدال ، وكأنه في أيام الإفطار ، أما المواد الدسمة فيستغرق هضمها وامتصاصها أكثر من ثلاث ساعات ، لابد من توضيح هذه الفكرة .
الإنسان متى يكفّ عن الطعام ؟ إذا وصل تنبيه إلى مركز الشبع في البصلة السيسائية ، أو إذا امتلأت المعدة ، إذا بدأ بالمواد الدسمة ، المواد الدسمة يستغرق هضمها ساعات ثلاث فلا يصل التنبيه إلى مركز الشبع إلا بعد ثلاث ساعات ، أما التمر فينتقل سكره الأحادي من الفم إلى الدم في عشر دقائق ، فالإنسان إذا تناول المواد الدسمة ، وبدأ بها فلا يمكن أن يحس بالشبع إلا بعد ثلاث ساعات ، إذاً متى يتوقف عن الطعام ؟ عند امتلاء المعدة ، أما إذا بدأ بالتمر فإن سكر التمر الأحادي يصل إلى مركز تنبه الشبع في عشر دقائق ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يفطر على تمرات ثلاث ، ثم يصلي المغرب ، ثم يجلس إلى تناول طعام الإفطار .
شيء آخر ، أنا أسمي الحقائق العلمية التي تطابقت تطابقاً عفوياً وتاماً مع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمي هذه الظاهرة دلائلَ نبوة النبي عليه الصلاة والسلام ، فمن هدي النبي أنه كان يفطر على تمرات ، وقد أكد العلم اليوم أن أفضل شيء للصائم أن يبدأ طعامه بالتمر ، لأن سكره الأحادي يصل إلى مركز تنبه الشبع في وقت لا يساوي أكثر من عشر دقائق .
المذيع :
فضيلة الدكتور ، ما هي المواد التي يتركب منها التمر ؟
الأستاذ :
هذا سؤال لطيف ، التمر يمكن أن تقول : هو صيدلية ، يمكن أن تقول : فيه مواد أساسية لغذاء الإنسان ، فتتركب التمور من المواد البروتينية المرممة للأنسجة ، ومن نسب ضئيلة من الدهن ، ويحوي التمر خمسة أنواع من الفيتامينات الأساسية التي يحتاجها الجسم ، كما يحتوي التمر على ثمانية معادن أساسية ، ومئة غرام من التمر يومياً فيها من نصف إلى خُمس حاجة الجسم من المعادن ، الجسم بحاجة ماسة إلى المعادن ، فإذا أكل الإنسان مئة غرام من التمر يومياً يكون قد حقق من نصف إلى خُمس حاجة الجسم من المعادن .
يحتوي التمر أيضاً على اثني عشر حمضاً أمينياً ، وفيه مواد ملينة ، وفيه مواد مهدئة ، وهناك خمسون مرضاً يسببها الإمساك ، والتمر يقي من الإمساك .
وله آثار إيجابية في الوقاية من فقر الدم ، ومن ارتفاع الضغط ، ويعين على التئام الكسور ، وهو ملين ، ومهدئ ، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أن التمر لا يتلوث بالجراثيم إطلاقاً ، لأن تركيز السكر العالي يمتص ماء الجرثوم ، وهذه الخيرات كلها ، وقد عدّها بعض العلماء سبعة وأربعين عنصراً ممثَّلة في تمرة تأكلها ، ولا تدري ماذا ينتفع الجسم بها ، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ ، يَا عَائِشَةُ بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ ، أَوْ جَاعَ أَهْلُهُ ، قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا )) .
[ مسلم ، الترمذي ، أبو داود ، ابن ماجه ، أحمد ، الدارمي ]
قال بعض الأطباء : إن أفضل الدواء ما كان غذاء ، وإن أفضل الغذاء ما كان دواء ، ولابن القيم رحمه الله تعالى قول في التمر ، قال : " هو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب ، وأكله على الريق يقتل الدود ، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية ، فإذا أديم استعماله على الريق خفف مادة الدود ، وأضعفه ، وقلّله ، أو قتله ، وهو فاكهة وغذاء ودواء وشراب وحلوى .
المذيع :
لاشك فضيلة الدكتور أن الأطباء تحدثوا عن التمر وفوائده ، وإن كان يقي من بعض الأمراض ؟
الأستاذ :
نحن حينما قلّدنا الغربيين في غذائنا فوقعنا في مشكلة كبيرة .
هذا الغذاء المصفى أو العصير هو غذاء يعد رقيًّا اجتماعياً ، لكن الحقيقة أن أصل تصميم هذه الفاكهة وهذه الخضراوات ينبغي أن نأكلها كما خلقها الله عز وجل ، والسبب هو أن هذه الفواكه والخضراوات فيها ألياف ، هذه الألياف لها دور كبير جداً في الجهاز الهضمي ، هذه أولاً : مواد مالئة ، وثانياً : مواد تعين على حركة الأمعاء ، وثالثاً : هي مواد تمتص الكوليسترول الضار في الإنسان ، ورابعاً : هي مواد لا تعين على زيادة الوزن .
فالأطباء في حيرة شديدة من ارتفاع نسب الأمراض الخبيثة والوبيلة والمستعصية في هذه السنوات الأخيرة ، أغلب الظن أن هذا يعزى إلى تغيير في خلق الله عز وجل ، فحينما نعود إلى الحياة الطبيعية التي أمرنا الله بها ، والتي رسمها لنا ، والتي خلقها من أجل أن نعيش حياة ملؤها الصحة والسعادة ينبغي أن نعود إلى أصل التصميم ، تمرات نأكلها أفضل ألف مرة من شراب نشربه ليس فيه مادة طبيعية ، مواد كيميائية صرفة ، لكن نؤخذ نحن بالإعلانات وبترويج هذه البضائع .
إن هناك أمراضاً وبيلة وخطيرة تعاني منها المجتمعات الغربية ، التي أساس غذائها الغذاء المصفى ، أكبر نسب أمراض سرطان القولون في اليابان ، يعتمد ون على الغذاء المصفى .
نحن بحسب بيئتنا نأكل التفاح بينما هناك يشرب عصير التفاح ، الذي يلقى في المهملات هذه المواد السيللوزية التي تحدثت عنها قبل قليل مواد مالئة ، محرضة لحركة الأمعاء ، مواد تمتص الكوليسترول الضار ، هذه كلها نضعها نحن في سلة المهملات ، ونشرب المادة المصفاة .
أستاذ عبد الحليم ، جزاك الله خيراً ، إذا خلا غذاء الإنسان من الألياف فلن يكون طعامه مفيداً ، يجب أن يأكل الإنسان في اليوم ثلاثين غراماً فما فوق من الألياف ، وفي مئة غرام من التمر ثمانية غرامات ونصف من الألياف ، هذه الألياف تقاوم الإمساك ، والإمساك عرضٌ لخمسين مرضاً ، وهذه الألياف تقاوم الدهون التي قد تسد الشريان التاجي ، الذي هو مرض العصر الأول ، فالتمر له فائدة كبيرة في الوقاية من هذه الأمراض ، التمر فقير جداً إلى الصوديوم ، إن مئة غرام فيها خمسة ميليغرامات من الصوديوم ، ولكنه غني بالبوتاسيوم والمغنزيوم ، وفي المئة غرام من التمر نصف حاجة الجسم من البوتاسيوم ، وثلث حاجة الجسم من المعنيزيوم ، إذاً هو فقير إلى العنصر الذي يسبب ارتفاع ضغط الدم الذي يسبب الخثرة في الدماغ ، والجلطة في الدم ، ومع انخفاض ضغط الدم يتمتع الإنسان بصحة جيدة .
في المئة غرام من التمر واحد إلى ستة ميليغرامات من الحديد ، والإنسان في أمسّ الحاجة إلى هذا العنصر ، وله أثر كبير في الدم ، وفي بعض النشاطات الحيوية في الجسم يحتاج الإنسان إلى هذا الحديد ، وفي المئة غرام من التمر ثلث حاجة الإنسان من الفيتامين ب3 ، وهذا الفيتامين أساسي جداً في بعض المعادلات الحيوية في الجسم ، والشيء الذي يلفت النظر أن التمر كما قلت قبل قليل : لا يقبل التلوث ، لأنه لا تعيش فيه الجراثيم ، وقد ورد في الحديث الشريف في وصف التمر أنه يذهب الداء ولا داء فيه .
أنا أتمنى على الإخوة المستمعين أن يعووا إلى الغذاء الطبيعي الذي خلقه الله لهم ، وأن نبتعد عن صرعات الإعلانات المتعلقة بالأغذية التي يمكن أن تسبب لنا شعوراً بأننا عصريون ، ولكنها تضر بأجسامنا ، ولا تقدم لنا المادة الأساسية التي نحتاجها .