التدبر من أكبر مقاصد التفسير؛ وذلك لأن كثيرًا من آيات القرآن الكريم هي آيات عظة وعبرة، وبيان تلك العبر والعظات هي من التفسير قطعًا؛ لكونها بيان المراد من هذه الآيات.
♦ إن المقصود الأصليَّ للتفسير هو بيان معاني كلام الله تعالى، ومقصود التدبر هو الاتعاظ والاعتبار.
♦ التدبر لا يكون إلا بعد معرفة التفسير الصحيح للآية.
وخلاصة القول في العلاقة بين التفسير والتدبُّر: أن التفسير له علماء وأهل علم يختصون به، أما التدبر فمطلوب من كلِّ أحد؛ شريطة ضبط التدبر برجوع المتدبِّر إلى التفسير أولًا، وفهم معنى الآيات فهمًا صحيحًا، وألا يتَّكل المتدبِّر على فهمه الشخصي للآيات، وإسقاطها على الواقع وَفق ما يعرف دون الرجوع إلى التفاسير؛ حتى لا يقع في معارضة المعنى أو الخوض في آيات الله بغير علم، فالرجوع إلى التفسير خطوة لازمة وسابقة للتدبر!
وهذا يؤكد أهمية العودة إلى التفاسير قبل صياغة التدبُّرات أو مدارسة الآيات مع آخرين، ولا بد من عرضها على ذوي العلم قبل نشرها، ولا ينبغي الانخراط في مناقشات حول الآي القرآني -من باب التدبر- دون سابق علم فيها، واطِّلاع على تفسيرها! كما لا ينبغي حصر التدبر في استنباط اللطائف أو التدبرات القرآنية، وهذه إشكالية بارزة في عصرنا؛ إذ انشغل البعض بالجانب النظري عن التطبيقي، وابتعدوا عن الجانب العملي الذي هو ثمرة التدبر وغايته! فصياغة التدبرات ليست الغاية، ولكن حسبك أن يثمر عن تدبرك عملٌ صالح، أو أثر في تزكية القلب وتحسين الخُلق.